النخلة.. إرث تاريخي ورمز عطاء
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةلطالما كانت النخلة رمزاً للحياة والاستدامة في دولة الإمارات، حيث ارتبطت بحياة الأجداد ارتباطاً وثيقاً، فكانت مصدراً للغذاء، والظل، والمأوى، ولم تقتصر أهميتها على الجانب المعيشي فقط، بل تجاوزته لتصبح جزءاً من الهوية الثقافية والتراثية للشعب الإماراتي، وتعكس صمودهم أمام التحديات البيئية وقدرتهم على التكيف مع ظروفها القاسية، وقد كان إدراج النخلة في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو خطوة ضرورية لتعزيز الاعتراف بأهميتها التاريخية والثقافية، ولتأكيد دورها في تشكيل الذاكرة الثقافية والتراثية للمنطقة، تستمر الجهود الوطنية لضمان بقاء النخلة شاهداً حياً على ثقافة الإمارات وتراثها العريق.
رمز تراثي
أشار حمد سالم الماسي، أحد أصحاب مزارع النخيل، إلى أن النخلة تعد رمزاً تراثياً عريقاً للإمارات، فقد لعبت دوراً محورياً في حياة الأجداد، واعتبرت عصب الحياة في الماضي كمورد أساسي للغذاء والبناء، ولعل هذا الرمز يعكس العلاقة الوثيقة التي جمعت الإنسان الإماراتي بطبيعته، وكيف ساهمت النخلة في تشكيل الهوية الثقافية والتراثية للدولة.
وعن سمات النخلة وتاريخها، يقول الماسي، إن النخلة، شجرة دائمة الخضرة، ارتبطت بالمناطق الصحراوية، خاصة الواحات، بفضل قدرتها على تحمل الحرارة والجفاف، وهي تعيش لأكثر من 100 عام، وتُعد من أقدم الأشجار التي زرعها الإنسان.
استخدامات حياتية
وعن علاقة النخلة وارتباطها بحياة الأهالي قديماً، قال الماسي: «لطالما كانت النخلة جزءاً لا يتجزأ من حياة سكان الإمارات، حيث وفرت التمور كمصدر رئيس للغذاء، خصوصاً لسكان البادية، إذ كانت تمدهم بالطاقة اللازمة للعيش في بيئة قاسية، كما تم استغلال جذوعها وأغصانها في بناء المنازل البسيطة والقوارب الصغيرة المستخدمة للصيد والنقل، بالإضافة إلى ذلك، كانت أليافها تستخدم في صناعة الحبال، بينما استخدم سعفها في صناعة الأثاث، كالحصير والمراوح اليدوية، وفي تصميم أوعية حفظ الطعام مثل الجراب والمزود والخصف والجفير». وأضاف الماشي، أن أغلب احتياجات البيوت التقليدية الإماراتية اعتمدت على النخلة، والتي كانت ولا زالت مصدراً للعديد من المنتجات قديماً.
مقايضة
ولم تقتصر أهمية النخلة على الاستخدامات اليومية فقط، بل امتد دورها إلى دعم الاقتصاد الإماراتي التقليدي، حيث أوضح الماسي، قائلاً «التمور كانت تعتبر من المنتجات الرئيسة عند الأهالي قديماً، كعملة مقايضة بين أهل البادية، مما ساهم في تعزيز التجارة الإقليمية مع المناطق المجاورة»، وقد شكلت هذه التجارة مصدر رزق أساسي لسكان الإمارات، خصوصاً في القرى، مما جعلها جزءاً مهماً من النشاط الاقتصادي في تلك الحقبة.
مكانة تاريخية
وشدد الماسي على أهمية الحفاظ على النخلة والإكثار من الأصناف الجيدة منها، لافتاً إلى أن إدراج النخلة في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، خطوة مهمة في صون النخلة والتعريف بقيمتها وأهميتها محلياً، إذ إنها ليست مجرد شجرة، بل تمثل رمزاً حياً يجسد التراث الإماراتي العريق، ويعزز هذا الإدراج الاعتراف الدولي بالمكانة التاريخية للنخلة ودورها في تشكيل الهوية الثقافية لشعب الإمارات، مما يسلط الضوء على الجهود المبذولة للحفاظ على هذا الإرث للأجيال القادمة.
