مخرجات التعليم المهني وبوصلة المستقبل 2
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
تناولنا في الجزء الأول من هذه المقالة العوامل الحاسمة التي تقود مستقبل الطلب على الوظائف والمهارات سواء في السياق العالمي أو في السياق المحلي، ولخصنا في السياق المحلي خمسة عوامل رئيسة تقود هذا المستقبل، وهي الطلب والاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة، وتغير أنماط العمل الحكومي، وأنماط الاقتصاد الجديد، والمشروعات الاستراتيجية الكبرى التي تقود مستقبل التنمية في سلطنة عُمان، وتغير الأنماط التقليدية للتعلم.
إذن ما يحتاجه سوق العمل في عُمان اليوم ثلاث استراتيجيات رئيسية كبرى -ولا نقصد بالاستراتيجيات هنا مجرد وثائق مكتوبة وإنما منظور أو فلسفة واضحة يتم العمل عليها لتخطيط المستقبل- وهي: استراتيجية تعنى باستكشاف فرص العمل الحقيقية في القطاعات الواعدة، وتشخصيها، وتأطيرها، ووضعها ضمن بنك واضح للفرص يعتمد عليه استراتيجيًّا؛ وهذا بدوره يحول الحديث عن الفرص المحتملة إلى فرص واقعية، شريطة أن يكون هناك تضافر استراتيجي مؤسسي في تأطير تلك الفرص. تحديد تلك الفرص وتأطيرها من شأنه أن يوجه التعليم إلى المسارات الممكنة للتجاوب مع المهارات والقدرات المطلوبة لقيادة الاقتصاد الجديد وأنماط التدبير الحكومي الجديدة. أما الاستراتيجية الأخرى فهي استراتيجية تحويل المهارات الوطنية، حيث في تقديرنا لا يمكن العمل اليوم بشكل جزئي فيما يتعلق بتحويل مهارات القوى العاملة وفقًا لمتطلبات الاقتصاد الجديد، سواء تلك القوى التي ستتأثر بفعل التقانات الحديثة، أو تلك التي تحتاج مهارات مضاعفة للتكيف مع الاقتصاد الجديد، أو تلك التي تحتاج إلى تحويل مساراتها بالكامل في سبيل القدرة على الصمود أمام متطلبات الاقتصاد الجديد. ومن دون وجود مثل هذه الاستراتيجية ستظل هناك فجوة رئيسية بين قدرات القوى العاملة الحالية وبين قدرة الاقتصاد على مواكبة التنافسية العالمية الحاسمة.
أما الاستراتيجية الثالثة -وهي محور تركيزنا- فهي في إعادة هيكلة أنماط التعليم والتدريب المهني. لا يعني التدريب المهني اليوم القدرة على تخفيف الضغط على التعليم الأكاديمي أو النظري، كما أنه ليست تعليمًا يفترض أن ينظر إليه في التراتبية كونه أقل مكانة من التعليم الأكاديمي والنظري، بل يعني فرصة استراتيجية لتحقيق ثلاث استحقاقات مهمة: مواكبة الطلب على التخصصات المعقدة والجديدة وذات المعارف المتعددة، تجسير فجوة المهارات، بالإضافة إلى خلق الفرص للاقتصاد المحلي. ولتحقيق قدرة التعليم والتدريب المهني -بمختلف مستوياته- على تحقيق ذلك فهناك أربعة اعتبارات أساسية:
- الأول: ربط مناهج ومؤسسات التعليم والتدريب المهني بقطاعات التنويع الاقتصادي، مع التركيز على القطاعات المستقبلية، وأن تتخصص كل مؤسسة في تقديم أنماط من التعليم والتدريب الذي يواكب قدرة الموارد البشرية المتخرجة منها على تقديم الإضافة النوعية للقطاع بحسب احتياجاته ومتطلباته.
- الثاني: أن تركز مؤسسات التعليم والتدريب المهني على فكرة تجسير المهارات، ونتحدث عن أطر مهارات المستقبل، وأن تركز على إعداد خريج (متعدد المهارات) كما أسفلنا في سابق المقالة عبر برامجها وأنشطتها وعملياتها.
