عربي21:
2025-04-24@07:52:03 GMT

حين تخجل من إلقاء تحية الصباح!

تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT

ـ 1 ـ

اعتدت أن ألقي تحية الصباح كل يوم على إخوتي وأفراد أسرتي المقيمين في طولكرم ومخيمها، في الآونة الأخيرة صرت أخجل حين أكتب لهم "صباح الخير" وأنا أعلم أنهم لم يروا الخير منذ زمن طويل، بعد أن "حرثت" آليات الاحتلال شوارع المدينة ومخيمها، ودمرت عددا غير قليل من منازلها وكثيرا من بنيتها التحتية، وهجرت جل سكان المخيم، هؤلاء الذين هجروا قبل سبعين عاما ونيف من قراهم ومدنهم شمال فلسطين: يافا وما حولها من قرى، ومدن وبلدات الساحل الفلسطيني، ثم لاحقتهم إلى مخيمهم، وهجرتهم إلى اللامكان!

بالنسبة لي، إعادة إنتاج نكبة أو نكبات صغيرة، في مخيمات ومدن الضفة الفلسطينية، ليست حدثا قابلا للتعاطف الإنساني، إنها كابوس شخصي، ويمس جزءا من عائلتي الصغيرة، فضلا عن عائلتي الكبيرة: أبناء الشعب الفلسطيني، لا يمكن لشخص سوي حتى لو لم يكن فلسطينيا، أن يمارس حياته وروتينه اليومي، وكأن ما يجري على بعد ساعة سفر من سكناه، لا يعنيه، فكيف يكون الحال وأنت أحد ضحايا الكيان المحتل شخصيا؟

ما لا يريد أن يعرفه سموتريتش وبقية العصابة التي تحكم في تل أبيب، أن الزمن تغير، الفلسطيني الذي ترك أرضه جهلا أو قهرا أو تآمرا عام النكبة الأولى، هو ليس الفلسطيني اليوم، ف "لا هجرة بعد الفتح" والفتح هنا هو طوفان الأقصى الذي غير كل مفردات الصراع، منذ نحو ثمانية عقود تحارب "إسرائيل" شعبا غير موجود، وفق مقولة غولدا مئير رئيسة وزرائها السابقة: " لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني" ورغم عدم وجود هذا الشعب(!) لم تنتصر "إسرائيل" على هذا الشعب غير الموجود!حين أرى فيلما وثائقيا عن يافا، وقريتي التي كانت تعيش وادعة على بعد كيلو متر أو أكثر قليلا من المدينة، يحلو لي أن أتخيل ماذا كان سيكون مسار حياتي والآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، لو لم يحصل كل ما حصل من نكبة واحتلال، وأصاب بصداع مركب، وأنا أرى كيف يعاد إنتاج النكبة ولكن بصورة أكثر وحشية وبشاعة خاصة في غزة!

ـ 2 ـ

كان يمكن أن يكون مسار حياتي وآلاف اللاجئين والنازحين مختلفا عما جرى، المخيف أن هذا المسار المفترض ليس مهما أمام ما يحصل الآن من المسارات المخيفة التي تنتظر بقية أبناء الشعب الفلسطيني، سواء من عانوا النزوح واللجوء، أم من لم يعانوا منه، فكل الشعب الفلسطيني اليوم برسم الإبادة الحسية أو المفترضة، عبر القتل فيزيائيا، أو إنهاء استقرارهم وإيقاع حياتهم اليومية، وتخييرهم بين الخضوع للاحتلال والعيش كما العبيد، أو الهجرة "الطوعية!" أو القتل، والحقيقة أن هذه الخيارات اليوم "المتاحة" أمام الشعب الفلسطيني هي نفسها العناصر التي وضعها بتسلئيل سموتريتش في "خطة الحسم" ويجري تطبيقها اليوم بمنتهى الحَرْفية والتفاصيل!

جل العرب وكثير من دوائر صنع القرار في الغرب، منشغلة اليوم بإخراج "أسرى" العدو من أيدي المقاومة في غزة، (لا أحد من هؤلاء يتحدث عن آلاف الأسرى والمختطفين الفلسطينيين في سجون العدو!) وهؤلاء أنفسهم منشغلون أكثر في اليوم التالي في غزة، طبعا بدون المقاومة بتشكيلاتها حماس والجها وبقية الفصائل، ليست مهمة حياة أكثر من مليوني فلسطيني يرتعشون من البرد والجوع وهم يقيمون في خرق بالية على حطام بيوتهم فيما بقي من غزة، المهم أن لا يكون هناك مقاومة، لأنها الوحيدة التي أعادت كتابة التاريخ الحالي ليس لفلسطين وبلاد الشام فقط، بل لكثير من البلاد حتى البعيدة منها.



بالسبة لهؤلاء وأولئك، كانت المقاومة هي "العورة" التي يتعين محوها من الوجود، كي تبقى خيارات سموترتش الثلاثة هي فقط المتاحة أمام الفلسطيني، وفي الوقت التي تقرر فيه المقاومة إلقاء سلاحها (وهي لن تفعل طبعا) فسيكون عليها هي وغزة أن تواجه ما واجهه مسلمو البوسنة والهرسك، حين حاصر الصرب سربرنيتسا سنتين، حيث لم يتوقف القصف لحظة، كان الصرب يأخذون جزءًا كبيرًا من المساعدات التي تصل إلى البلدة، ثم قرر الغرب تسليمها للذئاب: الكتيبة الهولندية التي تحمي سربرنيتسا تآمرت مع الصرب، وضغطوا على المسلمين لتسليم أسلحتهم مقابل "الأمان"! 

