ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن قمة مجموعة البريكس - التي تضم خمس دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - بدأت اجتماعاتها أمس وحظت بمتابعة كبيرة لا سيما أنه يتم التركيز خلال هذه الاجتماعات على ما إذا كان ينبغي توسيع نطاق المجموعة وكيفية العمل لتصبح بمثابة ثقل يوازن القوى الغربية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى في الوقت ذاته إلى حشد جهود الدول الأعضاء في مجموعة بريكس التي يشارك فيها عبر الفيديو، للوقوف إلى جانب موسكو.


وأفادت الصحيفة - في تقرير عبر موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء - بأنه في خطاب أمام زملائه من زعماء المجموعة، ألقى بوتين باللوم على الغرب في خروج روسيا من اتفاقية صادرات الحبوب الأوكرانية التي ساعدت في استقرار الإمدادات الغذائية العالمية وأسعارها، وهو أمر بالغ الأهمية ويثير قلق العديد من الدول النامية، بما في ذلك دول الكتلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب واحتمال التوسع الكبير لمجموعة البريكس، فضلا عن التوترات المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة، هي عوامل جذبت اهتماما غير عادي نحو القمة التي عقدت وسط الأبراج الزجاجية اللامعة في الحي التجاري في جوهانسبرج.
وينظر أعضاء البريكس، إلى المجموعة باعتبارها نواة لكتلة دبلوماسية واقتصادية لموازنة التحالفات التي يهيمن عليها الغرب مثل مجموعة السبع.. فيما تقدمت عشرات الدول الأخرى بطلبات للانضمام، تتصدرها مصر والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا والأرجنتين، في الجزء العلوي من القائمة.
وأنشأت البريكس، بنك التنمية الجديد، ومقره في شنغهاي كبديل لمؤسسات مثل البنك الدولي لتوفير التمويل للدول النامية، كذلك ناقشت تبني عملة جديدة لتقليص اعتماد المجموعة على الدولار في التجارة الدولية.
وقالت نيويورك تايمز إنه رغم ذلك فإن الدول في المجموعة لديها مصالح مختلفة للغاية، مما يجعل من الصعوبة بمكان إيجاد أرضية مشتركة.. ففي حين تعرضت البرازيل والهند وجنوب إفريقيا لانتقادات في الغرب لعدم إدانتها الحرب الروسية، إلا أن جميعها ترغب في الإبقاء على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك مع الصين وروسيا.
وألقى وزير التجارة الصيني، وانج وينتاو، خطاب الرئيس شي جين بينج، قائلا إن مجموعة البريكس "ليست ممارسة للانحياز إلى أحد الجانبين، وليست ممارسة لخلق مواجهة جماعية" "إنها بالأحرى مسعى لتوسيع بنيان السلام والتنمية".
وعملت الصين -مثل روسيا- على تنمية العلاقات مع الدول الإفريقية ودول أخرى خارج الهياكل الاقتصادية والأمنية الرئيسية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة وأوروبا، بما في ذلك حلف شمال الأطلنطي ومجموعة السبع والاتحاد الأوروبي.. ويرغب شي في توسيع مجموعة البريكس.
ودعا الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا في القمة، إلى تعزيز بنك التنمية الجديد، لافتا إلى أن إفريقيا -مثل البرازيل- تتحمل عبئا غير عادل نتيجة لتغير المناخ، ويمكنهما العمل معا لمكافحة آثاره، ولكن ليس بالشروط التي تمليها القوى الكبرى أو المؤسسات الدولية القائمة.
وقال "لا يمكننا أن نقبل الاستعمار الجديد الجشع الذي يفرض حواجز تجارية وإجراءات تمييزية تحت ستار حماية البيئة".
ووفقا للصحيفة الأمريكية فإن بوتين والحرب الروسية هما من تسلطت الأضواء عليهما خلال القمة.. فقد جدد بوتين تأكيده بأن الإجراءات الغربية ضد روسيا هي التي تسببت في خروج بلاده من اتفاقية الحبوب وعرض تقديم الغذاء المجاني للدول الفقيرة.
وأضاف: "يتم عرقلة روسيا عمدا في إمدادات الحبوب والأسمدة إلى الخارج، وفي الوقت نفسه يتم إلقاء اللوم علينا كذبا في الأزمة الحالية في السوق العالمية".
وعلى الرغم من عدم تحيزه لأي طرف في الحرب، دعا سيريل رامافوسا إلى استئناف صفقة الحبوب وإعادة الأطفال الذين أخذتهم روسيا إلى أوكرانيا، وهي إحدى التهم التي وجهتها المحكمة الدولية ضد بوتين.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قمة البريكس بريكس مجموعة البریکس

إقرأ أيضاً:

ما هي عقيدة القدر المتجلي الخطيرة التي يسعى ترامب إلى إحيائها؟

في مستهلّ ولايته الرئاسية الثانية، وأثناء خطاب تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب: "من هذا اليوم فصاعدًا، ستزدهر بلادنا وتُحترم مجددًا في جميع أنحاء العالم. سنكون محط غيرة كل أمة، ولن نسمح لأنفسنا أن يستغلّنا أحد بعد اليوم. خلال كل يوم من أيام إدارة ترامب، سأضع ببساطة، أميركا أولًا".

