خبير سياسي: الإدارة السورية تسعى لإقامة علاقات متوازنة مع الغرب
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
قال الخبير في الشأن السياسي، محمد صادق، إن العاصمة السورية دمشق تشهد تحركات دبلوماسية مكثفة بعد سقوط الأسد، في إطار سعي الإدارة الجديدة لإعادة بناء علاقات سوريا مع العالم الخارجي، بعد سنوات من العزلة التي فرضتها ظروف الصراع، مضيفا أن هذه التحركات تأتي في سياق سياسة خارجية جديدة تتبعها الإدارة الحالية، والتي تسعى إلى مغازلة الجميع لتحقيق أكبر المكاسب للشعب السوري.
وأضاف صادق، أن الأيام الأخيرة شهدت تطورات متعلقة بالسياسة الخارجية لسوريا، وهي زيارة أمير قطر كأول زعيم دولة يزور دمشق، إلى جانب قيام الرئيس السوري الشرع، بأول زيارتين خارجيتين له سواء كرئيس رسمي للمرحلة الانتقالية أو حتى منذ توليه قيادة الإدارة الجديدة في البلاد بعد سقوط الأسد، موضحا أن الشرع اختار العاصمة السعودية لتكون أول محطاته الخارجية والتي زارها في فبراير حيث عقد لقاءً مع ولي العهد محمد بن سلمان، في الوقت الذي قال فيه الشرع، إن اللقاء شهد محادثات في كل المجالات، وأيضا التطرق لرفع مستوى التعاون في كافة الأصعدة، لا سيما الإنسانية والاقتصادية.
زيارات للخارجوتابع صادق، أنه في اليوم التالي للعودة من السعودية، أجرى الشرع زيارته الخارجية الثانية لتركيا في الرابع من فبراير، والتي تعتبر أول زيارة لرئيس سوري لأنقرة منذ 15 عاماً، حيث التقى بالرئيس أردوغان، في الوقت الذي قال فيه الشرع، إننا نتطلع إلى تعزيز التنسيق بين البلدين على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية بما يخدم المصالح المشتركة، ويعزز التعاون في مواجهة التحديات في المرحلة القادمة، موضحا أن العلاقة التي يُعاد بناؤها مع الدول العربية أمر بديهي نسبة لمكانة سوريا التاريخية كجزء من الوطن العربي، وكذلك تركيا الشريك الاستراتيجي الطبيعي لسوريا الجديدة بحكم الجغرافيا ودعمها القوي للثورة السورية وحضورها الكبير ومُتعدد الأوجه في سوريا.
وتطرق صادق إلى أن سوريا تواجه تحديًا جيوسياسيًا معقدًا يتطلب إدارة دقيقة لعلاقاتها الخارجية مع الغرب، خاصة مع القوى التي لا تزال تؤثر على مصير البلاد، موضحا أن الإدارة السورية الجديدة تسعى لإقامة علاقات متوازنة مع الغرب، ليس فقط لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، ولكن لمعالجة قضايا أعمق تتعلق بالوجود العسكري الأجنبي على أراضيها، كالوجود العسكري الأمريكي في شمال شرق سوريا، الذي يشكل عاملًا رئيسيًا في المعادلة السورية.
ونوه صادق بأن العلاقة الجيدة مع واشنطن تُعزز فرص التوصل لتفاهم يؤدي لانسحاب القوات الأمريكية، ومعالجة ملف وحدات حماية الشعب الكردية، التي تُعتبر تهديدًا لوحدة الأراضي السورية، قائلا: "الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي السورية يزيد من حاجة دمشق إلى مخاطبة الغرب للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها".
التوازن في العلاقاتوتابع صادق أنه إذا نجح الشرع في الموازنة بين علاقات قوية مع روسيا وعلاقات جيدة مع الغرب فإن ذلك يُعزز استقرار سوريا ويدعم جهود إعادة الإعمار لأن روسيا تجمعها علاقات ودية متينة مع تركيا من جهة، وبإمكانها لعب الدور الضاغط على إسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، لافتا إلى أن التعاون العسكري بين سوريا وروسيا يعود لفترة أقدم من نظام الأسد، حيث اعتمد الجيش السوري منذ تأسيسه بشكل رئيسي على أسلحة الكتلة الشرقية، وخاصة من الاتحاد السوفييتي، لأن غالبية المعدات وأنظمة الأسلحة تلقتها سوريا من موسكو، بقيمة إجمالية تجاوزت 26 مليار دولار، ولم يتم تسديد أكثر من نصفها، قائلا: "في عام 2005، قام الرئيس بوتين، بشطب 73% من هذا الدين".
