الخليج الجديد:
2025-03-16@05:45:26 GMT

منذ البدء.. الاستشراق في خدمة الاستعمار

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

منذ البدء.. الاستشراق في خدمة الاستعمار

منذ البدء.. الاستشراق في خدمة الاستعمار

أفكار إدوارد سعيد تشرح فى ذاتها علاقة الاستشراق بتدنيس المصحف الشريف بالسويد والدنمارك والأحداث العدوانية المماثلة.

منذ الحملة الفرنسية على مصر وصولًا لأحداث سبتمبر 2001، كان أغلب من يدرسون «الشرق والإسلام» بالغرب في خدمة الاستعمار والهيمنة!

الاستشراق عند إدوارد سعيد منظومة فكرية ومعرفية صارت لها نظريات وممارسات على أرض الواقع تعطى الشرعية للانحياز الأيديولوجى.

فى نقده للمستشرقين يرفض سعيد أصلًا الاختزال والتعميم من نوع «الشرق» بالجملة مقابل «الغرب» بالجملة، أو «المسيحية» بالجملة مقابل «الإسلام» بالجملة.

الاستشراق منهج فكري يقوم على «التمييز المعرفى والوجودى» بين الشرق والغرب وهو معني بخطاب عام يخلق «صورة وتصور فكري» للشرق سياسيًا وأيديولوجيًا واجتماعيًا.

لا تُفهم دراسات الغربيين للشرق، بدون السياق الذى أجريت فيه بدءا ببريطانيا وفرنسا زمن استعمارهما «الشرق» قبل أن تلحق بهما أمريكا فسياق تلك المعرفة استعمار وهيمنة.

فرّق سعيد بين «المعرفة التى يسعى لها المرء بهدف الفهم والدراسة والتحليل الدقيق، وبين المعرفة القائمة على التعسف.. وبغرض إثبات الذات وتهنئتها على التفوق على الآخر».

يرفض سعيد اختزال ثقافات وشعوب ما يسمى «الشرق» فى تعميمات، إذ يتم اختراع هوية جماعية لأعداد ضخمة من البشر. ويحذّر من تأثير التصنيفات «القاتل» لأنها تخلق «أساطير تضفى شرعية على الانحياز الفكرى».

* * *

كنت قد تناولت سابقا «الإسلاموفوبيا»، وقدمت للمفكر الراحل إدوارد سعيد الذى يرجع له الفضل فى كشف التلفيق الذى ينطوى عليه الاستشراق.

قدم إدوارد سعيد الجذور والأساس الفكرى الذى قامت عليه «الإسلاموفوبيا» اليوم، ومنحنا الأدوات الفكرية التى يمكن استخدامها فى مواجهتها. وسوف أجتهد فى عرض أطروحة سعيد، وأهم النقاط التى جاءت فى كتابه المهم الذى يقع فى أكثر من أربعمائة صفحة، وهو ما يعنى أننى سأقدم باختصار شديد إسهامه الأهم. وأفكار «سعيد» تشرح فى ذاتها علاقة الاستشراق بتدنيس المصحف الشريف بالسويد والدنمارك والأحداث العدوانية المماثلة.

وللاستشراق عند إدوارد سعيد أكثر من معنى. فهو يستخدم الكلمة ليقصد الغربيين الذين تخصصوا أكاديميًا فى دراسة الشرق. ويقصد بالاستشراق أيضًا منهجًا فكريًا يقوم على «التمييز المعرفى والوجودى» بين «الشرق والغرب». والاستشراق عنده معنىّ أيضًا بالخطاب العام الذى يتم من خلاله خلق «صورة وتصور فكرى» للشرق سياسيًا وأيديولوجيًا واجتماعيًا.

ومن هنا، فالاستشراق، عند إدوارد سعيد، عبارة عن منظومة فكرية ومعرفية صارت لها نظريات وممارسات على أرض الواقع، وباتت تعطى الشرعية للانحياز الأيديولوجى. فالمواطن الغربى العادى يقول لنفسه إذا كان هذا ما يقوله المفكرون والباحثون (الغربيون طبعًا) «المتخصصون» فى الإسلام والشرق، فلابد أنه صحيح!

