شتم نتنياهو وأعاد ترامب نشر كلامه.. من هو الاقتصادي جيفري ساكس؟
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
في أكتوبر/تشرين الأول 2024، كان المفكر الاقتصادي الأميركي الشهير جيفري ساكس ضيفا على "اتحاد كامبريدج"، وهي جمعية يديرها الطلاب في جامعة كامبريدج البريطانية، وفي هذا اللقاء تحدث ساكس عن العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية.
وقال في معرض حديثه إنه لا يمكن تعريف الولايات المتحدة الأميركية بأنها دولة ديمقراطية حقا، إذ إن عدد الأميركيين الذين يعرفون قضايا السياسة الخارجية للولايات المتحدة أو الذين يتفقون معها قليل للغاية، وضرب المثل بالغزو الأميركي للعراق باعتباره حلقة في سلسلة قادت فيها الدولة العميقة بالولايات المتحدة عملية تضليل الشعب، إذ إن تلك الدولة -حسب رأيه- كانت تريد الحروب طوال الوقت، وتبيعها للشعب الأميركي من خلال الدعاية الناجحة والمضللة.
On his Truth Social account, Trump just shared a clip of Jeffrey Sachs discussing how Obama and Netanyahu orchestrated wars by scaring the shit out of Americans, and where Sachs calls Netanyahu a "deep dark son of a bitch" because he has embroiled the US in so many wars.
Does… pic.twitter.com/HXavQdDFvd
— Joe Quinn (@SeosQuinn) January 8, 2025
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بعد سقوط الدولة المتوحشة .. أعين فرنسا مسمّرة على مسيحيي سورياlist 2 of 2كيف تعرف أن عقلك يخدعك؟end of list إعلانوقد برعت في الوقت نفسه في بيع فكرة الحرب دائما لهذا الشعب، ونجحت في إثارة مخاوفه، حتى إن في عام 2002، عملت مجموعات من الباحثين المتخصصين في العلاقات العامة بالولايات المتحدة بشكل مكثف بغرض تحضير خطة لكيفية تسويق حرب العراق للرأي العام الأميركي.
في سياق هذا اللقاء، أكد أيضا المفكر الاقتصادي حينها أن غزو العراق عام 2003 كان حربا زائفة أشعلها خلف الستار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مضيفا أن نتنياهو قد تلاعب بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ عام 1995 فصاعدا؛ لمحاولة تحقيق أهدافه منذ ذلك الحين، المتمثلة في التخلص من "أنظمة الممانعة" في الشرق الأوسط وعلى رأسها العراق وإيران. وفي إطار حديث ساكس عن نتنياهو وعن محاولاته الناجحة لجرّ الولايات المتحدة الأميركية للحروب والصراعات، قام أيضا بشتيمته.
معادلات جديدةفي يناير/كانون الثاني 2025، شارك الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب قبل أقل من أسبوعين من أدائه لليمين الدستورية المقطع الذي يسب فيه ساكس بنيامين نتنياهو مع ما يقرب من 8.5 ملايين متابع له على منصة "تروث سوشيال". وقد كان تعامل الصحافة في دولة الاحتلال مع هذا الحدث غريبا، فرغم أن الصحافة الإسرائيلية مشتهرة عادة بتصيُّدها لأي لفظ خارج يتلفظ به مسؤول في أي بقعة في العالم ضد دولة الاحتلال أو رموزها، فإنها في تلك الحالة تعاملت بشكل مختلف تماما.
بحسب "مجلة مومينت" المختصة بالشؤون اليهودية الأميركية وكل ما يتبع ذلك من قضايا بما فيها الصراع العربي الإسرائيلي، فإن مشاركة ترامب لم تتصدر عناوين الأخبار الرئيسية في إسرائيل، ودُفِنت بشكل هامشي بين الأخبار الأخرى في ذلك اليوم، وحتى المعلقون والصحافيون الإسرائيليون الذين علَّقوا على ما حدث مالوا إلى تفسير الأمر باعتباره سوء فهم أو سخرية ودية بين الأصدقاء، وتحدث البعض الآخر في دولة الاحتلال عن أن من المرجح أن ترامب أعاد نشر المقطع لأنه يتحدث عن الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وكيف كانت تُثير حروبا عبثية، وأنه لم ينتبه إلى الجزء الخاص بالشتيمة والنقد المتعلق بنتنياهو في نهاية المقطع.
إعلانفي الواقع، كان نشر هذا المقطع هو حلقة من من حلقات علاقة ترامب بنتنياهو الغريبة والحافلة بالمفاجآت دائما، إذ دائما ما يفاجئ ترامب العالم في هذا الصدد بشكل لا يتوقع أحد إلى أين سيؤول. فبعد فوز دونالد ترامب الكبير في الانتخابات، حذَّر بأشد لهجة بضرورة إعادة المحتجزين الإسرائيليين قبل أن يتقلد منصبه رسميا وإلا سيكون العقاب قاسيا وأن الجحيم سيُصب على الشرق الأوسط.
ثم فجأة، وقبل تقلده للمنصب رسميا بأيام، وجد العالم أن ترامب يضغط على بنيامين نتنياهو، حتى وصف المحللون ما جرى بأن ترامب أجبر نتنياهوعلى القبول بإيقاف حرب الإبادة في قطاع غزة وعقد هدنة مع حركة المقاومة تخلص في النهاية لتحرير المحتجزين.
