في تطور لافت وعلى غير عادة وزارة الأوقاف المصرية في عهد الوزير السابق الذي غادر منصبه في الصيف الماضي مختار جمعة، لم تفرض وزارة الأوقاف هذا العام أي قيود على شعائر شهر رمضان من الصلاة في المساجد والتراويح ومقارئ القرآن وحتى لم تصدر أية تعليمات عن التهجد والاعتكاف.

بل إن وزارة الأوقاف والوزير أسامة الأزهري –جرى تعيينه في تموز/ يوليو الماضي-، قدما برنامجا موسعا طوال الشهر، في جميع المساجد، كما سيجري نقل شعائر صلاة التراويح من الجامع الأزهر عبر التليفزيون المصري ومن مسجد الإمام الحسين بفضائيات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وقناة الحياة، مع تخصيص قارئ شهير لكل ليلة.



الضوابط المعلنة حول صلاة التراويح من قبل وزارة الأوقاف هذا العام وقبيل قدوم شهر رمضان خلت تماما من أية قيود سابقة، وأكدت أن صلاة التراويح ستُقام بـ20 ركعة في المساجد الكبرى، تاركة الحرية للمصلين في إقامة الصلاة بجزء كامل من القرآن الكريم أو بأجزاء أقصر، وفقا لما يحدده كل مسجد.




وأعلنت الوزارة عن عودة الملتقى الفكري الإسلامي، في ساحة مسجد الإمام الحسين، ليكون منصة ثقافية ودينية تعزز الأجواء الرمضانية، كما قادت الوزارة حملات نظافة موسعة، لتحسين بيئة المساجد وتزيينها وخلق أجواء مريحة وهادئة لاستقبال المصلين.

وأشارت إلى تدشين ندوات توعوية، وتنظيم قوافل دعوية، وندوات حول قضايا مهمة، مع إطلاق ما دعته بـ"أكبر خطة برامج دعوية وقرآنية ومسابقات"، مع الاستعانة بكبار القراء والمبتهلين، ودروس الأئمة فى 4 آلاف مسجد يوميا بعد صلاة العصر.

ويأم المصلين بصلاة التراويح بمسجد الإمام الحسين، المشايخ أحمد نعينع وعبدالناصر حرك، وأحمد تميم المراغي، وأحمد عوض أبوفيوض، والسيد عبدالكريم الغيطاني وعبدالفتاح الطاروطي، وطه النعماني.

وذلك إلى جانب برنامج صلاة التهجد بالمسجد بمشاركة القراء محمود علي حسن، وعبدالمطلب البودي، ومحمود عبدالباسط الحسيني، مع برنامج الابتهالات بمشاركة المبتهلين عبداللطيف العزب، وأحمد تميم المراغي، وبلال مختار، وأحمد مقلد، ويسري معتوق، ومحمد حسن الصعيدي، ومحمد عبدالرؤوف السوهاجي، بالإضافة إلى برنامج تلاوات بعد صلاة العصر.

وتنطلق الملتقيات الفكرية يوميّا بعد صلاة العشاء بمسجد الإمام الحسين، وبعد صلاة الظهر بمسجد السيدة نفيسة، أو مسجد السيدة زينب للواعظات، كما تنظم الوزارة الملتقيات الفكرية في المديريات بمشاركة الأئمة والواعظات.



ويعقد 27 ملتقى فكريا بعد صلاة العشاء و21 ملتقى بعد صلاة الظهر بمختلف المحافظات، كما تطلق مجالس الإقراء في 62 مسجدا أسبوعيا عقب صلاة العصر لقراءة كتاب "الروض الأنف في شرح السيرة النبوية".

وتفعل الوزارة البرنامج التثقيفي للطفل يوم الخميس من كل أسبوع بعد صلاة العصر في 21467  مسجدا، كما تطلق المنبر الثابت يومي الاثنين والأربعاء في 1320  مسجدا عقب صلاة العصر، وتنظم ندوة "عقيدتي" في كل يوم أربعاء بالمساجد الكبرى بالقاهرة والجيزة والقليوبية.

وتطلق درس العصر للأئمة يوميا في جميع المساجد، ودرس السهرة عقب صلاة التراويح، وخاطرة التراويح في جميع المساجد.

ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) يصل إجمالي عدد المساجد في مصر 151 ألفا و194 مسجدا، فيما تسجل محافظة الشرقية العدد الأكبر بإجمالي 16 ألفا و431 مسجدا، يليها محافظة البحيرة بإجمالي 14 ألفا و294 مسجدا، ومحافظة الجيزة بإجمالي 10 آلاف و363 مسجدا.

