في زمن تكثر فيه الفتن وتتلاطم أمواج الشبهات، يظهر بيننا علماء ربانيون، أنار الله بصائرهم، وأفاض عليهم من علمه، فصاروا نبراسًا يهتدي به الحائرون، وسراجًا يضيء دروب السائرين.
فضيلة الامام العالم الرباني، لم يقتصر علمه على العلوم الشرعية، بل اجتهد في أفرع العلوم الأخرى حتى بلغ فيها المنتهى، فكان موسوعة علمية متنقلة، ينهل من علمه القاصي والداني.
لم يكن علمه حبيس الكتب، بل تجلى في مواقف وطنية عظيمة، فكان خير مدافع عن دينه ووطنه، يقف في وجه الإرهاب بالكلمة ويصدع بالحق، ويفضح زيف المتطرفين، ويدعو إلى الوسطية والاعتدال.
فضيلة الإمام العالم الرباني الجليل على جمعة، كان لتصديه للأفكار الإرهابية أهمية بالغة، فقد كان يدرك خطورة هذه الأفكار على المجتمع، وكيف أنها تستغل الدين لتبرير العنف والقتل، فكان يواجهها بالحجة والبرهان، ويفند شبهاتهم، ويكشف زيف ادعاءاتهم.
كانت كلماته بمثابة سهام الحق، تخترق قلوب الظالمين، وتكشف زيفهم، وتدحض حججهم، فكانت له مواقف مشهودة في الدفاع عن الوطن، والذود عن حياضه، والتصدي لكل من تسول له نفسه المساس بأمنه واستقراره.
لقد كان فضيلة الإمام على جمعة، العالم الرباني نموذجًا فريدًا للعالم العامل، الذي يجمع بين العلم والعمل، وبين الدين والوطن، وبين الأصالة والمعاصرة، فكان بحق قدوة للأجيال، ومصدر إلهام للشباب، ونبراسًا يضيء طريق الحق والخير.
و كما قال الشاعر:
العلم يرفع بيتاً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف
وبمناسبة شهر رمضان الكريم، شهر الطاعة والتقوى، نحث جموع المواطنين على الاقتداء بهذا العالم الرباني الجليل، والزود عن دينه ووطنه، والدفاع عن مذهبه الوسطي المستنير، الذي يدعو إلى التسامح والتعايش، ونبذ العنف والتطرف.
وإذا نظرنا إلى التاريخ، نجد أن علماءنا الربانيين كانوا دائمًا في طليعة المدافعين عن الدين والوطن، فكما كان الإمام العز بن عبد السلام يقف في وجه الظلم والطغيان، ويصدع بالحق، كذلك عالمنا اليوم، فضيلة الإمام على جمعة، يقف في وجه الإرهاب والتطرف، ويدعو إلى الوسطية والاعتدال.
قال الشاعر:
إذا العلم لم تكتنفه شمائل تعليه كان مطية الإخفاق.
وكما كان الإمام النووي يجمع بين العلم والعمل، والزهد والورع، فوريثه الشرعي فضيلة الامام على جمعة، يجمع بين العلم الغزير، والعمل الدؤوب، والزهد في الدنيا، والورع في الدين.
وبما أن العلماء ورثة الأنبياء، فإن عالمنا الجليل يرث عنهم العلم والحكمة، ويشارك السلف الصالح في حمل رسالة الدين، وتبليغها للناس.
فقد قيل في حب العلماء:
العلماء ورثة الأنبياء فحبهم فريضة وتقديرهم إحسان.
وإذا أردنا أن نشبهه بأحد الصحابة العلماء، لكان أشبه بعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي كان من أعلم الصحابة بالقرآن والسنة، ومن أزهدهم في الدنيا، ومن أورعهم في الدين.
وإننا إذ نرى فضيلة الإمام العالم الجليل على جمعة - حفظه الله - يعيش بيننا حيًا يرزق، لندعو الله له بموفور الصحة والعافية، وأن يزيده علمًا وتوفيقًا، وأن يجعله ذخرًا للإسلام والمسلمين، وأن يبارك في عمره وعمله، وأن يجعله من الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء".