وفى أطروحته الجوهرية يقول «سعيد» صراحة إنه لا يقدم نقدًا للاستشراق حتى يقوم بعد ذلك بتقديم الشرق «الحقيقى». فنقطة البدء لفهم أطروحة الكتاب هى أنه فى نقده للمستشرقين يرفض أصلًا الاختزال والتعميم من نوع «الشرق» بالجملة مقابل «الغرب» بالجملة، أو «المسيحية» بالجملة مقابل «الإسلام» بالجملة.

فهو يرفض اختزال ثقافات وشعوب ما يسمى «الشرق» فى تعميمات، بجرة قلم واحدة، يتم بناء عليها اختراع هوية جماعية لأعداد ضخمة من البشر. وهو حذّر من التأثير «القاتل» لمثل تلك التصنيفات لأنها تخلق «أساطير تضفى الشرعية على الانحياز الفكرى».

ويشرح أنه فى الجوهر من المنهج الاستشراقى فكرة «نحن وهم». و«هم»، عند المستشرقين، هى نحن طبعًا. أما «نحن»، أى الغربيين، فتعنى البيض أساسًا.

فالشرق من تعريفاته ضمنًا أنه ليس أبيض، أى يشمل مسيحيى الشرق أيضًا، فهم مثل مسلميه ليسوا بيضًا. و«هم» (أي الشرقيون) كلهم «ليسوا مثلنا ولا يحترمون قيمنا»، وهم بالضرورة «أدنى درجة».

لكن لعل أهم ما قدمه إدوارد سعيد كان نقده للمنهج البحثى الذى يستخدمه المستشرق. ففى مقدمته البديعة التى كتبها لآخر طبعة للكتاب صدرت قبل وفاته (2003)، فرّق بين «المعرفة التى يسعى لها المرء بهدف الفهم والدراسة والتحليل الدقيق، والمعرفة القائمة على التعسف... وبغرض إثبات الذات والرغبة فى تهنئتها على التفوق على الآخر».

ويؤكد على الفارق بين «الفهم بهدف التعايش الإنسانى، والفهم الذى يهدف للهيمنة والسيطرة». ويشير سعيد إلى أنه لا يمكن فهم دراسة «الشرق»، من جانب الغربيين، بمعزل عن السياق الذى أجريت فيه تلك الدراسات. وشرح السياق، فبدأ ببريطانيا وفرنسا زمن استعمارهما لذلك «الشرق» قبل أن تلحق بهما الولايات المتحدة. وبالتالى، فسياق تلك المعرفة سياق استعمار وهيمنة.

وهو قدم الدليل بعد الآخر على العلاقة الوثيقة بين أولئك المستشرقين وصناع السياسة الاستعمارية فى بلادهم، حيث كانوا دومًا عونًا بل مستشارين للاستعمار، بدءًا بالحملة الفرنسية على مصر، ومرورًا بمرحلة الاستعمار التقليدى للمنطقة، ثم للهيمنة الأمريكية، ووصولًا لأحداث سبتمبر 2001. بعبارة أخرى، كان أغلب من يدرسون «الشرق والإسلام» فى الغرب فى خدمة الاستعمار والهيمنة منذ البداية حتى اليوم!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الشرق الغرب الإسلام المسيحية أساطير الاستشراق استعمار

إقرأ أيضاً:

هل يمكن للأقليات الأيديولوجية أن تكون قاطرة لأي مشروع مواطني؟

بعد توحّد أغلب النخب التونسية خلف المقاومة الفلسطينية وطوفان الأقصى، جاء انتصار الثورة السورية بقاطرتها الإسلامية-السُّنية وسقوط النظام البعثي العلوي ليعيدا الانقسام إلى مربعه الهوياتي الأول. فسوريا الممانعة والمقاومة والقومية والتقدمية كما تصوّرها سرديات "القوى الحداثية" في تونس، هي ذاتها -عند أغلب الإسلاميين والمحافظين- سوريا الطائفية العلوية التي أثخنت في الأغلبية السُّنية قتلا وتهجيرا على أساس الهوية، بدعم شيعي عابر للحدود، بل بدعم من "محور التطبيع" الذي يدعي "محورُ المقاومة" معاداته.