وأكد أن سوريا اليوم تواجه خيارات محدودة في إعادة بناء جيشها بعد سقوط الأسد، حيث يتطلب الأمر إما إعادة تسليح كاملة أو الاستمرار في الاعتماد على الإمدادات العسكرية الروسية، وهو ما يعزز ضرورة وجود علاقة استراتيجية بين البلدين في المستقبل المنظور، لافتا إلى أن المتحدث باسم الكرملين بيسكوف، أكد على أن روسيا تواصل اتصالاتها مع السلطات السورية، وأن القضية السورية مدرجة على جدول أعمال جميع اتصالاتها الدولية، وأن وزير الخارجية الروسي كان في أنقرة في إطار اتصالات أخرى بطبيعة الحال، تم التطرق إلى سوريا.
وألمح إلى أن وزير الخارجية الروسي، أشاد بمستوى تعاون موسكو وأنقرة بشأن التسوية السورية، لكنه حذر من المخاطر الناجمة عن وجود القوات الأمريكية في سوريا على وحدة أراضي البلاد، مؤكدا على الاهتمام المتبادل في إضفاء زخم جديد على العمل المشترك لتسوية الوضع السوري في ضوء الحقائق الجديدة، لافتا إلى أن المحادثات التي احتضنتها الرياض بين روسيا وإيران، علق عليها لافروف، قائلا: "التزامنا المتبادل يؤكد على مواصلة تنسيق مناهجنا من أجل ضمان السلام والاستقرار على المدى الطويل في سوريا بمشاركة جميع القوى السياسية والعرقية والدينية دون استثناء، وأن شمولية عمليات تحقيق الاستقرار في سوريا أمر في غاية الأهمية.. وسننتظر نتائج المؤتمر الوطني السوري الذي بدأ أعماله".
وأشار إلى أنه عقب تولي الشرع رئاسة سوريا في أوائل الشهر الجاري، تم إجراء اتصال هاتفي بين الشرع وبوتين، لتبادل الآراء بشأن الأوضاع في سوريا، حيث أعلنت الرئاسة السورية أن بوتين أكد للشرع وجوب رفع العقوبات عن سوريا، موضحا أن الشرع أكد لبوتين، أيضا انفتاح سوريا على كل الأطراف بما يخدم السوريين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سوريا السعودية قطر محمد بن سلمان نظام الأسد المزيد موضحا أن مع الغرب فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا بحث الرئيس السوري مع ملك الأردن؟
عمّان- وصل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم الأربعاء إلى العاصمة الأردنية عمّان في زيارة رسمية التقى خلالها الملك عبد الله الثاني لتعزيز العلاقات بين البلدين الجارين في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات إقليمية متسارعة ومتقلبة، وفق ما أفاد به مصدر مطلع للجزيرة نت.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الزيارة تأتي في إطار الجهود المستمرة لتعزيز التواصل بين عمّان ودمشق، وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والتجارية بين الجانبين، إذ تُعد الأولى لرئيس سوري إلى الأردن منذ عام 2009 بعدما فتحت أبواب التواصل بين البلدين بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد.
وزار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عمّان في 7 يناير/كانون الثاني الماضي، وبحث مع نظيره الأردني أيمن الصفدي موضوع تهريب المخدرات والسلاح عبر حدود البلدين.
إشادة وتقديروبحث الرئيس السوري والعاهل الأردني، في قصر بسمان بعمّان، عددا من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، أبرزها أمن الحدود المشتركة بين الجانبين وعودة اللاجئين السوريين.
وأكد الملك عبد الله الثاني "وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء السوريين في إعادة بناء بلدهم عبر عملية يشارك فيها مختلف مكونات الشعب بما يضمن وحدة سوريا وأمنها واستقرارها".