وعلى جانب آخر، فإن ترامب الذي نشر مقطعا يسب فيه المفكر الاقتصادي جيفري ساكس نتنياهو ويقول إنه يجر الولايات المتحدة لحروب لا علاقة لها بها، هو نفسه الذي عيَّن ماركو روبيو وزيرا لخارجيته، ومايك والتز مستشارا للأمن القومي، وإليز ستيفانيك سفيرة للأمم المتحدة، وهي كلها خيارات تعبر عن التأييد الشديد وربما المطلق لدعم دولة الاحتلال، فضلا عن أنه اختار بنيامين نتنياهو ليكون أول زعيم أجنبي يستقبله في البيت الأبيض.
وفي هذه الزيارة أيضا، أعطى ترامب نتنياهو مفاجأة غير متوقعة منحته دفعة كبيرة على المستوى المحلي، فقد أعلن ترامب في تلك الزيارة عن خطته لقطاع غزة التي تتضمن استحواذ أميركا على القطاع وترحيل الفلسطينيين منه بحيث لا يملكون حق العودة إلى أراضيهم بعد ذلك، ليتحول القطاع إلى ما أسماه ريفييرا الشرق الأوسط بعد تطويره من الولايات المتحدة، وهي الخطة التي احتفى وربما تفاجأ بها نتنياهو ومن معه من اليمين المتطرف، واعتبر نتنياهو ما ذكره ترامب بأنه "أول اقتراح أصيل يسمعه فيما يخص الشأن الفلسطيني منذ سنوات".
إعلانهكذا تشهد علاقة ترامب بنتنياهو تقلبات غير مفهومة، وسواء كان المقطع المصوَّر الذي يسب فيه عالم الاقتصاد نتنياهو مقصودا من ترامب في إطار خطته لاحتواء نتنياهو، أو كان خطأ غير مقصود لأنه لم يشاهد المقطع للنهاية، فإن ثمة احتمال غير ضعيف بأن هذا المقطع هو جزء من سياسة الرئيس الأميركي الجديد في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بطريقة مختلفة تماما عن سابقيه بحيث يؤسس لعلاقة يقوم فيها بحماية رئيس الوزراء وتقديم الهدايا السياسية له، لكن في المقابل ينتظر من رئيس الوزراء أن يكون مطيعا، وألا يظن أن بإمكانه الضغط عليه في أي لحظة كما حدث مع أي رئيس أميركي سابق، فها هو ينشر مقطعا لو كان جو بايدن هو مَن نشره لقلبت إسرائيل بمؤسساتها وإعلامها الدنيا ولم تقعدها، لكن الرئيس الأميركي ينشره الآن غير عابئ بتوضيح أو تبرير، وكأنه يؤسس لعلاقة تؤيد فيها الولايات المتحدة دولة الاحتلال ربما أبعد من أي إدارة أميركية سابقة، لكن في إطار يكون فيه دونالد ترامب هو السيد الذي لا يفكر أحد في الضغط عليه.
نصير الفقراء وعدوهم السابقساكس هو عالم اقتصاد وأستاذ جامعي ذو مكانة عالمية مرموقة، ومؤلف مجموعة من الكتب كانت من الأكثر مبيعا بحسب تعبير موقع الكونغرس الأميركي، بالإضافة إلى كونه واحدا من أهم الرواد على مستوى العالم فيما يتعلق بمجال التنمية المستدامة ومستشارا رفيع المستوى في الأمم المتحدة، كما يشغل منصب مدير مركز التنمية بجامعة كولومبيا.
وقد اختير مرتين من مجلة "تايم" الأميركية باعتباره من أكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم، ووصفته بأنه أشهر اقتصادي في العالم، وبحسب وصف صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية فهو أهم اقتصادي في العالم الآن، في حين صنَّفته دراسة أجرتها مجلة "إيكونميست" الاقتصادية البريطانية بأنه من أكثر ثلاثة اقتصاديين أحياء تأثيرا في العالم خلال العقد الماضي.
لدى ساكس العديد من المؤلفات التي حظيت باهتمام أكاديمي واسع، سواء في مجاله الأساسي الاقتصاد أو في المجال السياسي مثل كتابه "عصر التنمية المستدامة"، وكتاب "بناء الاقتصاد الأميركي الجديد: ذكي وعادل ومستدام"، وكتاب "سياسة خارجية جديدة: ما وراء الاستثنائية الأميركية"، وكتاب "عصر العولمة: الجغرافيا والتكنولوجيا والمؤسسات"، كما أن له ثلاثة كتب كانت من أكثر الكتب مبيعا وهي "نهاية الفقر"، و"الثروة المشتركة: اقتصاد لكوكب مزدحم"، و"ثمن الحضارة". وقد حاز ساكس على جائزة الكوكب الأزرق عام 2015، وهي جائزة تُمنح للجهود المتميزة في مجال البحث العلمي وتطبيقات العلوم التي تحاول المساهمة بشكل فعال في حل المشكلات البيئية العالمية.
