ما الواجب المباشر تجاه الفكر الحر في ظل استمرار السردية التكفيرية؟
قراءة في كتاب (عبد الله الفكي البشير، محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام)، دار محمد علي للنشر، صفاقس، تونس/ ومؤسسة الانتشار العربي، بيروت، لبنان، 2024 (6-13)

بقلم سمية أمين صديق

إهداء المؤلف لكتابه:
"إلى شعوب السودان والإسلام والإنسانية جمعاء، وهي تتوق إلى التحرير والتغيير، فإني أهديكم هذا الكتاب، مستدعياً مقولة المفكر التونسي الدكتور يوسف الصديق: (محمود محمد طه هو المنقذ)".

المؤلف

نلتقي اليوم مع الحلقة السادسة من قراءتنا في كتاب الدكتور عبد الله الفكي البشير، محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام، قدم عبد الله في كتابه فصلاً بعنوان: "بعض ما يميز محمود محمد طه عن المفكرين الآخرين"، كما وردت الإشارة لطرف منه في الحلقات السابقة. كان الفصل بمثابة إجابات عن أسئلة وردت للمؤلف في ندوات ومحاضرات، كانت في تونس والجزائر والمغرب والعراق ولبنان، وألمانيا، وغيرها. يقول المؤلف: كان آخر تلك الأسئلة في الجزائر خلال شهر يونيو 2023. لقد كنت مشاركاً في ندوة دولية بمدينة وهران، الجزائر، بعنوان: الإنتاج المعرفي للمؤسسات الدينية في شمال إفريقيا: الرهان ومتطلبات الواقع المعاصر، وقد قدمت فيها ورقة، كانت بعنوان: "إنتاج المعرفة الدينية في السودان وموقف مؤسساتها من تجديد الخطاب الديني: الفهم الجديد للإسلام نموذجاً"، فجاء السؤال بعد تقديمي للورقة، من أستاذة جامعية، على النحو الآتي: ما الذي يميز محمود محمد طه عن المفكرين الآخرين؟ وتضمنت إجابتي عن هذا السؤال، رداً على ثلاثة أسئلة، تقول: ما هو مصدر معرفة محمود محمد طه؟ وكيف بدأ محمود محمد طه؟ وإن كان قد وصل حتى قال له النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: "ها أنت وربك"، فكيف وصل إلى الله؟ وكيف يكون اتقان السير وراء النبي لتصل إلى الله؟ وكيف علمه الله من حقائق دينه؟ وقد فصَّل عبد الله في الإجابة عن هذه الأسئلة في كتابه. لكن السؤال الذي تكرر على المؤلف، كما أوضح، وقد أعدته عليه حينما لاحظت حديثه عن المفكرين، وقوله المفكر محمود محمد طه، هو لماذا يستخدم الدكتور عبدالله الفكي البشير تعبير المفكر محمود محمد طه؟ وأحياناً المبشر محمود محمد طه؟ هل يستخدم عبدالله هذه التعابير بناءً على ما جاء في الفهم الجديد للإسلام؟ أم هو تقدير من عنده؟ ولماذا المفكر؟ أفادني عبدالله بأن السؤال عن لماذا استخدم مفردة المفكر؟ ليس بجديد، فقد تكرر من بعض الإخوان الجمهوريين والأخوات الجمهوريات، ومنهم من عبَّر عن امتعاضه، وعدم رضاه لاستخدامي تعبير المفكر محمود محمد طه، لهذا، والحديث لعبدالله، سأجيب عن هذا السؤال بتفصيل في مقال سأنشره خلال يوم الجمعة (21 فبراير 2025) أو اليوم التالي، حتى تعم الفائدة، خاصة لمن نقد أو من يريد أن ينقد، وحتى يكون النقد بعلم وفكر. وأضاف، عبدالله، قائلاً: "وحتى نتذكر جميعا، قول الأستاذ محمود بأن النقد مطلوب، ولكن يجب أن يستوفي شروط النقد، وهي: الصدق في النقد، والعلم بما ننقده، والمسؤولية عما ننقده". (انتهى). سنبقي في انتظار مقال الدكتور عبدالله الفكي البشير حتى تضح الصورة.
تتناول حلقة اليوم عدة محاور كما جاءت في الكتاب، ولكن تناولي لها سيكون بايجاز شديد، والمحاور هي: تربية التلاميذ وتكوين المجتمع الجمهوري، وإعداد الدعاة الجدد (الإخوان الجمهوريون والأخوات الجمهوريات)، وما هي أساليب الدعوة؟ أركان النقاش باعتبارها إحدى آليات الدعوة في الفهم الجديد للإسلام، ما هو مفهوم أركان النقاش عند الجمهوريين؟ ومتى كانت بداية نشاط الجمهوريين في جامعة الخرطوم- صحيفة عطارد 1965؟ وكيف تطور نشاط الجمهوريين في جامعة الخرطوم- صحيفة الفكر (1967)؟ وما هي قصة تسمية الحوار بركن نقاش في فضاء جامعة الخرطوم- 1972؟ ومتى كانت البداية الفعلية لأركان النقاش بمكان وزمان معلومين في جامعة الخرطوم (1974)؟ والسؤال السابق لكل هذه الأسئلة، متى ظهر مصطلح أركان النقاش، لأول مرة، في فضاء الفكر الجمهوري؟ الإجابة عن كل هذه الأسئلة فصلها عبدالله في كتابه، ولكني هنا أقدم إضاءات وإشارات موجزة.

