رجل الأرقام القياسية السلبية في مصر!
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
ينص قانون البنوك المصري على أن يتم تعيين محافظ البنك المركزي لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. لكن حالة المحافظ الحالي حسن عبد الله استثنائية، فقد تم تعيينه كقائم بالأعمال في أغسطس/آب 2022 بذريعة إجازة البرلمان. وكان من المفترض أن يصدر قرار تثبيته في منصبه بعد عودة البرلمان، خصوصًا أنه شارك وزير المالية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتي أفضت إلى اتفاق جديد مع الصندوق في ديسمبر/كانون الأول 2022.
غير أن عاما كاملا مرّ دون صدور قرار التعيين، ثم جاء قرار رئيس الجمهورية قبل أيام بالتمديد له لسنة واحدة، في خطوة لم تحدث من قبل مع سابقيه من المحافظين، لتثير القلق والتساؤلات في مجتمع الأعمال حول أسباب ذلك، دون أي تفسير من السلطات المصرية.
الأرقام القياسيةوفي هذا الإطار يمكن أن نطلق على المحافظ حسن عبد الله تعبير "رجل الأرقام القياسية السلبية" ففي فترته التي بلغت عامًا واحدًا شهدت مصر:
أعلى معدل للفائدة من قبل لجنة السياسة النقدية منذ إنشائها، وهو 19.25% حاليًا. أعلى معدل للتضخم الأساسي الذي يصدره البنك المركزي منذ بدء إعلانه، وهو 40.7% الشهر الماضي، بعد أن كان 15.6% في الشهر الذي سبق توليه المسؤولية، وهي النسبة الأعلى منذ العام 1986. أعلى رقم للعجز الدولاري في الجهاز المصرفي، والواقع أن هذا المحافظ تولى منصبه في ظل مشكلة نقص حاد في العملات الأجنبية، إذ بلغ العجز في يونيو/حزيران من العام الماضي 19.7 مليار دولار، وبعد عام من توليه المسؤولية، لم ينجح في التعامل مع هذه المشكلة، بل زاد العجز الدولاري ليبلغ 27.099 مليار دولار في يونيو/حزيران من هذا العام. الفائدة السلبية: يفترض في سعر الفائدة أن يكون مناسبًا ليحقق ربحًا للمودعين ويسهل الاقتراض للمنتجين، كما يفترض أن يكون أعلى من معدل التضخم ليحقق المودع ربحا صافيا، ورغم أن الفائدة المعلنة على ودائع البنك المركزي ارتفعت 4 مرات منذ تولي المحافظ الحالي من 11.25% إلى 19.25% حاليًا.غير أنه منذ فبراير/شباط 2022، أصبح معدل الفائدة الحقيقي، أي الفرق بين سعر الفائدة المعلن ونسبة التضخم، سالبًا. وبلغ هذا الفارق السالب نحو 4.35% في الشهر السابق لتولي المحافظ، ثم زاد بعد عام من توليه إلى رقم قياسي هو 22.5% الشهر الماضي. وهذا يجعل الكثيرين يتجنبون الودائع المصرفية وأدوات الدين المصرية لأن فائدتها الحقيقية سالبة. أكبر رقم للدين الخارجي: زاد الدين الخارجي بنحو 9.65 مليارات دولار خلال 8 أشهر، ليصل إلى 165.36 مليار دولار في عهد المحافظ الحالي، وهو رقم قياسي تاريخي. وقد استفاد من تلك الديون في رفع قيمة احتياطيات النقد الأجنبي المصرية بنحو 1.736 مليار دولار، لتصل إلى 34.9 مليار دولار، ومع ذلك لم ينجح حتى الآن في الوصول إلى نفس القدر من الاحتياطات الذي وصل لها سابقه عام 2020 وهو 45.5 مليار دولار، ولا في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي ترك احتياطيا تخطى 35 مليار دولار. أكبر رقم للدين العام المحلي: زادت أرصدة أذون الخزانة بالجنيه المصري بنحو 369 مليار جنيه خلال 8 أشهر، وهذه هي إحدى أدوات الدين العام الداخلي، وتساهم زيادات سعر الفائدة في زيادة