إعلانلقد بدأ ساكس مساره الفكري الاقتصادي في الثمانينيات والتسعينيات بمجموعة من الأفكار التي أثارت الجدل لتحيُّزها النيوليبرالي الكبير، وتجاهلها مبادئ الاستدامة والعدالة الاجتماعية والتأثيرات الاجتماعية والبيئية، فكان مدافعا صلبا عن الخصخصة الواسعة السريعة والأسواق الحرة وقطع برامج الدعم الحكومية، وإبعاد يد الحكومات تماما عن الاقتصاد.
وقد تهكَّم مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عام 1989 بعنوان "دكتور الاقتصادات المنهكة" على أن جيفري ساكس، الذي لم يبلغ من العمر وقتها إلا 34 عاما، هو بمنزلة إنديانا جونز عالم الاقتصاد، فهو يذهب في جولات مكوكية بين صندوق النقد الدولي ودول العالم الثالث، فضلا عن الدول المتحولة حديثا من الاشتراكية إلى اقتصاد السوق، ليقنع الجميع بنظريته الاقتصادية التي تتضمن ضرورة إجراء إصلاحات السوق الحرة، وإلغاء الدعم الحكومي المصمم لحماية الفقراء، ورفع الضوابط المفروضة على الأسعار، وبيع كل الصناعات المملوكة للدول، مؤكدا أنه رغم التأثيرات قصيرة المدى العنيفة لهذه الخطة المتمثلة في ارتفاع الأسعار ومعدلات الفقر والبطالة، فإنها على المدى الطويل ستنتج دول متعافية واقتصاديات صحية.
خلال تلك الفترة، كان يُنظر إلى ساكس من بعض الخبراء في المؤسسات المالية الدولية باعتباره "راديكاليا مجنونا"، لأنه ينصح الدول الفقيرة بالتوقف عن سداد ديونها، في حين كان ينظر إليه اليساريون باعتباره "رجعيا مجنونا"، لأنه يريد تطبيق سياسات اقتصادية نيوليبرالية متطرفة يمكنها أن تهلك الفقراء في العالم الثالث.
لقد كانت لدى ساكس رحلة طويلة، بدأت من بوليفيا وانتقلت بعد ذلك إلى بولندا وروسيا وحتى أفريقيا جنوب الصحراء، حيث عمل مع حكومات تلك البلدان على وضع تصورات لتسيير الاقتصاد وُصفت عادة بأنها مثيرة للجدل.
إعلانوبحسب مجلة "ذا نيويوركر" الأميركية، ربما كانت تجربة ساكس في روسيا هي الأكثر إثارة للجدل، حيث تجاهل التحذيرات الاقتصادية العديدة التي أفادت بأن روسيا ليست مستعدة للتحول الفوري للرأسمالية، ومع ذلك فقد ضغط من أجل تحرير الأسعار بين عشية وضحاها، وخفض الإقراض الحكومي بشكل حاد، وخفض الإعانات المقدمة للمستهلكين والشركات في روسيا، فضلا عن تسريع الخصخصة وبيع الشركات المملوكة للدولة.
وقد أدى برنامج الإصلاح الذي ضغط ساكس من أجل تنفيذه إلى أن تشهد روسيا تضخما كبيرا وتدهورا بالغا في إنتاجها الصناعي، فضلا عن كل التأثيرات الاجتماعية الدرامية كالانخفاض في متوسط الأعمار، وارتفاع معدلات الجريمة والفقر، وانتشار الفساد على نحو قياسي من قِبَل رجال المال والأعمال، والتنظيمات العصابية التي استفادت للغاية من إجراءات صدمة الخصخصة.
لكن ساكس دافع عن سياساته التي دفع بها في روسيا ما بعد الحرب الباردة، ويعتقد أن ما أفشل خططه ليس أفكاره وقتها في حد ذاتها، وإنما سياسات الولايات المتحدة الأميركية التي رفضت أن تفعل مع روسيا بعد الحرب الباردة ما فعلته مع أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، إذ رفضت تطبيق خطة مارشال روسية، بالإضافة إلى الدور السلبي الذي لعبه صندوق النقد الدولي الذي فشل في تقديم الدعم الكافي للروبل، بحسب رأيه.
عموما، إن الإطار النظري الذي قدّمه ساكس للدول في تلك المرحلة وأقنع به الكثير من الزعماء في العالم الثالث هو نظرية العلاج بالصدمة، التي تعني ببساطة أن الاقتصادات في رحلة تحوُّلها من الاقتصاد المتدخل فيه بشدة من الحكومة إلى اقتصاد السوق الحر ستعاني من ألم شديد، وأفضل طريقة لفعل ذلك هو القيام بالإجراءات المؤلمة جميعا في أسرع وقت حتى لا يطول الألم، وهذه الإجراءات الصادمة التي ينبغي أن تحدث بأسرع وقت هي تحرير التجارة، ورفع الدعم، والخصخصة الشاملة، وإزالة ضوابط الأسعار، وغير ذلك من الإجراءات النيوليبرالية.