تربية التلاميذ وتكوين المجتمع الجمهوري

لقد فصَّل عبدالله عن هذا المحور استناداً على قول الأستاذ محمود محمد طه للأستاذ عصام عبدالرحمن البوشي، في خطاب أرسله له يوم 18 يناير 1970، حيث كتب الأستاذ محمود في خطابه لعصام، قائلاً: "إن تربية واحد من الإخوان أعود بالخير و البركة و أدل على صدق الدعوة من عشرات المؤلفات العرفانية، فالحياة أصدق من العلم".

إعداد الدعاة الجدد و أساليب الدعوة -أركان النقاش

لقد أورد المؤلف مقتطفات من حديث للأستاذ محمود محمد طه ومن المُستحسن نقلها كما وردت :" الفكرة الجمهورية فكرة سودانية من حيث الوطن، و هي فكرة أصيلة لا ضريب لها في الفكر الإسلامي عبر تاريخ الإسلام الطويل.. ولها، إلى ذلك تاريخها، و إنجازها، في تربية شبان وشابات، يجري الآن على أيديهم دور عظيم، و فريد، في تاريخنا المعاصر..دور نشر الوعي الإسلامي بين جماهير شعبنا عن طريق الحوار المفتوح، و الموضوعي، والأمين، والشجاع، في منابر حرة، تُقام في الميادين العامة، في المدن المختلفة، وفي الجامعة". ويقول عبدالله : (ظل محمود محمد طه هو الداعية لمشروعه الفكري منذ إعلانه في العام 1951، وهو المسؤول عن كل نشاط وعمل. وكان لا يقول ولا يدعو لشيء، إلا يكون قد عاشه. وعنده دعوة النفس أولاً ثم دعوة الآخرين.) وعن الدور الذي قام به تلاميذ وتلميذات الأستاذ محمود محمد طه في التعريف بمشروع الفهم الجديد للإسلام/الفكر الجمهوري، و في مناصرته و الدفاع عما لحق به من تحريف وتضليل من قِبل المعارضين، يقول عبد الله: (إن دورهم مر بمراحل مختلفة، ففي البدء كانوا تلاميذاً، و ليسوا دعاة، ثم سمح لهم محمود محمد طه، فيما بعد، بأن يدعوا و يبشروا بالمشروع. و قد بدأت المرحلة الأولى في العام 1960، ولم يكن الإذن شاملاً لجميع الإخوان الجمهوريين و الأخوات الجمهوريات. ويقول عبدالله: (تحدث إبراهيم يوسف فضل الله، وهو كبير الإخوان الجمهوريين اليوم، قائلاً: في العام 1960 رفض البوليس إقامة ندوة للأستاذ محمود محمد طه في النادي، فنقلها أستاذ أمين صديق ( 1911– 1980)، لمنزله، وهو موظف حكومي. فعلَّق مدير البوليس قائلاً : "أيه الفائدة نمنع الندوات من الأندية و أمين ينقلها إلى منزل الحكومة..فقال أمين: دعوه يسألني حتي أبين له أن بيوت الحكومة تُداس فيها الفضيلة". ويقول عبدالله، أضاف إبراهيم يوسف قائلاً:" على إثر ذلك قال الأستاذ محمود : "آن للدعوة أن يكون لها آكثر من داعية". وأضاف عبدالله، قائلاً: "علق إبراهيم يوسف فضل الله على كلمة محمود محمد طه، قائلاً: (كأنما أذن الأستاذ محمود محمد طه لتلاميذه بالحديث". ويضيف عبدالله موضحاً، بالقول: و لاحقاً، خاصة بعد عام 1968 أذن محمود محمد طه لتلاميذه بحمل الدعوة وبالحديث و بكتابة الكتب تحت إشرافه المباشر .
كما أكد عبّد الله بأن أبكار الجمهوريين، ظلوا يكتبون المقالات و ينشرونها في الصحف، ففي أربعينات القرن الماضي، كان الأستاذ أمين صديق، ونشر كذلك في بداية الستينات من القرن الماضي (1962). ومنذ بداية الخمسينات ظل أبكار الجمهوريين يكتبون المقالات و ينشرونها في الصحف منذ بداية خمسينات القرن الماضي، ومنهم الأساتيذ: سعيد شايب، جعفر السوري، عبداللطيف عمر، وجلال الدين الهادي، وإبراهيم يوسف، وخوجلي محمد خوجلي، وأحمد إبراهيم مدني، وزادت كتابتهم للمقالات، خاصة بعد حادثة تكفير الطلبة الجمهوريين وفصلهم من المعهد العلمي عام 1960، وبداية حملة التشويه للفكرة الجمهورية. وتكثفت المقالات بعد انعقاد المحكمة المهزلة، محكمة الردة الأولى التي عُقدت في 18 نوفمبر 1968. وقد شارك عدد كبير من الإخوان والأخوات الجمهوريات، منهم على سبيل المقال، لا الحصر: الدكتورة بتول مختار محمد طه، والأستاذة أسماء محمود محمد طه، والأستاذ عصام عبدالرحمن البوشي، والأستاذ عوض الكريم موسى، والبروفيسور عبدالله النعيم، وغيرهم. وبين عبد الله: (لقد أذن محمود محمد طه لتلاميذه الإخوان الجمهوريين و الأخوات الجمهوريات، بحمل الدعوة و القيام بأمرها، بعد إعداد فكري دقيق، كان قوامه الجلسات التربوية العرفانية، و القراءة و المدارسة لكتاباته و أحاديثه، فضلاً عن شروط أخلاقية وفكرية صارمة، كلها تتمحور حول تجسيد حياة النبي عليه افضل الصلاة و أتم التسليم، و متنزلة من تعاليم الرسالة الثانية من الإسلام. وعندما أعلن محمود محمد طه عن الإذن بحمل الدعوة لجميع تلاميذه، الإخوان الجمهوريين، في "محتوى ما يذاع". كتب الأستاذ محمود، قائلاً : جميع الإخوان قد أُذن لهم في حمل الدعوة علي شرطين إثنين هما :
الشرط الأول : هو الوفاء بأدب الآية الكريمة (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
الشرط الثاني: هو الوفاء بأدب الآية الكريمة :( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ). وفصل عبدالله فيما كتبه الأستاذ محمود محمد طه في "محتوى ما يذاع".

