بصوتها المشرقي وبعقلية الأخوين رحباني المشرقية صرخت يوماً فيروز بوجه روما قائلة "نحن الحق" وفي صرختها قالت بطريقة او أخرى انه في هذا الشرق هناك من لا يبحث عن العدد والقوة، وهناك أيضاً من يرغب فعلاً في ان يؤدي شهادة للعالم أجمع فيكون النموذج الطبيعي غير المصطنع وغير المفتعل للحياة المشتركة المُمكن ان تنجح، إن توافرت عناصر الارادة والعمل والعودة الى الجذور لاسيما المسيحية منها التي بنت مجدها على صخور الانفتاح والتلاقي والحوار.
واليوم، قد يكون من المجدي ان يرتفع الصوت من جديد، عله يصل الى روما فتدرك انه في هذا الشرق وفي قلب لبنان هناك فعلاً من يريد أن يشهد للحق على عكس التجارب الكثيرة الأخيرة الت خاضتها روما في لبنان والتي من الواضح انها دفعتها الى الانكفاء عن العمل والاكتفاء بالصلاة.
وفي هذا المجال، يبدو المشهد الدولي الحالي المتعلق بالرئاسة اللبنانية خير دليل على نوع من سياسة الصمت انتهجتها روما تجاه لبنان وتصر عليها أقله حتى الساعة.
لذلك لا بد من التساؤل عن دور الفاتيكان وعن رؤيته للواقع الحالي للبنان، الذي لطالما شكّل محط اهتمام وعناية من قبل الدوائر البابوية.
في هذا الاطار يؤكد مصدر مطلع ل"لبنان 24" ان "غياب الفاتيكان عن الأشكال المختلفة للتحركات الدولية من أجل لبنان لا يعني عدم اهتمامها بالشؤون اللبنانية الداخلية، وبشكل خاص بالملف الرئاسي اللبناني.
لكن روما وعلى عكس مجموعة كثيرة من الدول لا ترضى بلعب اي دور دون ضمان الوصول الى حلول جذرية ونهائية، وهذا على ما يبدو غير ممكن في المرحلة الآنية في لبنان، نظراً لتشابك الملف اللبناني مع أكثر من ملف إقليمي ودولي، ما يجعل امكانية وضع البلاد على السكة الصحيحة صعبة لكن غير مستحيلة".
ويضيف "ما يبدو لافتاً بالفعل هو الصمت الفاتيكاني حول كل ما يتعلق بلبنان، والتصريح الأخير للفاتيكان في هذا المجال، جاء بعد الزيارة الأخيرة للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى روما حيث لم يلتق البابا فرنسيس فطُرحت مجموعة علامات استفهام حول الجدوى من الزيارة وحول أسباب غياب البابا عن استقبال البطريرك الماروني.
كما انه ما يبدو لافتاً الى حد كبير هو غياب السفير البابوي في لبنان باولو بورجيا عن المشهد اللبناني لدرجة انه يكاد لا يُسجل له أي تصريح مباشر متعلق بالأزمة اللبنانية بشكل عام وبالملف الرئاسي بشكل خاص".
ويرى المصدر" ان تواري الفاتيكان عن الظهور كلاعب أساسي في الداخل اللبناني لم يأت بصورة مفاجئة، انما تم التحضير له منذ ما قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون، الذي أعلن قدوم البابا الى لبنان، لتنفي الفاتيكان الخبر معلنة ان لبنان في قلب البابا لكنه لن يقدم على زيارته في المدى المنظور.
وعلى هذا الصعيد، يمكن القول ان زيارات البابا الرسولية المتعددة في الآونة الأخيرة نسفت الفرضية القائلة بأن تأجيل زيارة البابا الى لبنان يعود لأسباب صحية".
كما يشير المصدر الى انه "وبناء لكل ما تقدم لا بد من طرح علامات الاستفهام حول الصمت الفاتيكاني "المُريب"، ولا بد من التوقف بجدية عند شكل زيارة البطريرك الأخيرة الى روما، كما لا بد من التفكير بجدية في الأسباب التي حالت دون ان يكون للبابا زيارة الى لبنان.
وهنا، من المرجح ان تكون روما في حالة ترقب وانتظار.فروما التي تدرك ان الحلول تحتاج الى من يقدمها، تدرك ايضا ان التركيبة الحالية السياسية والروحية ليست هي الجهة المخولة انتاج اي خرق في جدار الأزمة اللبنانية العميقة جداً".
ويختم المصدر مؤكداً انه " في المدى المنظور من المُستبعد جداً ان يشهد لبنان اي مسعى فاتيكاني ناعم كان ام غير ناعم، لذلك من المستحسن ان يرفع اللبنانيون صوتهم من جديد مشيرين الى ان الحق ما زال قائماٍ في هذا البلد، علّ الصوت يصل الى آذان المعنين في الدوائر الفاتيكانية". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
فضيحة تسريبات الرعاية الإخوانية لمؤتمر "الحرية الجنسية"
فضيحة جديدة تهز أروقة جماعة "الإخوان" الإرهابية، بعد تسريب رسالة صوتية للدكتور صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام، تدعم مؤتمرًا متهمًا بالترويج للحرية الجنسية والمثلية والتحول الجنسي. التسريب الذي التقطه جناح القيادي محمود حسين واعتبره ضربة قاضية للإخوة الأعداء، كشف تزكيات قدمها قياديون بارزون لمنسق المؤتمر وأعضاء اللجنة المنظمة، رغم علمهم بمحتوى جدول أعماله المثير للجدل. فكيف تورطت قيادات الجماعة في هذه الأزمة؟
في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2024، ظهرت تسريبات هذه الفضيحة لأول مرة على شكل تساؤلات موجهة إلى أصحاب القرار الإخواني في جناح القيادي صلاح عبد الحق. جاءت هذه التساؤلات مغلفة برقائق من الحزن والشفقة، مع ادعاءات بالتمسك بالمبادئ والقيم وما هو معلوم من الدين بالضرورة، بالإضافة إلى الحرص المزعوم على سمعة "القيادات التاريخية الربانية".