إعلانوالواقع أن البلدان التي دفعها ساكس بهذا الاتجاه باقتراحاته فيها لم تشهد الكثير من النجاح بعد ذلك، فبوليفيا ربما كانت أنصع قصصه، حيث انخفض التضخم فيها بفضل نصائحه من 24000% إلى 15% خلال عام واحد، لكن ظلت معدلات الفقر مرتفعة للغاية، والتفاوت الطبقي في ازدياد. أما في بولندا فقد تسببت أفكاره في ازدياد معدلات الفقر والبطالة لدرجات قياسية، وصحيح أن اقتصادها تعافى في النهاية، لكن على حساب الكثير من المعاناة للفقراء، وروسيا كما سبق وذكرنا كانت هي القصة الأفشل تماما من بين قصص ساكس.
كان الفشل الذريع في روسيا وما تبعه من ازدياد مروّع في معدلات الفقر والجريمة فرصة لساكس ليراجع دفاعه الكبير عن السياسات النيوليبرالية والعلاج بالصدمة رغم تحميله ما حدث في روسيا لأطراف أخرى، ومع نهاية التسعينيات وبدايات القرن الجديد كان ساكس قد اختلف تماما على صعيد رؤيته المطروحة، فبدلا من دفاعه المستميت عن تحرير الأسعار والأسواق ووقف برامج الدعم، بات مفكرا تنمويا يهتم ويكرس وقته وبحثه لقضايا الفقر والتنمية، ويتصور في نموذجه التنموي دورا تلعبه الدولة في الاقتصاد، وليس فقط تسريع الخصخصة وإيقاف الدعم عن الفقراء كما كان يقول سابقا، وبدأ أيضا ينتقد برامج المؤسسات المالية الدولية التي تفرض إجراءات التقشف وخفض الإنفاق الحكومي على الدول الفقيرة.
لقد بدأ ساكس يهتم أكثر بالشرائح المتأثرة سلبا بالنظريات النيوليبرالية التي كان يتبنّاها سابقا، ولم يعد ينظر إلى الاقتصاد باعتباره أرقاما مجردة، فلم يعد هذا الشخص المهووس بخفض التضخم ولو على حساب فقد الملايين لوظائفهم وصحتهم وكرامتهم. وبحلول منتصف العقد الأول من القرن الحالي، بات ساكس واحدا من أهم المفكرين التنمويين في العالم، ويساعد الأمم المتحدة في وضع برامج وأهداف التنمية العالمية.
إعلان انحياز ساكس لفلسطينجيفري ساكس، الذي وُلد لعائلة يهودية، قد طوّر آراءه فيما يخص الشأن الفلسطيني على مر السنين، ليصبح شديد الاقتراب من المَظْلَمة الفلسطينية ومدافعا عنها. بالنسبة لساكس، المشكلة بدأت منذ وعد بلفور وقرار التقسيم والاستيلاء على أراضي أصحاب الأرض "الفلسطينيين" عنوة، وبناء دولة عليها دون أن يسألهم أحد عن رأيهم، وبالنسبة له فإن دولة الاحتلال منذ ذلك الوقت تقف أمام أي حل سياسي حقيقي يمنح الفلسطينيين أبسط حقوقهم في إقامة دولة لهم.
كان جيفري ساكس ناقدا شديدا لدولة الاحتلال، وتحديدا رئيس وزرائها وتياره خلال فترة الحرب السابقة، ويرى ساكس أن الولايات المتحدة الأميركية بقيادة الرئيس جو بايدن قد تورطت في سياسة إبادية تدعم الحرب والسياسات المروّعة لدولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني. بالنسبة لساكس فإن اللوبيات الإسرائيلية شديدة النجاح في الولايات المتحدة الأميركية، فهي تشتري -حسب رأيه- ولاء ومواقف أعضاء الكونغرس وسياسة الولايات المتحدة الخارجية بالتبعية بمبالغ زهيدة، وينعكس هذا بعد ذلك على دعم أميركي بتريليونات الدولارات لدولة الاحتلال.
بالنسبة لساكس أيضا فإن الأمر لن يتغير في عهد ترامب عن سياسة بايدن الداعمة لحرب الإبادة على الفلسطينيين، فهو يرى أن نتنياهو الذي دفع بالولايات المتحدة إلى الكثير من الصراعات في العقدين الماضيين ما زال قادرا على التأثير على السياسة الأميركية، ويبدو من وجهة نظر ساكس أن الرئيس الأميركي الجديد سيسير على الخط نفسه الموالي لنتنياهو وطموحاته، ووفقا لرأيه أيضا فإن ترامب حين لعب دورا في إيقاف الحرب علقت عليه الكثير من الآمال للدفع بالسلام، لكن مع خطته التي تفتقد إلى الواقعية والقانونية التي أعلنها حول غزة فإنه قد جنى كراهية العالم للولايات المتحدة الأميركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان أبعاد الولایات المتحدة الأمیرکیة الرئیس الأمیرکی بنیامین نتنیاهو دولة الاحتلال معدلات الفقر رئیس الوزراء جیفری ساکس فی العالم الکثیر من فی روسیا بعد ذلک فضلا عن
إقرأ أيضاً:
الصين تعلمت الدرس من اليابان.. كيف تهزم البحرية الأميركية؟
مقدمة الترجمة
في عام 2022، تفوقت البحرية الصينية رسميا على نظيرتها الأميركية من حيث عدد القطع العاملة، لكن الولايات المتحدة ظلت مطمئنة إلى أن تفوقها النوعي الكبير سيظل حاسما في أي مواجهة بحرية مع الصين، بغض النظر عن عدد السفن.