دعم المزارعين
أولت الإمارات، منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اهتماماً خاصاً بزراعة النخيل، حيث قدمت الحكومة دعماً كبيراً للمزارعين لتشجيعهم على العناية بهذه الشجرة المباركة، وتم توفير كافة الاحتياجات اللازمة، بدءاً من المياه والسماد، وصولاً إلى التقنيات الزراعية الحديثة، مما ساهم في ترسيخ مكانة الإمارات في إنتاج التمور، من خلال إقامة العديد من المهرجانات الخاصة بالرطب، لتعزيز الاهتمام بهذه الشجرة المباركة.
إرث مستدام
يرى حمد الماسي، أن النخلة تجاوزت دورها التقليدي في حياة الأجداد، لتصبح رمزاً ثقافياً ووطنياً يحتل مكانة خاصة في وجدان أبناء الإمارات، فهي تمثل نموذجاً للاستدامة والتكامل بين الإنسان والطبيعة، ومع الجهود المستمرة للحفاظ على هذا الإرث العريق، ستظل النخلة شاهداً حياً على تاريخ الدولة وقيمها الأصيلة، وجسراً يربط بين الماضي العريق والمستقبل المشرق.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: النخلة النخلة الإماراتية النخيل أشجار النخيل زراعة النخيل التراث الإماراتي التراث مزارع النخيل
إقرأ أيضاً:
محاضرة «الجغرافيا الثقافية للإسلام في روسيا» بمكتبة الإسكندرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ينظم مركز دراسات الحضارة الإسلامية بقطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية محاضرة بعنوان «الجغرافيا الثقافية للإسلام في روسيا»، يلقيها الأستاذ الدكتور عاطف معتمد، الأستاذ بقسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة القاهرة، والمستشار الثقافي سابقًا بالسفارة المصرية بموسكو، يوم الأحد، 4 مايو 2025، من الساعة 1,00 ظهرًا إلى 3,00 مساءً- بمكتبة الإسكندرية، مركز المؤتمرات، قاعة المحاضرات.
الجغرافيا الثقافية للمسلمين في روسياتهدف المحاضرة إلى تسليط الضوء على الجغرافيا الثقافية للمسلمين في روسيا بداية من ظهور الإسلام في روسيا منذ القرون الأولى للحضارة الإسلامية؛ حيث لعب دورًا مهمًا في النسيج الديموغرافي والاقتصادي والسياسي والثقافي، إذ يشكل المسلمون في روسيا وزنًا ثقافيًا وديموغرافيًا مهمًا لا يقل عن 15 % من إجمالي سكان البلاد.
وقد تنوعت الأقاليم الجغرافية التي دخل منها الإسلام إلى الأراضي التي ستعرف باسم روسيا في العصور اللاحقة، ولا سيما من الجبهات الثلاث: القوقاز فيما بين بحر قزوين والبحر الأسود؛ بلاد ما وراء النهر فيما يعرف اليوم باسم آسيا الوسطى؛ وحوض نهر الفولغا على حدود كل من جبال الأورال ومشارف سيبيريا.
وشكل المسلمون في روسيا عبر أكثر من ألف سنة هوية ثقافية وحضارية مميزة بين مسلمي العالم، ولعبوا دورًا مهمًا في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيك، وفي الصراعات الدولية والإقليمية.
ورغم ارتباطهم بمفاهيم الفقه وتعاليم الإسلام بالدائرة العربية والإسلامية خارج روسيا، فإنهم صاغوا هويتهم المحلية الخاصة التي جعلت البعض يبالغ في صياغة مفهوم "الإسلام الروسي".
وهناك دومًا تجربتان مميزتان في الإسلام في روسيا: التجربة السلمية التي تمثلها بلاد تترستان في الوسط، والتجربة الصدامية التي تمثلها بلاد القوقاز في الجنوب، وهو ما يجعل الخريطة الداخلية لهوية الإسلام والمسلمين في روسيا ليست واحدة من إقليم لآخر، وهوية المسلمين في روسيا دائمة التطور، وتتعرض لتحديات لا تنقطع.