رحم الله علمائنا الربانيين الذين سبقوا بالإيمان، وجزاهم عن أمتهم خير الجزاء، وأدام علمائنا الحاليين و جعلهم لنا نبراسًا نهتدي به، وسراجًا يضيء لنا دروبنا، حيا الله فضيلة الإمام على جمعة و كل علماء أمتنا.
في كل أسبوع خلال شهر رمضان، أتشرف بأن تُزين صفحات جريدة الأسبوع بنور عالم من علماء أمتنا الأجلاء، فنسعى جاهدين لنقل قبس من علمهم، ونشر عبق من حكمتهم، ليكونوا لنا نبراسًا يضيء دروبنا في زمن الفتن والشبهات.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مقالات الدكتور علي جمعة شهر رمضان المبارك صبرة القاسمي الإمام النووي العالم الربانی فضیلة الإمام على جمعة ا یضیء
إقرأ أيضاً:
هل انتهى رمضان؟ .. أمامك فرصة لإدراك ليلة 30 رمضان
هل انتهى رمضان؟، يتسابق المسلمون فى آخر يومين في رمضان إلى فعل الطاعات والعبادات لينالوا الأجر المضاعف، وينتظر الكثيرون ليلة 30 رمضان آملين أن تكون ليلة القدر، فهي ليلة أنزل فيها القرآن على الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، والتي أخبر الرسول بأنها ليلة وترية تقع في العشر الأواخر في شهر رمضان.
هل فاتك رمضان ؟إن فاتتك الأيام الماضية من العشر الأواخر من رمضان فلا تجعل أخر ليلة فى رمضان ليلة 30 تفوتك لعلها تكون ليلة القدر وأنت لا تدرى، اغتنم الوقت من الأن حتى أخر دقيقة فى رمضان ففى اخر ساعة من رمضان يغفر الله ويعتق رقاب الكثير، فالمطلوب من المسلم فعله فى ليلة القدر والعشر الاواخر من رمضان أن يسير علي الهدي النبوي وان يجد ويجتهد متأسيا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يشد مئزره ويوقظ أهله ويحيي ليله، فعلينا أن نغتنم اخر ليلة من رمضان ولا نضيعها لعل تكون فيها ليلة القدر.
فيجب علي المسلم كذلك الاجتهاد لتحري ليلة القدر وهي في العشر الأواخر من رمضان فهي من اعظم الليالي مصداقا لقوله تعالي ليلة القدر خير من إلف شهر.
(( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا))
علامات ليلة القدر1- تكون فيها السماء صافية وخالية من النجوم والشهب.
2- ليلة لا حارة ولا باردة.
3- يكون القمر فيها كمثل شق جفنه أي يكون القمر مثل نصف الطبق.
4- شمسها تطلع بلا شعاع لها.
5- قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة وانشراح الصدر فيها أكثر من غيرها.
6- الرياح تكون ساكنة.
7- كثرة عدد الملائكة فيها، وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله قال في ليلة القدر: «وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى».
هل نقوم ليلة القدر كاملة أم يكفي قيام بعضها؟اختلف العلماء - رحمهم الله - : فقال بعض العلماء: إنه يقوم الليلة كاملة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخلت عليه العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، وفي بعضها: «طوى فراشه» صلوات الله وسلامه عليه كناية عن اعتزال النساء، فقالوا لابد أن يصلي من العشاء إلى الفجر، يصلي ويذكر يكون في ذكر الله - تعالى - ولا يصدق عليه أنه قائم إلا إذا لم ينم، أما إذا نام فقد ضيّع، بقدر ما ينام من فضل القيام.
وقال بعض العلماء: لا بأس أن ينام بعض الليل، مادام أنه قد قام أغلبه؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «ما قام ليلة حتى أصبح» -صلوات الله وسلامه عليه-، وهذا يقولون: يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يحي الليلة كاملة، ومن هنا رخصوا من كونه إذا تعب أو كذا أن يستجم بالنوم.
وذكر بعض العلماء: أنه لو نام اليسير، ثم قام فالأجر أعظم؛ لأنه في هذه الحالة يترك النوم ويرغب في العبادة، وهذا أصدق كما قال تعالى: «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ» فيقولون: إنه إذا ذاق لذة النوم ثم صلى فهذا أبلغ اجتهادا من شخص يستمر في صلاته فإنه لا يصل إلى آخر الليل وهو منهك متعب.