جفاف بحيرة إيرانية يتسبب بصداع لنظام طهران
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
يشير الباحث في مؤسسة حقيقة الشرق الأوسط جوزف إبستين إلى أن إحدى أكبر البحيرات المالحة في العالم والموجودة في إيران قد اختفت تقريباً، ويلقي إيرانيون من أقلية إثنية اللوم على الملالي في طهران
بدأ جفاف البحيرة في الثمانينات بسبب بناء السدود وارتفاع درجات الحرارة
. وكتب في مجلة "نيوزويك" الأمريكية أنه على مدى العقدين الماضيين، تقلصت بحيرة أرومية في شمال غرب إيران، بنسبة 95 % تقريباً، مما أدى إلى تدمير صناعات السياحة وصيد الأسماك التي كانت مزدهرة ذات يوم، بالإضافة إلى موائل الحيوانات المحلية.
وإذا جفت البحيرة فسيتعين إجلاء نحو أربعة ملايين شخص من سكان محافظتي أذربيجان الغربية والشرقية، مع عواصف ملحية خبيثة تجعل أراضيهم غير صالحة للسكن. وهم لن يخرجوا بهدوء.
ماذا حصل؟ خلال الأسبوع الماضي، نزل المتظاهرون الأذريون إلى الشوارع في جميع أنحاء المنطقة. وقبل أسبوع، تجمع المتظاهرون أمام المكتب الإقليمي لمنظمة إدارة الموارد الطبيعية وأحواض المياه الإيرانية في تبريز وهم يهتفون "بحيرة أرومية عطشى!"
ولكن حتى مع تركز اهتمام العالم على احتجاجات النساء الإيرانيات وحلفائهن، تحولت هذه المجموعات أيضاً إلى المقاومة ويمكن أن تسبب صداعات كبيرة للنظام. لا تسمح إيران بإجراء تعداد سكاني، لكن خبراء موثوق بهم يقدرون أن الإثنية الفارسية تشكل أقل من نصف السكان. المجموعة الكبيرة التالية هي الأذريون الذين يشكلون ما يصل إلى ربع السكان. ثم تأتي بعد ذلك مجموعات أصغر ولكن لا تزال مهمة، مثل الأكراد والعرب والبلوش واللور والتركمان.
تظاهرات مستمرة
على مر السنين، أثارت هذه الجماعات احتجاجات متفرقة. في 2005، تظاهر آلاف الأذريين بعد أن صورتهم وسائل إعلامية رسمية بأنهم صراصير. وفي 2013، شكل ألفا عربي سلسلة بشرية للاحتجاج على تحويل مسار أحد الأنهار خلال فترة جفاف شديد. وكانت هناك تظاهرات دامية، بما فيها احتجاجات على التلوث الناجم عن مصافي النفط في مقاطعة خوزستان ذات الأغلبية العربية سنة 2017، وعلى سوء إدارة المياه في جميع أنحاء المحافظة سنة 2021.
وحتى بوجود رقابة على الصحافة، ثمة العديد من العلامات العامة التي تشير إلى تزايد المقاومة. خلال الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني في حجز الشرطة كانت التظاهرات في المناطق ذات الغالبية الأذرية والكردية والعربية والبلوشية أكثر اشتعالاً. وثمة نقطة توتر أخرى في محافظة سيستان وبلوشستان حيث الإثنية البلوشية التي تعاني من نقص مدمر في الوقود يتسبب بطوابير لساعات أمام محطات الوقود بسبب سوء الإدارة الحكومية.
أضاف الكاتب أنه بدلاً من معالجة مخاوف الأقليات الوطنية، يقوم النظام بقمعها. الأقليات معرضة بشكل أكبر لخطر الانتهاكات والاختفاء القسري والإعدام. يشكل الأكراد نصف السجناء السياسيين في البلاد وأكثر من 70 في المئة من عمليات الإعدام القضائية بالرغم من أنهم يشكلون أقل من 10 في المئة من السكان، بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة سنة 2021.
سجنت طهران أساتذة لتدريسهم لغات إثنية بتهمة "تشكيل مجموعات وجمعيات بهدف الإخلال بالأمن القومي". حتى أن طهران منعت الآباء الأذريين من إعطاء أطفالهم أسماء إثنية تقليدية. ويبدو أن طهران بذلت كل ما في وسعها لتظهر للأقليات الإثنية أن الحكومة لن تهتم بها، ولهذا السبب إن الأذريين مقتنعون بأن الحكومة تتجاهل معالجة الأزمة الآتية حول بحيرة أرومية.
تجاهل وتمييز ودوافع أخرى
بدأ جفاف البحيرة في الثمانينات بسبب بناء السدود وارتفاع درجات الحرارة والإفراط في الزراعة. وتم تحذير الحكومة منذ التسعينات من أن سوء إدارة المياه قد يؤدي إلى تدمير البحيرة، لكنها لم تتخذ أي إجراء. وبدلاً من ذلك، كثف المسؤولون بناء السدود على الأنهار القريبة، بل قاموا ببناء طريق سريع في وسط البحيرة، مما أدى إلى تعطيل تدفق المياه.