وأضاف: "ستستعاد سيادتنا، وسيُعاد الأمن إلى ربوعنا، وموازين العدالة إلى نصابها. وأولويتنا القصوى ستكون بناء أمة فخورة، مزدهرة، وحرة. ستصبح أميركا قريبًا أعظم، وأقوى، وأكثر تفوقًا من أي وقت مضى".

وأردف قائلًا: "من هذه اللحظة فصاعدًا، انتهى انحدار أميركا". مؤكدًا: "لقد أنقذني الله لأجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". كما عبّر عن رغبته في تغيير "اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا"، وأعلن عزمه على "إرسال رواد فضاء أميركيين لغرز العلم الأميركي على كوكب المريخ". وختم مؤكدًا: "نحن شعب واحد، وعائلة واحدة، وأمة مجيدة واحدة تحت قيادة الله".

لكن التصريح الأكثر إثارة للجدل جاء في نهاية يناير/ كانون الثاني 2025، حين كشف ترامب في مقابلة عزمه على استعادة قناة بنما، وقال صراحة: "لقد بنيناها، دفعنا ثمنها، ولن نتنازل عنها للأبد"(رويترز-2025).

كما ألمح إلى إمكانية ضم غرينلاند وكندا قائلًا: "غرينلاند أراضٍ بكر، غنية بالموارد، وهي أقرب إلينا من بعض ولاياتنا" (أسوشيتد برس 27 يناير/ كانون الثاني 2025).

إعلان

من خلال هذا الخطاب، أعاد ترامب إلى الواجهة مفهومًا أيديولوجيًا عميقًا من تاريخ أميركا السياسي، وهو مفهوم "القدر المتجلي" (Manifest Destiny)، الذي برز في أربعينيات القرن التاسع عشر، وتحوّل إلى عقيدة قومية تبرّر التوسع باسم "الإرادة الإلهية".

إعلان ترامب أن "الحقبة الذهبية لأميركا تبدأ الآن"، وغرز العلم الأميركي على المريخ، لم يكن مجرد دعاية انتخابية، بل إحياءً لواحدة من أخطر العقائد الأميركية: "القدر المتجلي"، التي تبرر التوسع الإمبراطوري باسم "الإرادة الإلهية".

جذور الفكرة: من الإبادة إلى الإمبراطورية

نشأت فكرة "القدر المتجلي" على يد الصحفي الأميركي جون أوسوليفان، في عام 1845، الذي دعا الأميركيين إلى اعتبار أنفسهم شعبًا مختارًا من قبل العناية الإلهية، ومكلَّفين بنشر الحضارة (وفق الرؤية الغربية البروتستانتية الأنجلوسكسونية) عبر القارة الأميركية، ومن ثم إلى العالم بأسره.

وفقًا لهذا التصور، فإن "القدر" قد حدد غايته واختار"البيض الأنجلوسكسون البروتستانت" كحاملي هذه الرسالة، ومكّنهم من الهيمنة على الأراضي الهندية أولًا، ثم التوسّع خارج الحدود الجغرافية الطبيعية. إن "القدر"، كما رآه أوسوليفان، يجب أن يُرسم بخط مستقيم يقود نحو مستقبل تتسيّده أميركا كقوة مُخلِّصة ومهيمِنة.

على الرغم من صياغتها بخطاب سياسي وعلماني، حملت هذه العقيدة جوهرًا استعلائيًا عرقيًا ودينيًا، إذ قدمت فكرة أن الرب فضَّل "البيض الأنجلوسكسون البروتستانت"، وجعلهم "شعبًا فوق كل الشعوب"، مما ساهم في تبرير الإبادة ضد السكان الأصليين، والتوسعات الأميركية مثل شراء لويزيانا (1803)، وضم تكساس (1845)، والحرب مع المكسيك (1846-1848)، وضم كاليفورنيا، وأريزونا، ونيو مكسيكو، وصولًا إلى غزو الفلبين، وهاواي، وبورتوريكو في أواخر القرن التاسع عشر.

هكذا أصبحت هذه الفكرة غطاءً أيديولوجيًا يخفي الطموحات التوسعية خلف ستار أخلاقي، يجمع بين التفوق العرقي والإرادة الإلهية.

إعلان على خطى أوسوليفان

ترامب، في إحيائه هذا المفهوم، لم يكتفِ بالرمزية، بل استخدم مفرداته بشكل مباشر: التوسع في الفضاء، إعادة تسمية جغرافيا الآخرين، وتجديد مفاهيم السيطرة القومية.

