الثورة نت:
2025-04-01@19:12:25 GMT

السيّد

تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT

 

 

لم تكن سوى أنت، وحدك السهل الممتنع، العادي جداً كالبرتقال في مسقط رأسك، الاستثنائي جداً كشذى زهرة في نيسان، ماذا تُسَمّى المسافة بين زهر البرتقال وعطره؟ ماذا يُدعى البرزخ بين العطر ووقعه في القلب؟ في الحياة ثمة أشياء لا تُقال، تماماً كأحوال البرتقال، أشياء لا أسماء لها.
تتعذّر على اللغة فتعتذر عن البوح، يدانيها الوجد بالمجاز، يداويها الذوق بالاستعارة، يدور حولها توقاً مثل كوكب يسبّح في مداره، لكن عبثاً يبلغ المبتغى، على رغم قوة الجاذبية.


هل بلغك الكلام؟
لم تكن سوى أنت، في الحضور والغياب، أنت السيّد و»السيّد»، أنت المحترم في قاموس اللغة، أنت النبيل، ذو المقام، الحر، المالك، المَلِك، المولى، سيد نفسه، الحاكم، سليل الأشراف من نَسَب الرسول.
في معاجم القلوب أنت السيّد فحسب. كلمة واحدة لألف زهرة. فيها تحتشد المعاني، ويضيق الشرح، وتصطلح عليها ألوان الأفئدة، ما أُعطيت لأحد غيرك، أنت ولا أحد غيرك.
يكفي أن يُقال «السيد»، ولا يزيد اللسان حتى يُفصح. السيّد.. القريب والشعبي والمُهاب والقائد والبصير والمتواضع والخلوق والنبيل والمتسامح والمتسامي والمقاتل والشهيد، الرمز والقدوة، النموذج والأيقونة ومجلى صفات السماء.
السيّد، الكلمة التي أصبحت أنت، المكتفية بذاتها، غير المتعدية بوهجك، يكفي أن تُقال كي تُحرّر الشحنات الكامنة في المعنى، كي تجمع الألوان المبعثرة في قوس قزح يسطع في الزمن الكالح والمرّ، كما اكتسبتها اصطفتك، أنت الجامع في عمامتك الوحدة في كثرتنا، والعزيمة في عثرتنا، والكمون في قدرتنا، وأنت المنفرد، مثل برتقال أعطى للون اسمه.
في الحضور والغياب، لم تكن سوى أنت، حضورك في مواسم الانتظار تدلّى، كَرْمُك الثمار من كلام، غيابك الشجى، عذوبة الشعاع على مرآة الأقحوان، يفيض الشوق ولا يبلغ منتهاه.
أوَليس كل شوق يسكن باللقاء لا يُعوّل عليه؟
لم تكن سوى أنت، أنت السيّد و»السيّد»، سيّد المعنى والكلام، سيّد البدايات والختام.
كأن وداعاً واحداً لا يكفي، في الطرق المكتظة بين زمنين احتشدنا، عند التقاطع المزدحم بين مَصارع الكرام وطاعة اللئام، تتسع المساحات لوجوهنا ولا تسع الحزن في أرواحنا.
كان الكون يعدّ كل شيء بعناية، يرتب النجوم في مواضعها، يلغي مواعيد الغد للصبح القادم. يوازن برودة الطقس بحرارة القلوب المحتشدة، ويلوّن الغمام.
قاتِلوك كانوا هناك. فعّلوا غباءهم للمرة الأخيرة، حضروا، وعلى أسنة الرماح رأس، مرّت الطائرات فوق الرؤوس، التهب التاريخ، توقّدت الثورة في العروق وتوهّج الحسين، أليس هذا ترتيب الكون؟
في الانتظار الطويل نسينا كل شيء، أعمارنا وأحلامنا وأرزاقنا، وبيوتنا المهدّمة وسائر حياتنا، وكنت أنت، وحدك أنت، ساطعاً، شامخاً، عصياً على الوصف، متعذراً على اللغة، أجمل وأنقى وأصفى ما فينا، نومئ إليك.
هل بلغك الشوق؟
لم تكن سوى أنت، وحدك في حزننا الجميل. مثل سكون النون في الحزن، وداعة النون في ختام اسمك، شوق الواو بين النون والنون، سرّ النون في النون.
وأنت ترحل إلى طباعك التامة كانت 85 طناً من الموت تعيد تشكيل العالم. تفصل ما قبلك عمّا بعدك، تهزّ ضمير العالم، وكان صمتك أبلغ من الكلام.
ما آن للحزن أن ينتهي يا سيّد الغمام، لكنا على وعد مع النور، كشمس تبزغ في سحب وداعك، كدفء يكسو برد الغياب.
دَنَت لحظتك المُشتهاة، والقلب تعذّر من فرط مراميه.
في الحياة ثمة أشياء لا تُقال، مثل مراتب الزهر، مثل مدار البرتقال.
آن لحزنك أن يستريح.. اكتمل لون البرتقال.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

إعدامات ميدانية بالسودان تطال عشرات المدنيين

 

كشفت منظمات حقوقية أن عناصر من الجيش السوداني وقوات متحالفة معه نفذوا خلال اليومين الماضيين إعدامات ميدانية راح ضحيتها نحو 45 مدنيا على الأقل في عدد من مناطق العاصمة الخرطوم.

التغيير ــ وكالات

ووفقا لمجموعة “محامو الطوارئ”، فقد وثقت مقاطع فيديو لتصفيات ميدانية نفذها أفراد من الجيش السوداني إلى جانب المجموعات التي تقاتل معه بحق أسرى ومدنيين في أحياء بجنوب وشرق الخرطوم ومنطقة جبل أولياء.

وأوضحت المجموعة أن تلك التصفيات يتم تنفيذها “بالتزامن مع حملة مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي يقودها نشطاء ومؤيدون للجيش بهدف توفير الغطاء لهذه الجرائم”.

خرق خطير

واعتبرت مجموعة “محامو الطوارئ” أن هذه الانتهاكات، التي يتم تبريرها بتهم “التعاون مع قوات الدعم السريع”، تشكل “خرقا خطيرا للقوانين الوطنية والدولية، وتؤجج خطاب الكراهية والعنف، وتهدد النسيج الاجتماعي عبر نشر ثقافة أخذ الحق باليد، ما يؤدي إلى استغلال البعض لهذه الفوضى لتصفية خصوماتهم خارج إطار القانون والقضاء”.

وحذرت المجموعة في بيان من أن عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء تعد جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر قتل الأسرى والمدنيين دون محاكمة عادلة وفقا لاتفاقيات جنيف للعام 1949 والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها.

وأضافت: “تكرار هذه الجرائم بعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني يؤكد أنها تنفذ ضمن سياسة ممنهجة تستغل لترهيب المدنيين ونشر الخوف، مما يجعلها جرائم ضد الإنسانية وفق المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

وطالبت المجموعة بالتحرك لحماية المدنيين والوقف الفوري لعمليات القتل خارج نطاق القضاء، ومحاسبة جميع المتورطين فيها، سواء المنفذين أو المحرضين، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

كما دعت إلى وقف حملات التحريض التي تبرر هذه الانتهاكات لما تمثله من خطر على السلم المجتمعي.

تصفيات ممنهجة

وشملت التصفيات عددا من المدنيين على أساس جهوي، إضافة إلى أعضاء في لجان مقاومة، وبعض المشرفين على المطابخ الخيرية “التكايا”.

وحمل الكاتب الصحفي صلاح شعيب قيادة الجيش مسؤولية ما يجري، وقال: “هناك حملات اغتيال ممنهجة يوثقها القتلة بأنفسهم بلا خوف من سلطات قانونية محلية أو دولية”.

وأضاف: “بين كل يوم وآخر تخرج لنا الوسائط الإعلامية أصنافا من الفيديوهات البشعة التي تصور شبابا لا حول لهم ولا قوة، وهم يساقون إلى حتفهم بلا أي ادعاء قانوني أو محاكمة أمام قضاء نزيه. وكل هذا يحدث تحت سمع ومرأى السلطة القائمة التي لا تحرك ساكنا لإدانة هذا الفعل حتى شجعت مباركتها للقتل خارج مظلة القانون حدوث المزيد من الانتهاكات المروعة”.

تحرك أميركي

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، قتل أكثر من 150 ألف شخص وأجبر نحو 15 مليونا على الفرار من منازلهم، بينما يواجه ملايين السكان احتمال المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الحاد.

والإثنين، قدم عضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأميركي، جروجي مييكس، مشروع قانون يتضمن فرض إجراءات لمحاسبة مرتكبي الفظائع في السودان من خلال فرض عقوبات على من ساهموا في ارتكاب الإبادة الجماعية، أو جرائم الحرب، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو منعوا المساعدات الإنسانية.

وقال مييكس إن مشروع القانون الجديد سيزيد المساعدات الإنسانية ويقدم الدعم لحماية المدنيين من خلال إقرار مساعدة الولايات المتحدة لقوة تابعة للأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو أي قوة متعددة الجنسيات أخرى لهذا الغرض.

الوسومالجيش الخرطوم تصفيات ميدانية

مقالات مشابهة