كيفية بداية نشاط الإخوان الجمهوريين

يقول عبدالله :( بدأ نشاط الإخوان الجمهوريين في حمل الدعوة عبر الحديث في المنابر، وتنظيم حملات الكتب، و كتابة الكتب وغيرها..) وقد تتبع دكتور عبد الله ذلك النشاط بالتفصيل في كتابه.

متي بدأ نشاط الأخوات الجمهوريات؟

يقول عبد الله، بالإضافة لمشاركة الإخوان الجمهوريين والأخوات الجمهوريات في كتابة المقالات والبيانات في النصف الثاني من الستينات من القرن الماضي: (بدأ نشاط الأخوات الجمهوريات في الدعوة في بداية السبعينات من القرن الماضي، خاصة بعد قضية بورتسودان، وهي قضية كانت بين القضاة الشرعيين والفكر الجمهوري، خلال الفترة 26 أبريل 1974 وحتي 25 فبراير 1976. وتتبع المؤلف نشاطات الأخوان الجمهوريين والأخوات الجمهوريات التي شملت إصدارات الكتب، ورصد بداية إصدار الكتب من جانب الإخوان الجمهوريين في العام 1973، وكان أول كتاب بعنوان: أضواء على شريعة الأحوال الشخصية. كما أن أول كتاب مشترك بين الأخوات والإخوان الجمهوريين كان عام 1974، وكان عنوانه: الميزان بين محمود محمد طه و الأمانة العام للشئون الدينية، وقد كتبه كل من: بتول مختار محمد طه وإبراهيم مكي، و أسماء محمود محمد طه وعصام البوشي وعوض الكريم موسي. وكتبوا في المقدمه عن هدفهم من الكتاب قائلين: " هذه مقدمة كتابنا الذي أخترنا له إسم : الميزان بين محمود محمد طه و الأمانة العامة للشئون الدينية، هادفين من ورائه إلى كشف الاتجاهات الرجعية التي تسيطر على بعض الأجهزة الرسمية في بلادنا..". وقد فصل عبدالله في ذلك.

