الدراما في اليمن .. إنتاج متقدم ودور محوري في معالجة قضايا المجتمع وطريق إجباري في صدارة أبرز الأعمال
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
شهدت السنوات الأخيرة من الحرب اليمنية وتوسع قضايا المجتمع اليمني تنوعًا ملحوظًا في الأعمال الدرامية والإذاعية، التي نالت اهتمامًا كبيرًا وحققت حضورًا لافتًا لدى المشاهد اليمني في مختلف المدن والأرياف.
وتنوعت تلك الأعمال بين الترحيب الواسع والتفاعل الإيجابي، وبين الانتقادات التي طالت بعضها، وغالبًا ما كان ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك"، التي أصبحت أحد الوسائل الافتراضية الفاعلة في الكتابة والتعبير.
ومن خلال القنوات الفضائية، قدمت كل من قناة "بلقيس"، "السعيدة"، "يمن شباب"، إضافة إلى قناة "المهرية" وقناة "الجمهورية"، مؤخراً العديد من الأعمال الدرامية التي تناولت قضايا وهموم المجتمع اليمني، وغالبًا ما تمحورت هذه الأعمال حول قضايا الزواج، والغربة، والحرب، وغيرها من التفاصيل الحياتية التي يواجهها اليمنيون في حياتهم اليومية.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال بعض المسلسلات التي سعت إلى تضمين قضايا أخرى بجانب المسائل الاجتماعية، حيث تناولت قضايا أكبر تتعلق بالإنسان والأرض، وكذلك بالوطن والدولة والجمهورية.
ومن بين هذه الأعمال البارزة مسلسل "العالية"، من تأليف الكاتبة والروائية بدور ناجي، الذي تم بثه عبر قناة "يمن شباب" الفضائية، وهذا المسلسل يُعتبر من أهم الأعمال التي دمجت قضية الجمهورية اليمنية والصراع السياسي ضمن سياق درامي، ليعزز الوعي بالهوية اليمنية ويعكس فكرة الدولة المدنية.
طريق اجباري .. تناول جديد لقضايا المرأة في الدراما اليمنية"
الكاتبة يسرى عباس كاتبة مسلسل (طريق إجباري) تتحدث لـ الموقع بوست عن تطور الدراما اليمنية، وعن القضايا التي يناقشها مسلسل" طريق إجباري " الذي تتوقع له النجاح المتقدم.
تقول يسرى: "لقد لاحظتُ تطورًا دراميًا ملحوظًا بعد مسلسل "سد الغريب" في عام 2020، حيث بدأ العديد من المبدعين يعملون على تفاصيل القصة والشخصيات، بالإضافة إلى تحسين الصورة، والموسيقى، والإخراج. أنا سعيدة جدًا بهذا التغيير، لأن "سد الغريب" كان نموذجًا يحتذى به للأعمال اليمنية".
تضيف بالقول: "ومن الجوانب الإيجابية بعد عام 2020 في الدراما اليمنية هو الظهور بعدد من الأعمال في السنة، حيث أصبحت كل قناة تنتج عملاً دراميًا، وأصبحت البطولة جماعية تضم أكثر من ممثل، بعدما كان التمثيل محصورًا على شخصيات معينة فقط. أتمنى أن تستمر هذه الأعمال الدرامية طوال العام، وليس في رمضان فقط".
وتواصل توضيحها قائلة: "تعد القضايا الاجتماعية متعددة في الأعمال الدرامية، حيث تبرز العديد منها في كل عمل، ونحن نسعى لإيصالها بالصورة المناسبة، لكن حتى الآن، لم تعالج الدراما اليمنية أي قضية بشكل كامل؛ بل نحن نبرزها فقط للمجتمع الذي يعرف مشاكله ويشاهدها مصورة على الشاشة. هناك بعض القضايا التي لم نتمكن من التطرق إليها بعد."
وتضيف يسرى في حديثها لـ الموقع بوست عن بعض الاختلالات التي تصاحب الدراما اليمنية، وتقول " من خلال أعمالي السابقة، التقيت بالكثير من الناس وسَمعت منهم آراء إيجابية، وأكدوا لي أن القضايا التي طرحتها في أعمالي كانت مؤثرة ولَمست قلوبهم، وكأنهم يشاهدون حياتهم على التلفاز".