ولأنّ ما يحدد الموقف من الصراعات الإقليمية هو منطق الصراعات في الداخل التونسي من جهة تحالفاته ورهاناته، ولأن المتحكم الأساسي في هندسة المشهد العام التونسي -سلطة ومعارضةً- هو الفاعل "الديمقراطي" أو "الأقليات الأيديولوجية العلمانية" (بمختلف انتماءاتها الشيوعية والقومية والليبرالية)، فإننا سنحاول في هذا المقال أن نجيب عن السؤال التالي: لماذا تنتصر "الأقليات الأيديولوجية" في تونس لكل الأقليات في الداخل والخارج بصرف النظر عن مشروعها وشرعيتها؟ ولماذا تصرّ تلك "القوى الديمقراطية" دائما على وصم الأغلبية -ومن يمثلها- بالتطرف والإرهاب والرجعية والعمالة وغير ذلك من مفردات "القتل الرمزي" الممهّد أو المبرر للقتل المادي؟

بمنطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي، فإن قدر "الأقليات الأيديولوجية" هو أن تكون جزءا من بنية الاستبداد أو هامشا من هوامشها المدجنة أو العاجزة عن التغيير خارج استراتيجيات منظومة الاستعمار الداخلي. ولكنّ الأخطر من ذلك هو أن يتحول الذين يدعون تمثيل الأغلبية والدفاع عن الهوية الجماعية -أي الإسلاميون الذين ارتضوا العمل القانوني وطبّعوا مع الفلسفة السياسية للدولة الحديثة- إلى جسم وظيفي لا يختلف دوره عن دور الأقليات الأيديولوجية العلمانية
لفهم البنية العميقة لوعي "الأقليات الأيديولوجية" التي تسمى مجازا "عائلة ديمقراطية" أو نخبا وطنية وحداثية، قد يكون علينا أن نعود إلى لحظة تأسيس الدولة-الأمة. فالنخب التي أشرفت على مشروع بناء الدولة الوطنية هي بالأساس أقليات جهوية (ساحلية وبلدية) وأيديولوجية (فرنكوفِيليّة، أي محبّة لفرنسا بل خاضعة لها ثقافيا واقتصاديا وسياسيا). وقد لا نحتاج هنا إلى أكثر من الإحالة إلى المهندس الصغير الصالحي وكتابه المرجعي "الاستعمار الداخلي والتنمية غير المتكافئة: منظومة التهميش في تونس". ففي هذا الكتاب ما يغني عن بسط القول في الطابع الجهوي-الريعي-الزبوني لمنظومة الاستعمار الداخلي، تلك المنظومة التي جعلت من "الوطنية" و"التحديث" و"القانون" مجرد استعارات سلطوية ليس لعموم المواطنين منها إلا فتنة المجاز ومذاق العلقم.

لقد تأسست الدولة-الأمة على نواة جهوية-أيديولوجية تشابكت فيها "البورقيبية" مع اللائكية ومبادئ التنوير وقيم الجمهورية الفرنسية، لكن بعد "تَونسة" ذلك كله ليكون على مقاس ثالوث الزعيم-الحزب-الوطن. وبصرف النظر عما أثارته علاقة "الزعيم بورقيبة" بالماسونية وباللوبي الصهيوني العالمي من سجالات، فمن المؤكد أن بورقيبة لم يكن ينظر إلى القضية الفلسطينية نظرة الإسلاميين ولا القوميين ولا الشيوعيين، بل كان يتعامل معها بخطاب براغماتي. ومثل كل خطاب براغماتي، فإن مواقف المرحوم بورقيبة كانت حمّالة أوجه في التأويل بين التغني بحكمته بل قدراته الاستشرافية، وبين اعتباره مجرد أداة لتنفيذ مخططات الغرب كما حصل في موقفه من قرار التقسيم الأممي عند زيارته لأريحا سنة 1965، وموقفه من ترحيل القيادات الفلسطينية إلى تونس بعد الغزو الإسرائيلي للبنان 1982، وكذلك شبهات تورط النظام التونسي في قصف الكيان لمنطقة حمام الشط سنة 1985.

