خطباء الجمعة: القراءة والتعليم مفاتيح التقدم والازدهار
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأشاد الخطباء على مستوى مساجد الدولة في خطبة الجمعة، أمس 28 فبراير، الذي صادف اليوم الإماراتي للتعليم، باهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة بالتعليم وتأهيل أبناء الوطن، وترسيخ ثقافة القراءة والاطلاع، مشيرين إلى أن التعليم هو الأساس في تطور الأمم والشعوب، والمورد الفياض لازدهار الحضارات والمجتمعات.
وقال الخطباء في الخِطبَة التي تعدها الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة: في هذه الأيام المباركات، ونحن مقبلون على شهر رمضان، تحلّ بنا مناسبةٌ وطنيةٌ غالية، هي اليوم الإماراتي للتعليم، الذي يحمل هذه السنة شعار «كلنا نعلم، وكلنا نتعلم»، وإن حلول هذا الشهر الفضيل، يتزامن مع دخول شهر مارس، الذي حددته قيادتنا الرشيدة، ليكون شهراً وطنياً للقراءة، تحت شعار «الإمارات تقرأ» إدراكاً منها أن بناء العقول هو أساس بناء الحضارات، وأن القراءة والثقافة والتعلم المستمر، هي مفاتيح التقدم والازدهار، فلا تُبنى المجتمعات إلا بالمعرفة، ولا ترتقي إلا بالثقافة، ولا تشيد الحضارات إلا بجهود العلماء، ونتاج المبدعين.
وأشاد الخطباء بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: لا مكان في المستقبل لمن يفتقد العلم والمعرفة فأقبلوا على التعلم بكافة مجالاته المفيدة، وداوموا على القراءة في شتى العلوم النافعة، وشجعوا أولادكم على ذلك، علموهم أن رمضان ليس شهراً للتكاسل والراحة، بل لاغتنام الأوقات بالطاعة والعبادة، والعلم والقراءة، وعززوا فيهم حب الكتاب، وتقدير المعلم، فهو دليلهم إلى النجاح، وهاديهم إلى المعالي. ورسخوا في نفوسهم أن المدارس والجامعات، موارد معرفية، ومراكز مجتمعية، تُنَمي قدراتهم العلمية، وتعزّز روابطهم الاجتماعية، وتحافظ على قيمهم الوطنية، وهويتهم الإماراتية، داعين لسموه وللقيادة الرشيدة بالتوفيق والسداد على ما يقدمونه لشعب الإمارات والأمة عامة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: خطباء الجمعة خطبة الجمعة الإمارات يوم التعليم اليوم الإماراتي للتعليم القراءة التعليم
إقرأ أيضاً:
القراءة في زمن التشتت
رغم كل المحاولات التي بذلتها فـي السنوات الماضية للانغماس فـي القراءة الإلكترونية، والاشتراك فـي عدد من منصات الكتب الإلكترونية التي تزخر بآلاف الكتب بمختلف العناوين والإصدارات الحديثة والقديمة، إلا أن الحنين بدأ يراودني إلى زمن الكتاب الورقي بعدما وصلت إلى قناعة تامة من أنني لن أستطيع إنهاء كتاب واحد مكون من مائتي صفحة ولأسباب سأتطرق إلى ذكرها لاحقا.
تجربتي الشخصية فـي القراءة الإلكترونية تبدأ بحماسة مفطرة، أقوم بتحميل الكتاب وأبدأ فـي تصفح أول عشرين أو ثلاثين صفحة، أجد نفسي بعدها، وقد تسرب الملل إلى عقلي، ثم ما يلبث أن يتسلل إغراء آخر أكثر حلاوة من إغراء القراءة كالانتقال إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي أو الانشغال بتحميل كتب أخرى حتى ينكسر شغف القراءة بسبب المشتتات الإلكترونية.
لا أدري إن كانت الشاشة هي ما يصنع هذا التشتت، أم أن وفرة المحتوى أصبحت نقمة على التركيز فبدلا من أن تسهم التقنية فـي زيادة القراءة إلا أنها استطاعت الإجهاز عليها، فالقراءة العميقة والطويلة المتمثلة فـي قراءة الكتب والملخصات العلمية المتعمقة حتى قراءة المقالات والأعمدة باتت صعبة بعض الشيء أن كان عدد كلماتها يربو على الخمسة آلاف صفحة أي بتقدير عشر إلى خمس عشرة صفحة وهذا ما جعل معظم القراءات الإلكترونية سطحية بعض الشيء.