نحن بحاجة إلى الكثير من الجهد حتى نصل إلى المستوى العربي أولًا، ثم نفكر في الوصول إلى العالمية، خاصة في مجال المسلسلات. أعمالنا هي محلية العرض، وهي موجهة للمشاهد اليمني. لكننا نواجه العديد من العوائق، مثل اللهجة المحلية والشخصيات المتحفظة، ما يجعل أعمالنا لا تصل إلى ذائقة المشاهد العربي.
من المهم وجود تناغم بين الكاتب والمخرج لنقل الرسالة إلى الممثل أولًا، ثم إلى المشاهد. في مسلسل "طريق أجباري"، اهتممت بشكل خاص في اختيار المخرج، لأن أغلب المخرجين لدينا هم فقط منفذون للعمل، ولا يفهمون جوهر الدراما. لذلك، أصبحت أشجع العمل مع مخرجين محددين يهتمون بالعمل ذاته، وليس بالظهور في السباق الرمضاني، حيث أن نجاحهم غالبًا ما يكون معتمدًا على الممثلين فقط.
ومسلسل "طريق أجباري" يتناول العديد من القضايا الاجتماعية وهو مخصص للمرأة، ويعد هذا المسلسل تقريبًا أول عمل درامي يضم أكثر من 17 شخصية نسائية، بالإضافة إلى أنه يُظهر المرأة في مواجهة الرجل، وهو أمر غير معتاد في الدراما اليمنية التي غالبًا ما تعرض الرجل في مواجهة الرجل، في العمل هناك العديد من القضايا التي لم تكن جديدة بحد ذاتها، لكن تم طرحها بأسلوب مختلف وفي قالب جديد. من هذه القضايا: زواج القاصرات، تعليم الفتاة، والحب ومواجهة الظلم.
أتوقع أن يكون العمل مميزًا، فأنا لا أتنافس مع أحد؛ كتبت العمل بحب واجتهدت كثيرًا، ومن كانوا معي أثناء الكتابة والتنفيذ كانوا محبين ومخلصين وعملوا بجد، لهذا أعتبر هذا التميز، أما النجاح فلا يوجد له مقياس، ولكنني أتمنى أن ينال العمل إعجاب المشاهدين."
الدراما اليمنية بحاجة إلى كتّاب ومتخصصين
تتحدث الفنانة والممثلة عبير محمد عن رؤيتها للدراما اليمنية من موقعها كفنانة، وعن الأثر الذي أضافه التمثيل لها، قائلةً في حديثها مع "الموقع بوست": "أرى أن الدراما في اليمن في تطور مستمر، وبطبيعة الحال تعدد المشاركات يساعد الفنان في استخدام أدواته، لكن الأهم هو أن يصقل الفنان موهبته بالدراسة. لقد شاركت في العديد من الدورات التدريبية الخاصة بالتمثيل داخل وخارج اليمن، وبهذا تمكنت من معرفة نقاط قوتي كممثلة، وتعلمت كيفية استخدام أدواتي لإجادة أداء أي شخصية."
وتتذكر عبير في حديثها عن الأثر الذي تركه التمثيل عليها، قائلةً: "أذكر دوري في فيلم "المرهقون"، حيث كانت شخصية إسراء صعبة وأرهقتني نفسيًا."
وأما عن احتياجات الدراما اليمنية والارتباط التاريخي في الأعمال التلفزيونية، تقول عبير للموقع بوست: "الدراما اليمنية بحاجة إلى كتّاب مختصين ووقت كافٍ للتحضير والبروفات، فالموسم الدرامي اليمني يبدأ تصويره عادة قبل رمضان بشهر أو شهرين، وهو وقت غير كافٍ للإعداد الجيد. كذلك، يحتاج الفنان اليمني إلى الشعور بالتقدير المادي والمعنوي، فالأجور المنخفضة في الوسط الفني مرهقة جدًا ولا تعطي الفنان فرصة للإبداع، كما أن ضعف الإنتاج وقلة الشركات المنتجة قلص العديد من الفرص، حيث يوجد العديد من الممثلين المبدعين الذين لا يحالفهم الحظ في الأعمال الرمضانية، وهذا محبط للممثلين. إن الدراما في بلادنا موسمية فقط، وتقتصر على عدد قليل من القنوات والمنتجين."