غير أن أستاذ الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، ستيفن بيدل، ومحلل القوات البحرية في مكتب الميزانية التابعة للكونغرس، إيريك لابس، يجادلان بأن هذا التقدير ينطبق فقط على المعارك قصيرة الأمد، أما في حال نشوب معركة بحرية طويلة بين الولايات المتحدة والصين، فإن البحرية الأميركية ستعاني، ليس فقط بسبب نقص عدد السفن، ولكن الأهم بسبب صعوبة وبطء وتيرة استبدالها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كندا لترامب وأوكرانيا لبوتين وتايوان لشي.. ملامح النظام العالمي الجديدlist 2 of 2نبوءة ميرشايمر.. هل اقتربت الحرب المدمرة بين أميركا والصين؟end of listينبع تفوق الصين العددي من حقيقة مهمة هي أن قدرات صناعة السفن الخاصة بها تفوق الولايات المتحدة بأكثر من 200 ضعف، وهذه القدرة الصناعية الضخمة وحدها هي التي توفر التدفقات اللازمة من السفن لخوض المعارك الطويلة.
في الحقيقة، كان هذا الدرس الرئيسي من المواجهة البحرية بين الولايات المتحدة واليابان خلال الحرب العالمية الثانية، حين نجحت واشنطن في هزيمة البحرية اليابانية المتفوقة من حيث التقنية والخبرات بسبب قوة مجمعها البحري الصناعي الذي أعاد بناء الأسطول الأميركي كاملا خلال زمن الحرب.
إعلانتبدو الصورة معكوسة تماما اليوم، حيث تعمل الولايات المتحدة بافتراض أن الأسلحة والتدريب المتفوقَيْن سيعوّضان بطء بناء السفن، ويسمحان لأسطولها المتفوق بالانتصار بسرعة في حرب بحرية مع الصين.
على النقيض من ذلك، تشبه البحرية الصينية الأسطول الأميركي في فترة الحرب العالمية الثانية، فهي أقل قدرة من الناحية النوعية، ولكنها تتمتع بقدرة بناء سفن أكبر بكثير، مما يسمح لها بالتعافي بسرعة من الخسائر المبكرة للحرب، وبمرور الوقت، التغلب حتى على خصم أكثر مهارة لا يستطيع إنتاجه مواكبة متطلبات الحرب الطويلة.
على مدى السنوات الماضية، تزايدت بشكل مطرد المخاوف بشأن البحرية الصينية والتهديد المحتمل الذي تُمثِّله للمصالح الأميركية.
فقبل عقدين من الزمان، كان لدى البحرية الأميركية 282 سفينة قتالية مقابل 220 سفينة للبحرية الصينية، ولكن بحلول منتصف العقد الأول من القرن 21، اختفت هذه الميزة تماما. واليوم، يفوق عدد السفن الصينية نظيرتها الأميركية، بواقع 400 سفينة لدى بكين مقابل 295 لدى واشنطن.
وفي حال استمرار وتيرة بناء السفن في الولايات المتحدة كما هي دون تغيير، فإن ما باتت تُعرف باسم "فجوة السفن" ستستمر في النمو والاتساع.
بالطبع، لا تعكس الأرقام الأولية جودة السفن البحرية أو قدراتها، كما أنها لا تعكس استراتيجيات أيٍّ من الجيشين أو القدرات البرية ذات الصلة أو غيرها من العوامل التي يمكن أن تؤثر على الحرب البحرية. وعادة ما تكون السفن الأميركية أكبر من نظيرتها الصينية، كما أنها تُجهَّز بأجهزة استشعار أكثر تقدما، فضلا عن الإلكترونيات والأسلحة المتفوقة.
على سبيل المثال، تتكون قوة الغواصات الصينية في الغالب من غواصات تقليدية تعمل بالديزل، في حين أن الغواصات الهجومية 49 التي تشغلها البحرية الأميركية تعمل جميعا بالطاقة النووية وتمتلك قدرات أكبر بكثير.
إعلانوبالمثل، تمتلك البحرية الأميركية عددا أكبر من حاملات الطائرات والسفن الحربية الأكبر والأقوى، مثل الطرادات والمدمرات، ناهيك بكون تلك السفن تُشغَّل بواسطة أطقم أفضل تدريبا وتحت قيادة ضباط أكثر خبرة. وقد أظهرت البحرية الأميركية مهارات تكتيكية ممتازة خلال العمليات الأخيرة ضد الحوثيين في اليمن، وهي خبرة واقعية تفتقر إليها البحرية الصينية.
ولكن القدرة الهائلة لبناء السفن الصناعية التي منحت الصين تفوقها العددي، توفر أيضا مزايا مهمة في خضم أي حرب طويلة، وهي مزايا لا يمكن للجودة أو المهارة الفائقة تعويضها كليًّا.
تمتلك الصين أكبر صناعة لبناء السفن في العالم بفارق ضخم عن أقرب منافسيها، وهي تطلق حمولة طنية جديدة في كل عام أكثر من بقية دول العالم مجتمعة. ووفقا لمكتب الاستخبارات البحرية الأميركي، فإن قدرة الصين في هذا القطاع تتجاوز قدرة الولايات المتحدة بأكثر من 200 ضِعف.