إذا كانت البورقيبية قد بنت موقفها من القضية الفلسطينية على رؤية براغماتية استبقت "مبادرة السلام العربية" المتبنّية لحل الدولتين منذ قمة بيروت سنة 1982، فإن أصحاب السرديات الكبرى -في العائلات اليسارية والقومية والإسلامية- قد اعتبروا هذا الموقف خيانة للقضية الفلسطينية، وجعلوه أحد محاور الاشتباك مع النظام في لحظتيه الدستورية والتجمعية، وذلك بالتوازي مع صراعاتهم البينية ومزايداتهم على بعضهم البعض. ولمّا كان نظام المخلوع يتجه نحو "التطبيع"، فإنه قد وفّر للإسلاميين ولبعض القوى الثورية مناسبة لتجذير التناقض معه داخليا وخارجيا، ولكنه وفّر للعديد من القوى اليسارية والقومية المرتهنة لمنطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي فرصةً للمزايدة على السلطة وإظهار تمايزها عنها دون دفع كلفة ذلك سياسيا أو أمنيا.

مهما كانت درجة التناقض بين مواقف المعارضة الديكورية وأغلب مكونات المجتمع المدني والنقابات وبين النظام/الحزب الحاكم قبل الثورة، فإن انتماءهم المتخيل إلى "العائلة الديمقراطية" -أو بالأحرى انتماءهم إلى سرديات أقلوية ووظيفية من جهة العلاقة بمنظومة الاستعمار الداخلي ورعاتها الأجانب- قد دفعهم دائما إلى تذويب التناقضات وتجاوزها عندما يتعلق الأمر بالموقف من "النمط المجتمعي" ومن "الإسلاميين"، وما يستوجبه هذان الملفان من مقاربات أمنية-قضائية في الداخل، وتحالفات إقليمية ودولية في الخارج. فما يسمى بـ"النمط المجتمعي التونسي" ليس في الحقيقة إلا تجسيدا لخيارات "أقليات أيديولوجية" تم فرضها بمنطق الوصاية والإكراه بعيدا عن الإرادة الشعبية لعموم المواطنين، أما "الإسلاميون" فإنهم لا يهددون فقط تلك الخيارات الفوقية للسلطة وهندستها الاجتماعية، بل هم يهددون بفقدان الأقليات الأيديولوجية لعلة وجودهم ذاتها.

عندما تحدث بول نيزان عن "كلاب الحراسة الأيديولوجية" (الفلاسفة والمثقفين) وتحدث سيرج حليمي عن "كلاب الحراسة الجدد" (الإعلاميين والمحللين والخبراء)، فإنهما كانا يشيران إلى أولئك الذين "يدّعون المصداقية والموضوعية والاستقلالية والحياد، في حين أنهم ليسوا إلا حراسا للأنظمة السياسية والاجتماعية القائمة"، وهو ما أكّده الباحث يونس لبان في مقاله المنشور على مدونات الجزيرة والمُعنوَن بـ"الكلاب الجدد للحراسة: إعلاميون مسخّرون لقمع الشعوب".

بمنطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي، فإن قدر "الأقليات الأيديولوجية" هو أن تكون جزءا من بنية الاستبداد أو هامشا من هوامشها المدجنة أو العاجزة عن التغيير خارج استراتيجيات منظومة الاستعمار الداخلي. ولكنّ الأخطر من ذلك هو أن يتحول الذين يدعون تمثيل الأغلبية والدفاع عن الهوية الجماعية -أي الإسلاميون الذين ارتضوا العمل القانوني وطبّعوا مع الفلسفة السياسية للدولة الحديثة- إلى جسم وظيفي لا يختلف دوره عن دور الأقليات الأيديولوجية العلمانية. وهو ما أكده الربيع العربي في بعض مساراته المجهضة رغم كل التنازلات والتسويات مع الدولة العميقة (كما هو شأن تونس ومصر).