وفيما يتعلق بالارتباط التاريخي للدراما اليمنية، تقول عبير: "الدراما التاريخية بحاجة إلى نصوص حرة غير منحازة، تروي حقائق التاريخ كما هي دون تزييف أو تضليل. كما أن هناك حاجة لإنتاج ضخم ينافس الأعمال التاريخية العربية. يجب أن تتوفر عقول محايدة حريصة على نقل الصورة الصحيحة، وعندئذٍ قد نرى مسلسلًا يمنيًا تاريخيًا ينافس المسلسلات التاريخية العربية."
قساوة الواقع وصعوبة التمويل التي جعلت من شركات الإنتاج الضعيفة من ناحية العدد في اليمن لا تمارس الحياة والعمل سوى في شهر رمضان ، بالإضافة إلى كمية الحرب التي أرهقت اليمنيين وأضعفت من مستوى الابداع والحضور نتيجة العداء السافر الذي تقوده مليشيا الحوثيين التي أجبرت كثير من الفنانين والفاعلين في الوسط الثقافي في اليمن إلى مغادرة المناطق التي تسيطر عليها بعد البطش والتنكيل بشخصيات فنية وأدبية بالإضافة إلى تزعهما لقيادة مؤسسة فنية معنية بالانتاج الدرامي التي تروج لأفكارها ولمشاريعها الموسوم بالضيقة وتأتي مؤسسة (الهادي) كأحد المؤسسات الفنية التي انشأتها الحوثية لتخدم أفكارها ومشروعها الطائفي عبر الفن والتي أحدثت انقساماً واضحاً لدى المشاهد والمتابع اليمني، وهو أحد الأهداف التي تسعى إليه الجماعة .
الإنتاج الكميّ للدراما اليمنية ضرورة حتمية
يتحدث آدم الحسامي وهو رئيس مؤسسة أرنيادا الثقافية في مدينة تعز ل الموقع بوست عن الدراما اليمنية وجوانب قصورها قائلاً:
"كمشاهد يمني، قد لا أجد تفضيلاتي في الدراما اليمنية، لكنني أتابعها من حين لآخر. فمهما استمتعنا بالأعمال العالمية ذات الاحترافية العالية، لابد أن نطلع على الأعمال التي تعكس واقعنا المحلي، مجتمعاتنا، وبيئتنا. لكن يبقى لي الحق في النقد بغية التطوير. ورغم افتقارنا للنقد المنهجي في اليمن، لا يزال من حق الناس التعبير عن آرائهم بطرقهم التلقائية، حيث أن المراجعات بشكل عام مفيدة لصناع الدراما.
وأمّا بالنسبة لي كمشتغل في المجال التلفزيوني، فلا بد من تقدير جهود جميع العاملين من المنتج صاحب رأس المال إلى أصغر عامل في طاقم التصوير والخدمات الإنتاجية، مرورًا بالمشتغلين على السيناريو والإخراج، وهما المسؤولان الرئيسيان عن نجاح العمل".
ويضيف آدم قائلاً: "مفهوم الوعي في الأعمال الفنية معقد جدًا، وهناك اتفاق واسع بين أساتذة هذا المجال في العالم بأن جعل الوعي هدفًا أوليًا قد يضر بالقيمة الفنية. بل إن الطريقة المباشرة والخطابية تضر بالوعي نفسه أكثر مما تنفع، فالغرض الأساسي من الأعمال الفنية هو الرؤية الجمالية، وعندما تتحقق الجدارة الفنية، تكون الرسالة أكثر تأثيرًا واستدامة، وفيما يتعلق بالدراما اليمنية، لا تخفى الإملاءات من جهات الإنتاج وأصحاب القنوات، التي غالبًا ما تتبع القوى السياسية".
