د. عصام محمد عبد القادر يكتب: المعايشة التربوية... تكامل البناء
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
تستهدف المعايشة التربوية، صَقْل خبرات التعلم بصورة وظيفيّة، لدى المتعلمين، والعمل على ربْطها بالواقع المُعاَش؛ كي يتسنّى للمتعلم أن يستشعر قيمة ما يكتسبه من خبرات معرفيّة، ومهاريّة، ووجدانيّة، وهنا نتحدث بصورة مُركّزة على فلْسفة التكامل في بناء الإنسان، والذي لا يتأتى بعيدًا عن التخطيط لبعض البرامج المقصودة التي تُسْهم في تحقيق المُراد؛ لذا من ينادِي بالمُعايشة التربوية سواءً في البيئة التعليمية، أم ساحات المؤسسات الرسميّة، أم خارج هذا الإطار، فإنه يرى أنها فرصةٌ سانحةٌ؛ لبناء سليم يخرجنا من بوْتقة التقليدية، وزخَم اعتياد بعض الممارسات، والأداءات بعينها.
والمعايشة التربوية يلْزمها تجهيزات تحقق أمرين مُهمّيْن، أولهما ينْبري حول توافر البيئة الآمنة، وثانيهما يقوم على الدَّعم اللُّوجسْتي اللازم؛ لتنفيذ مهام الأنشطة، التي يؤديها المتعلمون داخل إطار المعايشة، وفق جدولها الزمنيّ، وتعليماتها المُحددَّة، وتحت إشرافٍ، وتوجيه من المعلم، أو ممن يقوم بإدارة بيئة المعايشة التربوية؛ ومن ثم نضْمنُ توافر المُعْطيات الرئيسة، التي من شأنها أن تساعد في إنْجاح المُعاَيشَة.
وثَمّتْ وجهة نظر، يتوجب طرْحُها بشأن المُعاَيشَة التربوية، تكْمن في تعميم المسْئولية تجاه تحقيق غاياتها المنْشُودة؛ ومن ثم يجب أن تشارك كافة مؤسسات الدولة، في توفير الدعم اللازم، بما يضمن نجاح مسْتهدفات المُعاَيشَة التعليمية؛ لذا فإن إتاحة ساحات الملاعب، والأنْدية، أو المصانع، أو المراكز البحثيّة، أو الفنادق السياحيّة القريبة من المحميّات، والمناطق الأثريّة، والبحريّة، أو غير ذلك من مقدّرات المؤسسات الرسميّة بالدولة بصورة منظمة، وتحت إشراف مؤسسيّ، يُثْري بيئات المُعاَيشَة التربويّة؛ ومن ثم نتوقع نتائجَ مُبْهِرة، جرّاءَ هذا التعاون الإيجابيّ في صورته الشُّموليّة.
لنا أن نتصوّر الفوائدَ التي تتمخَّضُ عن مُعاَيشَة المتعلم، عبْر الزّيارات إلى أماكن التصنيع، ورؤْية العين لمسارات العمل، والإنتاج، وما يحدث أثرًا لزيارة ما نمتلكه من متاحفَ، ومواقع أثريّة، في شتّى ربوع الوطن، وما يعزز لديه من شغف العلم جرّاءَ زيارة المُخْتبرات، والمعامل الكبرى، التي تجري بها البحوث، والتجارب، وما يكتسبه من مهارات حيال ملاحظة مباشرة لأداء المهن، والحِرَف، في بيئاتها المختلفة، وما يقع في نفْسه، أثناء تواجده في خِضَمّ مشروعات قوميّة، يشاهد خلالها نتاجًا، وعملًا مستمرًا، وصورة مُبْهرةً لمشهد الإعْمار، وفق مخططاته الاسْتراتيجيّة، إلى غير ذلك من صور المُعاَيشَة ، التي يصعب حصْرها.
إذا ما أردنا أن نُعزز ماهية ما نسميه (اتيكيت) التعامل؛ فلا أفضلَ من المُعاَيشَة التربويّة التي تغْرِسُ في ذهن المتعلم قيم التَّعامل الرّاقي، وتحثَّه على الالتزام بالوقت، وتقدير أهميّته، وقيمته، وهنا نحصد سلوكًا مُنْضبطًا، يتماشى مع ما تم التوافق عليه من قواعدَ يتم الإعلان عنها قبل البِدء في فعاليات المُعاَيشَة، ومسارات العمل في أنْشطتها؛ فرُغْم كثافة الأعداد في بعض الأحيْان؛ إلا أن الاصْطِفاف السّريع، وسُرْعة الاستجابة، والعمل بالقواعد، وتنفيذ التعليمات تقضي على العشوائيّة، والتخبط، ولا تدعُ مجالًا للفوضى، أو الارتباك في المشهد العام.