لا شك عندنا في أن ما يحدد مواقف "الأقليات الأيديولوجية" من الشأن التونسي هو خدمة منظومة الاستعمار الداخلي وواجهتها السياسية الحالية، لكن مع محاولة التمايز عن السلطة "صوريا" لتضمن مكانا لها في خدمة النواة الصلبة للحكم مهما كانت مخرجات الأزمة السياسية الحالية
لقد جاءت المسألة السورية ومن قبلها الانقلاب المصري -وما بينهما إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021 في تونس- لتؤكد أن بوصلة أغلب مكونات "العائلة الديمقراطية" في تونس وفي غيرها ليست هي "القدس" (كما يدّعون في المواقف الخارجية المدافعة عن "محور الممانعة" والمرتهنة لمحور "التطبيع")، ولا هي "التحرير الوطني" (كما يدعون في التأسيس للموقف المساند للنظام التونسي الحالي)، بل إن البوصلة الحقيقية لهم جميعا هي "منظومة الاستعمار الداخلي" المتحالفة استراتيجيا مع سلطة "الأقليات الأيديولوجية" والمدافعة عن الأقليات الأجنبية، سواء أكانت طائفية أم جهوية أم أيديولوجية. فالأقليات الأيديولوجية تلتقي مع الأنظمة الاستبدادية -بما فيها تلك المدافعة عن التطبيع والمحاربة للثورات العربية- في رفض الديمقراطية التي ستحمل الإسلاميين إلى السلطة، وكذلك في تسفيه أي مشروع مواطني هدفه التحرر الوطني وبيناء دول حقيقية تتجاوز مستوى "الكيانات الوظيفية" في مرحلة الاستعمار غير المباشر. ولعل ذلك يفسر التناقضات الداخلية في السرديات "الديمقراطية" من جهة علاقتها بـ"المقاومة" خطابيا، وعلاقتها بمحور التطبيع واقعيا

إن مهاجمة "الأقليات الأيديولوجية" التونسية (أو ما يُسمى نخبا حداثية وديمقراطية) للثورة السورية وللنظام الجديد في دمشق، لا يعود إلى استحالة بناء مشروع ديمقراطي ومشترك مواطني في سوريا بقيادة الإسلاميين، بل هو راجع إلى رفض هؤلاء تحقق ذلك المشروع على أيدي الإسلاميين أو على أيدي ممثّلي الأغلبية السنية. فهؤلاء لا مشكلة لهم مع أي نظام ذي شرعية دينية ما دام يعادي الإسلام السياسي السني، ولا يجد أغلب "الديمقراطيين" و"الحداثيين" في تونس أي حرج في التحالف مع السعودية الوهابية ومع إيران الإمامية الإثني عشرية، بل لا يجدون أي حرج في الدفاع عن المقاومة الإسلامية بقيادة حماس "الإخوانية"؛ لكن بشرط أن تظل سرديتُها "مُعوّمة" في سردية أكبر هي سردية محور المقاومة ونواته الشيعية، وبشرط أن تُفصل المقاومة "الإخوانية" في فلسطين عن حاضنتها الشعبية داخل الأغلبية السُّنية كي لا يستفيد منها "الإسلام السياسي" في تونس.

فالشأن التونسي هو القضية الأساسية أو التوليدية لسائر المواقف الخارجية التي هي مواقف مشتقة بالضرورة منه. ولا شك عندنا في أن ما يحدد مواقف "الأقليات الأيديولوجية" من الشأن التونسي هو خدمة منظومة الاستعمار الداخلي وواجهتها السياسية الحالية، لكن مع محاولة التمايز عن السلطة "صوريا" لتضمن مكانا لها في خدمة النواة الصلبة للحكم مهما كانت مخرجات الأزمة السياسية الحالية.

x.com/adel_arabi21

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يبحث الاستعمار وغزة ضمن جلساته الأسبوع المقبل
  • موقف ميندي قبل مواجهة الأخدود
  • هل يمكن للأقليات الأيديولوجية أن تكون قاطرة لأي مشروع مواطني؟
  • الهباش: نسعى إلى البدء في تنفيذ الخطة المصرية الفلسطينية لإعادة إعمار غزة
  • مناقشة البدء بتنفيذ برامج التمكين الاقتصادي في محافظة إب
  • قطر بصدد البدء بتزويد سوريا بالغاز عبر الأردن
  • مزايا بالجملة للأعضاء وأسرهم.. تفعيل مشروع التأمين الطبي الجديد للبيطريين
  • عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائية
  • إرث الاستعمار في المتاحف البريطانية.. رفات الأفارقة تثير الجدل
  • البدء في طباعة أوراق امتحانات الشهادة السودانية دفعة 2024