ورغم محاولة الكتاب محاكاة المعايير الدرامية العالمية، إلا أنهم للأسف لا يدافعون عن مبدأ الحرية الإبداعية، التي هي الضامن الأهم لاستمرار بناء العمل الفني بشكل متماسك. التعديلات الكثيرة تؤدي إلى اختلالات واضحة تظهر خلال المسار الممتد لعشر أو ثلاثين حلقة. ولذلك الإنتاج الكمي هو السبيل إلى الإنتاج النوعي. علينا ألا نقلق من المستوى المتواضع لغالبية الأعمال في اليمن، فزيادة الإنتاج وتفعيل الأدوات النقدية سيؤدي حتماً إلى رفع المعايير. الأمر لا يتعلق بالتراكم فقط، بل يجب أن تقتحم النخبة الأدبية والفكرية هذا المجال، وألا تترك الدائرة مغلقة على من يكررون الأعمال ذات الحبكات السطحية والشبيهة بتلك المدبلجة."
وعن الهوية التاريخية في الدراما يقول الحسامي: " فنحن نعمل مع زملائي على مشروع في هذا المجال، سواء توفرت الإمكانيات الإنتاجية أم لا. فالأهم هو الاستعداد بالسيناريو الذي يبتعد عن السائد، والبقية ستأتي. أما عن ما يجب استعادته من التاريخ، فهذا يتطلب سطورًا كثيرة لا مجال لذكرها هنا، لكن وبشكل عام، أنصح بالتركيز على أطروحات "المتخيل والتاريخي"، فهو مبحث مهم ومثير."
ومع بداية شهر رمضان المبارك لعام 2025، يواجه المواطن اليمني تحديات اقتصادية كبيرة أثرت على مزاج وذائقة المشاهد بشكل كبير، إلا أن هذا لن يمنعه من متابعة بعض المسلسلات اليمنية التي ستُعرض على مختلف القنوات في مناطق الحكومة الشرعية.
وسيشهد الوسط الثقافي والفني نقاشًا واسعًا حول الأعمال الدرامية المنتجة لهذا العام، حيث سيكون هناك آراء مؤيدة ومعارضة، إلى جانب بعض الملاحظات النقدية. ورغم التباين في الآراء، يجمع اليمنيون على أن الشاشة التلفزيونية تظل عنصرًا أساسيًا في حياتهم، خاصة أن الإنتاج الدرامي لا يظهر إلا في شهر رمضان، ما يجعل هذا النوع من الدراما موسميًا ويقتصر عرضه في هذا الشهر فقط، إلا أن هذا الاجماع لا يخلو من تباين في تقييم الأعمال، حيث يتفق البعض على نجاح بعض المسلسلات، بينما يرى آخرون وجود قصور في الجوانب الفنية لأعمال أخرى.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: طريق إجباري قناة بلقيس ذكرى عباس رم فی الدراما الیمنیة الأعمال الدرامیة بالإضافة إلى القضایا التی الموقع بوست فی الأعمال العدید من بحاجة إلى فی الیمن درامی ا
إقرأ أيضاً:
الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا
عدن (الجمهورية اليمنية) - دعا الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، ابناء الشعب اليمني، وقواه الوطنية الى وحدة الصف، ونبذ الفرقة، واعلاء قيم التكافل، والتراحم، كما دعا القطاع الخاص ومجتمع المال والاعمال، والمبادرات المجتمعية الى مضاعفة برامجهم الخيرية، ومساعدة المحتاجين، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك، حيث تشتد الحاجة الى حشد كافة الامكانيات الحكومية، والاهلية للتخفيف من وطأة الازمة الانسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية الارهابية المدعومة من النظام الايراني، وفقا لـ(سبأ).
وهنأ رئيس القيادة الرئاسي اليمني باسمه وإخوانه اعضاء المجلس، والحكومة، في خطاب بمناسبة شهر رمضان المبارك، كافة ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج بحلول الشهر الكريم الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر، سائلا الله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده وقد تحقق للشعب اليمني كل ما يصبوا إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.
