النويري والدعوة لإجراء انتخابات برلمانية في ليبيا
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
فاجأ النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي، فوزي النويري، المنتظم الليبي بالدعوة إلى التعجيل بالانتخابات البرلمانية، ودون إشارة إلى الانتخابات الرئاسية، التي من المفترض أن تجري بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية، وفق ما هو متداول ومعلوم.
لم يوضح النويري ملابسات دعوته لإجراء انتخابات برلمانية وعدم الإشارة للأخرى الرئاسية، إلا إنه برر موقفه هذا بالوضع الخطير الذي تمر به البلاد ويواجه المواطن الليبي، وتمترس مسؤولوا الداخل حول مناصبهم، وتغريد البعثة الأممية خارج السرب وبعيدا عن المصلحة الوطنية وبشكل يطيل من عمر الأزمة، كما أوضح في بيانه.
والحقيقة أن الفصل بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية هو مطلب الكتلة السياسية العريضة المناوئة لمجلس النواب، والتي نقطة ارتكازها المنطقة الغربية، فهؤلاء يرون أن تصاعد وتيرة التأزيم اقترن بالانتخابات الرئاسية، وأن التجديد في الأجسام الراهنة سيكون أيسر من خلال انتخاب مجلس نواب جديد.
موقف النويري قد يكون منفردا ومعزولا ضمن مجلس النواب، وتحديدا الكتلة المؤثرة فيه والتي تدور حول رئاسة المجلس وتشد عضد رئيسه، وهؤلاء يصرون على التزامن بين الانتخابات، بل كانوا خلف مسألة إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية في حال فشلت الأخرى الرئاسية، وقد كانت هذه النقطة المضمنة في قوانين الانتخابات التي مررها مجلس النواب أحد أهم أسباب الخلاف الراهن بين أطراف النزاع.
دعوة النويري قد لا تجد صدى واسعا يجعلها قابلة للتطبيق في المدى القصير، إلا أن صدورها عن شخصية سياسية محسوبة على الطرف الرافض للفصل بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية له دلالته ووزنه، وإذا استطاع الرجل التحرك بها داخل مجلس النواب وشكل رأيا له وضعه في المجلس، فساعتها قد يتغير الوضع، وسيكون الموقف التفاوضي للكتلة الداعية لإجراء انتخابات برلمانية منفردة أقوى، وقد نرى تعديلا في قوانين الانتخابات يعزز هذا التوجه.إلا أن الموقف الجديد للنويري يمكن أن يكون بمثابة رمي حجر في الماء الراكد، والظاهر أن امتداد الأزمة واتساعها إنما اقترن بالانتخابات الرئاسية الموجهة والمصممة بشكل يلائم أبرز شخصية سياسية وعسكرية في الشرق الليبي، وهو خليفة حفتر، حتى بات التبرير لتخطي ما هو معلوم بطلانه موقفا للكتلة المؤثرة في مجلس النواب ومن خلفها شريحة من النشطاء وغيرهم، والذين يقبلون بترشح مزدوج الجنسية للانتخابات الرئاسية، بعد أن كانوا يعتبرون حملة الجنسيات الأجنبية من الساسة الليبيين المعارضين للنظام السابق والذين شاركوا في الحياة السياسية بعد العام 2011م ، سببا في إفسادها.
قد يكون في كلام النويري اتجاها لقطع الطريق على مبادرة البعثة الأممية التي كلفت لجنة استشارية لإعداد مقترح للخروج من الأزمة الراهنة، أو هكذا بدا الأمر للبعض، وقد يكون موقفه ردة فعل على تدافع داخل ضمن مجلس النواب، إلا إنه اتجه إلى خيار يمكن أن يكون الحل الأكثر قابلية للتنفيذ في ظل التخندق الراهن واستعصاء الأزمة عن الحل.
النويري استند إلى سير العملية الانتخابية للمجالس البلدية، ورأى أنها تشكل حافزا للتقدم خطوات على المسار الانتخابي وإجراء الانتخابات البرلمانية، وهذه مسألة لا خلاف حولها، إلا إن الوضع أكثر تعقيدا من أن تتجاوزه دعوة النويري وصداها محليا، ولا يقتصر التعقيد على المسار السياسي ومخرجاته والتي جعلت الربط بين البرلمانية والرئاسية لازما، فالتعقيد يكمن في التدافع ذاته، والتطور الذي وقع في اتجاهات وأدوات الصراع، فمنذ فشل عملية السيطرة على طرابلس من قبل حفتر وقواته العام 2019م، صار الاهتمام بالانتخابات الرئاسية أكبر، وانطلقت الحملات الانتخابية مبكرة، واحتدم التنافس على كسب المؤيدين عبر مشروعات التنمية، وقد كان عبد الحميد ادبيبة واضحا وهو يدشن مشروعات تنموية وخدمية في فهمه لطبيعة المرحلة بقوله أن زمن الحروب قد انتهى، ويؤكد القول بأن الراهن على الأنصار بات سلمي كلام حفتر بعد افتتاح ملعب بنغازي، فالرجل الذي كان اعتماده على القوة لفرض الإرادة، تحول إلى ما يفعله الساسة المدنيين الذين يخطبون ود الرأي العام بالبناء والتشييد والاحتفالات والزينة.
