د. نزار قبيلات يكتب: تأثيل الرّمسة الإماراتية وعام المجتمع
تاريخ النشر: 1st, March 2025 GMT
في الجهود الكبيرة التي يقدّمها سَدنة العربية في علم المعاجم والدلالة، تجدر الإشارة إلى أن مجامع اللغة العربية ما انفكت تعمل بدأب وهمّة عاليتين؛ فالمعجم التاريخي الذي صَبر عليه مجمع اللغة العربية في الشارقة يعدُّ كنزاً عربياً كبيراً ليس لنا وحسب بل وللأجيال القادمة، فالمجتمعات العربية على امتدادها كياناتٌ ثقافيةٌ متنوعة، تحمل إرثاً مادياً ومعنوياً ضارباً في التاريخ، واللغة وضروبها من أهمّ هذه المشكلات الثقافية، وهي بذلك تتطلّب وعلى الدوام رصداً وتحقيقاً مستمرين في تطور الدّلالة وانزياحاتها، وذلك من خلال تأثيل اللّهجة عبر دراسة السياقات غير اللّغوية التي أتت على بنية الكلمة الصرفية والصوتية فأزاحتها لاحقاً نحو استعمالٍ لغوي رديف أو متشابه، بمعنى أن ردّ الكلمات إلى أصلها الفصيح هو مُماحكة تاريخية تتطلّب معرفةً عميقة في فقه اللغة وفي علم السيميائيات (علم العلامات)، في الواقع ومع هذا التجدد والانفتاح مازالت هناك حاجة دائمة لبذل المزيد من الجهود للجمع والرصد والتحقيق من الجذور اللغوية، ومن شواهدها التي تتباين ربما ليس عبر الزمن، بل تؤدي التضاريس والمناخ أيضاً دوراً مهماً في تلك الانزياحات اللّطيفة في كل اللهجات العربية عبر صَيرورة الزمن، وهي جهود اعتمدت على ما وفّرته الحوسبة اللغوية اليوم، والتي عملت على جمع ما يُمكنها من ألفاظٍ وعبارات التصقت بمقام لغوي، وبمناسبات إنسانية تخصّ المجتمع الحاضن لها.
في المجتمع الإماراتي كغيره من المجتمعات العربية ثَمّة ألفاظ فرضها استعمالها الإنساني لأنها تشير إلى مستمسكات مادية دخلت نطاقَ المجتمع، فقام مجتمع اللغة ومن أجل استخدامها بتعريبها تبعاً لنظامِه الصوتي وللبناء الصرفي الذي يعهده فطرياً، ولا بد من الإشارة هنا إلى مُعجم الألفاظ العاميّة في دولة الإمارات العربية وللجهود الكبيرة المبذولة في هذا المضمار، فردّ العديد من الألفاظ إلى أصلها الفصيح جهدٌ معجمي يتطلب أيضاً بيان مرجع الكلمة الذي تم الاقتراض منه، فهناك ألفاظ مهجورة يجري استدعاؤها من خلال الحكايات والأمثال الشعبية التي تلقى اهتماماً أكاديمياً ومؤسساتياً مهماً اليوم، كما أن الدّراسات اللّسانية الحديثة تجد في المدوّنة الشعبية مصدراً ثرياً للبحث في دلالات هذه التشكلات اللهجوية، وفي القوّة الخطابية التي تؤديها في حواراتنا اليومية، فما انفك المَثل الشعبي في دولة الإمارات متداولاً حتى على ألسنة الجيل الجديد، وبالتوازي مع ذلك هناك دراسات علمية رصينة تبحث فيه وتُحِيله إلى سياقات تاريخية يتجدد حضورها في كل موقفٍ لغوي، ما يعني أصالة التماسك المجتمعي والحضاري في الدولة، وما يؤكده أيضاً هو حضور الشعر الشعبي الإماراتي في التداولية اليومية، فمازال الشعر الشعبي في الإمارات يلقى استحساناً وانتشاراً واسعين، وعليه فإن الرّمسة الإماراتية كضربٍ لغوي أصيل يسهل استيعابه وفهمه، لأنه في الواقع ابن المجتمع الأصيل وربيبه، فجمالية الرمسة الإماراتية صادرة من إيقاعها الجمالي المنسجم مع الجذر العربي، وهو ما أثبته النظر في تلك المعاجم الخاصة به، فمازالت هناك مراجع مكتوبة وتسجيلات شفاهية محفوظة في الأرشيف الوطني، تبين كيفية التهجئة والنطق، وكذا الصلات الأصيلة المستقرة في المجتمع الإماراتي.
أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نزار قبيلات الإمارات جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية اللغة العربية مجمع اللغة العربية المجتمع الإماراتي الشعر الشعبي
إقرأ أيضاً:
منظمة النهضة العربية: المجتمع الدولي عاجز على اتخاذ موقف حاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة
تحدثت الدكتورة مريم أبو سمرة، المنسق بمنظمة النهضة العربية، عن المجزرة الجديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكدًة أن ما يحدث من قتل للأطفال الفلسطينيين يشكل فاجعة هزت ضمير العالم.
وأوضحت أبو سمرة ، أن المشاهد المروعة التي تتعرض لها العائلات الفلسطينية أصبحت مألوفة، إلا أن هذا لا يعني أنها قابلة للتحمل أو التقبل، مشيرةً إلى أن هذه الصور المحزنة أصبحت جزءًا من الواقع اليومي في غزة.
وأكدت أبو سمرة ، في مداخلة عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن المجتمع الدولي، رغم الدور الذي يجب أن يلعبه في حفظ الأمن والسلام، يبقى مكبلًا في مواجهة التصعيد الإسرائيلي المستمر.
وأوضحت أن إسرائيل تواصل ارتكاب المجازر بحق الأطفال والعائلات الفلسطينية في مراكز الإيواء وسط مشهد من اللامبالاة الدولية.
ورأت أن هناك تواطؤًا واضحًا من القوى الدولية، التي تعوق اتخاذ أي خطوات فعّالة لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه المتواصلة ضد المدنيين الأبرياء.
إفلاس النظام الدولي وغياب الإرادة السياسيةوأكدت المنسق بمنظمة النهضة العربية، أن المجتمع الدولي، رغم مشاهدته المستمرة للمجازر التي ترتكبها إسرائيل على مدار أكثر من عام ونصف، قد فشل في اتخاذ موقف حاسم أو اتخاذ إجراءات فعالة لوقف هذه الانتهاكات.
وأشارت إلى أن ما يحدث هو دليل على إفلاس هيكلي في النظام الدولي، حيث يغيب التنسيق بين القوى الكبرى لتحقيق العدالة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
وأضافت أن غياب الإرادة السياسية لتطبيق الضغوط اللازمة يساهم في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني.
دعوة ملحة لمراجعة النظام الدولي واتخاذ خطوات فعّالةودعت أبو سمرة ، إلى ضرورة مراجعة شاملة للنظام الدولي واستراتيجياته، والعمل على وضع خطوات سياسية حقيقية توقف المجازر والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
وحثت المجتمع الدولي ، على التحرك بسرعة واتخاذ مواقف حاسمة تؤدي إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي، ووضع حد لمعاناة المدنيين في غزة.
ارتفاع عدد الضحايا في المجزرة الأخيرةوفي سياق آخر، ارتفعت حصيلة ضحايا المجزرة الإسرائيلية التي استهدفت مدرسة دار الأرقم في حي التفاح بمدينة غزة إلى 31 شهيدًا وأكثر من 100 مصاب، معظمهم من الأطفال والنساء، جراء القصف الإسرائيلي العشوائي الذي طال المنطقة.