كما وجه الرئيس العليمي في الخطاب الذي القاه نيابة عنه وزير الاوقاف والارشاد الدكتور محمد شبيبة، تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل، مجددا الشكر لكافة المكونات الوطنية، والاشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز الصمود الاسطوري.
وقال فخامة الرئيس اليمني:" في هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا".
اضاف:" يحل علينا هذا الشهر الفضيل، وما يزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة".
واكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بأنه واخوانه أعضاء المجلس، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في الفعاليات السلمية، والاصوات الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب، مجددا العهد بعدم ادخار أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة التي صنعتها المليشيات الارهابية الحوثية التي كانت تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون أيام.
ونوه العليمي بقوة، وصلابة ابناء الشعب اليمني وصمودهم في وجه ذلك المخطط الإرهابي الذي باء بالفشل رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، جراء فقدان الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية إحتياطياتها من النقد الأجنبي.
وقال:" ها نحن اليوم أكثر صمودا بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى".
وجدد الرئيس اليمني في هذا الشهر الكريم تذكير المواطنين في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، بأن الحكومة بذلت كل جهد، وقدمت كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعهم، واستئناف دفع مرتباتهم.
استدرك قائلا:" لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان"، مجددا التأكيد على الوقوف الى جانب المواطنين في المناطق الخاضعة بالقوة للمليشيات الارهابية، ودعم ارادتهم، واحلامهم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.
وقال" إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن".
على الصعيد القومي، اشار فخامة الرئيس الى تلبيته دعوة اخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة بالقاهرة في 4 مارس المقبل، وذلك تأكيدا لموقف اليمن الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة.
كما شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على توجيهاته بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الى الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.
وفيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”. والصلاة والسلام على اصدق انبيائه المرسلين.
أيها الإخوة المواطنون، أيتها الأخوات المواطنات، في الداخل والخارج،،
أهنئكم جميعًا، باسمي، وإخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة، والغفران، والعتق من النار.. الشهر الذي جعله الله رحمةً لعباده، وفرصةً للتقوى، والتكاتف، والتآزر.
وهي تهنئة خاصة لأبطال القوات المسلحة والامن، والمقاومة الشعبية، وكافة التشكيلات العسكرية المرابطين في الجبهات، وميادين العزة والكرامة، والى أولئك المناوبين في مختلف مرافق الخدمة العامة خلال الشهر الفضيل الذي نسأله سبحانه وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة، وأن يعيده علينا وقد تحقق لشعبنا كل ما يصبو إليه من تطلعات في النصر، واستعادة مؤسسات دولته، وامنه، واستقراره.
وأنها فرصة أيضا ان نجدد في كل مناسبة الشكر لكافة المكونات الوطنية، واشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، ومنابر الوعي في الداخل والخارج الذين كان لهم جميعا ابلغ الأثر في تعزيز هذا الصمود الاسطوري.
أيها الإخوة والأخوات المواطنون،،
هذا الشهر العظيم اختصه الله بفضائل جليلة، وجعله ميدانًا للطاعات، والتقرب اليه سبحانه وتعالى، وسبيلاً لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات، فطوبى لمن استغله في مرضاته تعالى بالخيرات، والأعمال الصالحات.
"شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون".
إن شهر رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب والملذات، بل هو مدرسة إيمانية يتربى فيها المسلم على الصبر، والتقوى، ويزداد فيها التقرب من الله عز وجل بالصيام والقيام، وقراءة القرآن، والإحسان إلى الفقراء، والمحتاجين.
وهو فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله، ولإحياء قيمنا الإسلامية النبيلة التي تدعو إلى التكافل والتراحم والتآخي بين أبناء المجتمع.
أيتها الأخوات أيها الإخوة الاحرار في كل مكان،،
يحل علينا هذا الشهر الفضيل، ومايزال شعبنا يعاني تداعيات حربٍ ظالمة، فرضتها مليشيات إرهابية انقلابية بدعم من النظام الإيراني، مسخرة في ذلك كل وسائل الترهيب، والتخريب لتجريف سبل العيش، واعاقة أي فرصة من جانب الحكومة، والمجتمع الإقليمي والدولي لتخفيف المعاناة الإنسانية المؤلمة.