وبحسب تقرير لمحافظة القاهرة العام الماضي، فإن إجمالي عدد المساجد الحكومية والأهلية بالمحافظة بلغ 3450 مسجدا، وعدد الزوايا الحكومية والأهلية 3884 زاوية.

"قيود ومنع ورقابة أمنية"

وفي الأعوام الماضية كانت هناك الكثير من القيود، وحتى الرقابة الأمنية على المصلين، والتبليغ بأسماء المعتكفين، وغيرها من القيود، والرقابة للأئمة وتوجيههم فكريا وتدجين الخطباء عبر حشدهم للدورات العسكرية بالكلية الحربية.

وفي شباط/ فبراير 2024، وقبل نحو شهر من قدوم رمضان، أصدر وزير الأوقاف السابق محمد مختار جمعة، قرارات اعتبر منتقدوه أنه أراد منها تحويل مساجد مصر إلى ثكنة عسكرية ووحدة شرطية لمراقبة المصلين.

حينها أعلنت وزارة الأوقاف المصرية ضوابطها لشهر رمضان، مطالبة الأئمة ومقيمي الشعائر والدعاة بتسجيل أسماء المصلين، ومنع المنشورات، ومنع التصوير بالمساجد، وحظر الحديث السياسي بها.

كما قررت منع توزيع أي كتب أو إصدارات أو مجلات أو مطويات أو خلافه أثناء الاعتكاف، وحظر تصوير المعتكفين أو بث أي صور لهم.

ويوضح الإمام في الأوقاف الشيخ محمد (39 عاما) لـ"عربي21"، "العام الماضي وفي الوقت الذي رفعت فيه بعض القيود عن صلاة التراويح والتهجد والاعتكاف، إلا أنها جعلت من الأئمة ومقيمي الشعائر والعاملين كرقباء عسكريين وشرطيين على المصلين والمعتكفين وفرضت على الأئمة تسجيل الأسماء ومراجعتها مع إدارات ومديريات الأوقاف، لبحثها أمنيا".

"دور جمعة"

وكان مختار جمعة، أطول الوزراء في المنصب خلال حكم رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، قد فرض قيودا أمنية ورقابة واسعة على المساجد والخطباء والأئمة والمصلين طوال 11 عاما بدعوى مكافحة الإرهاب، وكذلك خلال أزمة انتشار جائحة (كوفيد 19) بأعوام 2020 و2021 و2022.

جمعة طالما، قام بتحديد عدد المساجد لأداء صلاة التراويح، وعدد المصلين بكل مسجد، محددا وقت صلاة التراويح بنحو نصف ساعة فقط، مع منع التهجد، والاعتكاف، وتقليل الدروس الدينية بعدد قليل من المساجد، وحتى منع صلاة العيد بالساحات وتحديدها بـ10 دقائق وفي المساجد الكبرى فقط ومنعها في الزوايا.

وطالما أعلن جمعة، أنه "لن تُفتح المساجد من بعد صلاة التراويح حتى صلاة الفجر، ومن أراد التهجد فعليه به في بيته".

كما كان يقرر فتح المساجد لصلاة عيد الفطر قبل موعده بـ10 دقائق، كما قصر تكبيرات العيد على 7 دقائق فقط، وخطبة العيد بـ10 دقائق، ثم غلق المسجد بعد الخطبة بـ10 دقائق، مع صلاة النساء فقط بالمساجد المخصصة لها.




لكنه وفي رمضان الماضي، رفع بعض القيود المفروضة على صلاة التراويح والتهجد، والتي أغضبت المصريين، وبعد أن كانت صلاة التراويح مقصورة على بعض المساجد، جعلها مفتوحة ورفع تحديد زمن الصلاة وعدد الآيات والأجزاء ، لكن الرقابة الأمنية بقيت هي الأساس في تعامل الأئمة مع المصلين.

"قيود سرية"

وفي قراءته لأسباب رفع الأوقاف القيود على شعائر رمضان، قال الشيخ محمد: "القيود قائمة وإن لم تكن علنية".

وأوضح لـ"عربي21"، أن "التعليمات الأمنية ترسل بشكل دوري عبر إدارات ومديريات الأوقاف التي تستقبلها من الأمن الوطني ومن الوزارة، والمطلوب من الأئمة الرقابة على المساجد والمصلين وعلى زملائهم".

