واشنطن- قبل 4 أيام من أزمة لقاء المكتب البيضاوي أمس، اتخذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطوة، اعتبرها كثير من المراقبين الأكثر خطورة في تاريخ العلاقات الأوروبية الأميركية منذ انتهاء الحرب الباردة في تسعينيات القرن الماضي.

حيث قررت إدارة ترامب التصويت ضد قرار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، رعته أوكرانيا ودول أوروبية، يكتفي بالإشارة إلى "القلق من استمرار الحرب الشاملة على أوكرانيا من قبل الاتحاد الروسي" ويعتبر بأنه كان له "عواقب مدمرة وطويلة الأمد" داعيا إلى "وقف مبكر للأعمال العدائية"، بينما برر ترامب موقفه "بضرورة الالتزام بالحياد من أجل التوصل لصفقة".

من جهة أخرى وقبل وصول زيلينسكي للقاء ترامب، أثنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على جهود السلام التي يبذلها ترامب، وقال إن أوروبا ستكون على استعداد لنشر قوات حفظ السلام في أوكرانيا بعد إبرام اتفاق.

كما أوضح ماكرون أن مثل هذه الصفقة يجب أن تكون مدعومة بضمانات أميركية لتكون ذات مصداقية، بينما لم يقل ترامب ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقدم مثل هذه الضمانات، في الوقت الذي استمر فيه ضغطه على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أجل قبول "سلام غير عادل".

إعلان تأكيد المؤكد

قبل الاجتماع في المكتب البيضاوي، تعقدت علاقة الرئيس الأميركي بنظيره الأوكراني، حيث وصف ترامب زيلينسكي بـ"الديكتاتور"، وقال إن أوكرانيا هي من بدأت الحرب، بينما طالب زيلينسكي بضمانات عسكرية أميركية مقابل توقيعه على صفقة المعادن النادرة، التي طرحها ترامب كتعويض عما قدمته واشنطن من مساعدات تخطى مجموعها 180 مليار دولار.

لكن ما جرى في اجتماع المكتب البيضاوي ومستوى التوتر الذي ارتفع بشكل غير مسبوق بين الرئيسين، لم يهز الدعم الأميركي لأوكرانيا فقط، إذ إنه يشير أيضا لأزمة كبيرة تلوح في الأفق بين الأعضاء الأوروبيين في حلف "الناتو" وواشنطن.

وليس بجديد الحديث عن الشكوك الأوروبية والتساؤلات عن التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي، أو بما يتعلق بالمادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي المتعلقة بالدفاع المشترك، وإذا ما كان ترامب سيفي بمسؤولية الحلف بـ"التعامل مع أي هجوم على حليف في الناتو على أنه هجوم على أميركا".

وتعود هذه المخاوف إلى ما يبدو أنه تصميم من قبل ترامب على استعادة العلاقة القوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل ممارسته ضغوطا شديدة على أوكرانيا، بينما عرض على بوتين تنازلات كبيرة معتبرا أن الأوكرانيين يجب أن يقدموها.

وغرد جون بولتون، مستشار الأمن القومي في فترة ترامب الأولى، منتقدا الرئيس الأميركي ونائبه على موقع "إكس" قائلا إن "ترامب وفانس أعلنا أنهما يقفان إلى جانب روسيا في الحرب الروسية الأوكرانية، هذا خطأ كارثي للأمن القومي الأميركي، ولنكن واضحين: ترامب وفانس مسؤولان عن ذلك ويتحملان المسؤولية، موقفهما لا يعبر عن وجهة نظر غالبية الأميركيين أو أي من الأحزاب السياسية".

ترامب اتهم زيلينسكي (يسار) بعدم الامتنان بشكل كاف للمساعدة التي تلقتها أوكرانيا من الولايات المتحدة (الفرنسية) فشل التكتيك الأوروبي

تناقض مشهد الجدال الذي جرى داخل البيت الأبيض مع محاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر التملق لترامب وإغراءه بضرورة دعم أوكرانيا، حيث اعتبره كثيرون أن اللقاءين كانا بمثابة نجاح كبير في ردم هوة الخلافات الأميركية الأوروبية.