انني واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، على إدراك تام بهول آثار الازمة الاقتصادية، والخدمية، والوجع المتفاقم المعبر عنه في فعالياتكم السلمية، واصواتكم الحرة، وأنات الأمهات والأطفال في كل شبر من ربوع وطننا الحبيب.
لقد كانت المليشيات الارهابية تراهن بتدمير المنشآت النفطية وايقافها عن التصدير، على انهيار كامل للأوضاع في غضون بضعة أيام، بعدما فقدت الدولة أكثر من 60 بالمائة من مواردها العامة، ومصدرها الرئيسي لتغذية احتياطياتها من النقد الأجنبي.
لكن ذلك المخطط الإرهابي رغم ما خلفه من ازمة تمويلية، باء بالفشل بفضل صبركم، ووعيكم، ودعم الاشقاء والأصدقاء.. وها نحن اليوم أكثر صمود بعد نحو عامين ونصف من تلك الهجمات الاجرامية، وباقون على العهد والوعد بتحويل الازمات الى فرص للنصر الناجز بعونه تعالى.
اعلم ان هذا هو ليس الوقت المناسب للحديث عن المزيد من الوعود، لان الأولوية هي الان للخبز والماء، والدواء، والخدمات الحيوية، وهو ما نعمل عليه اليوم، ولن ندخر أي جهد في سبيل التخفيف من المعاناة، دون النكوص عن التزامات المعركة الوطنية لاستعادة مؤسسات الدولة، واسقاط الانقلاب باعتباره جذر الازمة، وصانعها.
ونحن اليوم أكثر يقينًا بأن النصر قادم، وأن هذا المشروع العنصري الى زوال، الامر الذي يتطلب منا جميعا الاستعداد لما قد يكون أصعب، واشد في مواجهة الارتدادات المحتملة لأزمة المليشيات الإرهابية، وداعميها في النظام الإيراني.
ايتها المواطنات أيها المواطنون،،
اننا على ثقة ان سنوات الحرب العجاف، كشفت لكم مخططات المليشيات الإرهابية لجعل بلدنا بعيدا عن ركب التطور الهائل الذي يشهده العالم من حولنا.
إن التحديات التي تواجه بلدنا لم تقتصر على تداعيات الانقلاب الغاشم في الداخل فقط، وانما امتدت إلى محاولات جعل اليمن ساحة ابتزاز للمجتمع الدولي، عبر تهديد الممرات المائية في البحر الأحمر، وخليج عدن، ضمن الاجندة الإيرانية المكشوفة لزعزعة امن واستقرار المنطقة، وتصفية قضاياها العادلة.
ولذلك، فقد كانت الازمة الاقتصادية، والتهديدات المتزايدة للأمن البحري في قلب مشاوراتنا مع الحلفاء والأصدقاء، وكافة الفاعلين الإقليميين والدوليين.
اننا في ذلك لا نستجدي الدعم العسكري كما يعتقد البعض، بل كف الأذى الإيراني عن بلدنا، لإن ايماننا بقضيتنا، وثقتنا بعزيمة شعبنا، وشجاعة جيشنا لا حدود لها في صناعة الغد المشرق الذي تستحقون.
ان هذه الاتصالات الدبلوماسية المثمرة، الذي نقودها، واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، هي جزء اصيل من سياسة الدفاع المشترك، في مواجهة عدو إقليمي مشترك، وحماية مصالح مشتركة.
وبالتالي فقد أكدنا ان هذه الشراكة، يجب ان تبدأ وفقا للالتزامات الدولية، بدعم قدرات الحكومة، العضو في الأمم المتحدة في حماية أراضيها، ومنع تحويلها الى منصة تهديد للسلم، والامن الدوليين.