دعاة لا وُعاظ:
"الناس يحدثوهم بسعة الرحمة الإلهية"
محمود محمد طه.
ذكر عبد الله، بأن الأستاذ محمود محمد طه، طالب تلاميذه في حمل الدعوة، إلى جانب الالتزام بشروط جاءت في "محتوى ما يذاع"، كما وردت الإشارة أعلاه، طالبهم بأن يكونوا دعاة وليس وعاظاً. وبين ما يميز الداعية عن الواعظ. وبين المؤلف في سرد جاذب (لمحة من يوم الأخ الجمهوري، و الأخت الجمهورية تحت إشراف الأستاذ محمود محمد طه، الذي حرص على تربيتهم على ممارسة ما يدعون إليه من قيم، و معيشة اللحظة الحاضرة، منشغلاً بتجويد الواجب المباشر جهد الطاقة، ثم الرضا بالنتيجة أياً كانت، إذ أنها من الله… ، ويواصل المؤلف :( وقد كانت حركة الجمهوريين اليومية في الدعوة إلى فكرتهم تتم تحت أعين الأستاذ محمود محمد طه ووفقاً لإرشاده المتصل، في حركة يومية لاتفتر من الجلسات الصباحية و المسائية التي تعقد لتدارس المعاني السلوكية و العرفانية، ومن حلقات الإنشاد العرفاني، والذكر والقرآن، و من الندوات التي تُعقد في بيوت الأخوان الجمهوريين، فضلاً عن حركتهم الخارجية. وأورد المؤلف حديث لأحد كبار الجمهوريين:( يقول خالد الحاج عبد المحمود، وهو من كبار الإخوان الجمهوريين، كان الأستاذ محمود محمد طه يُوصي الجمهوريين والجمهوريات عندما يذهبون لحملات الدعوة و النشاطات المختلفة، قائلاً:"في النشاطات أنتم المقصودين". و أضاف خالد قائلاً: و لهذا فإن النشاط كان في المقام الأول لتربية الجمهوريين، وفي المقام الثاني لتبليغ الناس". غطي عبد الله بسرد به بعض تفصيل مُختصر، لصور النشاط، و أساليب متعددة ومتنوعة، اتبعها الجمهوريون في نشر الدعوة منها: حملات الدعوة للريف، و أقاليم السودان المختلفة، وحملات الدعوة الخاصة بالمثقفين، وتنظيم المؤتمرات، و المعارض، و إقامة المحاضرات والمساجلات، وغيرها. وقد وعد و بشر المؤلف عبد الله البشير ، بكتاب قادم له تحت الإعداد يتكون من عدة أجزاء عن أساليب الدعوة و آلياتها في الفكرة الجمهورية. إختار المؤلف إفراد بعض المساحة للحديث ببعض إيجاز لألقاء الضوء، على نموذج واحد من أساليب الدعوة، وهو أركان النقاش، وبين المؤلف بالقول :( وقد فرغنا من وضع مسودة كتاب عنها، و ما نقدمه هنا هو مُجتزأ يسير منه. )
يقول عبد الله البشير:( كانت أركان النقاش أكبر تجربة حوار ميداني مفتوح شهدها السودان، وقد ابتدعها الأخوان الجمهوريون، حسب علمي ودراستي للتطور الفكري والسياسي في السودان..) و وضح المؤلف أنه، يمكننا أن نلمح في أركان النقاش هذه، بعض الأمور والخصائص لتجارب سابقة، مثل "المدرسة المشائية" التي نشأت عام 335 ق.م. التي أسسها أرسطو (384 ق.م-322 ق.م)، و الذي أطلق عليه تلاميذه "المشاء".
وكان الهدف من تجربة أركان النقاش هو تنمية وعي الشعب وخدمة التنوير. وتعني الحوار المفتوح في الطرقات والميادين و الأماكن العامة،وقد إتخذها الجمهوريون آلية من آليات التعريف بالفهم الجديد للإسلام و اتاحة الحوار حوله. وصف المؤلف في هذا الفصل ببعض التفصيل، فكرة ركن النقاش و هيئته وتكوينه و أدب الحوار فيه و إدارته وتنظيمه.

تاريخ مُصطلح أركان النقاش في فضاء الفكر الجمهوري:

يوضح المؤلف أن بداية أركان النقاش في جامعة الخرطوم من النشاطات التي دشنها الجمهوريون، في النصف الأول من سبعينات القرن الماضى، كما وضح أن فكرة ومُصطلح ، ركن النقاش لهما بُعد عميق في فضاء الفكر الجمهوري يعود إلى الخمسينات من القرن الماضي. ويقول عبد الله:( فقد أقام محمود محمد طه، كما أوردت صحيفة أنباء السودان، في مايو 1958، “ركن نقاش"تحدث فيه عن الموقف السياسي الراهن في الخارج والداخل، وذلك بدار الحِزب الجمهوري بمدينة مدني). أيضاً في إطار نشاط الحزب الجمهوري في الخمسينات من القرن الماضى، والذي كان رئيسه الأستاذ محمود محمد طه، أوردت صحيفة الاستقلال، بأن ذا النون جُبارة الطيب ( 1918- 1974) عضو الحزب الجمهوري، الذي أصبح في العام 1954 سكرتيراً للجان الفرعية بالحزب، أقام "ركن نِقاش" عن مُشكلة الجنوب، و ذلك في 20 سبتمبر 1955، بنادي العمال بالخرطوم.
نجد أن مُصطلح أركان النقاش ظل حاضراً في نشاط الحزب الجمهوري، حتي تم بعث الفكرة من جديد، وبمعني أوسع و مستمر، بواسطة الدعاة الجدد، الإخوان الجمهوريون، في فضاء جامعة الخرطوم في سبعينات القرن الماضي. وتوسع عبدالله في التفصيل.

بداية نشاط الجمهوريين في جامعة الخرطوم - صحيفة عطارد 1965

أوضح المؤلف أن بداية نشاط الجمهوريين في الجامعات السودانية كان السبق فيه لجامعة الخرطوم وذلك في العام 1965، وتمثلت البداية، كما يروي لنا عبد الله في سرده ورصده، في إصدار جريدة حائطية كانت باسم : عطارد. تعود فكرة جريدة عطارد الحائطية إلي الطريفي يُونس إبراهيم الذي التحق طالباً بجامعة الخرطوم في العام 1963، و كان صديقاً للجمهوريين، ثم أصبح جمهورياً. ويقول عبدالله:( ففي عام 1965 طرح الطريفي على محمود محمد طه فكرة إصدار صحيفة حائطية ناطقة بإسم الجمهوريين في جامعة الخرطوم، و اقترح أن تكون باسم "عطارد". وافق محمود محمد طه على اقتراح الطريفي، إصدار الصحيفة، كما وافق على اسمها.) صدرت الصحيفة باسم عطارد وكان شعارها "الحرية لنا ولسوانا" وكان يحرر الجريدة الطريفي وحده، وكان يقوم بتعليقها وحراستها.) و المُلفت للإنتباه هنا ما نقله المؤلف عن الطريفي في مقابلته معه وهو تأكيد الطريفي أن الجريدة لم تتعرض لأي اعتداء أو إتلاف أو تمزيق. يواصل عبد الله أن الطريفي ظل يحرر جريدة عطارد لوحدة، حتي وصل عدد كبير من الطلاب والطالبات الجمهوريين للجامعة، ومنهم علي سبيل المثال، لا الحصر بتول مختار محمد طه، و عبد الرحيم الريح، و بدر الدين يوسف دفع الله السيمت، و أسماء محمود محمد طه، ومن ثم زاد عدد الطلاب الجمهوريين.

قصة تسمية الحوار بركن نقاش في فضاء جامعة الخرطوم -1972

يسرد لنا المؤلف قصة تسمية الحوار بركن النقاش :( بدأت القصة عندما جاء محمود محمد طه و معه محمد فضل الصديق ( 1919-1982)، عابرين فدخلا اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، قادمين من مبني وزارة التربية و التعليم على شارع النيل الأزرق، فوجد مجموعة من الطلاب يتناقشون عن الفكرة الجمهورية. وكان بدر الدين يوسف السيمت و هو من الإخوان الجمهوريين أوانئذ، يتولي الرد على أسئلة الطلاب، و كان معه مجموعة من الطلاب الجمهوريين. وبعد إنتهاء النقاش، سأل محمود محمد طه، بدر الدين ماذا تسمون هذا النقاش؟ فقال إنهم لم يسموه بإسم معين، فقال لهم من الأفضل أن تسمونه "ركن النقاش" أطلق محمود محمد طه التسمية و ذلك في العام 1972، وقد أكد جبريل محمد الحسن و هو من كبار الجمهوريين و من المتحدثين الأساسيين في أركان النقاش، بأنه كان حاضراً يوم مجئ محمود محمد طه و سؤاله لبدر الدين يوسف دفع الله السيمت ومن معه من الأخوان الجمهوريين، و كان ذلك في العام 1972. و أضاف جبريل أن المناسبة كانت : معرض لوحات الفكر الجمهوري بنادي طلاب جامعة الخرطوم. )
أخذت أركان النقاش بعد ذلك في التوسع،إلا أنها لم تبدأ فعلياً و بشكل مستمر و منظم بزمان و مكان معلومين إلا في منتصف العام 1974.