وأشار إلى أن الوزير السابق جفف منابع المساجد بشكل كبير وحرمها من الإعمار والتزين وتجديد فرشها وأدواتها من كهرباء وحمامات ومكبرات صوت وغيرها بل حرمها من دورها الاجتماعي بدعم الفقراء أو حتى دعم الفلسطينيين، بقراره العام الماضي بمنع التبرعات في المساجد".  

وفي أيار/ مايو الماضي، وبالتزامن مع دعوات دعم المقاومة الفلسطينية في غزة، إزاء حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية، حذرت وزارة الأوقاف، الأئمة والخطباء، من الدعوة لجمع التبرعات تحت أي مسمى على المنبر، وعدم وضع صناديق جمع المال بالمسجد أو ملحقاته أو محيطه، مشددة على عقاب المخالفين.

وتشرف وزارة الدفاع على تعيين الأئمة في مصر، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلن المتحدث باسم الجيش المصري تخرج أول دفعة من الأئمة المرشحين للعمل بوزارة الأوقاف، بعد إتمامهم دورة تدريبية بكلية الضباط الاحتياط، بمدينة الإسماعيلية شرق القاهرة، ما لاقى انتقادات واسعة حينها، ومخاوف من تغيير في توجهات وأفكار وعقيدة أئمة المساجد في مصر.

"سياسة بيدي لا بيد عمرو"

وفي تقديره للأمر، قال الباحث المصري في التربية السياسية يحي سعد: "لا أعتقد أن ثمة تغيير في الوضع الأمني الخاص بالمساجد، فالأنظمة المستبدة تخشى دائما من إطلاق الحريات العامة ومنها حرية ممارسة الشعائر الدينيه، وتتوجس من دور المساجد وتضيق عليها باستمرار".

و أكد لـ"عربي21"، أن "هذا الوضع الجديد يرجع إلى أمرين: الأول: اتباع الوزير الجديد لسياسة جديدة يحاول من خلالها بسط هيمنة السلطة على النشاط المسجدي ولكن بصورة مختلفة عن سابقه، فطرحه لفكرة عودة الكتاتيب، ثم اهتمامه بنقل صلاة التروايح على الهواء مع تقديم أئمة مشهورين - وإن كان ذلك أمرا محمودا ومرغوبا -إلا أن الأمر لا يخلو من التسييس بشكل ذكي عن السياسة السابقة".

ويعتقد سعد، أن "الوزير الجديد يريد أن يقول أن ما يطلبه المصلون موجود عندنا وتحت إشرافنا وتنظيمنا لا تنظيم أحدا آخر ، بمعنى آخر اتباع سياسة: (بيدي لا بيد عمرو)".

وختم مبينا أن الأمر الثاني يتمثل في "أن سماح الأجهزة الأمنية للوزير بذلك ناتج عن حالة اطمئنان بأن الساحة الدعوية باتت خالية من وجود الإخوان المسلمين بعد حملات الاعتقال والمطاردة القاسية، وبالتالي لا مانع من ملء الفراغ ولكن بمعرفة الجهات الرسمية".

"عدوله عن منهجه وهم ساذج"

وفي رؤيته، يعتقد الباحث المصري عزت النمر، أنه "من السذاجة أن يتصور أحد أن دولة العسكر يمكن أن تتغير سلوكياتها في تحجيم المساجد ومحاصرة التدين بشتى صورة".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أن "التصور الذي جاء به السيسي وحصل به على دعم لانقلابه؛ هو تجفيف منابع ما يسمى "الإسلام السياسي"، وذلك من خلال التضييق على المساجد والشعائر.

وتابع أن "الحديث عن أن السيسي ونظامه يمكن أن يبحث عن زيادة شعبية نظامه بإنهاء حالة التربص بالمصلين ما هو إلا وهم لأنه يبني استقرار واستمرار نظامه على الدعم الخارجي، أما داخليا يعتبر أن عصا الداخلية الغليظة وقسوة الدبابة هما صمام أمان".

"عقيدته كارهة للدين"

وتابع الباحث المصري: "كان وزير الأوقاف مختار جمعة السابق يتزلف للسيسي والانقلاب بالمواجهة العنيفة والاعلانات الصارمة للمساجد والشعائر، فلما ذهب عادت القبضة الأمنية الصامتة الاعتيادية من الأوقاف نفسها ومن أمن الدولة والداخلية، من دون ضجيج مختار جمعة القذر.