وعلى الصعيد القومي فقد لبينا دعوة اخي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية لحضور القمة العربية غير العادية المرتقبة خلال أيام في القاهرة، تأكيدا لموقف شعبنا الثابت الى جانب الشعب الفلسطيني، ورفض كافة المشاريع الرامية الى تهجيره، وتصفية قضيته العادلة، التي سنواصل بكل اخلاص الدفاع عنها، وحق شعبها المناضل في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة.
أيها اليمنيون الأحرار في كل مكان،،
نجدد في هذا الشهر الكريم تذكير أهلنا في المناطق التي ترزح غصبا تحت سلطة المليشيات الارهابية، اننا بذلنا كل جهد، وقدمنا كل التنازلات الممكنة، من أجل تحسين أوضاعكم، واستئناف دفع مرتباتكم، لكن هذه الجماعة لا تريد للشعب اليمني إلا الفقر، والقهر، والهوان.
إن هذه الحرب التي فرضتها المليشيات عليكم، وهذه الجبايات التي تستنزفكم، والجرائم، والاعتقالات التي ترتكبها بحقكم، ليست إلا جزءًا صغيرا من مشروعها الاوسع، القائم على العبودية، والعنصرية، والاستبداد، وإعادة اليمن قرون الى الوراء.
لذلك فإن أحد المداخل الحاسمة لأنهاء هذا العبث، الذي يصادر أحلامكم، ومستقبل ابنائكم، يرتكز على وقف تغذية المجهود الحربي للمليشيات بالمال، والرجال، والسلاح، والتمسك بمبادئ الحق، والعدل، والحرية، والمواطنة المتساوية.
ولعلكم تشاهدون الحراك الاجتماعي الواسع في المحافظات المحررة، كمؤشر للحياة والحريات المكفولة بموجب الدستور والقانون، وليس تعبيرا عن الفوضى كما تحاول ان تصورها منابر المليشيات.. وأننا هنا لا نحملكم فوق طاقتكم تحت ضغط القوة الغاشمة، وانما لتأكيد الوقوف الى جانبكم، ودعم ارادتكم، واحلامكم بأن هذا القيد آن له ان ينكسر.
أيتها الإخوات.. ايها الاخوة المواطنون،،
يعلمنا هذا الشهر الفضيل الصبر في المحن، والانصاف، وقول الحق، وصون اللسان، والأقلام عن الخوض في الاشاعات، والتضليل، وعدم استخدام نعمة التكنولوجيا، ووسائل التواصل الاجتماعي في التحريض، وتكريس الفرقة والشقاق، بل توظيفها فيما ينفع الناس، وتجديد الأمل بمستقبل أفضل تتحقق فيه تطلعاتهم في إنهاء كابوس الإمامة، واستعادة الأمن والاستقرار، والسلام بمشيئته تعالى.
وفي هذه الأيام والليالي المباركة، ندعو الجميع وفي المقدمة فاعلي الخير من رجال الاعمال والقطاع الخاص إلى اعلاء قيم التراحم، وإغاثة الملهوفين، ومضاعفة تدخلاتهم الانسانية للأسر المتضررة، فالأمة التي تجتمع على الخير، والتكافل لا تُهزم أبدًا.
وقد وجهنا بهذه المناسبة الدينية العظيمة، الجهات المعنية بالإفراج الفوري عن السجناء الذين امضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة او نصفها، والنظر في الإفراج بالضمان التجاري عن المحبوسين على ذمة الحقوق الخاصة، مع تشكيل لجان في المحافظات من النيابات، والسلطات المحلية والغرف التجارية لمساعدة المعسرين.
أيها الشعب اليمني العظيم،،
إننا نؤمن أن الليل مهما طال، فإن الفجر قادم، وأن اليمن سينهض رغم كل المحن.
وأننا نسأل الله عزّ وجل في هذه الليلة المباركة أن يوفقنا لاغتنام أيام رمضان ولياليه بحسن طاعته، وأن يديم علينا التوفيق والسداد، كما نسأله تعالى الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، وان يحفظ بلدنا وشعبنا، وسائر الشعوب والبلدان من كل مكروه وسوء، تقبل الله منا جميعا صيامنا وقيامنا.. إنه سميع مجيب.
رمضان كريم.. وكل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته