عربي21:
2025-04-22@13:43:14 GMT

غزة الحصن العربي الصامد

تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT

لا تخونوا غزة ولا تخونوا شعبها ولا تتآمروا على قادتها وعتادها فإنها الحصن الأمين للعرب والمسلمين وخط الدفاع الأول لأمتنا العربية والإسلامية، وهي رمز العزة والنضال والتضحية والفداء، احفظوا لها كرامتها وعزتها، فمن نصرها نال شرف الدفاع عن الأقصى ومقدساتنا، ومن خذلها وقع في براثن الذل والهوان غير مأسوف عليه، انصروا صمود شعبها، وإيمان وعقيدة وبسالة جندها، وتضحيات أهلها.



إن ما يتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الفضائيات في الشروع والعمل على نزع سلاح حماس والمقاومة والانصياع إلى رؤية المجتمع الدولي وأملا في استقرار المنطقة، أو حماية أهل غزة من بطش الاحتلال لاحقا يعد خيانة عظمى وانبطاحا سياسيا، وهو بمثابة تسليم المنطقة للكيان الإسرائيلي على طبق من ذهب لتحقيق أهدافه المعلنة؛ وهي توسيع رقعة الاحتلال كبداية لتحقيق دولتهم المزعومة من النيل إلى الفرات باحتلال أجزاء من أوطاننا العربية مثل مصر والأردن والسعودية ودول أخرى، وهذا ما صرح به ترامب أنه لا يستطيع أن ينظر على الخريطة فيرى إسرائيل كما هي الآن.

إن التعامل مع سياسة ترامب فيما يصبو إليه دون موقف حاسم وجاد وموحد ستكون بمثابة نكبة ونكسة جديدة للقضية الفلسطينية على أيدي العرب.

إن هذه السياسة الخبيثة التي تحاك بالمقاومة سوف تجعل شعوب المنطقة على صفيح ساخن، وفي حالة من الغليان لا تهدأ ولا تتوقف ولا يستطيع أحد التنبؤ بما يحدث في ظل استمرارها، وسوف تحول المنطقة لحالة من الفوضى وعدم الاستقرار لسنوات طويلة.

إذا لم نتعلم من التاريخ ونصطف حول المقاومة مساندة ودعم، ونستثمر هذا الانتصار العظيم لصالح قضيتنا وأمتنا وأمننا الاستراتيجي سوف نظل المفعول به دائما، ولن يتركوا لنا فرصة بعد اليوم لنكون الفاعل بأي حال من الأحوال.

إن الذي بدأ بالحجارة والسكين مدافعا عن الأرض والمقدسات وقدم في سبيل ذلك آلاف الشهداء والمصابين حتى وصل إلى الطوفان لا ينبغي أن نتركه وحيدا، بل يجب أن نثمن جهدهم وجهادهم ونتبنى رؤيتهم ونعلنها صراحة على أعلى المستويات وفي كل المحافل الدولية.

أما عن الرغبة والمطالبة في خروج قادة المقاومة من غزة ونزع سلاحها وعتادها؛ فهذا خط أحمر غير قابل للتفاوض أو النقاش ولا ينبغي أن يدرج على أي جدول أعمال للنظر فيه.

ما ينبغي فعله الآن وليس غدا ولا يوجد وقت للتسويف، أو للتبرير، ولا إلى اختلاق المعاذير، هو ضرورة الوقوف صفا واحدا دعما للمقاومة الفلسطينية. إن هذا الدعم أصبح الآن فريضة شرعية، ومسؤولية سياسية، وضرورة اجتماعية كي نحقق للشعب الفلسطيني أمنه وتوفير الحياة الكريمة التي هي حقه المشروع كصاحب الأرض والتاريخ، وأيضا لكبح غطرسة الكيان ووقف تهديدات وتصريحات ترامب العنترية عند حدها.

إن من الأمانة الواجبة علينا الآن هو الانتصار لدماء الشهداء الأبرار والتي تقتضي التوقف عن تشويه وبث معلومات مغلوطة ومتعمدة عن قادة المقاومة من وقت لآخر على منصات التواصل الاجتماعي ومن بعض القنوات الفضائية الناطقة باللغة العربية وعليهم أن يتحملوا المسؤولية ويستشعروا حساسية المرحلة وإدراك وفهم طبيعة الصراع بصورة صحيحة، فإذا استمرت هذه الأصوات الاعلامية ضد المقاومة فهي بمثابة خيانة عظمى تعمل جنبا إلى جنب مع الاعلام الصهيوني.

وفي تصريح مفاجئ ومستفز للرئيس الأمريكي ترامب، وهو يشجع نتنياهو على مزيد من القتل بقوله "افعل ما شئت يا بيبي"، تفاجأنا بصوت مصري آخر يدعو حماس الانصياع لرؤية المجتمع الدولي وعليهم "إنكار الذات والتنحي" لصالح الفارس المغوار محمود عباس الذي حمى الضفة الغربية من العربدة الصهيونية وتذهب حماس تبيع سُبح وعطور في أسواق غزة. عار عليكم أن تقبلوا بالذل في زمن الانتصار عار عليكم أن تعشقوا العبودية والانكسار، ليتنا نتعلم من المثل الشعبي الذي يقول "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب".

هذا للأسف الشديد هو الذي شجع الرئيس الأمريكي ترامب على التعامل مع حكام العرب ومن ورائهم الشعوب العربية، وكأنهم أطفال صغار قصر لا يمتلكون اتخاذ أي قرار يخص مصيرهم وكأنهم تحت إمرته، ووزراء في حكومته ورهن إشارته في تحقيق أهدافه واستراتيجياته التي يحلم بها هو واليمين المتطرف في كل من أمريكا وإسرائيل.

بعض من الانتصارات الاستراتيجية التي تحققت على أيدي المقاومة والتي ينبغي استثمارها:

إن المكاسب الاستراتيجية التي تحققت على أرض الواقع وفي الميدان وعلى أرض غزة فاقت كل التقديرات، لقد اكتسبت المقاومة وحماس تأييدا شعبيا جارفا وغير مسبوق، تضاعفت معه الحاضنة الشعبية للمقاومة والتف حولها الشعب الفلسطيني في مشاهد تقشعر لها الأبدان مع بداية تنفيذ المرحلة الأولى لبنود الصفقة، حتى وصول تقبيل الأسير الصهيوني رأس اثنين من مقاتلي القسام من على منصة التسليم في الدفعة السابعة، لينسف هذا المشهد كذب روايات الكيان الصهيوني عن سوء معاملة الأسرى من قبل حماس والترويج لهذا عبر وسائل إعلامه المختلفة، والتي تأكد كذبها بهذه المعاملة الحسنة من قبل حماس للأسرى تضع نتنياهو وحكومته في مأزق سياسي جديد.

ومن مشاهد النصر أيضا خروج جنود حماس في كل مرحلة من مراحل تسليم الأسرى بكامل زيهم العسكري ومدججين بالسلاح، في ظاهرة هي أقرب للعروض العسكرية واستعراض للقوة في كل مرحلة من مراحل التسليم وأن حماس ما زالت باقية وقوية وثابتة على قدميها، في رسالة للداخل والخارج مفادها نحن اليوم التالي ونحن على الأرض باقون ونحو التحرير ماضون، وبذلك أسقطت كل محاولات التهجير ونزع السلاح التي يتحدث عنها الكيان الصهيوني آناء الليل وأطراف النهار. هذا بالإضافة إلى الحالة النفسية العالية في صفوف مقاتلي حماس وأنها على استعداد دائم وجاهزية تامة لأي عدوان محتمل، وكذلك سعادة وفرحة الشعب الفلسطيني بالمقاومة. إن هذه الحالة سوف تؤسس لمرحلة التحرير القادمة (قل متى هو قل عسى أن يكون قريبا).

أيضا من النصر الاستراتيجي الذي ينبغي استثماره حالة البؤس واليأس التي أصابت الداخل الصهيوني، وجعل الكثير منهم يطالب بالهجرة هربا من الالتحاق بالجيش حتى لا يلقوا مصير زملائهم.

وعلى المستوى الشعبي لحكومة الاحتلال نشاهد سخط كبير وغير مسبوق وتآكل للحاضنة الشعبية لحكومة نتنياهو، هذا بالإضافة إلى حالات الاستقالات في حكومته التي لا تتوقف.

ومن أهم الانتصارات الاستراتيجية التي تحققت وينبغي استثمارها أيضا؛ مطالبة الكثيرين بضرورة تسليم نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية على إثر الدعوى التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بسبب حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، كذلك حالة الخوف الشديد الذي تطارد الشعب الصهيوني الذي لم يعد يشعر بالأمان على هذه الأرض، بعدما صرح ضباط جيش صهاينة سابقون بأن إسرائيل لم تعد وطنا آمنا ولا تصلح للعيش، بل أصبح المواطن الإسرائيلي منبوذا عالميا وغير مرحب به في المحافل الدولية وهذا ما يهدد الوجود الإسرائيلي.

لقد حقق طوفان الأقصى نصرا استراتيجيا غير مسبوق على كل المستويات، وكبّد الكيان الصهيوني خسرانا مبينا خسر معه سمعته وكل أهدافه المعلنة.

وليس أمام الشعب الصهيوني إلا أن يهاجروا أفرادا وجماعات ويدركوا الحقيقة جيدا بأنهم محتلون ويتركوا الأرض لأصحابها طوعا إن رغبوا في حياة آمنة ومستقرة، ولا ينبغي لهم أن ينصاعوا لرموز اليمين المتطرف الذي يتاجر بأرواحهم ويلقي بهم إلى الجحيم.

والرسالة الأخيرة لكم بنو صهيون على لسان أحد مقاتلي القسام: "إما نحن، وإما نحن، فهذه الأرض أرضنا بناها أجدادنا، ورويناها بدمائنا، فإما نحن، وإما نحن".
هل استوعبتم الرسالة؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات غزة الاحتلال المقاومة التهجير احتلال مقاومة غزة تهجير مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط

أحسب أن حماس كانت تدرك أنها قامت في 7 أكتوبر ـ  تشرين الأول 2023 بعملية عسكرية غير مسبوقة، لكنها ربما لم تكن تملك تقديرا دقيقا لحجم وأثر عملية "طوفان الأقصى" ولعلها فوجئت بمفاعيلها على الأقل، الأمر الذي حملني على وصفها بـ " دوسة في بيت نمل". ولعل أفضل وسيلة لقياسها حجما وتأثيرا تكمن في مقارنتها بعمليات سابقة أدت إلى حروب شاملة.

سقط في اليوم الأول من العملية وفق الإحصاء الإسرائيلي 1200 قتيل و3400 جريح وأسر 251 إسرائيليا بين مدني وعسكري. بالمقابل تشير الأرقام الرسمية إلى أن إسرائيل خسرت في اجتياحها للبنان (1982 ـ 1985) 654 جنديا و3887 جريحا وفقدت أربعة جنود ووقع في الأسر 12 جنديا. وتفصح الأرقام المعلنة لحرب أكتوبر ـ تشرين الأول عام 1973 أن عدد القتلى الإسرائيليين بلغ 2600 قتيل و136 أسيرا لدى مصر و28 أسيرا لدى سوريا. وأسفرت حرب حزيران ـ يونيو عام 1967 بين العرب وإسرائيل عن سقوط 983 قتيلا عسكريا و20 مدنيا و15 أسيرا. وسقط في حرب السويس عام 1956 حوالي 172 جنديا إسرائيليا وأسيرا واحدا. وفي الحرب الأكبر عام 1948 سقط 6373 جنديا ومدنيا.

"بيرل هاربر" فلسطيني

وإذا أردنا الذهاب إلى مكان أبعد في هذه المقارنة، نجد أن الضربة اليابانية الصاعقة في ميناء "بيرل هاربر"، القاعدة البحرية الأمريكية الواقعة في جزر هواي في 7 ديسمبر ـ كانون الأول عام 1941 والتي دفعت أمريكا للاشتراك في الحرب العالمية الثانية، قد أدت إلى سقوط 2403 جنود وجرح 1178 جنديا. هذه الخسائر لا تتجاوز خسائر إسرائيل بكثير على الرغم من الفوارق الهائلة بين إحجام الأطراف المعنية والمعدات العسكرية والمواقع الاستراتيجية.

تفيد هذه المقارنة بأن حجم العملية والخسائر التي خلفتها ما كان متوقعا وهو بمثابة إعلان حرب شاملة تستدرج بالضرورة حلفاء الطرفين وتتجاوز غزة ولبنان. فهل كانت حماس تراهن على إشعال حرب شاملة عبر استدراج محور الممانعة من دون تنسيق مسبق أم أن المحور لم يدرك هو أيضا أثر وحجم العملية التي وصلته النية الفلسطينية بوقوعها من دون تحديد ساعة الصفر؟

لقد انهارت في 7 أكتوبر ـ تشرين الأول أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في ساعات قليلة، أمام أعين المقاتلين الذين فوجئوا حقا بما أتت أيديهم. والواضح أنهم كانوا يحسبون انتصارا أقل في معارك أصعب وخسائر أكثر وردود فعل إسرائيلية أسرع.هذا السؤال ما زال بحاجة إلى إجابة لم تصدر بعد عن أي من أطراف "محور الممانعة". بانتظار الإجابة الرسمية من المعنيين، أرجح أن المحور فوجئ كما فوجئت حماس بنتائج العملية من دون أن يكون مستعدا للانخراط فيها انخراطا شاملا وتاما وليس عبر إسناد بصواريخ ومسيرات على أهميتها. نعم لقد كان "طوفان الأقصى" مؤثرا إلى الحد الذي يفوق كل تصور مسبق لدى جميع أطراف الحرب.

ستتضح أبعاد الصورة أكثر عندما ننظر إلى حجم القوى التي احتشدت أو أخذت تحتشد للاشتراك في هذه الحرب. فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 8 أكتوبر ـ تشرين الأول عن إرسال حاملة الطائرات جيرالد فورد وهي الأحدث والأهم في العالم، إلى شرق المتوسط وتلتها حاملة الطائرات داويت أيزنهاور. وأرسلت من بعد إلى البحر الأحمر حاملة الطائرات هاري ترومان ومن ثم تلتها شقيقتها فينزون، وأرسلت جنبا إلى جنب حاملة طائرات مروحية وسفنا وغواصات وفرقاطات حربية.

استنفار 55 قاعدة عسكرية أمريكية

هذا الحشد العسكري الأمريكي كان قياسيا، ذلك أن واشنطن تحتفظ بـ 11 حاملة طائرات، أرسلت أقل من نصفها بقليل للرد على عملية "طوفان الأقصى" أضف إلى ذلك إرسال دعم لوجستي بشري في سياق استنفار القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، والبالغ عددها 55 قاعدة أكبرها قاعدة العيديد في قطر التي تضم 13 ألف جنديا.

وفي السياق أرسلت بريطانيا سفنا حربية ومشاة بحرية وطائرات استطلاع وقتال إلى شرق المتوسط ولم تبرح الطائرات البريطانية سماء غزة والمنطقة. من جهتها بادرت فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى تشكيل قوة بحرية لحماية السفن التجارية الأوروبية في البحر الأحمر وشاركت في إسقاط المسيرات الإيرانية التي أطلقت على إسرائيل في 13 نيسان ـ أبريل عام 2024.

تعكس هذه الأرقام تقديرا أمريكيًا وأوروبيًا عاليا للخطر الداهم الذي يهدد الدولة العبرية وتصميما على حمايتها ورفع معنويات سكانها التي تراجعت إلى الحد الأقصى بعد هجوم أكتوبر، خصوصا بعد أن بدا الجيش الإسرائيلي في حالة ارتباك وعجز عن استعادة زمام المبادرة رغم مرور ساعات طويلة على بدء "الطوفان".

 إن ذهاب العملية إلى أبعد مما تتصوره أو تتوقعه حماس والمحور يمكن ملاحظته من خلال ردود فعل أطرافه، لكن قبل ذلك لا بد من ذكر بعض آثارها على الأرض. فقد وصل مقاتلو حماس إلى عمق 25 كلم في طوفانهم وتحديدا إلى مستوطنة أوفاكيم ، مروا بمستوطنات على بعد 10 كلم في سديروت و5 كلم في نتيفوت و5 كلم في مهرجان روعيم الذي انتشرت صور الهاربين منه على وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مروعة لم تشهد إسرائيل ما يشبهها في كل حروبها مع العرب، منذ تأسيس دولتها عام 1948 في فلسطين المحتلة.

مصرع التكنولوجيا الرقمية

لقد استفاد مقاتلو حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى من عنصر المفاجأة، ليحققوا إصابات قاتلة في صفوف الإسرائيليين أكثر بكثير مما كانوا يتوقعون. فقد سيطروا على مقر قيادة فرقة غزة (رعيم) بسهولة كبيرة، وخرقوا الجدران الإلكترونية والإسمنتية من دون صعوبات تذكر، واستخدموا الطائرات المسيرة في التشويش وتدمير أبراج المراقبة، والطائرات الشراعية (جيلدرز) لنقل مقاتلين إلى مواقع القتال بسرعة كبيرة، وشنت قواتهم البحرية هجمات ناجحة بواسطة قوارب مطاطية في قاعدة (زيكيم) البحرية,

بدأت هذه الهجمات المنسقة بإطلاقات صاروخية كثيفة، الساعة السادسة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي، واستمرت أياما طويلة حتى تمكنت إسرائيل من القضاء على الوحدات العسكرية المتسللة وذلك من دون أن تصاب حماس بخسائر كبيرة بحسب مصادرها. في حين أكدت إسرائيل والولايات المتحدة سقوط 1000 شهيد فلسطيني في داخل الأراضي الإسرائيلية.

إن وصول "طوفان الأقصى" إلى عمق 25 كلم يعني أن المقاتلين أصبحوا في منتصف الطريق بين غزة والضفة الغربية حيث تقدر المسافة بين 50 إلى 70 كلم وصاروا على بعد 200 كلم من الحدود اللبنانية، وتفيد المعلومات التي نشرتها إسرائيل حول المقاتلين الذين أسروا أو استشهدوا، أنهم كانوا يحتفظون بتموين وذخيرة تكفي أياما عديدة ما يعني أنهم كانوا يراهنون على طول العملية بانتظار تطورات لاحقة.

لقد نوقشت خلال الحرب إحدى الفرضيات التي تقول إن حماس كانت تنتظر تحركا من مقاتلي الضفة الغربية لإكمال الهجوم الوافد من غزة، والذي لو استمر كان يمكن أن يشكل جسرا قتاليا من غزة إلى الضفة الغربية، هذا الجسر كان يمكن أن يتسع ويكتسب أهمية عسكرية فائقة لو نفذ حزب الله هجوما مرغوبا باتجاه الجليل ومنه إلى حيفا. ويؤكد على صلاحية هذه الفرضية اللواء الإسرائيلي المتقاعد إسحق بن بريك الذي يرى بأن إسرائيل ما كان بوسعها القتال على جبهتين. وراجت توقعات أخرى في الدولة العبرية من أن الحزب كان بوسعه الوصول إلى حيفا من دون صعوبات كبيرة مستفيدا من عنصر المباغتة في اليوم الأول للعملية.

هجوم لم يأت من الضفة وآخر من الجليل

هل كان محور الممانعة يتحرك وفق خطة مرسومة سلفا على أن تبدأ بعملية "طوفان الأقصى" وتستكمل بهجوم حزب الله على الجليل وصولا إلى حيفا وإلى ما بعد وفق ما كان يردد الأمين العام الراحل للحزب السيد حسن نصر الله؟ أو على الأقل هل كانت حماس تتمنى أن يتحرك هذا السيناريو، وهل استدرجت المحور إلى هذا المكان؟ بعض الأنباء غير المؤكدة تفيد أن حماس أبلغت أطراف المحور في لقاء تم في بيروت في آب ـ أغسطس عام 2023 نيتها شن عملية عسكرية كبيرة ضد إسرائيل تسمح لها بتغيير قواعد الاشتباك، لكننا ما زلنا بحاجة إلى تأكيد رسمي لم يصدر بعد عن أطراف المحور حول هذا الجانب.