إنّ تكامل البناء يكمن في تعْضيد فلسفة الاعتماد على النفس، من قِبلِ كل متعلم داخل إطار المُعاَيشَة التربويّة، وهذا لا ينْفكُّ عن مراعاة شعور الآخرين، والاتّزان الانْفعالي، وكَبْح الممارسات التي تضِيرُ بالغير، وتُحْدثُ نوعًا من زعْزعة الاستقرار داخل المجموعات، أو بينها، وهنا يتبادر إلى الذهن ضرورةُ تدريب المتعلمين على التّواصل الكليّ، مع معلمهم أثناء المُعاَيشَة التربويّة؛ فما أرْقى استيعاب لُغَة الجسد! كلغةٍ للتواصل؛ فيشعر الفرد ما تُبْديه النّظرات، وما تُعْنيه الإشاراتُ، وما تحمله ثنايا تعبير الوجه من انفعالات تحمل القبول، أو الرفض للممارسات، وهذا لا يعني أننا بصدد تجاهل التّواصل اللفظيّ؛ لكن نرغب في المزيد من ترْقية الوِجْدان عبر الإحساس في صورته الحميدة.
إنّ ما تقوم به مُؤسْسَتُنَا التربويّة، داخل أسْوارها، من مهام، تُعد عظيمةً في مجملها، وما تستهدفه المُعاَيشَة التربوية، خارج، أو داخل الأسْوار من قُبيل التكامل، في إحداث بناء إنسانٍ قادرٍ على العطاء، مُعْتمدًا على ذاته، لديه ثِقةٌ في قدراته، لا يعوُقُه الخطأُ، بل يتعلّمُ منه، وينْطلقُ بقوة نحو اكتساب المزيد من الخبرات، والتعمق في خلَجَاتِها، ولا تعوُزُه نُدْرةُ المُقوّماتُ؛ لكن يسعى دومًا إلى حل ما يواجه من مُشْكلاتٍ؛ ومن ثم يتغلبُ على صور التحدّيات الآنيةِ منها، والمُسْتقبليّة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التربية الإتيكيت التنشئة المزيد ة التربویة التی ت ومن ثم
إقرأ أيضاً:
الماجستير للباحث لطف الشامي في الإدارة والتخطيط التربوي
الثورة نت../
نال الباحث لطف مطهر عبدالله الشامي درجة الماجستير بامتياز بنسبة 95% من كلية التربية جامعة صنعاء عن رسالته الموسومة بـ” تطوير الأداء الإداري بمكاتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة صنعاء في ضوء الإدارة الإلكترونية” وكان المشرف الرئيس على الرسالة الدكتور عبدالرحمن محمد الشرجبي والمشارف المشارك الدكتور أنور يحيى أبو هادي.
وتكونت لجنة المناقشة والحكم برئاسة الدكتور علي يحيى شرف الدين مناقشا داخليا جامعة صنعاء، وعضوية كلا من الدكتور عبدالعزيز العامري مناقشا خارجيا جامعة حجة، والدكتور عبدالرحمن الشرجبي المشرف الرئيس جامعة صنعاء.
وخلال المناقشة قام الباحث لطف الشامي بعرض مختصر لأهداف الرسالة كما استعرض أبرز النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الرسالة.. وقد أشادت لجنة المناقشة والحكم بمضمون الرسالة.. مشيرين إلى أن موضوع الرسالة يعتبر من المواضيع الهامة التي تتواكب مع أهداف وتوجه الحكومة نحو أتمتت العمل الإداري، وتعد الرسالة إضافة نوعية للمكتبة اليمنية والعربية والجهات ذات العلاقة، كما أنها ستسهم في أتمتت العمل الإداري بما يعزز من تطوير الأداء الإداري التربوي في قطاع التعليم.
وفي ختام المناقشة، التي حضرها عدد من الأكاديميين والباحثين والمهتمين وعدد من زملاء وأسرة الباحث، أصدرت لجنة المناقشة والحكم قرارها بمنح الباحث مطهر لطف الشامي درجة الماجستير بامتياز وبنسبة 95%.. مع التوصية بطباعتها وتداولها بين مكتبات الجامعات والمراكز البحثية والجهات ذات العلاقة.
وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج أبرزها أن محور الأداء الإلكتروني ككل حصل على درجة ممارسة متوسطة في واقع الأداء الإداري من وجهة نظر أفراد عينة البحث، فيما محور متطلبات التحول نحو الإدارة الإلكترونية ككل فقد حصل على درجة توافر منخفضة من وجهة نظر أفراد عينة البحث.. وأوصت الدراسة على أهمية توفير متطلبات التحول نحو الإدارة الإلكترونية بما يواكب التطورات في هذا المجال والعمل على نشر ثقافة العمل بالإدارة الإلكترونية في المؤسسات التعليمية بين العاملين من خلال مقارنة التعامل اليدوي مع التعامل الإلكتروني في بعض المؤسسات، والتركيز على تدريب وتأهيل الكوادر الإدارية على التعامل مع التقنيات، بالإضافة إلى إعادة النظر في بناء وتنظيم الهياكل التنظيمية بالمؤسسات التعليمية بما يتناسب مع العمل الإداري في ضوء الإدارة الإلكترونية.