دعوة النويري قد لا تجد صدى واسعا يجعلها قابلة للتطبيق في المدى القصير، إلا أن صدورها عن شخصية سياسية محسوبة على الطرف الرافض للفصل بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية له دلالته ووزنه، وإذا استطاع الرجل التحرك بها داخل مجلس النواب وشكل رأيا له وضعه في المجلس، فساعتها قد يتغير الوضع، وسيكون الموقف التفاوضي للكتلة الداعية لإجراء انتخابات برلمانية منفردة أقوى، وقد نرى تعديلا في قوانين الانتخابات يعزز هذا التوجه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات الرأي ليبيا انتخابات رأي مواعيد مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لإجراء انتخابات برلمانیة الانتخابات البرلمانیة البرلمانیة والرئاسیة الانتخابات الرئاسیة بین الانتخابات مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
قانون الانتخابات يتصدر الجدل بالعراق ومخاوف من تأجيلها
بغداد- يظل قانون الانتخابات في العراق محورا للجدل السياسي، حيث تشهد الساحة نقاشات حادة بين القوى السياسية والمجتمعية على ضرورة تعديله أو الإبقاء عليه قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ويأتي هذا الجدل مع خلافات مستمرة على شكل القانون وطبيعة النظام الانتخابي المعتمد.
وحدد مجلس الوزراء العراقي موعد الانتخابات بعد تحديث سجلات الناخبين (30 مليون ناخب من أصل 46 مليون عراقي)، وبدأت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فعلا تحديث السجلات.
ونفى عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي عن المكون الشيعي، محمد عنوز، تسلم لجنته -حتى الآن- أي مقترح رسمي لتعديل قانون الانتخابات من الحكومة أو رئاسة مجلس النواب أو الكتل النيابية.
وقال عنوز للجزيرة نت، إن القوى السياسية المؤثرة في البرلمان، هي صاحبة القرار النهائي بهذا الشأن، إلا أن الخلافات القائمة بينها تعرقل الاتفاق على التعديلات المقترحة، حيث يسعى كل طرف إلى تعديل القانون بما يحقق له مكاسب انتخابية.
وأوضح أن التوجه الحالي يشير إلى إمكانية اعتماد نفس النظام الانتخابي الذي طبِّق في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، وهو نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة مع تطبيق آلية (سانت ليغو) النسبية وقاسم انتخابي 1.7، ما يصب في مصلحة الكتل الكبيرة ويقلل فرص المستقلين.
وبدأ العراق بقانون 2005 الذي اعتمد القوائم المغلقة و18 دائرة انتخابية، وعُدل مرات عدة، كان آخرها في 2023، حيث ألغي نظام 2021 وأعيد للدوائر المتعددة (83 دائرة) ونظام سانت ليغو، وهو ما يعزز فرص الأحزاب التقليدية.
إعلانوشدد عنوز على ضرورة حسم الملف خلال شهر واحد على الأكثر، لتمكين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من جدولة عملياتها الانتخابية واتخاذ الإجراءات الفنية اللازمة، وأوضح أن أي تأخير سيؤثر سلبا على عمل المفوضية وقد يؤجل الانتخابات.
"الفردي المباشر"من جهته، أكد النائب حيدر السلامي، عضو حركة امتداد البرلمانية، أن كتلته تدعم بقوة خيار الانتخاب الفردي المباشر للمرشحين، وترفض نظام القوائم الذي يخدم مصالح الأحزاب الكبيرة على حساب المستقلين.
وقال السلامي للجزيرة نت، "كل تعديل لقانون الانتخابات يخدم الأحزاب والكتل الكبيرة ويحاول إقصاء المستقلين الذين يربك حضورهم التوافقات السياسية التي تخدم المصالح الحزبية الضيقة".
وأضاف أن "التوافق السياسي قد يكون ضروريا أحيانا للمصلحة العامة، لكنه حين يعزز المصالح الحزبية والشخصية فهو مرفوض من المستقلين والأحزاب الناشئة".
وهناك مطالبات -حسب السلامي- بتعديل قانون الانتخابات البرلمانية بنفس آلية انتخابات مجالس المحافظات، "ونحن نؤيد ذلك، شريطة أن يكون عادلا ويضمن فوز المرشحين الحقيقيين، لا أن تنقل لهم الأصوات دون عدل".
وانتقد السلامي النظام الحالي، وشدد على أن "الحل الأمثل بالانتخاب الفردي، ويفوز حيث يفوز المرشحون الأعلى بالأصوات، وأن انضمام المرشحين للأحزاب والكتل، يكون بعد إعلان النتائج وليس قبلها".