إعلان

وقد ذكّر ماكرون الرئيس ترامب بزيارته التاريخية للمشاركة في افتتاح كاتدرائية نوتردام بعد تجديدها من تبعات الحريق الكبير الذي تعرضت له قبل سنوات، في حين سلم ستارمر ترامب رسالة ودية من ملك بريطانيا تشارلز.

وبينما كان من المفترض أن يوقع زيلينسكي في البيت الأبيض اتفاقية مع الولايات المتحدة بشأن المعادن الأرضية النادرة التي يريد ترامب الوصول إليها مقابل استمرار الدعم العسكري الأميركي، لم يستطع الرئيس الأوكراني تحمل رؤية الرئيس الأميركي الذي أثنى على رغبة الرئيس الروسي بوتين في تحقيق السلام، في الوقت ذاته، بينما اتهم ترامب زيلينسكي بـ"المقامرة بالحرب العالمية الثالثة".

وقالت المحللة والخبيرة في الشأن الروسي سوزان جلاسر "لقد غير دونالد ترامب موقفه في الحرب، وأعتقد أن هذا هو سياق المواجهة التي رأيناها للتو اليوم".

وبعد سجال الصراخ العلني في المكتب البيضاوي، طرد ترامب زيلينسكي من البيت الأبيض، وكتب على منصة "سوشيال تروث" إن "الرئيس زيلينسكي ليس مستعدا للسلام إلا إذا شاركت أميركا، لأنه يشعر بأن مشاركتنا تمنحه ميزة كبيرة في المفاوضات" وأضاف "لا أريد ميزة، أريد السلام، لم يحترم زيلينسكي الولايات المتحدة في مكتبها البيضاوي، يمكنه العودة عندما يكون مستعدا للسلام".

فات الأوان

اتهم كل من ترامب ونائبه جيه دي فانس زيلينسكي بعدم الامتنان بشكل كاف للمساعدة التي تلقتها أوكرانيا من الولايات المتحدة، كما انتقد كلاهما طريقة جو بايدن في إدارة الحرب الأوكرانية.

وأكد اللقاء أن لدى ترامب عداء تجاه زيلينسكي، على عكس ما يشعر به من ثقة وتقارب مع بوتين، الذي قال عنه "لقد مر بوتين بالكثير معي، لقد خضع لاتهامات زائفة"، في إشارة إلى تقييم أجهزة الاستخبارات الأميركية بأن روسيا تدخلت في انتخابات عام 2016 لمساعدة حملة ترامب، حيث وجد تحقيق المستشار الخاص اتصالات متعددة بين حملة ترامب والروس، لكنه لم يعثر على أدلة كافية للادعاء بالتواطؤ.

إعلان

من ناحية أخرى، لجأ زيلينسكي إلى منصة "إكس" ليشكر الولايات المتحدة وترامب مرة أخرى على دعمهما، كما لو أن لقاء المكتب البيضاوي لم يحدث أبدا، وقال "شكرا لك يا أميركا، شكرا لك على دعمك، شكرا لك على هذه الزيارة، شكرا لرئيس الكونغرس والشعب الأميركي، أوكرانيا بحاجة إلى سلام عادل ودائم، ونحن نعمل من أجل ذلك بالضبط".

لكن الضرر قد وقع ولا يمكن إصلاحه، حتى أنصار أوكرانيا في الحزب الجمهوري، مثل السيناتور ليندسي غراهام، أصبحوا يتشككون في ما إذا كان زيلينسكي يمكن أن يكون شريكا، وقال غراهام للصحفيين خارج البيت الأبيض "لا أعرف ما إذا كان بإمكاننا القيام بالعمل مرة أخرى مع زيلينسكي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الولایات المتحدة المکتب البیضاوی الرئیس الأمیرکی البیت الأبیض

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي ينتقد موقف ترامب من أوكرانيا

رفض الاتحاد الأوروبي، الخميس، موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يعارض انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" أنّ الضمانة الأمنية الأفضل لأوكرانيا تتمثل بانضمامها لحلف شمال الأطلسي.

واتهمت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالوقوع في الفخ الروسي بموقفه الداعي لإغلاق باب الناتو أمام كييف.