قد تبدو هذه التصريحات شعبوية، لكنها تُعيد إنتاج خطاب أميركي يرى في بلاده قوة استثنائية، لا تخضع للمعايير العالمية، بل تعيد تشكيلها.

ورغم أن تطبيق هذه الفكرة بدأ قبل تأسيس الدولة الأميركية نفسها، فإن إضفاء الطابع الفكري عليها عبر مبدأ "القدر المتجلي" منح السياسيين لاحقًا غطاءً لشرعنة سياسات الغزو والهيمنة، أو العزلة عند الحاجة.

اليوم، لا يُنظر إلى "القدر المتجلي" كذكرى تاريخية، بل كنهج حي يعود بصيغة جديدة في الإدارة الأميركية. ويتجلى هذا الحضور بوضوح في كتاب (American Crusade: Our Fight to Stay Free ) لوزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، حيث يظهر الامتداد الأيديولوجي الواضح للفكرة، وإن لم تُذكر بالاسم.

الهيمنة، السيطرة، واستعادة مؤسسات الدولة (كالتعليم، القضاء، الإعلام…) من "اليسار العدو"، كلها تتجسد في مضمون الكتاب، لتصبح العقيدة القديمة أداة حديثة لإعادة "أمركة أميركا"، وتطهيرها من كل ما لا ينسجم مع النموذج المحافظ والإنجيلي الذي يتبنّاه.

النسخة الترامبية

غير أن النسخة الترامبية من هذه الفكرة تبتعد عن الغطاء الأخلاقي التقليدي الذي استخدمته الإدارات السابقة كذرائع لتدخلاتها. فبدلًا من الشعارات حول "حقوق الإنسان" أو "نشر الديمقراطية"، يصرح ترامب بأن الغاية هي المصلحة القومية، والقوة، والهيمنة.

في هذا السياق، يرى بعض الباحثين أن هذا التحول يُعيد الولايات المتحدة إلى منطق الإمبراطوريات القديمة، حين كان التوسع غاية في حد ذاته، وليس وسيلة لتحقيق مبادئ عُليا.

ويقول المؤرخ الأميركي هاورد زين إن: "القدر المتجلي لم يكن أبدًا بريئًا، بل أداة إمبريالية مغطاة بأخلاق مصطنعة"، ويبدو أن ترامب قد قرر إزالة هذا الغطاء نهائيًا.

إعلان

تبعًا لذلك، فإن "القدر المتجلي" في نسخته الترامبية لا يتوقف عند الحدود الجغرافية، بل يتعداها إلى الفضاء، والتكنولوجيا، وربما الاقتصاد العالمي.

فالدعوة إلى "استعادة" مناطق مثل كندا، وغرينلاند، تعكس تصورًا للقوة ليس قائمًا فقط على النفوذ، بل على الملكية المباشرة. كذلك، فإن تصريحه بأن على أميركا أن تكون "سيدة الفضاء"، يعكس توجهًا نحو عسكرة الفضاء، في تحدٍّ واضح للاتفاقات الدولية التي تمنع تحويل الفضاء إلى ساحة صراع عسكري.

إن هذا التوجه الأميركي الجديد قد يُنتج عواقب دولية خطيرة، من بينها تصاعد النزعة القومية في مناطق أخرى، وسباق تسلّح في الفضاء، وعودة خطاب الاستعمار والضم إلى واجهة العلاقات الدولية.

خلاصة القول: إحياء ترامب مفهوم "القدر المتجلي" ليس مجرد خطاب بلاغي، بل أداة سياسية تعكس فلسفة حُكم قائمة على السيطرة والتفوق، تُعيد صياغة الهيمنة الأميركية بأساليب معاصرة تتجاوز حدود الزمان والمكان.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز تكشف أسباب انفجار ميناء الشهيد رجائي في إيران
  • ماتفيينكو: تعاون روسيا وجنوب إفريقيا في إطار “بريكس” يعزز الشراكة بين البلدين
  • “نيويورك تايمز”: وقود صاروخي قد يكون وراء انفجار ميناء رجائي الإيراني
  • ما هي عقيدة القدر المتجلي الخطيرة التي يسعى ترامب إلى إحيائها؟
  • روسيا تستعيد كورسك بالكامل.. وبوتين: مغامرة كييف فشلت
  • نيويورك تايمز: تجارب الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية في حرب غزة تثير مخاوف أخلاقية
  • “نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير مخاوف من انتشارها عالميا.. تفاصيل تجارب مرعبة
  • “نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير المخاوف .. تفاصيل تجارب مرعبة
  • نيويورك تايمز: مقترح إدارة ترامب يتضمن اعتراف واشنطن بأحقية روسيا في القرم
  • نيويورك تايمز: مقترح أمريكي للاعتراف بالقرم جزءًا من روسيا