رحيل محمد بن عيسى.. الوزير العاشق للثقافة
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
سعد عبدالراضي (أبوظبي)
رحل عن عالمنا، أمس الأول، محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي الأسبق، عن عمر ناهز 88 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً دبلوماسياً وثقافياً استثنائياً. وهو مؤسس أحد أبرز المنتديات الثقافية المغربية «موسم أصيلة الثقافي» المستمر منذ أكثر من 40 عاماً. تلقى محمد بن عيسى تكريمات عدة خلال مسيرته، أبرزها «جائزة الشيخ زايد للكتاب» كأفضل شخصية ثقافية للدورة الثانية 2007 - 2008، وجائزة الأغاخان للعمارة الإسلامية عن إعادة تأهيل مدينة أصيلة عام 1988.
مسيرة دبلوماسية حافلة
بدأ محمد بن عيسى مشواره المهني في الصحافة والإعلام، ثم انتقل إلى العمل الدبلوماسي، حيث شغل منصب سفير المغرب لدى الولايات المتحدة بين عامي 1992 و1999، وكان له دور فعال في تعزيز العلاقات المغربية الأميركية. في عام 1999، عيّن وزيراً للشؤون الخارجية والتعاون، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2007، حيث قاد الدبلوماسية المغربية في مرحلة مليئة بالتحديات الإقليمية والدولية..
أصيلة.. أيقونة ثقافية عالمية
بعيداً عن السياسة، كان لمحمد بن عيسى دور بارز في النهضة الثقافية المغربية، حيث كرّس جهوده لخدمة مدينته أصيلة، التي حولها إلى ملتقى عالمي للثقافة والفنون. أسس موسم أصيلة الثقافي الدولي، وهو مهرجان سنوي يجمع كبار المفكرين والأدباء والفنانين من مختلف دول العالم، ليصبح واحداً من أهم التظاهرات الثقافية في العالم العربي. ولم يكن محمد بن عيسى مجرد رجل سياسة، بل كان رجل فكر وثقافة، جمع بين الدبلوماسية والفن، وبين السياسة والإبداع، فساهم في ترسيخ مكانة المغرب الثقافية دولياً.
بوفاته، فقد المغرب واحداً من أبرز رموزه السياسية والثقافية، لكن إرثه سيظل خالداً من خلال إسهاماته في مجال الدبلوماسية، ودوره في تعزيز الثقافة كقوة ناعمة لخدمة البلاد. وسيبقى محمد بن عيسى نموذجاً للمثقف الدبلوماسي، الذي آمن بأن السياسة والثقافة وجهان لعملة واحدة.
تكريم للثقافة العربية
جاء في بيان حصول بن عيسى على جائزة زايد للكتاب 2008 أنها تقدير لدوره الهام في تأسيس مهرجان أصيلة للفنون والثقافة والفكر، كمشروع ثقافي حضاري هام منذ عام 1978 وجعله ملتقى للمبدعين والمفكرين العرب والأفارقة والغربيين، ومنارة تتحول بها قرية عربية بسيطة إلى نموذج مبدع للقرية العالمية في العصر الحديث، ولإسهاماته في إنعاش الحياة الثقافية المغربية ووصلها الحميم بالثقافة العربية والإنسانية· وحين أبلغته «الاتحاد» باتصال هاتفي معه بفوزه بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع شخصية العام الثقافية قال بن عيسى حينها: إنني أفاجأ الآن بفوزي بجائزة الشيخ زايد حيث تغمرني السعادة· إنها ليست جائزة لشخصي فحسب وإنما هي تكريم للثقافة العربية، ولكل من ساهم في عملية البحث عن الحقيقة والبناء الحضاري· ولذا فإن جائزة الشيخ زايد، ولأهمية من وضعت باسمه الجائزة، فهي مهمة في ثقافتنا العربية.
المثقف الكبير وعاشق أصيلة
قال معالي محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم: لسنوات عديدة كان صديقنا الوزير والدبلوماسي والمثقف المغربي الكبير محمد بن عيسى يدعوني لزيارة موسم مدينة أصيلة الثقافي والسنوي الشهير، ولأسباب عديدة لم أستطع تلبية دعوته، ويشاء القدر أن ألبي تلك الدعوة الكريمة في العام الماضي، فزرنا مدينة أصيلة تلبية لدعوته الكريمة، وتجولنا في أسواقها ومعالمها التاريخية، وصورنا جمالياتها التاريخية والطبيعية. والتقينا بصديقنا محمد بن عيسى في مكتبه في مدينته الحبيبة أصيلة، وبعد الترحيب الحميم حدثنا باستفاضة عن مدينة أصيلة وتاريخها، وعن مهرجان أصيلة، وكيف تطور من فكرة بسيطة لاستضافة المثقفين والفنانين العرب في أصيلة إلى أن أصبح من أهم المهرجانات الثقافية في العالم العربي وأفريقيا. وأمس نعت وسائل إعلام مغربية، رحيل صديقنا السياسي والمثقف الكبير محمد بن عيسى (88 عاماً)، وذلك بعد حياة مهنية وسياسية ودبلوماسية وثقافية حافلة امتدت على مدى عقود طويلة بدأها بالعمل في مجال الصحافة قبل أن يدخل غمار الدبلوماسية والعمل الثقافي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد بن عيسى جائزة الشیخ زاید محمد بن عیسى مدینة أصیلة
إقرأ أيضاً:
أحمد عيسى: الاحتلال يستخدم إنذارات الإخلاء ذريعة لتهجير سكان غزة
أكد اللواء أحمد عيسى، المتخصص في الأمن القومي الفلسطيني، أن إصدار جيش الاحتلال الإسرائيلي إنذارًا بإخلاء مناطق في شمال غزة، مثل بيت حانون وجباليا؛ يأتي ضمن سياسته المستمرة منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر 2023.
وأضاف، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية نهى درويش، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن الاحتلال يستخدم هذا الإجراء؛ كذريعة للتهجير القسري للسكان، مستندًا إلى مزاعم بإطلاق صواريخ من هذه المناطق نحو مستوطنات غلاف غزة.
خطة الجنرالاتأوضح اللواء عيسى، أن هذه الإجراءات تندرج ضمن ما يعرف بـ"خطة الجنرالات" التي طرحها الجنرال الإسرائيلي المتقاعد جيورا أيلاند، لافتا إلى أنها تهدف إلى إخلاء مناطق معينة في قطاع غزة عبر إجبار السكان على النزوح، بينما يتم اعتبار من يبقى في تلك المناطق منتمي لحركة حماس أو مؤيدا لها.
وأشار عيسى إلى أن خطة الجنرالات تم تطبيقها في شمال غزة لعدة أشهر، لكنها فشلت بسبب الخسائر الفادحة التي تكبدها الجيش الإسرائيلي، مما دفعه إلى التراجع، لافتا إلى أنه على الرغم من عدم إعلان الجيش الإسرائيلي عن فشل الخطة بشكل رسمي؛ إلا أنه توقف عن تنفيذها لفترة.
وأكد عيسى أن جيش الاحتلال يعيد حاليا تطبيق سياسات مشابهة، خاصة في محافظة رفح الفلسطينية التي تشهد تنفيذ سياسات لا تختلف كثيرًا عن مضمون الخطة الأصلية.