- الثالث: أن تكون هذه المؤسسات مرتبطة بشكل مباشر باتحادات قطاعية (بمعنى أنه يمكن للشركات العاملة في قطاع محدد أن تكون اتحادًا فيما بينها يعني بتبني النموذج التعليمي والتمويلي لمؤسسة تعليم وتدريب مهني معينة)، فيمكن تكوين اتحاد يعني بالشركات العاملة والمستثمرة في قطاع النفط والغاز، وآخر مثله في الطاقة المتجددة، وآخر مثلا في الأمن الغذائي والمائي.. والأهمية لهذا الاعتبار في ربط المخرجات بشكل مباشر من الاحتياجات القطاعية من معارف ومهارات وقدرات.
- الرابع: أن تمكن هذه المؤسسات إداريًّا وماليًّا لتؤدي دورًا مهمًّا في تبنّي برامج تجسير المهارات التي أشرنا إليها، سواء كانت للموظفين في القطاع الحكومي، أو في القطاع الخاص، وذلك بعد تبنّي مقترح استراتيجية تحويل المهارات التي اقترحناها أعلاه.
تؤكد مختلف الأدبيات والدراسات التشخيصية اليوم تطور القيمة الاقتصادية للتعليم والتدريب المهني، بوصفه تجسيرًا للطلب على المعارف والمهارات المتخصصة من ناحية، وفرصة اجتماعية للملتحقين به لمضاعفة قدرتهم على الدخل الاقتصادي، والانخراط في تأسيس الأعمال، والانطلاق من نمط المهارات اليدوية إلى قيادة المشروعات الواعدة، غير أن كل تلك الفوائد محسومة بالطريقة التي تتمركز فيها سياسات دعم وتمكين منظومات التعليم والتدريب المهني ضمن سياسات التعليم والاقتصاد على المستوى الوطني.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التعلیم والتدریب المهنی الاقتصاد الجدید مشهد ا
إقرأ أيضاً:
محافظ الإسكندرية يفتتح الملتقى التوظيفي السادس لخريجي التعليم الفني
افتتح الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية اليوم السبت، فعاليات الملتقى التوظيفي السادس لخريجي التعليم الفني، والذي يأتي تحت مظلة المبادرة الوطنية "انزل اشتغل"، و يوفر نحو 9000 فرصة عمل متنوعة، بمشاركة 45 شركة من كبرى المؤسسات الصناعية، وذلك بالتزامن مع احتفالات المحافظة بعيدها القومي.
شهد الافتتاح حضور الدكتور عربي أبو زيد، مدير مديرية التربية والتعليم، والقبطان علاء فتح الله ممثلًا عن مؤسسة فتح الله، ورئيس حي شرق، وعدد من القيادات التنفيذية والتعليمية، في تأكيد واضح على دعم مسارات التمكين الاقتصادي لشباب الإسكندرية.
نُظم الملتقى من قبل مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، بالتعاون مع وحدة تيسير الانتقال إلى سوق العمل، واستضافته مدرسة فتح الله الدولية للتكنولوجيا التطبيقية، في إطار جهود الدولة لتمكين الشباب وتأهيلهم للانخراط في سوق العمل، خاصة في مجالات التعليم الفني.
وخلال جولته داخل أجنحة الملتقى، تفقد المحافظ فرص التوظيف المطروحة، وأشاد بالتنوع الكبير في التخصصات التي شملت خريجي التعليم الفني بمساراته الصناعي والتجاري والزراعي والفندقي، إضافة إلى خريجي مدارس التكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج.
وأكد المحافظ في كلمته أن الدولة المصرية تضع ملف التوظيف على رأس أولوياتها، وأن التعليم الفني بات أحد المسارات الواعدة لبناء كوادر مؤهلة تواكب متطلبات سوق العمل المحلي والدولي، مشيرًا إلى أهمية المبادرات التشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص لتوفير فرص عمل لائقة وتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية مصر 2030.
وتضمن الملتقى وظائف برواتب مجزية تراوحت بين 5500 إلى 10000 جنيه شهريًا، مع توفير مزايا إضافية كالتأمين الصحي والاجتماعي، والنقل المجاني، وخطط للتعيين الفوري، إلى جانب تنظيم جلسات توجيه مهني ومحاضرات لرفع الوعي الوظيفي وتعزيز ثقافة العمل لدى الشباب.
وفي لفتة تقديرية، كرّم محافظ الإسكندرية الطالبة أمنية عبد الرحمن الحاصلة على المركز الأول على مستوى الجمهورية، مشيدًا بتفوقها ودورها الملهم لزملائها من طلاب التعليم الفني.