ومضى يؤكد أن "المساجد والشعائر لازالت تئن تحت سطوة الداخلية والأمن الوطني، ولا يملك وزير أو حتى رئيس وزارة أن يغير ذلك، ولا حتى أن يحدث تأثيرا ما لأنها عقيدة أمن الدولة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصرية رمضان وزارة الأوقاف المصرية السيسي مصر السيسي رمضان وزارة الأوقاف المصرية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مسجد الإمام الحسین وزارة الأوقاف صلاة التراویح فی المساجد مختار جمعة صلاة العصر بـ10 دقائق بعد صلاة

إقرأ أيضاً:

حكم صلاة التراويح بالمنزل |الإفتاء توضح

يتساءل الكثير من المسلمين عن حكم صلاة التراويح بالمنزل، وذلك تزامناً مع قرب شهر رمضان 2025، حيث كشف الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق كافة التفاصيل المتعلقة بـ صلاة التراويح.

صلاة التراويح

وقال مفتي الديار المصرية السابق إن صلاة التراويح، هي صلاة قيام الليل في شهر رمضان المبارك، وهي سنة مؤكدة تُؤدى بعد صلاة العشاء.

حكم صلاة التراويح بالمنزل

وأضاف الدكتور شوقي علام أن صلاة التراويح في الجماعة بالمسجد أفضل، حيث إنها تعين المسلم على المواظبة عليها وتزيد من أجرها، وأن أداء صلاة التراويح في المنزل جائز أيضًا، ولا حرج في ذلك.

وتابع مفتي الديار أن مذهب المالكية يُندب للإنسان أن يصلي في بيته إذا كان ذلك لا يؤدي إلى تعطيل المساجد من أداء الصلاة، والصلاة في المسجد تبقى الأفضل عمومًا، إذ تعود على المسلم بثمرات عظيمة.

صلاة التراويح ضوابط صلاة التراويح في رمضان 2025

وأوضح وزير الأوقاف، الدكتور أسامة الأزهري أن صلاة التراويح، تكون 20 ركعة بالمساجد الكبرى «مسجد الحسين، السيدة نفيسة، والسيدة زينب» بالقاهرة، بينما تقام في باقي المساجد 8 ركعات.

وقال وزير الأوقاف إن إقامة صلاة التراويح بمساجد الجمهورية، ستكون غير محددة بوقت، وكل مسجد على حسب رواده، على أن يتم الاتفاق بين الإمام ورواد المسجد.

وأضاف أسامة الأزهري أنه سيتم تحديد مساجد في كل منطقة للصلاة بجزء وختم القرآن الكريم.

وأكد أسامة الأزهري أن سيتم العودة لريادة ملتقي الفكري الإسلامي وسيقام في ساحة مسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه، لكي يتمتع كل المصليين وهم حاضرين للمسجد وفي ساحته وأن يشعروا بروحانيات وشعائر رمضان.

وتابع وزير الأوقاف أنه يكون هناك تعميمًا في المساجد لإجراء حملة نظافة لكي تكون هناك بهجة وزينه في كل مساجد مصر، فضلا عن تنظيم ندوات عن الصحة الإنجابية وغيرها من الموضوعات التي تهم المواطن وخاصة السيدات.

اقرأ أيضاًضوابط صلاة التراويح خلال شهر رمضان 2025

قبل بدء الشهر الكريم.. ضوابط صلاة التراويح بالمساجد الكبرى رمضان 2025

صلاة التراويح.. تعرف على حكمها وعدد ركعاتها وكيفية أدائها

مقالات مشابهة

  • تخصيص 342 مسجدًا لأداء صلاة التراويح 146 مسجدًا للتهجد خلال شهر رمضان بالبحر الأحمر
  • تزيين 5 آلاف مسجد فى الفيوم لاستقبال شهر رمضان
  • صلاة التراويح.. موعدها وأهميتها وحكمها في الإسلام
  • أخبار التوك شو| مصطفى بكري: الرئيس السيسي مستحيل يتخلى عن الثوابت العربية والوطنية.. 7 من كبار القراء في التراويح.. استعدادات الأوقاف النهائية لاستقبال رمضان 2025
  • 7 من كبار القراء في التراويح.. استعدادات الأوقاف النهائية لاستقبال رمضان 2025
  • حكم صلاة التراويح بالمنزل |الإفتاء توضح
  • ضوابط صلاة التراويح خلال شهر رمضان 2025
  • توجيه الأئمة بتهيئة المساجد لاستقبال المصلين
  • موعد صلاة التراويح في رمضان 2025 بمصر.. اعرف التفاصيل