في الوقت الحالي، تُشكِّل السفن التجارية معظم ناتج صناعة السفن الصينية، وحتى مع الأخذ بالاعتبار أن السفن الحربية الحديثة أكثر تعقيدا في البناء، ففي سياق حرب طويلة يمكن لأحواض بناء السفن التجارية في الصين أن تعيد توجيه نشاطها، وستمنح هذه الإمكانات الصناعية الهائلة الصينَ القدرةَ على التوسع بسرعة أو استبدال الخسائر التي تلحق بأسطولها، وهي ميزة كبيرة لا تستطيع الولايات المتحدة مجاراتها.
يتشابه الوضع الحالي إلى حدٍّ بعيد، من حيث نقاط القوة والضعف، مع مشهد الصراع البحري بين الولايات المتحدة والإمبراطورية اليابانية على مسرح المحيط الهادي إبان الحرب العالمية الثانية. في بداية ذلك الصراع، كانت البحرية الأميركية أقل مهارة وخبرة من نظيرتها اليابانية، لكنها كانت مدعومة بقدرةٍ صناعية أكبر بكثير، مما سمح لها بالتفوق على عدوها في بناء السفن والتغلب عليه في حرب طويلة.
إعلانوكما هو واضح، فإن الوضع معكوس اليوم مع الصين، وعليه فإن الولايات المتحدة تحتاج أولا إلى إدراك عواقب ضعف قدرتها الصناعية، ثم التحرك بسرعة لمعالجة هذا النقص، بما يشمل توسيع قدرات بناء السفن، وربما حتى تخزين المواد الأساسية المطلوبة للبناء المحتمل في زمن الحرب.
وينبغي للولايات المتحدة أن تنظر إلى البحرية الصينية وترى الإمكانات المرعبة لما كانت عليه يوما، وتستجيب على الفور وفقا لذلك، قبل أن يصبح الوقت متأخرا بالفعل على التصرف.
تاريخيا، كانت الحروب البحرية مدمِّرة للغاية. فمنذ منتصف القرن 17 وحتى نهاية الحرب الباردة، خسرت القوات المهزومة في المعارك البحرية قرابة ثلث أساطيلها المقاتلة في المتوسط، وفي 13% من الحالات، كان الجانب الخاسر يُباد تماما.
وحتى القوات المتفوقة ماديا ربما تخسر بعض المعارك، ففي عام 1941، عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، كانت بحريتها متفوقة عدديا على البحرية الإمبراطورية اليابانية، ومع ذلك عانت أميركا من سلسلة من الهزائم المبكرة المكلفة، بما فيها الهجوم المفاجئ على "بيرل هاربر"، والمعارك اللاحقة في مضيق بادونغ، وبحر جاوة، ومضيق سوندا، في المياه المحيطة بجزر الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا حاليا).
لتجنب دوامة الموت، حيث تخلق الخسائر المبكرة مشكلات مزمنة تُعجِّل بالمزيد من الخسائر، تحتاج القوات البحرية في الحروب الكبرى إلى أن تكون قادرة على أن تعوّض السفن البحرية المدمرة بأخرى جديدة في أسرع وقت ممكن.
في أوائل الأربعينيات من القرن 20، تمكنت الولايات المتحدة من القيام بذلك مُطلقةً العديد من السفن الجديدة، لدرجة أنها في العام الذي تلا "بيرل هاربر" زادت حجم أسطولها بأكثر من الضعف، حتى مع استمرار البحرية في تحمل خسائر فادحة في المعارك. على النقيض من ذلك، استطاعت القدرة الصناعية المحدودة لليابان بالكاد تعويض ما كانت تخسره بحريتها في المعارك، ناهيك بزيادة حجم أسطولها.
إعلانيمكن لهذه الميزة على صعيد بناء السفن أن تجعل مسار صراع طويل الأمد دراميا. فعندما دخلت البحرية الأميركية الحرب العالمية الثانية، كان لديها فقط 7 حاملات طائرات كبيرة وحاملة مرافقة واحدة، وبحلول نهاية الحرب، كان لديها 28 حاملة طائرات كبيرة و71 حاملة مرافقة. وفي عام 1940، لم تكن الولايات المتحدة تمتلك أي سفن برمائية، وبحلول نهاية الحرب، كان لديها 2547 سفينة.
وبحلول أغسطس/آب 1945، كان حجم الأسطول الأميركي أكبر من حجم الأسطول الياباني بأكثر من 20 ضِعفا، وكانت الغالبية العظمى منه تتكون من سفن لم تكن موجودة عند بدء الحرب. لقد كانت هذه البحرية الجديدة، التي بُنيت بأكملها خلال الحرب، هي التي سحقت اليابانيين.
من جانبهم، أدرك القادة اليابانيون الإمكانات الصناعية المتفوقة للولايات المتحدة، وأدركوا أن بناء السفن الأميركية سيتفوق عليهم في حرب طويلة. ومع ذلك، كانوا يأملون أن مزيجا من السفن المتفوقة والبحارة المدربين تدريبا عاليا يمكن أن يعوِّض هذا العيب ويضمن تحقيق انتصارات سريعة. خطط اليابانيون بعد ذلك لبناء سلسلة من تحصينات الجزر عبر المحيط الهادي من شأنها أن تُثني الولايات المتحدة عن شن هجوم مضاد، وتجبرها على تسوية مبكرة بالشروط اليابانية.
