لجريدة عمان:
2025-04-02@19:12:37 GMT

هل نملك الجرأة لنقولها؟

تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT

من النادر أن يمر تصريح مسؤول كبير مرور الكرام حين يكون صريحا، ومباشرا، وخارجا عن المألوف. وعندما قال معالي عبد السلام المرشدي، رئيس جهاز الاستثمار العماني، هناك بعض الوظائف لا أرضاها للعمانيين، لم يكن مجرد تصريح رسمي آخر، بل كان تعبيرا عن قناعة راسخة وفكر واضح المعالم.

لقد جرت العادة أن يكون الخطاب الرسمي متوازنا، ومدروس العبارات، فلا يصدم أحدا، ولا يفتح باب التأويلات.

لكن هذه المرة، جاء التصريح واضحا في اعترافه، وطموحا في طرحه، وصريحا في رفضه لأي تهاون في بناء مستقبل العمانيين.

وهذا ليس تقليلا من أي عمل، أو انتقاصا ممن يشغلون وظائف متواضعة، فقد أكد معاليه ذلك، رغم أن سياق حديثه كان واضحا حتى دون تأكيد. كما أن الرسالة لم تكن أن العماني يجب أن يرفض العمل حتى يحصل على أعلى وظيفة، فكل عمل، أيا كان، هو محطة على طريق النضج، والتجربة، واكتساب المهارات، والانفتاح على آفاق جديدة.

ولكنه كان حديثا عن مسؤولية أكبر: مسؤولية أجهزة الدولة، بمختلف قطاعاتها، في تمكين العمانيين من الوصول إلى الوظائف التي تليق بإمكاناتهم، والتي تتطلب كفاءة وخبرة عالية، كي يصبحوا جزءا فاعلا من اقتصاد متطور قادر على المنافسة عالميا.

الفرص التي لا تزال تنتظرنا

لطالما أدركنا أن سلطنة عمان ليست مجرد دولة نفطية، بل هي بلد يمتلك من الثروات والموارد ما يؤهلها لتكون مركزا اقتصاديا أكثر تنوعا واستدامة. فإلى جانب النفط والغاز، هناك المعادن، والموقع الاستراتيجي الذي يجعل البلد محطة لوجستية طبيعية بين الشرق والغرب، والبحار التي تزخر بثروات سمكية هائلة، ناهيك عن إمكاناتها السياحية والتجارية.

وبالفعل، بذلت الدولة، بقيادة حكيمة، جهودا كبيرة في الاستفادة من هذه الإمكانات، وبنت منظومة استثمارية متكاملة، وعملت على تطوير الموانئ والمناطق الحرة، ووضعت استراتيجيات لتعزيز القيمة المحلية المضافة. لكننا جميعا ندرك أن الطموح لا ينبغي أن يتوقف، وأن الطريق لا يزال طويلا للوصول إلى اقتصاد قادر على خلق فرص عمل نوعية تتناسب مع إمكانيات العمانيين.

وهذا هو جوهر ما أشار إليه التصريح أن مسؤولية أجهزة الدولة لا تقتصر على إيجاد وظائف، بل على صناعة بيئة عمل تسمح للمواطن بأن يجد لنفسه مكانا في المهن والقطاعات التي ترفع من شأن الاقتصاد الوطني، وتجعله أكثر تنافسية واستدامة.

الإصلاح الذي يكمل هذه الرؤية

من المؤكد أن تحقيق هذه الأهداف ليس مسؤولية جهاز استثماري واحد، ولا حتى الحكومة وحدها، بل هو جهد جماعي، يشمل الجميع من مؤسسات الدولة إلى القطاع الخاص، والمجتمع بأسره.

لكن هناك مفتاحا أساسيا لا يمكن تجاهله: التعليم.

فلا يمكن أن نبني اقتصادا معرفيا متطورا بينما نظامنا التعليمي لا يزال يركز على التلقين أكثر من التفكير النقدي، وعلى الشهادة أكثر من المهارات، وعلى الكم أكثر من النوع. لقد خطت الحكومة خطوات مهمة في تطوير التعليم، وإدخال التخصصات الحديثة، وربط المناهج بمتطلبات السوق، لكننا جميعا نعلم أن التحدي الأكبر لا يزال في ضمان جودة التعليم المدرسي قبل الجامعي، بحيث يصل الطالب إلى الجامعة وهو مجهز بالفعل ليكون جزءا من اقتصاد المستقبل.

بين الطموح والواقع

إن الطموح وحده لا يكفي، ولا يمكن أن تحل الأحلام محل السياسات العملية. ولكن في المقابل، لا يمكن لأي سياسة أن تنجح ما لم تكن هناك رؤية طموحة تقودها.

واليوم، عندما نسمع مسؤولا كبيرا يتحدث بهذه الصراحة عن نوعية الوظائف التي يستحقها العماني، فإننا لا نأخذ الأمر على أنه مجرد تصريح، بل كإشارة إلى أن هناك وعيا متزايدا بأن القادم يجب أن يكون مختلفا.