تكلفة الفوائد بالموازنة الحكومية، وبالتالي زيادة العجز في الموازنة مما يدفع لمزيد من الاقتراض عبر إصدار أذون وسندات خزانة إضافية. أدنى سعر صرف رسمي للجنيه: خفض المحافظ قيمة الجنيه مرتين خلال شهور توليه، لتهبط من 19.15 جنيها للدولار قبل توليه إلى 30.90 جنيها للدولار في مارس/آذار الماضي، ثم قام البنك بتثبيت سعر الصرف عند هذا الرقم الأعلى تاريخيا. ومع ذلك فلا تزال السوق الموازية للصرف موجودة -قبل وبعد- تولي المحافظ الحالي، نظرًا لتراجع قيمة الصادرات وتحويلات العاملين. استمرار خسائر المركزي: لم يتمكن المحافظ من إيقاف العجز بموازنة المركزي، رغم إيقاف مبادرات الإقراض ذات الفوائد المخفضة وقرار رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي لودائع البنوك لدى البنك المركزي من 14 إلى 18% الذي وفر له موارد إضافية دون تكلفة. وبلغ العجز في موازنة البنك المركزي 92.7 مليار جنيه خلال 11 شهرًا، بخلاف خسائر مُرحّلة بلغت 206 مليارات جنيه. وانكمشت حقوق ملكية البنك إلى 20 مليون جنيه فقط، وهو رقم شديد الضآلة بالطبع. وحسب قانون البنوك، تتدخل وزارة المالية في تلك الحالة لتمنع تحول حقوق الملكية الخاصة بالبنك المركزي إلى سالبة. إنجازات المحافظ
ومن باب الإنصاف، لم تخل فترة تولي حسن عبد الله من بعض الإنجازات، فقد عدل أحكام الرقابة على تصدير الذهب لضمان توريد العائدات، وزاد الحدود اليومية والشهرية للتعامل المالي من خلال شبكة المدفوعات اللحظية، وأجاز للأمهات فتح حسابات بنكية باسم أبنائهن القصر، بالإضافة إلى إصداره قواعد ترخيص البنوك الرقمية.
ومع ذلك، هناك قرارات لم تستمر قيد الفعالية لفترة طويلة، مثل قرار إلغاء وقف التعامل بمستندات التحصيل حيث تسببت إجراءات تقليل الاستيراد في إضعاف فاعلية هذا القرار. كما واجه قراره بشأن قواعد الترخيص والرقابة على شركات الصرافة انتقادات بسبب تشدده بصورة لا تخدم السوق.
أيضًا، تعثر تنفيذ وعده بإطلاق مؤشر للدولار للحد من التعامل بالعملة الأميركية، ووعده بدعم القطاع الخاص الذي يواجه نقصاً في المواد الخام ومتطلبات الإنتاج نتيجة القيود المفروضة على الاستيراد، واستمر تراكم طلبات المستوردين بالبنوك، ثم كان الوعد الأبرز الذي لم يتحقق وهو تحقيق مرونة لسعر الصرف.
ومن العدل أيضا أن نشير إلى أن الفترة التالية لاتفاقه مع الصندوق خلت من المساندة الخليجية والدولية التي حظيت بها مصر خلال برنامج الإصلاح عام 2016، إذ رافقت تلك الفترة إصدار سندات مصرية دولية وتدفق رؤوس الأموال الساخنة، وتحسن التصنيف الائتماني لمصر. وكلها عوامل لم تتوفر للمحافظ حسن عبد الله، مما زاد مهمته صعوبة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البنک المرکزی حسن عبد الله ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
لماذا ثبت البنك المركزي أسعار الفائدة اليوم؟
قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا يــوم الخميس الموافـــق 26 ديسمبر 2024 الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75%، على الترتيب.
كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. كما تقرر خلال الاجتماع تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط على الترتيب، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.
على الصعيد العالمي، واصلت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة خفض أسعار العائد تدريجيا في ضوء استمرار تراجع معدلات التضخم، مع الإبقاء على سياسات التشديد النقدي، إذ إن معدلات التضخم المحققة لا تزال تتجاوز المستويات المستهدفة. ويتسم معدل النمو الاقتصادي باستقراره إلى حد كبير وتشير التوقعات إلى أنه سوف يستمر عند مستوياته الحالية، وإن كان لا يزال أقل من مستويات ما قبل جائحة كورونا. ومع ذلك، تظل توقعات النمو عُرضة لبعض المخاطر ومنها التأثير السلبي للتشديد النقدي على النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية. وبالنسبة للأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد شهدت تقلبات طفيفة في الآونة الأخيرة، وتشير التوقعات بانخفاض محتمل في أسعارها، وخاصة منتجات الطاقة. ومع ذلك، لا تزال المخاطر الصعودية تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك اضطرابات التجارة العالمية والتأثير السلبي لأحوال الطقس على الإنتاج الزراعي.
وعلى الجانب المحلي، تفيد المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من عام 2024 باستمرارية تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من عام 2024. ومع ذلك، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025، ومن المتوقع أن يحقق طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026. وفيما يتعلق بالأجور، لا تزال الضغوط التضخمية الناجمة عنها محدودة في ظل ضعف معدل النمو الحقيقي للأجور.
وعلى الرغم من أن المعدل السنوي للتضخم العام شهد استقرارا خلال الثلاثة أشهر الماضية، فقد تراجع في نوفمبر 2024 إلى 25.5٪ نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية، إذ سجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة أدنى معدل تضخم سنوي لها فيما يقرب من عامين عند 24.6٪ خلال نوفمبر 2024. بينما ارتفعت الأسعار المحددة إداريا للسلع غير الغذائية، بما في ذلك منتجات الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، بما يتسق مع إستراتيجية زيادة الإيرادات الرامية إلى الحد من العجز المالي. وعليه، انخفض المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 23.7٪ في نوفمبر 2024 مقابل 24.4٪ في أكتوبر 2024. وتشير هذه النتائج، جنبا إلى جنب مع تحسن توقعات التضخم وعودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد، إلى أن التضخم سوف يواصل مساره النزولي.
وبعد عامين من الارتفاع الحاد في معدلات التضخم عالميا، بدأ التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع، وإن كان لا يزال أعلى من معدلاته المستهدفة. وبالمثل، بدأ معدل التضخم العام في مصر في التراجع خلال الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن يسجل حوالي 26% في الربع الرابع من عام 2024 في المتوسط، متخطيا بذلك المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية). ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية خلال الفترة 2022-2024، من أهمها:
تراكم الاختلالات الخارجية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية خلال عام 2021، والتضخم المستورد، وتخارج استثمارات حافظة الأوراق المالية عقب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني،
وصدمات العرض المحلية وعدم ترسيخ توقعات التضخم، وأخيرا
إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة بهدف التشديد المالي ووضع الدين على مسار نزولي. وقد أدت هذه التطورات مع تحركات سعر الصرف إلى تخطي التضخم معدله المستهدف، إذ بلغ المعدل السنوي للتضخم العام ذروته عند 38.0% في سبتمبر 2023 قبل انخفاضه إلى 25.5% في نوفمبر 2024.
وبدءا من مارس 2024، اتخذ البنك المركزي المصري عددا من الإجراءات التصحيحية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى احتواء الضغوط التضخمية وخفض التضخم العام. ومن أبرز هذه الإجراءات السياسة النقدية التقييدية التي اتبعها البنك المركزي، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم، وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي. ورغم ذلك، تتضمن المخاطر المحيطة بالتضخم احتمالات تفاقم التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية وزيادة تأثير إجراءات ضبط المالية العامة. وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.
وبالنظر إلى توقعات التضخم وتطوراته الشهرية، ارتأت لجنة السياسة النقدية أنه من المناسب تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط ، على الترتيب، ومن ثم إتاحة مجال لاستيعاب صدمات الأسعار دون الحاجة للمزيد من التشديد النقدي، وبالتالي تجنب حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.
وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد ملائما حتى يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم، بما يؤدي إلى ترسيخ التوقعات وتحقيق معدلات التضخم المستهدفة. وسوف تتخذ اللجنة قراراتها بشأن مدة التشديد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات. وسوف تواصل اللجنة مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة من خلال الحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.