زيلينسكي في واشنطن: صفقة بلا توقيع… وسلام بلا ملامح
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
#زيلينسكي في واشنطن: صفقة بلا توقيع… وسلام بلا ملامح
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
في عالم ترامب، لا شيء يُمنح بالمجان، ولا شيء يُوقع قبل أن يُحدد الجميع موقفهم بوضوح. جاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن حاملاً قلمه، لكنه عاد به إلى كييف دون أن يخط به حرفًا واحدًا.
“هل تعرف ماذا يعني السلام؟”
عندما جلس زيلينسكي أمام ترامب، لم يكن هناك مجاملات دبلوماسية. لم يسأله ترامب عن عدد الضحايا أو عن حجم الدمار، بل واجهه بالسؤال الأهم: “ما هو السلام الذي تريده؟”
بالنسبة لترامب، السلام ليس وثيقة رومانسية تتحدث عن “الحق والعدل”، بل هو معادلة قائمة على الوقائع الميدانية. الأراضي التي تحتلها روسيا الآن؟ تبقى تحت سيطرتها. وقف إطلاق النار؟ يجب أن يكون فوريًا. وبعد ذلك، يبدأ الحديث عن صيغة تضمن أن الحرب لن تعود، وليس عن عودة الأراضي.
لكن زيلينسكي لم يكن يحمل خطة سلام، بل كان يحمل فقط رغبة في توقيع اتفاقية استثمار المعادن النادرة مقابل تخفيف عبء الفاتورة الباهظة التي قدمتها واشنطن لأوكرانيا: 350 مليار دولار.
“لا توقيع بلا رؤية”
هنا اصطدم الزعيم الأوكراني بحقيقة بسيطة: ترامب ليس من النوع الذي يكتب الشيكات دون شروط. لم يكن يريد اتفاقًا اقتصاديًا فقط، بل كان يريد معرفة إن كان زيلينسكي يفهم القواعد الجديدة للعبة. لا انسحابات روسية، لا شروط مستحيلة، فقط الاعتراف بالواقع الجديد.
لكن زيلينسكي، الذي لطالما راهن على الدعم الغربي، لم يكن مستعدًا للحديث بهذه الطريقة. لم يكن يملك إجابة واضحة، ولم يكن يملك خيارًا أفضل، لذا قرر العودة إلى كييف… دون توقيع أي شيء.
أوروبا بين المطرقة والسندان
ما حدث في واشنطن لم يكن مجرد فشل لزيلينسكي، بل كان رسالة غير مباشرة لأوروبا. ترامب لا يرى القارة العجوز شريكًا بل منافسًا مضاربًا يجب أن يبقى تحت الضغط. رفع الضرائب على الصين والمكسيك وكندا كان البداية، والآن جاء دور أوروبا.
من خلال إبقاء روسيا قوية، يريد ترامب أن تبقى أوروبا في حالة خوف، تعتمد على واشنطن في أمنها، وتدفع أكثر مقابل كل شيء، من الغاز إلى الأسلحة. يريدها سوقًا مضطربة تحتاج إلى الحماية الأمريكية، وليس قوة مستقلة يمكنها فرض شروطها الخاصة.
واشنطن لا تنتظر أحدًا
بينما غادر زيلينسكي واشنطن دون توقيع، كان ترامب قد حسم موقفه: “من لا يعرف ماذا يريد، لا يستحق أن يحصل على شيء”. لم يكن هذا مجرد لقاء عادي، بل كان درسًا قاسيًا في السياسة الدولية، حيث لا مكان للضعف، ولا مكافآت تُمنح مجانًا.
أما زيلينسكي؟ فهو الآن في كييف، يفكر في خطوته القادمة، محاولًا فهم ما إذا كانت واشنطن ما زالت تدعمه… أم أنها ببساطة تنتظر اللحظة المناسبة لبيع “السلام” وفق الشروط الأمريكية وحدها.
هل هذا الدرس حصري لأوكرانيا؟ أم أن الجميع مطالبٌ بفهم “مدرسة ترامب”؟
السؤال الآن: هل كان هذا الاستعراض الترمبي مجرد توبيخ دبلوماسي لأوكرانيا، أم أنه رسالة لكل دولة تحاول أن تخرج عن “السرب الترمبي”؟
ما فعله ترامب بزيلينسكي قد يكون نموذجًا جديدًا للمعادلات السياسية في عهده، حيث لم يعد هناك شيء اسمه “حلفاء مجانًا”. فهل ستفهم العواصم التي تعتقد أن لها “خصوصية” أنها في النهاية ستجلس على الطاولة ذاتها، أمام الحاسبة ذاتها، وتُسأل السؤال ذاته: “ما الذي ستدفعه؟”
في العالم العربي، لطالما كانت السياسة لعبة مصالح وصفقات، حيث القواعد لا تُفرض دائمًا وفق منطق واحد. لكن مع ترامب، الجميع سيواجه نفس المعادلة: “إما تدفع، أو تنتظر دورك في طابور الفاتورة!”.
فهل سنعيش أربع سنوات من “صفقات ترامب”، حيث يكون الرابح الوحيد هو ترامب نفسه؟ أم أن بعض الدول ستنجح في قلب المعادلة، وإيجاد صيغة “رابح-رابح” بدلاً من أن تتحول إلى مجرد حلقة جديدة في سلسلة الفواتير الترمبية المتراكمة؟
الأيام القادمة وحدها ستجيب، لكن من المؤكد أن الصفقة القادمة، أياً كانت، لن تأتي مجانًا
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
أمل الحناوي: حدة الصراع بين واشنطن وطهران زادت بعد عودة ترامب
قالت الإعلامية أمل الحناوي، إن أنظار العالم اتجهت اليوم إلى العاصمة الإيطالية روما حيث انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن تسوية البرنامج النووي الإيراني، بعد استضافة سلطنة عمان مطلع الأسبوع الماضي للجولة الأولى للمحادثات والتي تم وصفها بالإيجابية إلى حد كبير.
وأضافت الحناوي، خلال تقديمها برنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، المذاع على فضائية «القاهرة الإخبارية»، أن المحادثات انطلقت بين الجانبين في مقر السفارة العمانية بروما، وسط احتمالات التهدئة والتصعيد بين الولايات المتحدة وإيران خلال الفترة المقبلة، حيث ترأس الوفد الأمريكي ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي بالشرق الأوسط، فيما ترأس وفد طهران وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وتابعت: «على مدار العقود الماضية، ظلت العلاقات الأمريكية الإيرانية ساحة صراع متقلبة تتراوح بين تهديدات المتبادلة والمفاوضات الهشة، ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، زادت حدة التصعيد وبدت العلاقات متجهة اكثر نحو التوتر والخلاف».