زَعَم ناشر التسريبات أن الدكتور "سيد.ز" اتصل عبر الإنترنت بالقيادي محمد البحيري، باعتباره من أصحاب القرار في التنظيم الدولي الإخواني في قارة إفريقيا، وطلب منه تزكيته لدى عدد من أعضاء الوفود الإفريقية المشاركة في فعاليات المؤتمر. استجاب البحيري للطلب وأرسل تزكية يؤكد فيها أن الدكتور "سيد.ز" معروف لديه شخصيًا، ويمكن الوثوق به وتقديم الدعم اللازم لإنجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه.
لم يكتفِ الدكتور سيد بتزكية البحيري له، بل استدرج "الإخوان" إلى ما هو أبعد من ذلك. أقنعهم بأهمية أن يلقي الدكتور صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة "الإخوان"، كلمة عبر الهاتف في افتتاح المؤتمر. وبالفعل، تحققت مساعيه، حيث تضمنت كلمة عبد الحق شكرًا صريحًا وإشادة بالدكتور سيد وأعضاء اللجنة المنظمة من أمريكا ودول إفريقية، وكذلك بالمدربين المسئولين عن تحقيق أهداف المؤتمر، داعيًا لهم بالتوفيق والسداد.
طلب المنسق العام للمؤتمر، "المدعوم إخوانيًا"، من الحضور التوقيع على وثيقة المؤتمر وهي "وثيقة 2030" التي تبنتها الأمم المتحدة. ورغم أن "الإخوان" بجميع أجنحتهم المتصارعة، ومعهم جماعات وكيانات أخرى، سبق لهم إصدار بيانات تعلن رفضهم لما جاء في الوثيقة بدعوى أنها "تحمل أهدافًا خبيثة وتهدف إلى إباحة الحرية الجنسية والمثلية والتحول الجنسي، وتشجع على ممارسة الشذوذ، مما يهدد المجتمع المسلم والأسرة المسلمة تحت شعار المساواة بين الجنسين".
القيادي الإخواني الهارب محمد البحيريلم تتحقق أهداف المؤتمر، إذ انسحب عدد كبير من أعضاء الوفود بعد رفضهم التوقيع على الوثيقة. كما أصدروا بيانًا استنكاريًا لما جاء فيها، لينفضّ المؤتمر بعد ثلاثة أيام من انعقاده، ونشر حساب تابع لجناح القيادي محمود حسين فيديو يتضمن التسجيل الصوتي لرسالة القائم بأعمال المرشد العام في جناح الإخوة الأعداء، وصورة من إحدى جلسات المؤتمر وأسماء أهم المشاركين في اللجنة المنظمة. استغل المعترضون على الوثيقة رسالة البحيري وكلمة عبد الحق، وأمطروا قيادات الجماعة الذين تسببوا في "فضيحة الدعم الإخواني لمؤتمر الحرية الجنسية" بوابل من رسائل اللوم والتقريع، وأكدوا أن ادعاء الجهل بحقيقة المؤتمر وما يدور خلف الكواليس لا يعفي صلاح عبد الحق والبحيري من المسئولية.
أكد الإخواني ناقل تسريبات الفضيحة أنه حاول الاتصال بالقائم بأعمال المرشد العام للتحقق من خلفيات رسالته الصوتية وما إذا كان يعلم هو والبحيري بما كان يدور خلف الكواليس، لكنه لم يتلقَّ أي رد على اتصالاته، وفشل في الوصول إليه عبر الدائرة المحيطة به. وطرح تساؤلات عديدة منها: "هل يُقبل أن نعذر الدكتور صلاح والبحيري وغيرهما من المشاركين في المؤتمر بجهلهم بحقيقة أهدافه؟! هذا أمر غير مقبول بالمرة من أشخاص قضوا أعمارهم في هذه الجماعة. فإذا لم يكن مثلهم على اطلاع بالوثيقة المنشورة للجميع وبالأحوال والأخبار، فهل يصلحون لقيادة جماعة كبرى مثل الإخوان؟ وهل الأسماء الإخوانية المشاركة في هذا المؤتمر، والتي أُسندت إليها مهام التدريب أيضًا، مجرد "دراويش" لا يعرفون ماهية الوثيقة؟".. وهل توجد صلة بين رسالة القائم بأعمال المرشد العام الدكتور صلاح عبد الحق إلى المؤتمر وقيام المسئولين عن موقع "الإخوان" الرسمي بحذف بيان سبق نشره لإعلان موقف الجماعة الرافض للوثيقة الأممية؟".
تُسلط هذه التسريبات الضوء على أزمة أعمق داخل جماعة "الإخوان"، تتعلق بمصداقية قياداتها ووعيهم بما يدور حولهم. فهل يمكن لجماعة تدّعي الربانية والالتزام بثوابت العقيدة أن تبرر تورطها في مؤتمر يروج لقيم تتعارض مع مبادئها المزعومة أم أن هذه الفضيحة تكشف عن فصل جديد في مسلسل صراعات داخلية أعمق بين أجنحة القيادات المتناحرة على المكاسب والمغانم؟