وبينما تجف بحيرة أرومية، لم تألُ الحكومة أي جهد في توفير المياه للمناطق الفارسية المحتاجة. وهذا لم يغب عن أنظار المتظاهرين. قبل أسبوعين، وزع ناشطون أذريون في مدينة أردبيل المطلة على بحر قزوين منشورات تهاجم النظام بسبب ضخ المياه من بحر قزوين إلى المزارعين في مقاطعة سمنان الذين ينتمون إلى الإثنية الفارسية والذين لطالما أساؤوا إدارة المياه وأهدروها.
حسب الكاتب، ربما يتعمّد النظام إهمال البحيرة لاستخراج الليثيوم من قاعها الجاف في المستقبل، وفق ما ذكرت إذاعة صوت أمريكا السنة الماضية وهو ما ونفته طهران. ويرسم البعض، مثل قناة الناشط على تلغرام غوني أزفرونت، صورة أكثر قتامة: يريد النظام رؤية المنطقة منهارة لتدمير أي احتمال لانفصال أذربيجان في المستقبل.
من غير المرجح حسب إبستين أن تؤدي الاعتقالات والتهديدات إلى تخفيف عزيمة الأذريين. وبالرغم من عقود من القمع، يواصل الأذريون النزول إلى الشوارع للمطالبة بحل. بالنسبة إليهم، يعتبر تجفيف بحيرة أرومية مشكلة وجودية. يمكنهم النجاة من التمييز، لكنهم لا يستطيعون النجاة من دون ماء.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
صحيفة كندية: إحباط محاولة إيرانية لاغتيال وزير العدل الكندي السابق الداعم لإسرائيل
كشفت صحيفة "غلوب أند ميل" الكندية، أن الشرطة الكندية أحبطت مؤامرة البروفيسور إيروين كوتلر، وزير العدل الكندي السابق والوالد بالتبني لميخال كوتلر-وونش، مبعوثة وزارة الخارجية الإسرائيلية لمكافحة معاداة السامية.
وقالت الصحيفة، إن كونلر، البالغ من العمر 84 عامًا، تلقى تحذيرًا أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بشأن تهديد فوري لحياته.
وجاء هذا التحذير بعد تصريحات علنية داعمة لإسرائيل، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر، حيث خضع كوتلر لحراسة مشددة تضمنت مركبات مدرعة وحراسة مسلحة مستمرة.
وبينت الشرطة أن التحذير الأخير كان واضحا وصريحا، مشيرة إلى أن محاولة اغتيال قد تُنفذ خلال 48 ساعة على يد عملاء إيرانيين ينشطون في كندا.
وشغل البروفيسور إيروين كوتلر منصب وزير العدل الكندي بين عامي 2003 و2006، واعتزل السياسة في 2015، ومنذ ذلك الحين، أصبح شخصية بارزة في مكافحة معاداة السامية وجرائم الكراهية. يرأس كوتلر حاليا مركز "راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان"، الذي يركز على مواجهة الأنظمة القمعية والعنف المؤسسي.
وقاد كوتلر حملات لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وهو ما تحقق في كندا في يونيو الماضي، ما أثار غضبًا كبيرًا في طهران. كما مثّل كوتلر سجناء سياسيين إيرانيين وناشطين بارزين ضد النظام الإيراني.
وبحسب التقارير، اعتقلت الشرطة الكندية اثنين من المشتبه بهم في القضية، لكن لم تُعلن تفاصيل إضافية عن التحقيقات. يُذكر أن إيران متهمة بتنفيذ محاولات اغتيال متعددة حول العالم، استهدفت شخصيات سياسية وناشطين بارزين. في وقت سابق من هذا الشهر، كشف مكتب وزارة العدل الأمريكية عن إحباط محاولة إيرانية لاغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ومن جانبها، نفت وزارة الخارجية الإيرانية هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها "مؤامرة مشينة" تقف وراءها إسرائيل ومعارضو النظام الإيراني.
وتعتبر ميخال كوتلر-وونش، ابنة البروفيسور كوتلر بالتبني وعضوة سابقة في الكنيست، شخصية بارزة في الدفاع عن دولة الاحتلال ومكافحة معاداة السامية، حيث خدمت في الكنيست الإسرائيلي عام 2020 ضمن قائمة حزب "أزرق أبيض"، لكنها لم تستمر في منصبها لأكثر من عام، وفقا للصحيفة الكندية.
وبينت الصحيفة، أن الحادثة الأخيرة تسلط الضوء على مدى خطورة الصراعات الدولية المتعلقة بالإرهاب، والدبلوماسية، وحقوق الإنسان، خاصة في ظل تزايد التوترات مع النظام الإيراني.