إعلانكما أشاد بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، مؤكدا أنه "خطوة مهمة نحو إعادة بناء سوريا بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق"، ودان "الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية"، مشددا على "دعم المملكة لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها".
من جانبه، أعرب الشرع عن تقديره لموقف الأردن الداعم لجهود إعادة بناء سوريا والحفاظ على وحدتها وأمنها واستقرارها.
وكان الملك الأردني قد هنأ الشرع في يناير/كانون الثاني الماضي بتوليه منصب الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية.
ومنذ حصول أول تقارب سياسي أردني مع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في أكتوبر/تشرين الأول 2021 وحتى لحظة سقوطه نهاية 2024، لم يحظَ الأسد بلقاء الملك الأردني لا بزيارة رسمية، ولا على هامش أعمال أي قمة أو مؤتمر عربي، رغم أنه عقد العديد من اللقاءات الثنائية مع قادة دول عدة في تلك الفترة.
تعاون مبكرووفق مراقبين، فقد مدّ الأردن يد التعاون مبكرا إلى الإدارة السورية الجديدة للمساهمة في استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، إذ سارع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لزيارة دمشق يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، وأكد بعد لقائه الشرع استعداد بلاده للمساعدة في إعمار سوريا.
وقال الصفدي في تصريحات صحفية إن "أمن واستقرار سوريا جزء لا يتجزأ من أمن الأردن واستقراره"، مؤكدا استعداد المملكة لتقديم كل ما في وسعها لمساعدة دمشق.
وتُشكل ملفات الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح خطرا على كل من دمشق وعمّان، حيث تم الاتفاق في وقت سابق على إيجاد آليات تعاون لمحاربتها، إلى جانب قضية اللاجئين السوريين وعودتهم إلى سوريا طوعية.
وتأتي زيارة الشرع في خضم سلسلة من التحركات الإقليمية المتسارعة بشأن غزة، منها لقاء ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة أمس الثلاثاء، واختتام مؤتمر الحوار الوطني في سوريا، كما تسبق بأيام انعقاد مؤتمر القمة العربية الطارئة في القاهرة في 4 مارس/آذار المقبل.
إعلانمن جانبه، أكد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات وجود علاقات متينة بين عمّان ودمشق "بعيدا عن من يحكم سوريا"، وأضاف للجزيرة نت أن ملف اللاجئين السوريين في الأردن، والتأكيد على عودتهم الطوعية، ومكافحة تهريب المخدرات والأسلحة عبر حدود البلدين، وكذلك قضايا المياه، تُعد محاور هامة في القمة السورية الأردنية.
وقال شنيكات إن سوريا بحاجة إلى الأردن لإعادة الإعمار، والعمل على بناء شبكات الطرق والكهرباء، وتطوير الخدمات الصحية، و"بالتالي ستلعب الخبرات الأردنية دورا محوريا من خلال المساعدة عبر اللجان الفنية المشتركة"، خاصة مع تطابق وجهات نظر الجانبين بشأن مستقبل العلاقة بينهما، وضرورة مواجهة التحديات التي تفرضها إسرائيل بتوسعها في الجغرافية السورية، وسلوكها تجاه مكونات الشعب السوري، خاصة في الجنوب.
ووفقا له، فإن "هذا السلوك قد يكون من القضايا المهمة على أجندة البحث بين الملك الأردني والرئيس السوري"، ورجح أن "تضع هذه الزيارة أسس العلاقات المستقبلية بين الطرفين، خاصة أن الجغرافيا عامل أساسي في التلاقي وضرورة التعاون".
ويربط الأردن بسوريا شريط حدودي يمتد لنحو 378 كيلومترا، طالما نشطت واجهته الشمالية عسكريا مع تصاعد عمليات تهريب السلاح والمخدرات من الداخل السوري خلال السنوات الماضية.
في المقابل، تُعتبر سوريا شريكا تجاريا إستراتيجيا للأردن، ولكن الحرب فيها أدت إلى تراجع حجم التجارة بين البلدين من 617 مليون دولار عام 2010 إلى 146.6 مليون دولار عام 2023.
وكان الأردن قد استضاف يوم 14 ديسمبر/كانون الأول الماضي اجتماعا حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية 8 دول عربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثل للأمم المتحدة.
إعلان