كما أكد النائب عن المكون الكردي في اللجنة القانونية النيابية، أميد محمد، أن أغلب القوى السياسية في العراق تود إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وهو الخيار الأنسب أمام التحديات السياسية الراهنة.
وقال محمد للجزيرة نت، "هناك مقترح وحيد حتى اللحظة مطروح لتعديل قانون انتخابات مجلس النواب، يعتمد على تخصيص 30% من المقاعد للأعلى أصواتا من المرشحين، بينما تخضع الـ 70% المتبقية لنظام (سانت ليغو)، وهو مقترح جديد ولم تعتمده الدورات الانتخابية السابقة".
وسانت ليغو، نظام انتخابي يعتمد طريقة رياضية لتوزيع عادل للمقاعد في البرلمانات بين الأحزاب أو القوائم الانتخابية المتنافسة، ويقسم عدد الأصوات لكل حزب على سلسلة من الأرقام الفردية (1، 3، 5، 7، وهكذا)، ثم ترتب النتائج تنازليا، وتخصص المقاعد للأحزاب الأعلى في النتائج.
إعلانولم تبد الكتل السياسية -وفق محمد- حتى الآن "موقفاً واضحاً بالرفض أو القبول للمقترح، بسبب عدم إدراج القانون لدى مجلس النواب للقراءتين الأولى والثانية، حيث تُقدم المقترحات الرسمية عادةً خلال القراءة الثانية"، موضحا أن "كل المواقف السياسية المطروحة حاليا، يتداولها الإعلام، ولم تُقدّم أي مقترحات رسمية للجنة القانونية".
وعن إمكانية تعديل قانون الانتخابات الآن، قال محمد: "الأمر صعب جداً"، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات أبلغتهم عدم استطاعتها إجراء الانتخابات في موعدها دون إنهاء تعديلات القانون بموعد أقصاه متوسط شهر مايو/أيار المقبل. وحال تأخر التعديل، "فالمفوضية لن تقدر على تطبيقه، وهذا مستحيل نظرا لضيق الوقت".
وقال النائب محمد "رغم مشاكل القانون الحالي، إلا أنه الأمثل لإجراء الانتخابات بموعدها المحدد، حيث تجد القوى السياسية نفسها أمام خيارين: إما تعديل القانون وتأجيل الانتخابات، أو إجراؤها في الوقت الذي حدده القانون الحالي، ورغم تحفظات بعضهم، فالخيار الثاني هو الأكثر رغبة وملاءمة".
وأشار إلى نية بعض الأعضاء أو الكتل السياسية في تقديم مبادرات لتعديل القانون، لكنها "غير جدية"، وأن "الأغلبية تريد انتخابات بموعدها وبالقانون الحالي".
"سيناريو لبنان"من جانبه، رجح أستاذ الدراسات الإستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، إحسان الشمري، تكرار سيناريو لبنان خلال تشكيل الحكومة واختيار الرئيس في العراق.
وقال الشمري للجزيرة نت، إن البرلمان معني أساسا بتشريع قانون الانتخابات، وأن مفوضية الانتخابات هي المؤسسة المعنية بإيجاد الآليات الفنية بالتحديد في تطبيق هذا القانون.
وكانت المحكمة الاتحادية، التي تعد قراراتها باتة وملزمة، في 28 أغسطس/آب 2023، قد حسمت الطعون بـ7 مواد من قانون انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات والأقضية والنواحي.
إعلانوشدد الشمري على أن هذا الأمر قد يحتاج إلى توافق سياسي، غير متوفر الآن، ولذلك "قد نكون أمام لحظة جمود دستوري، خاصة إذا لم يتجاوز البرلمان هذه العقبة"، لكن قد تتلافى المحكمة الاتحادية هذا الموضوع، لا سيما في ظل أزمة سياسية خانقة قد تدفع إلى تصحيح القانون بعد إجراء الانتخابات".
وبشأن وجود آلية دستورية وقانونية بديلة يمكن تفعيلها عند العجز في تعديل القانون، قال الشمري، إن الانتخابات يجب أن تجرى بموعدها، وأنه لا يوجد نص دستوري يتيح تأجيلها، وحتى مع وجود طعن، تستمر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتتكيف وفق القانون، وقد يكون بيانها الأخير بضرورة تسجيل المرشحين أمراً واضحاً على أنها حسمت الأمر تجاه التعامل مع القانون الموجود.
وعن موقف الولايات المتحدة من الانتخابات العراقية، قال الشمري، إنها لا تضع الأولوية للانتخابات العراقية في أجندتها التي تقف ملفات إيران والعدوان الإسرائيلي على غزة والحرب الروسية الأوكرانية على رأسها.
لكنه استدرك: إنها قد تتدخل ولن تسمح بانتخابات يصعد منها "حلفاء إيران"، ويمسكون السلطة التنفيذية والتشريعية، خاصة في ظل وجود قرار أميركي بإنهاء النفوذ الإيراني داخل العراق.