وبالفعل سارت الحرب في البداية بالطريقة التي توقعها اليابانيون، حيث لعبت كفاءتهم في القتال الليلي والطوربيدات والطائرات المقاتلة أدوارا حاسمة في سلسلة من الانتصارات اليابانية المبكرة. ولكن بدلا من التسوية، واصلت الولايات المتحدة القتال بينما عجزت اليابان عن إنهاء الصراع بسرعة، فعلقت في حرب استنزاف طويلة أثبتت فيها إمكاناتها الصناعية المتدنية أنها مدمرة ذاتيا.
تلعب ديناميكيات مماثلة دورا في المنافسة البحرية القائمة اليوم بين الصين والولايات المتحدة، ولكن مع تبادل الأدوار. فمثل اليابان في الحرب العالمية الثانية، تعمل الولايات المتحدة بافتراض أن الأسلحة والتدريب المتفوقَيْن سيعوّضان بطء بناء السفن ويسمحان لأسطولها المتفوق بالانتصار بسرعة في حرب بحرية مع الصين.
إعلانعلى النقيض من ذلك، تشبه البحرية الصينية الأسطول الأميركي في الفترة التي سبقت "بيرل هاربر"، فهي أقل قدرة من الناحية النوعية من خصمها، ولكنها تتمتع بقدرة بناء سفن أكبر بكثير، مما يسمح لها بالتعافي بسرعة من الخسائر المبكرة للحرب، وبمرور الوقت التغلب حتى على خصم أكثر مهارة لا يستطيع إنتاجه مواكبة متطلبات الحرب الطويلة.
تُعد فترة الإنتاج الطويلة والمتزايدة باستمرار مشكلةً جوهرية تواجه صناعة بناء السفن الأميركية، فمعظم تصاميم السفن الحربية الحديثة تستغرق وقتا أطول بكثير في البناء مقارنة بنظيراتها في الحرب العالمية الثانية.
وفي الوقت نفسه، أصبحت الصناعة الأميركية أقل كفاءة بصورة متزايدة، إذ يستغرق بناء حاملة طائرات في الولايات المتحدة في المتوسط 11 عاما، بينما يستغرق بناء غواصة هجومية نووية أو مدمرة 9 أعوام. وقد ازدادت هذه الجداول الزمنية بشكل كبير على مدار الأعوام 15 الماضية، حيث واجه صُناع السفن الأميركيون صعوبة في توظيف العمال المهرة والاحتفاظ بهم، مما يُصعّب على أحواض بناء السفن الأميركية تلبية الطلبات المتزايدة من البحرية.
لمعرفة إلى أيّ مدى يُعد هذا الجدول الزمني بطيئا، ربما علينا الإشارة إلى أنه خلال الحرب العالمية الثانية كان يمكن بناء حاملة طائرات فيما يزيد قليلا عن عام واحد، بينما استغرق بناء غواصة في الحقبة نفسها ما لا يزيد عن بضعة أشهر.
وإذا تكبدت البحرية الأميركية اليوم خسائر فادحة في المرحلة الأولى من الحرب، فسيستغرق الأمر وقتا طويلا جدا قبل أن تتمكن القاعدة الصناعية الدفاعية من بناء بدائل، فضلا عن توسيع الأسطول. أما إذا فُقدت حاملة طائرات في معارك اليوم، فقد لا تُستبدل لعقود، وربما لا تُستبدل للأبد.
إعلانتزيد هذه المشكلة تعقيدا بفضل التقدم المطرد الذي تحرزه الصين ويتسبب في تآكل التفوق النوعي للولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، تكاد تكون المدمرة الصينية الشبحية من نوع "رينهاي" المعروفة باسم "طراز 055" مكافئة للطرادات والمدمرات الأميركية الحالية.
وفي عام 2020، أبلغ مكتب الاستخبارات البحرية الكونغرس أن السفن البحرية الصينية أصبحت الآن "في كثير من الحالات قابلة للمقارنة" مع نظيراتها الأميركية، وأن الصين "تسد سريعا الفجوة في جودة التصميم". كما تبني بكين المزيد من حاملات الطائرات والغواصات النووية أيضا، وفي نحو نصف الوقت الذي تستغرقه أحواض بناء السفن الأميركية حاليا لبناء أنواع السفن نفسها. وتمتد القدرة الصناعية المتفوقة للصين إلى الذخائر، مما يزيد من نقاط ضعف الولايات المتحدة في حال خوض حرب طويلة الأمد.
من نافلة القول الإشارة إلى أنه ليست كل الحروب طويلة الأجل. وقد تخيلت العديد من المناورات الحربية الأخيرة في مضيق تايوان صراعات قصيرة، تنتهي خلالها الحملة العسكرية برُمَّتها في غضون أسابيع قليلة.