البداية الفعلية لأركان النقاش بمكان وزمان معلومين في جامعة الخرطوم-1974:

كما ذُكر أعلاه أن العام 1974، شهد البداية الفعلية لأركان النقاش في جامعة الخُرطوم، حيث أصبح لركن النقاش مكان وزمان معلومين، وبين دكتور عبد الله البشير، تفاصيل المراحل التي مر بها تكوين وترسيخ أركان النقاش بجامعة الخرطوم، وقد ثبت أقوال الإخوان الجمهوريين الذين كانوا من المتحدثين الأساسيين في أركان النقاش، أمثال أحمد المصطفى دالي، وعمر القراي، وغيرهما. يقول عبدالله: كان عمر القراي طالباً بكلية الإقتصاد، بجامعة الخرطوم، وبيَّن في روايته أن البداية الفعلية لأركان النقاش بشكل منظم وراتب بزمان ومكان معلومين هو منتصف العام 1974م، وأوضح عبدالله بأن عماد عبّد الرحمن البوشي أتفق مع رواية عمر القراي. و بيّن عبد الله قائلاً:( تعود قصة البداية الفعلية لأركان النقاش، بزمان و مكان معلومين، إلى توجيه من محمود محمد طه لتلاميذه من طلاب جامعة الخرطوم بأن يحددوا زماناً محدداً و مكاناً معلوماً لأركان النقاش. والسبب في ذلك التوجيه ( كان الطلاب الجمهوريون ينفقون و قتاً طويلاً في النقاش و هم واقفون علي حراسة صحيفتهم" جريدة الفكر" من اعتداءات السلفيين و الإخوان المسلمين. وكانت الصحيفة تعلق في مكان معروف في الجامعة يُسمي " النشاط" وكان الطلاب الجمهوريون، يرفعون تقاريرهم إلى الأستاذ محمود محمد طه، عما يحدث ويدور في الجامعة. ويواصل عبد الله :( لما لاحظ محمود محمد طه أن النقاش حول"جريدة الفكر" بلا سقف زمني محدد له، طلب من تلاميذه أن يحددوا موعداً زمنياً، و مكاناً معلوماً لذلك النقاش. وبين المؤلف كيفية إدارة ركن النقاش بالجامعة ومكانه وتنظيمه، كما بين أن ركن النقاش بجامعة الخرطوم كان منتظماً في موعده المحدد يومياً والذي يبدأ من الساعة الحادية عشر صباحاً و حتي الواحدة ظهراً، عدا عطلة نهاية الأسبوع، أو أثناء العطلات الرسمية للجامعة. و أكد عبد الله :( فيما عدا ذلك لم يتوقف ركن النقاش قط منذ ذلك التاريخ حتي آخر ركن نقاش مساء الخميس 17 يناير 1985، وهو اليوم السابق لتجسيد محمود محمد طه لمعارفه على منصة الإعدام بتلك الابتسامة المشهودة.).
انتقلت التجربة بعد ذلك إلى الجامعات والمعاهد و المدارس، و من ثم إلى الطرقات و الميادين العامة و ساحات الأسواق و الحدائق العامة و الأحياء في مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم، بحري، و أم درمان، ثم إلى مدن أخرى في السودان.. يقول عبدالله كانت المرأة الأخت الجمهورية حاضرة و بقوة في هذه المنابر الحرة، أركان النقاش. وقدم عبدالله تفصيلاً في كل ما أوردنا أعلاه.
نلتقي في الحلقة السابعة، وهي تتمحور حول الفصل الرابع، وهو بعنوان: نسف السرديات الباطلة بالحق والعلم والفكر والأخلاق: هل رُفعت الصلاة عن محمود محمد طه، كما شيع البعض؟ وهل كان يُصلي؟ ويتناول الفصل العديد من المحاور ويجيب عن بعض الأسئلة، منها: الصلاة في الفهم الجديد للإسلام- الصلاة صلاتان: صلاة الصلة وصلاة المعراج- الصلاة لا غنى عنها كون السير إلى الله سير سرمدي- الشريعة الفردية وأخذ الصلاة الفردية من الله بلا واسطة- ما رأي محمود محمد طه فيما يوجّه إليه من اتهام بأنه يري أن الصلاة رُفعت عنه؟ وهل كان يُصلي؟ - شريعة العارف في مستوي معرفته وصلاته تزيد عن صلاة الإنسان العادي- كيف هي صلاة محمود محمد طه؟ وهل هي مثل صلاتنا ذات الحركات المعلومة؟ لماذا كان النبي يصلي الصلاة ذات الحركات حتى التحاقه بالرفيق الأعلى؟ لماذا لم يؤت أحد من أصحاب النبي صلاة الأصالة؟