كما حذّرت كالاس من أنّ الأوروبيين لن يتمكّنوا من المساعدة في التوصّل إلى اتفاق سلام بشأن أوكرانيا ما لم يشاركوا مع الولايات المتحدة في المفاوضات التي أقصاهم عنها حتى الآن الرئيس الأمريكي عبر تفاوضه مباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وكان ترامب قال الأربعاء: "الناتو، يمكنكم نسيان أمره"، مستبعدا الاستجابة لطلب أوكرانيا الانضمام إلى الحلف لحمايتها من روسيا.

ما بعد الولايات المتحدة

وقال موقع "أكسيوس" إن الدول الأوروبية في "الناتو" باتت تستعد لفترة "ما بعد الولايات المتحدة" على خلفية التوترات الأخيرة مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب.

وأشار الموقع في مقال تحليلي له، أمس الاثنين، إلى أن الولايات المتحدة "لم تعد إلى جانب القضية الأوكرانية أو حلفائها في أوروبا"، وأن الزعماء الأوروبيين يستعدون "للحلف ما بعد الولايات المتحدة".

خبير: ستارمر يتبع نهج ترامب في تقليل المساعدات الخارجية وتقليص اللاجئينترامب: أجريت محادثات جيدة مع ستارمر بشأن غزةترامب: فرض الرسوم الجمركية ضروري وهي سياستيترامب: اتفاقية المعادن ستكون أساسا للعلاقات بين أمريكا وأوكرانياالاتحاد الأوروبي يحذر ترامب من الوقوع في فخ "الرواية الروسية"بشأن أوكرانيا.. ترامب يعلنها صريحة أمام ستارمر في البيت الأبيض | ماذا قال؟رئيس الوزراء البريطاني يشكر ترامب على جهود السلام بشأن أوكرانياترامب لمسؤولي إدارته: من يشعر بعدم الرضا من إيلون ماسك سنطرده

وأورد الموقع تصريحات زعيم الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ألمانيا، فريدريش ميرتس، المرشح ليكون المستشار الألماني المقبل على الأرجح، والذي أدلى بها بعد فوز حزبه في الانتخابات، بأن أولويته ستكون "تعزيز أوروبا بأسرع ما يمكن" وتحقيق "استقلالية حقيقية عن الولايات المتحدة".

وأصدرت مجموعة من الأحزاب المؤيدة للتكامل الأوروبي في البرلمان الأوروبي بيانا مشتركا، قالت فيه إن أوروبا "لم تعد تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة بشكل كامل في الدفاع عن قيمنا ومصالحنا المشتركة" وإن "الوقت حان لتعزز أوروبا أمنها بنفسها".

وفي سياق متصل أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن استعداده لإرسال القوات إلى أوكرانيا لضمان أمنها.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن الزعماء الأوروبيين كانوا يناقشون إمكانية إنشاء قوة عسكرية لنشرها في أوكرانيا بعد الحرب تحسبا لما وصفوه بـ "استئناف العدوان الروسي".

ويأتي ذلك على خلفية إعلان الإدارة الأمريكية معارضتها لوجود أوروبا وراء طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة وروسيا، واستبعادها لإرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا، وهجمات الرئيس دونالد ترامب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتصريحاته عن الاستعداد للتوصل إلى اتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أوكرانيا.

مقالات مشابهة

  • بعد كارثة المكتب البيضاوي .. خطوات إنتقامية أمريكية تجاه أوكرانيا
  • رويترز: ترامب يلغي مراسم توقيع اتفاق المعادن بعد مشادة في المكتب البيضاوي
  • اجتماع ترامب وزيلينسكي يتحول إلى مشادة صاخبة في المكتب البيضاوي
  • لم يوقعا صفقة المعادن النادرة.. ترامب: الرئيس الأوكراني لم يحترم أمريكا في مكتبها البيضاوي
  • إلغاء المؤتمر الصحفي لترامب وزيلينسكي بعد مشادة كلامية في المكتب البيضاوي
  • الرئيس الأوكراني يصل إلى الولايات المتحدة
  • الاتحاد الأوروبي ينتقد موقف ترامب من أوكرانيا
  • دبلوماسيون غربيون: الولايات المتحدة لم تعد حليفاً موثوقاً لدول الاتحاد الأوروبي
  • زيلينسكي: نحضر للمحادثات مع الولايات المتحدة الجمعة المقبلة