رمضان بين نوستاليجا "الثمانينيات" وعصر "AI"
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كان لشهر رمضان في الثمانينيات سحر خاص لا يزال يحنّ إليه الكثيرون كانت الأجواء تمتزج بروح البساطة والدفء العائلي، حيث لم تكن التكنولوجيا قد تسللت إلى تفاصيل حياتنا كما هو الحال اليوم.
كان السحور يتميز بالفول والطعمية والزبادي، وصوت المسحراتي الذي يجوب الشوارع بطبلته ينادي بأسماء أهل الحي، في مشهد أصبح اليوم جزءًا من الذكريات.
قبل الإفطار، كانت العائلة تلتف حول مائدة رمضان بوجبات تقليدية محضرة بحب، وأصوات الراديو تملأ المكان بدعاء الشيخ محمد رفعت أو الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، بينما يترقب الجميع مدفع الإفطار الذي كان يعلن بدء الولائم العائلية.
لم يكن هناك تشتت بين شاشات الهواتف أو قنوات لا حصر لها، بل كانت المتعة تتجسد في انتظار فوازير شريهان أو نيللي، والمسلسلات التي اجتمع عليها الجميع، مثل "ليالي الحلمية" أو "رأفت الهجان".
أما اليوم، فقد تغيرت أجواء رمضان بشكل كبير فأصبح الإيقاع أسرع، والعادات أكثر ارتباطًا بالتكنولوجيا. فحلّت التنبيهات الهاتفية محل صوت المسحراتي واتصالات الأهل والأقارب للتهاني بالشهر الفضيل.
وبدلًا من السهر في الشارع مع الأصدقاء، بات الناس يقضون أوقاتهم على هواتفهم الذكية، يتابعون المسلسلات على منصات البث، ويطلبون وجبات الإفطار والسحور عبر تطبيقات التوصيل.
وأفقدت مواقع التواصل الاجتماعي والانشغال بالهواتف العائلات بعضًا من روح التجمع حول المائدة، ومع تعدد القنوات والمنصات الرقمية، لم يعد هناك مسلسل واحد يتابعه الجميع، بل أصبح لكل فرد اختياراته الخاصة على منصات البث.
كما أصبحت "السوشيال ميديا" جزءًا أساسيًا من شهر رمضان، حيث يتشارك الناس يومياتهم الرمضانية عبر الصور والمنشورات، ويُجرى التسوق لزينة رمضان عبر الإنترنت بدلًا من الأسواق الشعبية.KJU[F
ولن نتعجب اذا أصبحت العزائم والزيارات العائلية تتم بالذكاء الاصطناعي"AI" أو أصبح الفانوس "روبوت" يغني "وجوي يا وحوي".
على الرغم من التغيرات الكبيرة التي طرأت على أجواء رمضان بين الثمانينيات واليوم، يظل هذا الشهر رمزًا للتقوى والتقارب العائلي، وتذكيرًا بقيم المحبة والتكافل، وإن اختلفت الوسائل والطقوس فسواء كنا نقضي ليالي رمضان في تجمعات حقيقية أو عبر محادثات الفيديو، وسواء كنا نزين بيوتنا بزينة يدوية أو نشتريها أونلاين، يظل لرمضان روح خاصة لا يمكن أن تتغير، لكنها تمتزج مع واقع جديد يفرض نفسه بطرق أخرى، ليظل دائمًا شهرًا مميزًا عبر كل الأزمنة.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
بعد نتنياهو ولوبان وترامب.. هل أصبح القضاء في مواجهة مفتوحة مع الزعماء؟
سلطت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية الضوء على تصاعد موجة التشكيك في القضاء من قبل قادة سياسيين عبر الطيف الأيديولوجي، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وصولا إلى اتهام السلطة القضائية بالتآمر ضدهم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن الهجوم على دولة القانون بات شائعا لدرجة أن الامتثال للأحكام القضائية قد يصبح قريبًا الفعل الثوري الحقيقي.
وأضافت أن نائبة رئيس الوزراء الإسبانية، ماريا خيسوس مونتيرو، انضمت إلى هذا التيار بعد تصريحاتها المثيرة للجدل حول حكم لاعب كرة القدم البرازيلي داني ألفيش، والتي أنكرت فيها مبدأ افتراض البراءة، لتجد نفسها في صف واحد مع شخصيات مثل زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف مارين لوبان، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القائمة آخذة في التوسع، حيث تضم أيضًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمياردير إيلون ماسك، وأسماء أخرى صعّدت هجماتها ضد القضاة والمدعين العامين مؤخرا.
وذكرت الصحيفة أن هؤلاء السياسيين لا يدركون أن مناصبهم لا تمنحهم حصانة من المساءلة القانونية، ولا تعفي عائلاتهم من المثول أمام القضاء، بل يصرون على تصوير أي إجراءات قانونية ضدهم على أنها مؤامرة تستهدفهم أو تستهدف أفكارهم. وقد كان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز سبّاقًا في هذا النهج، عندما قرر التوقف خمسة أيام للتفكير، فور بدء التحقيق في أنشطة زوجته.