abdallaelbashir@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأستاذ محمود محمد طه محمود محمد طه فی من القرن الماضی محمود محمد طه بجامعة الخرطوم یقول عبد الله إبراهیم یوسف یقول عبدالله عبدالله فی بدایة نشاط ل عبد الله ل عبدالله ویقول عبد فی العام فی کتابه النقاش ب الله فی فی کتاب نقاش فی فی فضاء ذلک فی عام 1974

إقرأ أيضاً:

إسكات التاريخ.. القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية

صدر عن جسور للترجمة والنشر في فبراير/شباط الجاري كتاب "إسكات التاريخ: القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية" تأليف الدكتور عبد الفتاح ماضي أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية.

ويتناول الكتاب حضور القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية بالتعليم العام الرسمي في مصر على مدار ما يقرب من قرن من الزمان تقريبا، من أربعينيات القرن العشرين حتى مقررات العام الدراسي 2023/2024.

ويبحث المؤلف فيما طرأ على هذا الحضور من تغيرات عبر حقب زمنية مختلفة، وعلاقة هذه التحولات وارتباطها بالأحداث والتحولات التاريخية الكبرى في مصر، مثل إسقاط الملكية وقيام الجمهورية عام 1952، واتفاقية السلام التي أبرمها الرئيس الراحل أنور السادات مع الكيان الصهيوني عام 1979، وإنشاء مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية عام 1988.

‎وتضم المادة البحثية التي جرت دراستها أكثر من 70 كتابا مدرسياً، وعددا آخر من الكتب والوثائق المنشورة والمراجع ذات الصلة، فضلا عن عدة مقابلات مع عدد من مؤلفي الكتب المدرسية والخبراء والمسؤولين وأساتذة الجامعات التربويين.

ومما ينبغي ملاحظته أن الدراسات التاريخية عموما وتلك التي تتصل بالأطر الثقافية على وجه الخصوص تكتسب قيمة خاصة، كونها تعيد التاريخ الذي يتعرض لعمليات منظمة من النهب والتغيير والإزاحة والمحو والإخفاء والإسكات، وأكثر تاريخ تعرض لذلك في الواقع المعاصر هو التاريخ الفلسطيني، مقابل إثبات التاريخ الإسرائيلي.

الدكتور ماضي استعرض في كتابه 3 حالات مرت بها المصطلحات المتعلقة بماهية القضية الفلسطينية وطبيعتها بكتب التاريخ (الجزيرة)

وقد قسم المؤلف كتابه الواقع في 217 صفحة إلى 4 فصول جاءت بعد المقدمة، على النحو الآتي:

إعلان الفصل الأول: السياقات التاريخية والسياسية لكتب التاريخ

وفيه بحث الكاتب عن وجود القضية الفلسطينيّة في 3 حقب: حقبة ما قبل عام 1952، والحقبة الممتدة ما بين عام 1952 وحتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، وأخيرًا الحقبة الممتدة ما بين نهايات سبعينيات القرن الماضي إلى نهاية عام 2024.

في حين جاء الفصل الثاني حاملا عنوان: الحضور الفلسطيني في كتب التاريخ

واستعرض فيه المؤلف مرحلتين مر بهما الحضور الفلسطيني في كتب التاريخ المصرية، وقد أطلق عليها مرحلة البداية والتوسع، ثمّ انتقل إلى استعراض المرحلة الثانية التي أسماها مرحلة الانحسار كمًا ونوعًا.

أما الفصل الثالث من الكتاب فجاء تحت عنوان: طبيعة القضية والمصطلحات المستخدمة في كتب التاريخ

وقد استعرض المؤلف في هذا الفصل 3 حالات مرت بها المصطلحات المتعلقة بماهية القضيّة الفلسطينيّة وطبيعتها في كتب التاريخ، حيث بدأت بكونها قضيّة تحرر وطني، ثم انكفأت المصطلحات والمفاهيم نحو القطرية أو الوطنيّة المصريّة، ليصل الأمر بعد ذلك إلى الحديث عن حل القضيّة حربًا أو سلمًا ثم انتهاج السلام العادل سبيلًا للحل.

