لماذا أعلنت روسيا تأجيل إطلاق الروبل الرقمي؟
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
موسكو- أعلنت روسيا تأجيل إطلاق الروبل الرقمي حتى عام 2026 على الأقل، بعد أن كان من المفترض أن يتم إطلاقه في الأول من يوليو/تموز من العام الجاري.
وبحسب البنك المركزي الروسي، فإن السبب الرئيسي لقرار التأجيل يعود إلى أن البنية التحتية للروبل الرقمي ليست جاهزة وأن البنوك الكبرى انضمت إليها مؤخرا ولم يكن لديها الوقت الكافي لاختبار العمليات الرئيسية.
وكان البنك المركزي قام بحملات دعائية وساعة النطاق للترويج لإدخال الروبل الرقمي في التعاملات، لكنها واجهت مجموعة من العراقيل. فقد شهدت وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد نقاشات واسعة للروبل الرقمي طالبت في الجزء الأكبر منها برفض استخدام هذه العملة ودعت البنك المركزي إلى التخلي عنها.
ومن بين أكثر المواضيع حدية في هذه النقاشات هو الهواجس تجاه احتمالية اللجوء القسري لإدراج الروبل الرقمي والمخاوف الأخرى المتعلقة بالجوانب الأمنية.
في هذا السياق، قدم المركز الروسي لأبحاث الرأي العام في أغسطس/آب الماضي نتائج استطلاع للرأي حول موقف المواطنين تجاه الإدخال الشامل للروبل الرقمي، أظهرت أنه لم يتغير سوى القليل في مستوى الوعي والرغبة في "اختبار" المنتج الجديد، وتراجع عدد الأشخاص الذين يرغبون في تعلم الفروق الدقيقة لاستخدام العملة الجديدة.
إعلان عمليات الاحتيالووفقًا للاستطلاع، فقد تمكن 17% فقط من الروس من تسمية مزايا الروبل الرقمي مقارنة بالأشكال التقليدية للنقود (النقدية وغير النقدية) ووجد 52% آخرون صعوبة في الإجابة، وقال 31% إنه لا توجد أي مزايا.
وفيما يخص عيوب العملة الجديدة، تمكن 33% من إعطاء إجابة ووجد 61% صعوبة في تسمية نقاط ضعف الروبل الرقمي بينما لم ير 6% أي نقاط ضعف.
ويشير خبراء إلى أن الفهم الضعيف لتفاصيل عمل النوع الجديد من النقود لا يتجلى فقط في النسبة المنخفضة من الإجابات الموضوعية، ولكن أيضًا في الحجج المتناقضة لصالح الروبل الرقمي وضده، وهو ما دفع البنك المركزي -وفقًا لهؤلاء- إلى تأجيل المشروع.
إلى جانب ذلك، تم تسجيل أولى حالات الاحتيال على المستخدمين المتعلقة بالروبل الرقمي في مطلع العام الجاري، وشملت الأساليب "مواقع التصيد الاحتيالي" التي تعرض توفير المدخرات وتقديم خدمات استشارية بشأن الروبل الرقمي، والرسائل البريدية العشوائية التي تعرض شراءه بسعر مناسب، فضلاً عن عمليات الاحتيال عبر الهاتف التي تعرض تحويل المدخرات إلى حساب رقمي آمن.
ويستخدم المهاجمون موضوع الروبل الرقمي كطعم، حيث يعرض على الشخص المستهدف إمكانية الحصول على "أموال سهلة" وذلك من خلال الدخول إلى "صفحة مزيفة" توهم بأن كثيرا من الناس تلقوا بالفعل أرباحا كبيرة في إطار "البرنامج".
وللحصول على وصول مجاني إلى هذا البرنامج، يُطلب من الشخص إدخال اسمه الأول واسم العائلة والبريد الإلكتروني ورقم هاتف صالح على الصفحة، وبعد الضغط على زر "الحصول على وصول مجاني"، يسمح الشخص بمعالجة المعلومات المتعلقة به.
وإذا وافق على أن يصبح مستخدمًا جديدًا للروبل الرقمي وترك بياناته، يقوم المحتالون حينها بالدخول بحرية إلى بياناته البنكية والتحكم بها وتعريض بيانات الدفع الخاصة به للخطر.
إعلانويقوم المحتالون أيضًا بتطوير أساليب أخرى تتضمن الشكل الجديد من العملة كالاتصال بالناس وعرض استبدال جميع الأموال النقدية وغير النقدية بالروبل الرقمي من خلال تحويل المدخرات إلى "حساب رقمي آمن".
وبرأي المختص في قضايا الاقتصاد الكلي، إيغور بلينكين، فإن رفض التعامل بالروبل الرقمي من قبل شرائح واسعة من المواطنين يعود إلى مخاوفهم من أن يكون التحول إليه قسريا.
لكنه يوضح للجزيرة نت بأن ثمة "حملة مضادة" عملت على الترويج لهذه الهواجس على الرغم من أن البنك المركزي أكد في وقت سابق أن فتح محفظة رقمية سيكون فقط بشكل مستقل وطوعي ولن يكون إلزاميا أو تلقائيا في أي حال من الأحوال.
