#الأخلاق .. للأقوياء أم للضعفاء؟
د. #ذوقان_عبيدات
حارَ الفلاسفةُ في تفسير مفهوم الأخلاق. ولدَينا مذاهب أخلاقية بقدر عدد الفلاسفة، ومناصريهم: فلدينا أخلاق العقل عند “إفلاطون”، و “كانت”، ولدينا أخلاق اللذة عند “أبيقور”، وأخلاق المنفعة عند “جون ستيوارت مل”، وأخلاق الحسّ، والسعادة عند “أرسطو”. ولكن يمكن ملاحظة الاتفاق على أنّ الأخلاق:
إنسانية، فلا أخلاق لغير الإنسان.اجتماعية، لا تظهر بغير المجتمعات. اختيارية، نمارسها ذاتيّا من دون إلزام خارجي، أو قانوني.
(01)
الأخلاق بين الدين، والقانون
ركّزت الأديان جميعها على الأخلاق، فالدين منظومة متكاملة من الأخلاق، وجاء #الدين_الإسلامي؛ ليتمّم مكارم الأخلاق. ومن الواضح، أنّ الأخلاق الفردية لم تكن كافية لتنظيم #المجتمع، فجاءت #الأديان لتكمل هذا النقص، ومع ذلك، كانت الحاجة إلى قوانين تفرض التزامًا جديدًا على الأفراد بما ييسّر العلاقات! ومع ذلك، لا زلنا نشهد مخالفاتٍ أخلاقيةً، ومخالفاتٍ دينيةً، ومخالفاتٍ قانونيةً! فالإنسان ما زال قادرًا على التملص من كل هذا! وعلينا ألّا ننسى أن فعل الخير، وعمل الضمير هما سلوكات اختيارية فردية، لا يعاقب على مخالفتها القانون.
(02)
#أخلاق_الأقوياء، و #أخلاق_الضعفاء!
يقول “كارل ماركس”: إن الأخلاق هي أخلاق تم اختراعها لحماية الضعفاء: الرحمة، الإحسان، والشفقة، والتسامح، وغير ذلك. بينما يرى “نيتشة” أن أخلاق الأقوياء هي الشجاعة، والقوة، والرجولة. فالأخلاق اخترَعها الضعفاء لكي يحموا أنفسهم. ولذلك، يُقال: الرحمة ضعف، والتسامح ضعف.
ويرى “ماركس” عكس ذلك، فالأخلاق اخترَعها الأقوياء؛ ليحموا أنفسهم من الضعفاء، وليحافظوا على مكانتهم، وقوّتهم. وما التاريخ إلّا صراع الأقوياء وهم الأغنياء مع الفقراء، وكلما يسيطر الأغنياء، تتكتل أغلبية الفقراء، وتقضي عليهم.
(03)
التسامح
طالما أشَدنا بالتسامح، وعددناه نموذجًا للأخلاق، فهل هو كذلك؟ التسامح هو علاقة بين صاحب حق، ومذنب، فيتسامح صاحب الحق، ويعفو عن المذنب! وفي هذا تناقضات مثل:
يتعارض التسامح مع المسؤولية، فمن عمِل ذنبًا، عليه أن يتحمل مسؤولية فعله. والمسؤولية لا تسقط بالتسامح. والتسامح غرور أرستقراطي، أو أخلاق أرستقراطية، يعني أن قويّا عفا عن ضعيف. وفي هذا يبقى المتسامح صاحب يدٍ عُليا من الكرم، والعفو، بينما يبقى المنتفِع بالتسامح طرفًا هشّا، مَدينًا للمُسامِح!(04)
تسامُح، أم تقبُّل؟
يبقى المسامِح كريمًا، وصاحب مِنّة، فمن يقبل الرأي الآخر ليس متسامحًا إطلاقًا، فالحكومة مثلًا لا ينبغى أن تقول: إنها “تتسامح” مع المعارضين! أو تتسامح مع حرية الرأي، والتعبير!!
فهمت عليّ جنابك؟!!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ذوقان عبيدات الدين الإسلامي المجتمع الأديان أخلاق الضعفاء
إقرأ أيضاً:
«بيان "حزب الوعي": في وداع رمز التسامح والإنسانية بابا الفاتيكان "البابا فرنسيس"»
نودّع اليوم واحدًا من أهم القامات التي حملت على عاتقها رسالةً إنسانيةً تجاوزت حدود الانتماءات الضيقة؛ فقد رحل عنّا بابا الفاتيكان فرنسيس، ذلك الحكيم الذي تحوّل إلى صوتٍ عالمي يدعو إلى الكرامة والعدالة الاجتماعية، ويجاهر بضرورة حماية اللاجئين والتخفيف من معاناة المظلومين.
لم يكن البابا فرنسيس مجرد رجل دين، بل كان فيلسوفَ وإنسان عمل وإجتهد فأضاء للنخب السياسية والاجتماعية معاني الحوار والتقارب بين الأديان والثقافات. وفي عهده، ارتبط اسمه بمواقفٍ جريئةٍ دعم فيها حقوق الإنسان، فطاف مخيّمات النازحين، ورفع صوته من أجل وقف الحروب والظلم والتهجير والإقصاء الإنساني.
في هذا المصاب، يقدّم حزب الوعي خالص العزاء لأسرته الروحية في الكنيسة الكاثوليكية ولكلّ المؤمنين برسالته العالمية. ونرى في رحيله دعوةً ملحّةً لنا جميعًا قياداتٍ ومجتمعاتٍ عمل مدني وحزبي أن ننهض بواجب التضامن والعمل الإنساني، ونجعَل من التضحية من أجل الإنسانية منهجًا سياسيًّا وعمليًّا.
إن ميراث البابا فرنسيس وكل دعاة السلام لن يبقى حبيس الصفحات التاريخية وكلمات التأبين المعتادة والنمطية؛ بل هو منارةٌ لنا في معركتنا ضد التطرف، وخطٌّ فاصل بين ثقافةٍ تحتضن الاختلافَ، وتعزز من ثقافات "الوعي" وإسلوب "الحوار" وترفض وتواجه العنفَ باسم الدين أو السياسة. فلنواصل العمل من أجل مشروع بناء عالمٍ آمنٍ للإنسان قبل كل اعتبار، عالمٍ لا تُهجَّر فيه الشعوب ولا يُقنن فيه الحق في الحياة والكرامة، وتتساوي كل شعوب الأرض في حق الحياة الآمنة المستقرة.
رحم الله الفقيد الحكيم الذي كان مؤمناََ صادقاََ بأنَّ السياسة الحقة ليست سوى امتدادٍ لفعل الرحمة، وأنَّ السلامَ الحقيقي يبدأ بإحسانٍ يُترجم إلى فعلٍ يوميٍّ وأن الدين أخلاق.
«إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون»