بغداد اليوم - كردستان

يستقبل أهالي كردستان ببرود هذا العام، في مشهد لم تعتد عليه مدن الإقليم التي كانت تضج بالمئات من المتبضعين، فالأسواق كانت عامرة بالتحضيرات لاستقبال الشهر الفضيل.

لكن الأزمة المالية تلقي بظلالها على مختلف الأوضاع في إقليم كردستان، حتى باتت المناسبات الدينية والاجتماعية والوطنية ليس لها أي مميزات.

وهنا يؤكد عضو غرفة تجارة السليمانية سلام عبد الله، أن، "الأسواق والكساد الموجود فيها والشلل الذي تعيشه نابع من الأزمة المالية التي نتجت عن قضية الرواتب المستمرة في كردستان منذ سنوات".

وبين في حديثه لـ "بغداد اليوم" أن "مع ذلك فأن استهلاك المواد الغذائية مازال ساريا في مدن كردستان كونها حاجات أساسية، ولا يمكن الاستغناء عنها، مثل الحاجات الكمالية".

وأضاف أن "حجم التبادل التجاري بين كردستان وإيران كبير جدا، وتعتمد عليه حركة الأسواق، ولكن الحجم الأكبر من هذا التبادل التجاري هو للمواد الغذائية بالدرجة الأولى، وهذا يشخص حجم الأزمة المالية".

وتعود جذور أزمة الرواتب في إقليم كردستان إلى عام 2014، حين تفاقمت الخلافات بين بغداد وأربيل بشأن إدارة النفط والموازنة، وازدادت تعقيدًا مع تداعيات الحرب ضد داعش، وانخفاض أسعار النفط، ما أدى إلى توقف تحويل المخصصات المالية من الحكومة الاتحادية إلى الإقليم.

وبعد سلسلة من المباحثات بين وفود الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، أعلن وزير المالية في حكومة إقليم كردستان آوات شيخ جناب في 3 شباط 2025، عن التوصل مع الحكومة الاتحادية الى حل لمشكلة رواتب موظفي الإقليم للعام الحالي 2025.

حلول نهائية للازمة

ويتخوف الموظفون من أن يكون هذا الاتفاق كغيره من الاتفاقات المبرمة بين الجانبين التي لم تسفر عن حلول نهائية تضمن صرف الرواتب بانتظام، إذ يستمر تبادل الاتهامات بين الجانبين حول مسؤولية عدم تنفيذها، وآخرها الاتفاق الذي أعلنه رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، في نيسان الماضي بشأن رواتب الموظفين.

ركود

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة السليمانية خالد حيدر أن، المناسبات الدينية والأعياد هي التي تحرك الأسواق، كون الباعة ينتظرون تلك المناسبات التي تنهي حالة الركود طوال أيام السنة.

وأوضح في حديثه لـ "بغداد اليوم" أن "الوضع في كردستان مختلف تماماً، كون المواطن لا يمتلك الدخل الكافي للتحرك وإجراء عمليات شراء البضائع بحرية، كما هو الحال في باقي المدن، والدول الأخرى".

وأشار إلى أن "رمضان الحالي شهد ركودا في الأسواق باستثناء المواد الغذائية الأساسية، التي لا يمكن للمواطن الاستغناء عنها، لكن الحاجات الكمالية هنالك كساد في أسواقها بشكل كبير، وهذا أثر على الوضع بشكل عام، نتيجة عدم استقرار عملية صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم".

تقاليد سنوية

تختلف ليالي شهر رمضان في مدن اقليم كردستان العراق عن باقي المدن العراقية الاخرى لتمتعه بالامن والاستقرار مما يسمح للناس هناك بالاستمتاع بالأمسيات الرمضانية حتى فجر اليوم التالي.

وتتميز الليالي الرمضانية في اربيل بأجواء خاصة؛ حيث تكتظ المقاهي والمطاعم والحدائق بروادها للسهر حتى ساعات متأخرة من الليل وتمتد أحيانا إلى فترة السحور.

واعتاد سكان اربيل في شهر رمضان على ممارسة ألعاب شعبية، من أبرزها لعبة الصينية، وصوت الغناء الذي يرتفع في أغلب المقاهي والكافيهات التي تشجع أجوائها على الحديث والسهر وسرد الحكايات التراثية.

ولكل منطقة أكلاتها المميزة، فالسليمانية مثلا تشتهر بلقمة القاضى، وشوربة الزبيب المصنوع من العنب الاسود المجفف وطرشى السليمانية، اما مدينة اربيل فتشتهر بـ(العصفور المطبوخ) حيث يباع هذا الطير بهذا الاسم في الاحياء الشعبية، وتشتهر مدينة زاخو، بأكلة تسمى (نان ته حينك) وهى عبارة عن نوع خاص من الخبز يمزج مع الطحينة، ومن الأكلات الاخرى فى كردستان (الكشك) و(الكعوب) وتشبه فى شكلها نبات الفجل الابيض غير ان مذاقها يشبه البطاطس.

رمضان في موسم الشتاء

واشتكى عدد من التجار من تأثيرات الأزمة الاقتصادية، على استقبال شهر رمضان في مدن الإقليم.

ويقول برهم وهو صاحب محل في السليمانية لـ "بغداد اليوم" إن "أزمة الرواتب أثرت على مظاهر استقبال شهر رمضان، وغابت الازدحام عن الأسواق، سواءً الشعبية، أو المراكز التجارية".

وتابع أنه "في كل عام، كنا نستقبل رمضان بازدحامات كبيرة في أسواق السليمانية، والمواطنين يشتري كميات كبيرة من المواد الغذائية والحلويات والمكسرات، والملابس، وغيرها".

لكنه، خلال رمضان الحالي يعاني من عدم ثقة، بسبب عدم صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم، فضلا على أن رمضان جاء في وقت الشتاء، وانخفاض معدلات السياح، الذين يشكلون جزءاً كبيراً من حركة السوق.

مطالبات حكومية

عضو اللجنة المالية النائب سوران عمر اكد في وقت سابق بأن وزارة المالية الاتحادية طلبت من حكومة الإقليم تزويدها بالإيرادات المالية الداخلية.

وقال عمر في حديث لـ"بغداد اليوم" إن "وزارة المالية رفضت مبلغ الـ 51 مليار دينار الذي أرسلته حكومة الإقليم كإيرادات لشهر كانون الثاني الماضي، وطالبت بإرسال المبالغ كاملة، كون إيرادات الإقليم من المنافذ والضرائب أكثر من هذا المبلغ".

وأضاف، أن "وزارة المالية الاتحادية طلبت من حكومة الإقليم تزويدها ببيانات الموظفين وحساباتهم البنكية لرفع رواتبهم مباشرة، لكن حكومة الإقليم حتى الآن ترفض هذا الأمر، وهذا ما يؤدي لعرقلة صرف الرواتب".

 

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: حکومة الإقلیم بغداد الیوم شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

قبيل العيد.. العوائل تتنفس والأسواق تنتعش في ديالى

بغداد اليوم – ديالى

قبل أيام قليلة من عيد الفطر المبارك، عادت الحيوية إلى أسواق محافظة ديالى، وتحديدًا مدينة بعقوبة ومراكز المدن الأخرى، بعد فترة ركود امتدت لأسابيع. السبب ليس موسميًا فحسب، بل يعود بدرجة كبيرة إلى قرار الحكومة توزيع الرواتب بشكل مبكر لموظفي الدولة والمتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية، في خطوة كان لها أثر مباشر في إنعاش الأسواق ودفعها نحو الانتعاش من جديد.

زيادة الإقبال بنسبة تفوق 50%

شهدت أسواق الملابس والتجهيزات والهدايا في ديالى إقبالًا ملحوظًا من المواطنين خلال الأيام الماضية، حيث تراوحت نسب الزيادة بين 50 إلى 70%، وفقًا لتقديرات أصحاب المتاجر. الشوارع التجارية وساحات البيع الشعبية امتلأت بالمتسوقين، وسط حركة نشطة تعيد إلى الأذهان مشهد الأعياد قبل سنوات من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

يقول عبد الحميد العبيدي، صاحب متجر للملابس الجاهزة في سوق بعقوبة، في حديثه لـ"بغداد اليوم":

"قرار الحكومة بتوزيع الرواتب مبكرًا أنقذ تجارة الملابس من الخسارة المؤكدة. خلال الـ72 ساعة الماضية فقط، ارتفعت المبيعات بنسبة تجاوزت 50%، ما أجبرنا على استنفار كامل لتلبية الطلب المتزايد".

ويضيف: "لو تأخرت الرواتب لبضعة أيام، لكنا واجهنا عيدًا باهتًا، وحركة بيع ضعيفة ككل المواسم السابقة".

الأسواق تنتعش... لا فقط الملابس

عيسى الزيدي، وهو تاجر آخر في سوق التجهيزات، يرى أن الأمر تجاوز الملابس إلى قطاعات أخرى مرتبطة بعيد الفطر، منها الهدايا والعطور والمواد الغذائية، مؤكدًا أن

"الإقبال تراوح في بعض المتاجر بين 60 إلى 70% خلال الأيام الأخيرة، وهو زخم غير مسبوق خلال العام الحالي، ويعود إلى توفّر السيولة النقدية بيد الناس في توقيت حساس جدًا".

تأثير اقتصادي متكامل: الإنفاق يعيد الحياة للدورة المالية

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي المحلي موسى اللامي أن خطوة الحكومة بصرف الرواتب مبكرًا لم تكن فقط خطوة مالية، بل تحركًا اقتصاديًا مدروسًا يحمل آثارًا إيجابية مباشرة على الأسواق المحلية.

يقول اللامي لـ"بغداد اليوم":

"الأسواق تعتمد في نشاطها على توقيت صرف الرواتب. عندما يتم ضخ السيولة بوقت مناسب، خاصة قبيل مواسم الإنفاق الكبرى مثل الأعياد، فإن ذلك يحرّك سلسلة كاملة من الأنشطة: من البيع بالتجزئة، إلى تسديد الديون، وصولًا إلى الحركة السياحية والخدمية".

ويضيف: "العديد من العوائل العراقية تنتظر الراتب لشراء احتياجات العيد، ودفع الإيجارات، وتسوية المستحقات المتراكمة، ما يخلق حركة مالية متداخلة تعيد النشاط إلى قطاعات متعددة".

عيد مختلف في ديالى؟

المراقبون المحليون يعتبرون أن هذا العيد سيكون مختلفًا نسبيًا، لا بسبب تحسّن جوهري في الأوضاع المعيشية، بل لأن القرار الحكومي بالتوزيع المبكر للرواتب جاء في توقيت ذكي، سمح للأسواق بالتقاط أنفاسها، وللتجار بتدوير بضاعتهم، وللعوائل بشراء مستلزمات العيد دون الحاجة للاقتراض أو التريث حتى بداية الشهر.

تقول أم محمد، وهي ربّة منزل التقتها "بغداد اليوم" في سوق الملابس وسط بعقوبة:

"لأول مرة منذ سنوات نشتري ملابس العيد قبل الزحام الكبير. الراتب وصلنا باكر، وهذا خلانا نجهّز كل شيء بدون استعجال".

خطوة تستحق التكرار؟

يبدو أن التجربة في ديالى قدّمت نموذجًا يستحق التأمل. فإحياء الأسواق في وقت حرج، وخلق حالة من النشاط التجاري، وتوفير الراحة النفسية للمواطنين عشية العيد، كلها نتائج إيجابية أفرزتها مجرد خطوة توقيت.

ويعتقد خبراء الاقتصاد أن الربط بين السياسة المالية وتوقيت المناسبات الاجتماعية يجب أن يتحوّل إلى عرف إداري دائم، يُراعى فيه البعد الإنساني والاقتصادي معًا، بدلًا من الانشغال في تأخير الرواتب تحت ذرائع السيولة أو الإجراءات البيروقراطية.


مقالات مشابهة

  • الرواتب والربيع.. انتعاش سياحة كردستان وجشع الفنادق ينغص الفرحة
  • الحل النهائي لأزمة رواتب كردستان بيد الإقليم.. كيف ذلك؟ - عاجل
  • موعد تشكيل حكومة الإقليم يقترب.. اجتماع حاسم الأسبوع المقبل
  • موعد تشكيل حكومة الإقليم يقترب.. اجتماع حاسم الأسبوع المقبل - عاجل
  • الكشف عن استمرار تهريب نفط الإقليم الى إسرائيل.. ما موقف الحكومة؟
  • وزير العدل: بغداد لا تسعى لتحويل ملف الرواتب إلى قضية سياسية
  • سياحة الإقليم: استقرار البلاد وفر أجواء إيجابية وآمنة بفترة العيد
  • عاجل | الرئيس السوري أحمد الشرع: تشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة
  • قبيل العيد.. العوائل تتنفس والأسواق تنتعش في ديالى
  • قبيل العيد.. العوائل تتنفس والأسواق تنتعش في ديالى - عاجل