ـ رضخ المسلمون بعد إنهاك وعذاب، وبعد أن اطمأن الصرب، انقضوا على سربرنيتسا، فعزلوا ذكورها عن إناثها، جمعوا 12,000 من الذكور (صبيانًا ورجالًا) وذبحوهم جميعًا ومثَّلوا بهم.

ـ كان بعض المسلمين يتوسل إلى الصربي أن يُجهز عليه من شدة ما يلقى من الألم..! 

ـ كانت الأم تمسك بيد الصربي.. ترجوه ألا يذبح فلذة كبدها، فيقطع يدها ثم يجز رقبته أمام عينيها. 

ـ وبعد ذبح سربرنيتسا.. دخل الجزار رادوفان كاراديتش المدينة فاتحًا وأعلن:  سربرنيتسا كانت دائمًا صربية، وعادت الآن إلى أحضان الصرب، حماس لن تلقي السلاح، ولن يعيد التاريخ نفسه في غزة كما حصل في سربرنيتسا!

ـ 3 ـ

ما لا يريد أن يعرفه سموتريتش وبقية العصابة التي تحكم في تل أبيب، أن الزمن تغير، الفلسطيني الذي ترك أرضه جهلا أو قهرا أو تآمرا عام النكبة الأولى، هو ليس الفلسطيني اليوم، ف "لا هجرة بعد الفتح" والفتح هنا هو طوفان الأقصى الذي غير كل مفردات الصراع، منذ نحو ثمانية عقود تحارب "إسرائيل" شعبا غير موجود، وفق مقولة غولدا مئير رئيسة وزرائها السابقة: " لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني" ورغم عدم وجود هذا الشعب(!) لم تنتصر "إسرائيل" على هذا الشعب غير الموجود!

الطريق لم تزل طويلة أمام تحرير فلسطين، ولكن التحرير بدأ، وحتى ذلك الحين الذي لن يكون بعيدا، سأستمر في إلقاء تحية الصباح على من بقي من أسرتي في طولكرم ومخيمها، وسيردون على التحية بأحسن منها، فهم من يمدني بالأمل والصمود، وهم من يُصدّرون لنا في الشتات الكثير من الأمل والخير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال فلسطين احتلال فلسطين تهجير رأي مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی هذا الشعب فی غزة

إقرأ أيضاً:

تضامن مع الشعب الفلسطيني.. تعرف على أبرز مواقف وآراء البابا فرنسيس

عواصم - الوكالات
توفي البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، صباح اليوم الاثنين عن عمر ناهز 88 عامًا، في مقر إقامته بـ"كازا سانتا مارتا" في الفاتيكان، بعد معاناة مع التهاب رئوي مزدوج استمر لعدة أسابيع. ​

وعُرف بمواقفه الجريئة والإنسانية منذ توليه المنصب عام 2013. إليك أبرز آرائه ومواقفه في عدد من القضايا المهمة:

1. السلام والنزاعات الدولية

يدعو باستمرار إلى وقف الحروب والنزاعات المسلحة، خصوصًا في فلسطين، أوكرانيا، وسوريا.

يُشدد على ضرورة الحوار كبديل عن العنف، وينتقد سباقات التسلح ودعم الصناعات العسكرية.

2. القضية الفلسطينية

أعرب مرارًا عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني وحقه في "عيش كريم وسلام".

انتقد بشدة الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين في غزة، ودعا إلى حل الدولتين كطريق للسلام.

3. اللاجئون والهجرة

من أبرز المدافعين عن حقوق اللاجئين والمهاجرين، ويحث الدول الأوروبية على استقبالهم ومعاملتهم بكرامة.

وصف تجاهل معاناة اللاجئين بأنه فقدان للإنسانية.

4. البيئة والتغير المناخي

أصدر وثيقة تاريخية بعنوان "كن مسبّحًا" (Laudato Si')، دعا فيها إلى حماية البيئة، واعتبر أن التغير المناخي قضية أخلاقية.

حمّل الشركات الكبرى مسؤولية استنزاف الموارد وتدمير الطبيعة.

5. العدالة الاجتماعية والاقتصاد

ينتقد الرأسمالية المتوحشة التي تُكرّس الفقر، ويرى أن الاقتصاد يجب أن يخدم الإنسان، لا العكس.

يؤمن بأن اللامساواة الاقتصادية خطر كبير على المجتمعات.

6. المرأة في الكنيسة

يشجع على دور أوسع للمرأة في الكنيسة، لكنه لا يزال متحفظًا على منحها مناصب كهنوتية.

أنشأ لجانًا لدراسة دور النساء في الكنيسة الأولى.

 

مقالات مشابهة

  • دعاء الصباح اليوم الخميس 24 أبريل 2025
  • «فتح» تؤكد أهمية تضافر الجهود لإنهاء العدوان على غزة ودعم حق تقرير المصير الفلسطيني
  • محمود عباس: نحترم موقف الرئيس السيسي في دعمه المتواصل للشعب الفلسطيني
  • حماس: اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني لا يُعبر عن الإجماع الوطني
  • حماس: الجرائم الصهيونية لن تُثني الشعب الفلسطيني عن التمسك بأرضه ومواصلة المقاومة حتى نيل حقوقه المشروعة
  • دعاء الصباح اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025
  • فيدان: تركيا ستواصل دعم الشعب الفلسطيني بأقوى شكل ممكن
  • محلل سياسي يكشف الأوضاع الكارثية التي يمر بها الشعب الفلسطيني
  • المؤتمر الوطني الفلسطيني يحذر من محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • تضامن مع الشعب الفلسطيني.. تعرف على أبرز مواقف وآراء البابا فرنسيس