محمد أبو زيد كروم يكتب: رمضان شهر الجهاد، وبل الجنجويد
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
ونحن في أول يوم من شهر رمضان المبارك، نسأل الله أن يمنّ على بلادنا بالأمن والاستقرار والنصر المبين. ويدخل علينا هذا الشهر الفضيل للمرة الثالثة منذ أن غدر الجنجويد وآل دقلو بالسودانيين في رمضان 2023، حين كانوا يستعدون لاستقبال عيد الفطر، فحوّلوا حياتهم إلى معاناة ونزوح، وأظهروا حقدهم ومكرهم تجاه أهل السودان.
لكن، بحمد الله، استطاع شعبنا امتصاص الصدمة، وتمكن جيشنا من استعادة مواقعه وتجاوز آثار الغدر والخيانة. ونحن اليوم نستقبل شهر الانتصارات العظيمة، شهر بدر الكبرى وفتح مكة والفتوحات الإسلامية الخالدة.
لطالما كان رمضان شهر الحسم، حيث فشل مخطط آل دقلو الغادر في السيطرة على البلاد، وانهارت أحلامهم في الاستيلاء على السلطة واستباحة السودان. كما شهدنا خلال رمضان الماضي انتصارات عظيمة، أبرزها تحرير الإذاعة في وسط أم درمان. ومع دخول هذا الشهر، نمضي بثقة نحو النصر الكامل وتحرير البلاد من التمرد.
في ظل هذه الانتصارات، حاولت راعية الجنجويد، دولة الإمارات، تسويق هدنة خلال رمضان، لكن مساعيها باءت بالفشل، كما فشل مشروعها في دعم الانقلابيين. وهذه الهدنة المزعومة ليست إلا محاولة لإعادة تموضع مليشيا الدعم السريع بعد هزائمها المتتالية، كما فعلت في بدايات الحرب حين استغلت هدنة جدة لإعادة ترتيب صفوفها والعودة لاحتلال مواقع جديدة. لكن تكرار هذا السيناريو بات مستحيلاً اليوم، والطريق الوحيد هو استكمال حرب التحرير.
لقد بدأ الدجال حميدتي حربه في نهار رمضان، وقتل الأبرياء وهم صائمون، وجمع المرتزقة لحرق الخرطوم. بل هدد علنًا خلال أول ظهور تلفزيوني له باستسلام البرهان أو قتله، مؤكدًا أنه لا سبيل سوى الحرب أو الاستسلام. أما شقيقه الأرعن، عبد الرحيم دقلو، فقد كشف عن نواياهم الحاقدة حين صرح مؤخرًا خلال حواره مع قناة اسكاي نيوز ومذيعتها الجنجويدية تسابيح بأن المهجرين والنازحين بسبب الحرب “كيزان”، لا تعنيه معاناتهم في شيء! هكذا يتحدث الجنجويد عن السودانيين، في عنصرية مقيتة تستهدف أهل الشمال والوسط، متناسين أنهم وأسرهم كانوا أكثر ثراءً من الدولة نفسها قبل اندلاع الحرب. فأي ظلم هذا الذي يدّعون محاربته؟! ولكن عبد الرحيم وجماعته يستهدفون (الجلابة)!!
لكن ما لا يعلمه الجنجويد وأسيادهم هو أن شعب السودان قد استعد لهذه المعركة، وأن ملايين الشباب المقاتلين في كل أنحاء البلاد جاهزون للمعارك، ولم يعد السلاح وسيلة لابتزاز أحد، فقد تحول الشعب كله إلى جيش، وغالبية مقاتليه من الشباب تحت سن العشرين، ولقد رأى الجميع الشهيد خطاب اسماعيل، وعبد الرحمن عماد الدين وهم من جيل الألفينات يداوسون الجنجويد في المدرعات والمظلات إلى أن ارتقوا في بطولات تمثل كل هذا الجيل الذي شكله عدوان الجنجويد وظلمهم، وهو جيل من الفداء والتضحية مستعد لقتال الجنجويد وأسيادهم لسنوات طويلة قادمة إذا استمر عدوان الجنجويد وظنهم بإنهم قادرون على اختطاف السودان بسلاحهم.
رمضان هو شهر الجهاد والانتصارات، فلنجدد العزم بكل حزم لإنهاء العدوان والتمرد. وبإذن الله، مع نهايات هذا الشهر، ستعود الخرطوم إلى أهلها، وستُقام فيها صلوات التراويح، وتعود موائد الإفطار الجماعية في الشوارع، وترجع الحياة كما كانت وأفضل.
محمد أبو زيد كروم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: المعايشة التربوية... تكامل البناء
تستهدف المعايشة التربوية، صَقْل خبرات التعلم بصورة وظيفيّة، لدى المتعلمين، والعمل على ربْطها بالواقع المُعاَش؛ كي يتسنّى للمتعلم أن يستشعر قيمة ما يكتسبه من خبرات معرفيّة، ومهاريّة، ووجدانيّة، وهنا نتحدث بصورة مُركّزة على فلْسفة التكامل في بناء الإنسان، والذي لا يتأتى بعيدًا عن التخطيط لبعض البرامج المقصودة التي تُسْهم في تحقيق المُراد؛ لذا من ينادِي بالمُعايشة التربوية سواءً في البيئة التعليمية، أم ساحات المؤسسات الرسميّة، أم خارج هذا الإطار، فإنه يرى أنها فرصةٌ سانحةٌ؛ لبناء سليم يخرجنا من بوْتقة التقليدية، وزخَم اعتياد بعض الممارسات، والأداءات بعينها.