بموازة ذلك، يعترف المتحدث بأنه مع طرح الروبل الرقمي فإن أنواع التحايل وعمليات النصب المرتبطة به ستنمو، وهو ما يزيد من عدم تحمس المواطنين لاستخدامه.
ووفقًا له، ينبغي أن يركز المتخصصون في الأمن السيبراني بشكل خاص على مجموعات القراصنة التي تخصصت منذ فترة طويلة في سرقة الأصول الرقمية والعملات المشفرة.
لا حاجة ملحةمن جانبه، يقول محلل الشؤون الاقتصادية أندريه زايتسيف، إن قرار البنك المركزي أمر منطقي، خاصة ومن المرجح أنه أخذ بعين الاعتبار أن الطلب على الروبل الرقمي وقيمته الحقيقية لا يزالان موضع شك.
ويتابع، في حديث للجزيرة نت، بأن التكلفة العالية لتطوير الروبل الرقمي والحاجة إلى ضمان أمن المعلومات الخاص به يشكلان عاملا آخر يبطئ التنفيذ، ناهيك عن أن حاجة المواطنين له لا تزال غير واضحة، كما أن استخدام العملة الرقمية قد يكون معقدا للغاية بالنسبة لمجموعات معينة من السكان.
ويضيف إلى هذه العوامل تآكل الثقة في البنك المركزي وانخفاض الطلب على هذا الشكل من النقود بين السكان، إضافة إلى بنك التسويات الدولية تحدث مرارا وتكرارا ضد الأموال القابلة للبرمجة واعتبر أنها تهدد الاستقرار المالي.
إعلانوحسب قوله، فإن قرار البنك المركزي لا يرتبط فقط بالحاجة إلى إتمام التحسينات على النظام الجديد، ولكن أيضًا لعدم وجود حاجة ملحة له، إذ لا توجد أسباب حرجة لإطلاق الروبل الرقمي الآن، فضلا عن أن تنفيذه سيخلق مشاكل حادة محتملة، كتأثير الروبل الرقمي على سيولة البنوك، لا سيما بالنسبة إلى مؤسسات الإقراض الأصغر حجما.
ويختم بأنه في حال لم يكن هناك طلب كبير على استخدام هذه العملة فإن نفقات البنك المركزي عليها قد لا تغطي نفسها بالكامل، كما أن تحوله (البنك) إلى مصدر للعملة الرقمية قد يؤَمِّن له إمكانية المنافسة القوية مع عروض السوق من الخدمات المالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الروبل الرقمی البنک المرکزی
إقرأ أيضاً:
الأغنياء يوقفون الإنفاق: هذا ما كشفه تقرير البنك المركزي التركي
أفاد تقرير صادر عن البنك المركزي التركي (TCMB) أن السياسات النقدية المشددة التي تم تطبيقها مؤخراً قد أدت إلى تباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي عبر مختلف فئات الدخل، حيث كان التأثير أكثر وضوحاً على المنتجات الموجهة للفئة ذات الدخل المرتفع.
تراجع الإيرادات والمبيعات في جميع الفئات
وفقا للتحليل الذي أعده ألطان ألدان، نائب المدير العام للأبحاث الاقتصادية الهيكلية، وبارباروس إريش، الاقتصادي المساعد، وألبير يلدرم، الباحث في البنك المركزي، فإن التشديد النقدي قد أثر بشكل مختلف على فئات الدخل المختلفة. ورصد التحليل أن الإيرادات من المنتجات الموجهة للفئة ذات الدخل المرتفع شهدت تراجعاً حاداً، إذ انخفض معدل النمو السنوي في الإيرادات لهذه المنتجات بعد بدء التشديد النقدي، ليصبح قريباً من مستويات نمو الإيرادات في المنتجات الموجهة للفئات ذات الدخل المنخفض.
ارتفاع مفاجئ في البورصة التركية وسط موجة بيع للذهب
الجمعة 28 فبراير 2025البيانات المستخدمة ومنهجية التحليل
تم الاعتماد على بيانات مسح ميزانية الأسرة من المعهد التركي للإحصاء (TÜİK) في هذا التحليل، مع الإشارة إلى أن هذه البيانات تصدر سنوياً مما يعيق مراقبة التحولات في الإنفاق على فترات زمنية قصيرة. ولهذا السبب، استخدم الباحثون طريقة غير مباشرة لتقديم تقديرات لفترة 2024.
تأثير التشديد النقدي على المبيعات
وأظهر التقرير أن حجم المبيعات للمنتجات الموجهة للفئة ذات الدخل المرتفع تراجع بشكل كبير بعد تطبيق السياسات النقدية المشددة، حيث انخفضت نسبة النمو في هذه الفئة إلى مستوى مماثل تقريباً للنمو في المنتجات الموجهة للفئة ذات الدخل المنخفض.
الاستنتاجات
وخلص التحليل إلى أن التشديد النقدي قد أدى إلى تباطؤ عام في الإنفاق الاستهلاكي في جميع الفئات، لكن التأثير كان أكثر وضوحاً في المنتجات التي تستهدف الفئة ذات الدخل المرتفع، حيث تحول الإنفاق نحو الادخار بدلاً من الاستهلاك.