وأضافت الصحيفة أن التشكيك في القضاء أو الادعاء بوجود مؤامرة قضائية بات ظاهرة متفشية بين السياسيين، سواء كانوا في السلطة أو يسعون إليها، لدرجة أنها اجتازت الحدود الأيديولوجية في أوروبا، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، بل تخطت المحيط الأطلسي أيضًا، متنقلة من ضحية سياسية مزعومة إلى أخرى. وأوضحت أن ما كان يُعتبر سابقًا خطابًا مناهضًا للنظام أصبح تيارًا سائدًا، لكنه لم يفقد خطورته.
وأفادت الصحيفة أنه بينما يسعى بنيامين نتنياهو إلى تمرير قانون يضع القضاء الإسرائيلي تحت سيطرة السياسيين، يواصل دونالد ترامب تحديه العلني للأحكام القضائية، في حين تحشد مارين لوبان أنصارها للاحتجاج على قرار يمنعها من الترشح للانتخابات بعد إدانتها بالاختلاس. وفي المقابل، يقدم الحزب الحاكم في إسبانيا نفسه كقوة أوروبية رائدة، بينما تهاجم نائبته مبدأ الفصل بين السلطات، وتلجأ إلى خطاب "القضاء المسيس" كلما فُتح تحقيق ضدها.
ولفتت الصحيفة إلى أن مستقبل أوروبا يعتمد، من بين عوامل أخرى، على مدى قدرة دولة القانون على التصدي لهجوم لوبان، أكثر مما تمكنت من الصمود أمام أوربان. لذا، فإن تأجيج الخطاب الشعبوي المناهض للقضاء لا يبدو المسار الأمثل لإبراز صورة رجل دولة، ولا لحماية نظام سياسي يواجه ضربات متزايدة من التيارات الشعبوية، سواء من اليمين أو اليسار.
وبينت الصحيفة أن ماريا خيسوس مونتيرو نجحت في توحيد جميع جمعيات القضاة والمدعين العامين ضدها، بعد تشكيكها في مبدأ افتراض البراءة، بينما تمكنت مارين لوبان من جمع أضداد سياسيين مثل ترامب وبوتين، وأوربان وجان لوك ميلانشون، بالإضافة إلى حزب فوكس الإسباني. الجميع يصورها على أنها ضحية للاضطهاد القضائي، رغم أن إدانتها بالاختلاس تعني حرمانها من الترشح. لكن قد يتحول التصعيد في الشارع إلى ورقة رابحة لحزبها ولخليفتها السياسي جوردان بارديلا، بهدف تعزيز مكاسبهم الانتخابية. فقد أثبت ترامب أن لعب دور الضحية أمام القضاء قد يكون وسيلة فعالة لحصد الأصوات في صناديق الاقتراع.
ووفق الصحيفة، فإن ماريا خيسوس مونتيرو لا تلحق الضرر بدولة القانون فحسب، بل توجه أيضًا ضربة قاسية للحركة النسوية من خلال تصريحاتها حول حكم داني ألفيش. فحين يصدر التشكيك في مبدأ افتراض البراءة من داخل السلطة، فإن المستفيد الأكبر من ذلك هو الخطابات الأكثر عداءً للنسوية وللنظام القائم. وكان يإمكان نائبة رئيس الوزراء كان بإمكانها ببساطة الاعتراف بخطئها، سواء كانت مخطئة فعلًا أم لا، لكنها فضّلت التلكؤ قبل الاعتذار، وكأن الأمر كان عبئًا ثقيلاً عليها.
وأفادت الصحيفة بأن حزب فوكس، على وجه الخصوص، قد يجد في هذا الجدل مادة لتعزيز خطابه، إذ يروج منذ فترة لفكرة أن المحاكم منحازة ضد الرجال، ويستغل مخاوف المراهقين عبر إيهامهم بأن النوادي الليلية مليئة بنساء يمكن أن يُصدقن بمجرد كلمتهن، دون الحاجة إلى أدلة. لكن الواقع مختلف تمامًا، فبحسب الاستطلاع الموسع حول العنف ضد المرأة في إسبانيا، واحدة فقط من كل عشر ضحايا للعنف الجنسي تتقدم بشكوى رسمية، وعدد قليل جدًا من النساء يجرؤن على الإبلاغ خوفًا من عدم تصديقهن، ومن بين القلة التي تفعل، تحصل نسبة أقل على حكم منصف في المحكمة.
وقالت الصحيفة إنه بدلًا من استغلال هذه القضية لفتح نقاش حول الحاجة إلى مزيد من التقدم في حماية الضحايا، أطلقت نائبة رئيس الوزراء خطابًا أضعف الثقة في المؤسسات التي تمثلها. وليس من المستغرب أن تلقى مثل هذه التصريحات ترحيبًا من اليمين المتطرف، الذي دأب على التشكيك في القرارات القضائية كجزء من إستراتيجيته السياسية لنشر الفوضى، في وقت تواجه فيه الديمقراطيات الغربية تحديات متزايدة.
واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إنه إذا كانت الحكومة الإسبانية تطمح إلى لعب دور قيادي في المشروع الأوروبي في مواجهة المدّ الترامبي، وترى نفسها حصنًا لحماية القيم الديمقراطية، فلا ينبغي لها أن تستخف بمبدأ الفصل بين السلطات إلى هذا الحد. وإلا، فإن حكومة سانشيز، بدلًا من أن تكون نقيضًا لترامب كما تسوّق لنفسها، ستصبح مجرد نسخة من تلاميذه.