لقد قطعت الدولة شوطا طويلا في بناء اقتصاد مستدام، والاستثمار في البنية الأساسية، وإطلاق المبادرات الداعمة لريادة الأعمال، ولكن المرحلة القادمة تتطلب قفزة نوعية في التفكير، حيث يكون التعليم والتأهيل والتوظيف جزءا من استراتيجية شاملة، لا تركز فقط على العدد، بل على القيمة المضافة لكل وظيفة ولكل موظف.

الخلاصة: هل نحن مستعدون لهذا التحدي؟

قد يكون هذا التصريح لحظة فارقة، ولكن الفارق الحقيقي لا تصنعه الكلمات، بل الأفعال.

نحن أمام فرصة ذهبية لتعزيز نهج جديد في التفكير الاقتصادي، نهج لا يكتفي بتوفير الوظائف، بل يخلق بيئة عمل تجعل العماني قادرا على المنافسة في أعلى المستويات.

ولكن لتحقيق ذلك، لا بد من استمرار الجهود التي تبذلها أجهزة الدولة، ودعمها بسياسات أكثر جرأة، وشراكات حقيقية مع القطاع الخاص، وتحديث مستمر للمنظومة التعليمية، بحيث لا يكون النجاح مجرد استثناء، بل هو القاعدة.

إنها مسؤولية الجميع، وإن كان هناك شيء إيجابي يمكن استخلاصه من هذا التصريح، فهو أنه يضع أمامنا تحديا لا يمكن تجاهله: هل نملك الجرأة للمضي قدما في هذا الطريق؟

الإجابة ليست عند مسؤول واحد، بل عندنا جميعا.

سليمان بن سنان الغيثي كاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

حين يكون العيد مُرّاً…!

حين يكون #العيد مُرّاً…!

د. #مفضي_المومني.
2025/3/31

كل عام والجميع بخير…في أول يوم من ايام عيد الفطر… بعد شهر الصيام والقيام… تقبل الله الطاعات… وليسامحنا الله على خذلاننا وهواننا… !.
ولأن العيد رغم كل وجعنا… يبقى شعيرة من شعائر الله… نظل نبحث عن الفرح… في زمن التعاسة… مرة بجمعة للأحبة…، ومرة بتقرب إلى الله، ومرة باصطناع الفرح… ومرات لاننا نحب الحياة… ولا نأخذ كل هذا على محمل الجد…فقد وصلنا إلى تعود المشهد المفجع… والموت والدمار والقتل… وهمجية العدو وغطرسته؛ إنه منتهى الخذلان…، ورغم المشهد القاسي… وعلى رأي حجاتنا(حياة وبدنا نعيشها)..! هكذا أصبحت حالنا وحياتنا… ولعل الله يغير الحال والأحوال..!.

رغم تراجيديا ومتلازمة الحرب والموت…وكل الجرائم والظلم الجاثم على صدور أهلنا في غزة وفلسطين وكل بقاع جغرافيتنا الحزينة… ورغم ضنك العيش..وقهر الرجال… نقترف تقاليد العيد…مرة على استحياء… وأخرى طقوس تعودناها… وفي القلب غصة…. وجرح عميق… فلا فرح مع الوجع… ! هذا العيد تختلط المشاعر… وأجزم أننا نعيد على استحياء…! نقترف الفرح ولا نحسه…! ويحجبه  ويواريه أرواح قوافل الشهداء على ثرى غزة وفلسطين… ودموع الأطفال والأمهات والشيوخ… وهول الفقد والموت والدمار…والتجويع وعاصفة من الخذلان والتآمر والهوان… من أولي القربى…والعالم المنافق….! وفي الأفق إيماننا بالله الذي لا تزعزعه كل قوى الشر… نستحضر بارقة النصر الموعود من رب العالمين… فوعده اكبر من كل وعود المارقين والمتخاذلين… والمتآمرين على عروبتنا وفلسطيننا وغزتنا…وأمتنا…!  وما النصر إلا صبر ساعة… والله غالب على أمره…ولو خذلنا الجميع… ولو خذلنا انفسنا…!.
الأسواق راكده وباهتة…رغم أنها تحركت مع بقايا الرواتب الحزينة…. والمشتريات للوازم العيد في ادنى حالاتها… الأجواء العامة لا تشي بالفرح… فالقلوب متعبة ومنهكة وحزينة لأخبار الموت اليومي لأهلنا في غزةوفلسطين… وعزائهم أنهم آمنوا بقضيتهم… والشهادة لديهم غاية المنى… قبل أو بعد النصر لا فرق..!

مقالات ذات صلة إنها المباراة! 2025/03/29

إضافة لذلك…  الجيوب خاوية… وبقايا الرواتب شحيحة…. ولم تتفضل البنوك بتأجيل اقساطها على أصحاب الجيوب الخاوية… فاختلط الحابل بالنابل… واختار الناس أن يمرروا العيد كيفما اتفق… وعلى قد الحال..!