في الحقيقة، كانت بعض الحروب التي وقعت خلال العقود الأخيرة قصيرة بالفعل، مثل حرب الخليج (1990-1991) التي دامت أقل من 7 أشهر، والحرب الروسية الجورجية عام 2008 التي انتهت خلال 16 يوما، وحرب ناغورني قره باغ الثانية عام 2020 التي استمرت زهاء شهر ونصف.
ولكن هناك العديد من الأمثلة المعاكسة أيضا، ففي أعقاب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022 على سبيل المثال، توقع القليلون أن تكون أوكرانيا قادرة على الدفاع عن نفسها ضد عدو متفوق ماديا لأكثر من 3 سنوات. ومن المؤكد أن اليابان الإمبراطورية لم تخطط لصراع لمدة 4 سنوات تقريبا مع الولايات المتحدة بعد "بيرل هاربر".
وبافتراض أن الحروب المستقبلية ستكون قصيرة، فإن البحرية الأميركية تُعرِّض أسطولها -وبالتالي المصالح الأميركية- لمخاطر كبيرة.
إعلانعلى جانب آخر، يراهن الكثيرون أن أحواض بناء السفن الصينية ربما لا تصمد طويلا في زمان الحرب بما يكفي لبناء أسطول ضخم. خلال الحرب العالمية الثانية، كانت يد اليابان القصيرة (أي عجزها عن الوصول إلى أحواض بناء السفن في الولايات المتحدة) هي السبب في أن واشنطن أنتجت سفنها بأريحية تامة دون مضايقة من عدوها.
في المقابل، ستكون أحواض بناء السفن الصينية على ساحل المحيط الهادي أكثر عُرضة للهجمات الأميركية في عالم اليوم. لكن اختراق مظلة الدفاع الجوي الصينية بما يكفي من الذخائر لتدمير أو إضعاف صناعة هائلة وواسعة النطاق تُعد مهمة ضخمة للقوات الأميركية التي تعمل على بُعد آلاف الأميال من البر الرئيسي للولايات المتحدة، فضلا عن أن ذلك الهجوم يمكن أن يؤدي إلى إثارة الانتقام، مما قد يدفع الصين إلى التصعيد ضد الأراضي الأميركية، ربما بالأسلحة النووية.
رغم ذلك، يبدو السعي لحل هذه المشكلة عن طريق مضاهاة قدرات بناء السفن الصينية التي تفوق نظيرتها الأميركية؛ أمرا غير عملي. ولكن ربما يستطيع حلفاء الولايات المتحدة تعويض بعض النقص، حيث تُعدّ كوريا الجنوبية واليابان ثاني وثالث أكبر بُناة السفن في العالم على التوالي، وتتفوق الطاقة الإنتاجية المحلية لكلٍّ منهما على الولايات المتحدة.
لكن احتمالية تعرضهما للهجمات الصينية، فضلا عن حساباتهما السياسية المعقدة في سيناريوهات مختلفة للصراع الأميركي-الصيني، هي عوامل تخلق شكوكا بشأن إمكانية الاعتماد عليهما، هذه الشكوك تُترجم إلى مخاطر استراتيجية بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
يمكن أن تشمل الخيارات الأخرى تخزين المكونات الأساسية اللازمة لبناء السفن خلال أوقات السلم، مثل أعمدة الدفع أو مكونات الدفع النووي، وفي حالة الحرب، يمكن للبحرية الأميركية الاستفادة من هذه الإمدادات لتسريع عملية البناء. كما يمكن للولايات المتحدة بناء قدرات صناعية أكبر مما هو مطلوب في أوقات السلم للسماح بالتوسع بسهولة أكبر خلال الحرب.
إعلانولربما تدرس البحرية الأميركية أيضا توسيع محفظة بناء السفن لتشمل سفنا جديدة مثل السفن المقاتلة السطحية المزودة بالصواريخ على غرار العديد من الفرقاطات التي تبنيها الصين، والتواصل مع أحواض بناء السفن التي لا تبني بالفعل سفنا تابعة للبحرية أو خفر السواحل لإنتاجها.
ويُعدّ شراء سفن غير مأهولة بأسعار معقولة نسبيا لاستخدامها بطرق مبتكرة إلى جانب سفن البحرية العادية؛ طريقة أخرى للحصول على الإمدادات من أحواض بناء السفن المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للولايات المتحدة تسليح المزيد من سفنها التي لا تحمل صواريخ حاليا، مثل سفنها البرمائية أو سفن الدعم، أو حتى الاستعداد لتحويل السفن التجارية لحمل الصواريخ بوصفها وسيلة لزيادة حجم أسطولها سريعا في أي مواجهة محتملة مع البحرية الصينية.
وراء ذلك كله، ينبغي توسيع نطاق النقاشات حول توازن البحريتين الصينية والأميركية لتشمل ديناميكيات الإنتاج التنافسي خلال الحروب البحرية الطويلة. صحيح أن المقارنات التاريخية لا تسهم في اتخاذ قرارات سليمة بشأن السياسات الدفاعية إلا بقدر محدود، لكنها قد تساعد في تحديد الأخطاء المحتملة، كالدخول في حرب بحرية طويلة ضد خصم أكبر، دون قاعدة صناعية قادرة على المنافسة.
____________
هذه المادة مترجمة عن فورين أفيرز ولا تعبر بالضرورة عن الجزيرة نت