فـي كتابه السطحيون: ما تفعله شبكة الإنترنت بأدمغتنا، يقدّم نيكولاس كار تشخيصًا دقيقًا للتحولات الذهنية والسلوكية التي طرأت على الإنسان المعاصر بفعل الاعتماد المتزايد على شبكة الإنترنت. وينطلق الكتاب من فرضية أن التقنية وعلى رأسها الإنترنت لا تكتفـي بتغيير طريقة وصولنا إلى المعرفة بل تعيد تشكيل بنية التفكير والإدراك والذاكرة لدينا.
يرى المؤلف أن القراءة لم تعد كما كانت، فبدلًا من الانغماس فـي النصوص بتأنٍ وتركيز، أصبحنا نميل إلى القراءة السريعة، والمسح البصري، والقفز من فقرة إلى أخرى، ومن نص إلى رابط، مما يفقدنا القدرة على الفهم العميق والاستيعاب المتأني. وهذا النمط من القراءة لا يؤثر فقط على طريقة استهلاكنا للمعلومة، بل يعيد برمجة أدمغتنا بحيث يصبح أكثر تشتتًا وأقل قدرة على التركيز الممتد.
وكأن هذا الكتاب وكاتبه يتحدثان عن الكثير منا ممن فقدوا متعة التركيز فـي القراءة، والتأمل فـي ما بين السطور، والإحساس بشعور الملامسة والارتباط الحسي مع الكتاب. تلك اللحظات التي كان فـيها القارئ يغوص فـي النص بلا انقطاع، يستشعر دفء الورق بين يديه، ويصغي إلى صوت الصفحات وهي تتقلب كأنها نبضات من حوار داخلي عميق. القراءة، كما يصورها كار، لم تكن يومًا مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل طقسًا من طقوس التأمل الذهني والوجداني، تجربة تنمو ببطء وتؤتي ثمارها مع الزمن. واليوم، فـي ظل هيمنة العالم الرقمي، يبدو أن هذه التجربة قد بدأت تتلاشى، لتحل محلها حالة من الاستهلاك السريع والسطحي للمعلومة، تفقدنا عمق الفهم، وتبعدنا عن جوهر القراءة الحقيقي.
بعد كل تلك التجارب مع القراءة الإلكترونية ومحاولة إرغام النفس على التحول اللوحي فـي القراءة، أدركت أنني افتقدت الإحساس الذي تمنحه القراءة الورقية؛ ذلك الهدوء الذي يرافق تقليب الصفحات، ورائحة الحبر التي تُشعرني بأنني فـي حضرة شيء حقيقي لا يذوب فـي زحمة الإشعارات والتنبيهات فقررت أن أعود إلى الكتاب الورقي، لا هربًا من التقنية ، بل بحثًا عن عمق افتقدته.
زرت مكتبة عامة بعد انقطاع طويل، وبين الرفوف، شعرت وكأنني أتنفس من جديد. اخترت كتابًا يميل إلى الفلسفة، يضم مجموعة مقالات متصلة منفصلة. لم أكن أبحث عن تسلسل روائي أو حبكة مشوّقة، بل عن مدخل بسيط لإعادة تدريب نفسي على القراءة المركّزة، وإن كانت متقطعة.
الكتاب كان خيارًا موفقًا فمع كل صفحة من صفحاته كنت أستعيد شيئًا من علاقتي القديمة بالقراءة، وأتذوق مجددًا لذة التأمل فـي المعاني، بعيدًا عن سرعة التمرير والإلهاء البصري. أعتقد أنني بدأت بالفعل أجد طريقي نحو الورق، حيث لا يعلو صوت على صوت الكاتب، ولا يُزاحم الفكرة إلا صمت القارئ.
ومع كل هذا الحنين إلى القراءة الورقية، يأتي توقيت الدورة التاسعة والعشرين من معرض مسقط الدولي للكتاب كأنما ليعزز هذا الشعور، ويعيد إلينا شيئًا من دفء العلاقة بالكتب. ينطلق المعرض يوم غد الخميس فـي مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، لا كمناسبة ثقافـية عابرة، بل كطقس سنوي ينتظره عشاق القراءة بشغف، ففـي أروقته تتناثر الكتب ككنوز صامتة وفـي زواياه يتقاطع السرد مع الفكر وتنسج حوارات بين القارئ والنص بعيدًا عن التشتت والصخب الإلكتروني.