والاردن  رغم جحود الحاقدين يبقى حالة متقدمة كانت وما زالت وستبقى في مساندة الأهل في فلسطين وغزة العز بكل الطاقات الممكنة …رغم قصر ذات اليد… وخذلان الاعراب… وضغوطات طرامب… وتستمر محاولات الجاحدين الحاقدين للطعن في مواقف الاردنيين… ولا نلتفت لهذا… فنحن أخوة دم وعقيدة… ووجع فلسطين وجعنا.. فعلاً لا قولاً… وواجب يسكن قلوب صغارنا وكبارنا عقيدةً لا منه.
نعم نُعيد على استحياء… ولا نظهر الفرح… حتى الصغار يدركون هذا… فوجع أهل غزة وفلسطين وجعنا جميعاً… .

لكم الله يا اهل غزة… والخزي والعار للعدو وكل من يسانده… وهو  يمتهن القتل والتدمير منذ فُرض علينا بالوعد المشؤوم على فلسطين، ونقول لهذا العدو المتغطرس ربيب قوى الإستعمار… لا يغرنكم تفوقكم العسكري ولا دعم قوى الإستعمار…ولا تخاذل المتخاذلين والمتآمرين من أبناء جلدتنا…!  فمشيئة الله ودورة الحضارة غرست في شعوبنا حتمية النصر… وهو وعد الله لعباده المؤمنين… . تنام الشعوب وتضعف… وتهون… لكنها لا تموت…!.

ورغم كل ما حصل… من موت وتدمير… سنبقى نتشبث  بالحياة وروح النصر… بإيمان مطلق… فدولة الباطل ساعة… ودولة الحق إلى قيام الساعة..!

نفرح على استحياء… ولكننا نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا… :

وَنَحْنُ نُحِبُّ الحَيَاةَ إذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ

وَنَرْقُصُ بَيْنَ شَهِيدْينِ نَرْفَعُ مِئْذَنَةً لِلْبَنَفْسَجِ بَيْنَهُمَا أَوْ

نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ

وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطاً لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلاَ

وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَاراً جَمِيلاَ

نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ

وَنَزْرَعُ حَيْثُ أَقمْنَا نَبَاتاً سَريعَ النُّمُوِّ , وَنَحْصدْ حَيْثُ أَقَمْنَا قَتِيلاَ

وَنَنْفُخُ فِي النَّايِ لَوْنَ البَعِيدِ البَعِيدِ , وَنَرْسُمُ فَوْقَ تُرابِ المَمَرَّ صَهِيلاَ

وَنَكْتُبُ أَسْمَاءَنَا حَجَراً ’ أَيُّهَا البَرْقُ أَوْضِحْ لَنَا اللَّيْلَ ’ أَوْضِحْ قَلِيلاَ

نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا… محمود درويش

سنمضي بعيدنا… ونقترف طقوسه… نزور العنايا… ونمرر العيدية… وهي شحيحة عند الغالبية هذه الأيام… وربما جهزنا بعض الحلوى… ولكن ثقوا يا أهلنا في فلسطين… أن بنا مثل ما بكم… وأن العهد ذات العهد… فنحن شعوب تحب الحياة… وكما قال ابو القاسم الشابي:

إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ

فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي

ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ

تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ

من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ

نعم… صفعة العدم المنتصر…عدو وجودنا… المحتل الغاصب تداهمنا منذ النكبة… اشقتنا…وحجبت عنا التطور… والحياة… .ولكن الأمل بالله؛ بأن يستجيب القدر… وما ذلك على الله ببعيد.
ويبقى الفرح بالعيد لمحة حياة… في أجواء لا تسر صاحب أو صديق…ويعجز الكلام عن وصف حال متلازمة العجز والخذلان… وأرواح الشهداء…وتغطرس المحتل… ويبقى إيماننا بالله… وبخير أمة اخرجت للناس…لتخرج من جديد… وتعود لمجدها… ولن يكون هذا إلا بمشيئة الله… والعمل والإعداد… وقد يطول أو يقصر بذلك الزمن…ولن نقنط من نصر الله ورحمته.
حمى الله  غزة وفلسطين… حمى الله الاردن.

مقالات مشابهة

  • غرفة سوهاج: حماية المقدسات الدينية بالقدس مسؤولية دولية
  • مصطفى شعبان: الدراما المصرية قدمت موسما متميزًا وكان هناك تنوع كبير
  • الإسعاف الوطني يتعامل مع أكثر من 22 ألف حالة طارئة في الربع الأول
  • الحاج حسن: هناك أبواق تضع نفسها في خدمة العدو
  • مصدر أمني إسرائيلي: إنشاء قاعدة تركية في سوريا سيقيد عمل قواتنا هناك
  • قيادي بمستقبل وطن: الشعب المصري أكثر التفافًا وثقة في القيادة السياسية
  • نائب رئيس حزب الأمة القومي إبراهيم الأمين: هناك فرق بين القوات المسلحة والحركة الإسلامية
  • الخضيري: هناك 3 زوايا للقضاء علي تهيّج القولون العصبي
  • حركةُ حماس تُحمِّلُ أمريكا والاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إبادة الشعب الفلسطيني
  • حين يكون العيد مُرّاً…!