ومما ذكره المؤلف بهذا الفصل أنّه بعد معاهدة السلام في اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر/أيلول 1978، لم يستخدم كتاب "تاريخ مصر والعرب الحديث" مصطلحات مثل "الاستعمار الصهيوني" أو "الإرهاب الصهيوني" أو الإرهاب اليهودي" لكن وردت كلمة "إرهابيين وعبارة "الإرهابيين الصهيونيين" عند الحديث عن نسف فندق الملك داود بالقدس عام 1946 على يد يهود لإرهاب الانتداب البريطاني على فلسطين، وبدلاً من استخدام كلمة "العصابات اليهودية المسلحة" ظهرت عبارة "العناصر العسكرية اليهودية" عند الحديث عن حرب 1948.

ثمّ يؤكد المؤلف أنّه ابتداء من كتاب "التاريخ" للثانوية العام عام 2002، وحتى آخر كتاب صادر عام 2017- 2018، فإن حجم تناول حضور فلسطين والقضية الفلسطينية تقلّص وتبدّلت المفاهيم والمناهج في المقرّرات الدراسية في التعليم العام، مع التوسع في ذكر الحروب العربية الإسرائيلية، والتركيز على الدور المصري تحديداً.

إعلان ثمّ يأتي الفصل الرابع حاملًا عنوان: نتائج وملاحظات نهائية

وفيه يجيب المؤلف عن مجموعة من الأسئلة أهمها: من يضع كتب التاريخ المدرسية؟ ما الحاضر والمفقود من القضية من القضية الفلسطينية في كتب التاريخ؟ كيف تفسد السياسة كتب التاريخ؟ وما تداعيات التغافل عن سياقات تاريخية ودينية؟ وكيف تطورت كتب التاريخ عموما؟

المؤلف يخبرنا أن الأراضي التي اشتراها اليهود قبل انتفاضة 1936 لم تتخط 5% من الأراضي الفلسطينية (الجزيرة)

ويعتمد المؤلف في هذا الفصل مرجعية النقد المنهجي حيث يقدم عرضا تحليليا نقديا خلال الإجابات عن هذه الأسئلة الجوهرية.

وفي واقعنا خرافات كبيرة منتشرة حول قضية فلسطين من أكثرها اشتهارا أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود، وأنهم تركوا منازلهم، والعجيب أن تجد مؤرخا مثل إيلان بابيه يفند هذه الخرافة بوضوح فيخبرنا أن الأراضي التي اشتراها اليهود قبل انتفاضة 1936، التي قام بها الفلسطينيون ضد الوجود الصهيوني وسلطة الانتداب البريطاني، لم تتخط 5% من الأراضي الفلسطينية، وتمت كلها في إطار تعايش كوزموبوليتاني اشتهرت به الدول العربية في تلك الفترة، قبل أن يتضح الهدف من الشراء الممنهج للأراضي، فصدر قرار بعد الانتفاضة بمنع بيع الأراضي إلى اليهود. أما باقي الأراضي، فلم يتخل عنها أهلها إلا بالترويع وارتكاب المجازر، وليس كما تروج خرافات إسرائيل أن الفلسطينيين تركوا الأرض ليفسحوا المجال لجيش الإنقاذ.

ومثل هذه الخرافات الكثير التي يسهل انتشارها مع تقليص القضية الفلسطينية في مناهج التعليم، ولذا فإن الكتاب يمثل مرجعا مهما للباحثين في صورة القضية الفلسطينية بالمناهج الدراسية، وللباحثين عن التحولات التي تطرأ على صورة القضية الفلسطينية في وعي الأجيال المتعاقبة، ودحض روايات الاحتلال من عقول الأجيال التي ينتظر أن تكون حاملة الأمانة والقضية.

مقالات مشابهة

  • عمرو محمود يس: ياسمين عبد العزيز تفاجئ جمهورها في مسلسل "وتقابل حبيب"
  • إسكات التاريخ.. القضية الفلسطينية في كتب التاريخ المدرسية المصرية
  • الجزيرة يتجاوز دبا الحصن في «الوقت القاتل»
  • المحكمة الجنائية الدولية تؤكد استمرار تحقيقاتها في حرب غزة
  • تشييع جثمان الشهيد محمد مغير بمحافظة حجة
  • "الوطني للأرصاد" يحذر من استمرار الأمطار على الأحساء
  • محمد صلاح يقود تشكيل ليفربول ضد نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي
  • أمير تبوك يواسي أسرة الشريف في وفاة الدكتور عبدالله الشريف
  • تعرف على تشكيل حرس الحدود أمام الأهلي