والمعايشة التربوية يلْزمها تجهيزات تحقق أمرين مُهمّيْن، أولهما ينْبري حول توافر البيئة الآمنة، وثانيهما يقوم على الدَّعم اللُّوجسْتي اللازم؛ لتنفيذ مهام الأنشطة، التي يؤديها المتعلمون داخل إطار المعايشة، وفق جدولها الزمنيّ، وتعليماتها المُحددَّة، وتحت إشرافٍ، وتوجيه من المعلم، أو ممن يقوم بإدارة بيئة المعايشة التربوية؛ ومن ثم نضْمنُ توافر المُعْطيات الرئيسة، التي من شأنها أن تساعد في إنْجاح المُعاَيشَة.
وثَمّتْ وجهة نظر، يتوجب طرْحُها بشأن المُعاَيشَة التربوية، تكْمن في تعميم المسْئولية تجاه تحقيق غاياتها المنْشُودة؛ ومن ثم يجب أن تشارك كافة مؤسسات الدولة، في توفير الدعم اللازم، بما يضمن نجاح مسْتهدفات المُعاَيشَة التعليمية؛ لذا فإن إتاحة ساحات الملاعب، والأنْدية، أو المصانع، أو المراكز البحثيّة، أو الفنادق السياحيّة القريبة من المحميّات، والمناطق الأثريّة، والبحريّة، أو غير ذلك من مقدّرات المؤسسات الرسميّة بالدولة بصورة منظمة، وتحت إشراف مؤسسيّ، يُثْري بيئات المُعاَيشَة التربويّة؛ ومن ثم نتوقع نتائجَ مُبْهِرة، جرّاءَ هذا التعاون الإيجابيّ في صورته الشُّموليّة.
لنا أن نتصوّر الفوائدَ التي تتمخَّضُ عن مُعاَيشَة المتعلم، عبْر الزّيارات إلى أماكن التصنيع، ورؤْية العين لمسارات العمل، والإنتاج، وما يحدث أثرًا لزيارة ما نمتلكه من متاحفَ، ومواقع أثريّة، في شتّى ربوع الوطن، وما يعزز لديه من شغف العلم جرّاءَ زيارة المُخْتبرات، والمعامل الكبرى، التي تجري بها البحوث، والتجارب، وما يكتسبه من مهارات حيال ملاحظة مباشرة لأداء المهن، والحِرَف، في بيئاتها المختلفة، وما يقع في نفْسه، أثناء تواجده في خِضَمّ مشروعات قوميّة، يشاهد خلالها نتاجًا، وعملًا مستمرًا، وصورة مُبْهرةً لمشهد الإعْمار، وفق مخططاته الاسْتراتيجيّة، إلى غير ذلك من صور المُعاَيشَة ، التي يصعب حصْرها.
إذا ما أردنا أن نُعزز ماهية ما نسميه (اتيكيت) التعامل؛ فلا أفضلَ من المُعاَيشَة التربويّة التي تغْرِسُ في ذهن المتعلم قيم التَّعامل الرّاقي، وتحثَّه على الالتزام بالوقت، وتقدير أهميّته، وقيمته، وهنا نحصد سلوكًا مُنْضبطًا، يتماشى مع ما تم التوافق عليه من قواعدَ يتم الإعلان عنها قبل البِدء في فعاليات المُعاَيشَة، ومسارات العمل في أنْشطتها؛ فرُغْم كثافة الأعداد في بعض الأحيْان؛ إلا أن الاصْطِفاف السّريع، وسُرْعة الاستجابة، والعمل بالقواعد، وتنفيذ التعليمات تقضي على العشوائيّة، والتخبط، ولا تدعُ مجالًا للفوضى، أو الارتباك في المشهد العام.
إنّ تكامل البناء يكمن في تعْضيد فلسفة الاعتماد على النفس، من قِبلِ كل متعلم داخل إطار المُعاَيشَة التربويّة، وهذا لا ينْفكُّ عن مراعاة شعور الآخرين، والاتّزان الانْفعالي، وكَبْح الممارسات التي تضِيرُ بالغير، وتُحْدثُ نوعًا من زعْزعة الاستقرار داخل المجموعات، أو بينها، وهنا يتبادر إلى الذهن ضرورةُ تدريب المتعلمين على التّواصل الكليّ، مع معلمهم أثناء المُعاَيشَة التربويّة؛ فما أرْقى استيعاب لُغَة الجسد! كلغةٍ للتواصل؛ فيشعر الفرد ما تُبْديه النّظرات، وما تُعْنيه الإشاراتُ، وما تحمله ثنايا تعبير الوجه من انفعالات تحمل القبول، أو الرفض للممارسات، وهذا لا يعني أننا بصدد تجاهل التّواصل اللفظيّ؛ لكن نرغب في المزيد من ترْقية الوِجْدان عبر الإحساس في صورته الحميدة.
إنّ ما تقوم به مُؤسْسَتُنَا التربويّة، داخل أسْوارها، من مهام، تُعد عظيمةً في مجملها، وما تستهدفه المُعاَيشَة التربوية، خارج، أو داخل الأسْوار من قُبيل التكامل، في إحداث بناء إنسانٍ قادرٍ على العطاء، مُعْتمدًا على ذاته، لديه ثِقةٌ في قدراته، لا يعوُقُه الخطأُ، بل يتعلّمُ منه، وينْطلقُ بقوة نحو اكتساب المزيد من الخبرات، والتعمق في خلَجَاتِها، ولا تعوُزُه نُدْرةُ المُقوّماتُ؛ لكن يسعى دومًا إلى حل ما يواجه من مُشْكلاتٍ؛ ومن ثم يتغلبُ على صور التحدّيات الآنيةِ منها، والمُسْتقبليّة.