يذهب أصحاب منطق المؤامرة إلى مدى أبعد، إذ يرون أن اغتيال رئيسي أخلى الساحة لانتخاب رئيس جديد يريد المصالحة مع أمريكا حليفة وحامية إسرائيل في الشرق الأوسط. في كل الحالات لا نملك أدلة من شأنها تكذيب التقرير الإيراني الرسمي حول ظروف مقتل رئيسي، وفيه تأكيد قاطع بأن سقوط مروحية الرئيس الإيراني تم بسبب الظروف الجوية السيئة، أضف إلى ذلك أن إيران كانت تستعد للتفاوض مع الولايات المتحدة حول الملف النووي قبل العملية، ما يعني أنها ما كانت في وارد خوض حرب مع إسرائيل حليفة واشنطن الأهم في المنطقة قبل "طوفان الأقصى".وتفيد أنباء أخرى أن إيران كانت على علم بتفاصيل العملية، وقد انعكس ذلك في تصريح شهير للرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الذي وصف العملية بـ "زلزال" ستهتز له أركان إسرائيل. وينسب إلى رئيسي تصميمه على دعم المقاومة الفلسطينية في غزة ولبنان بكل الوسائل التي تتيح هزيمة إسرائيل، بل يتهم أصحاب نظرية المؤامرة إسرائيل باغتيال رئيسي بعد زيارته لأذربيجان بواسطة "بايجر" مفخخ ويربطون موقع الاغتيال بوجود مكتب ناشط للموساد في العاصمة الآذرية "باكو".

ويذهب أصحاب منطق المؤامرة إلى مدى أبعد، إذ يرون أن اغتيال رئيسي أخلى الساحة لانتخاب رئيس جديد يريد المصالحة مع أمريكا حليفة وحامية إسرائيل في الشرق الأوسط. في كل الحالات لا نملك أدلة من شأنها تكذيب التقرير الإيراني الرسمي حول ظروف مقتل رئيسي، وفيه تأكيد قاطع بأن سقوط مروحية الرئيس الإيراني تم بسبب الظروف الجوية السيئة، أضف إلى ذلك أن إيران كانت تستعد للتفاوض مع الولايات المتحدة حول الملف النووي قبل العملية، ما يعني أنها ما كانت في وارد خوض حرب مع إسرائيل حليفة واشنطن الأهم في المنطقة قبل "طوفان الأقصى".

كائنا ما كان حال ونوع التواصل بين أطراف محور الممانعة قبل هجوم السابع من أكتوبر فإن ردود الفعل الغربية والدولية على هذه العملية كانت كلها تنم عن خوف على الكيان الصهيوني، وعن شعور بالخطر على مصيره. بعبارة أخرى كانت الولايات المتحدة تعرف أن إسرائيل غير قادرة على خوض القتال على أكثر من جبهة وأنها تحتاج إلى حماية ومشاركة في الحرب، ودعم لوجستي متواصل ومفتوح. ولعل انتشار القوات الأمريكية في المنطقة بالطريقة التي أشرنا إليها للتو يفصح عن هذا الشعور بالخطر المصيري على الكيان الإسرائيلي.

لقد انهارت في 7 أكتوبر ـ تشرين الأول أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في ساعات قليلة، أمام أعين المقاتلين الذين فوجئوا حقا بما أتت أيديهم. والواضح أنهم كانوا يحسبون انتصارا أقل في معارك أصعب وخسائر أكثر وردود فعل إسرائيلية أسرع. ولعلهم ذهبوا بتوقعاتهم بعيدا في رهان متأخر، على أن يشترك معهم المحور بكافة أطرافه في معركة "زلزلت الكيان الصهيوني" على ما قال رئيس إيران الراحل. لكن التمني في لحظة نصر استثنائية لم يكن متناسبا مع حسابات حماس نفسها ومع حسابات المحور عموما. ذلك أن حربا تسعى إلى توجيه ضربة قاضية لإسرائيل ستؤدي بالضرورة إلى حرب مع الولايات المتحدة والغرب الذي دمر العراق وأفغانستان خلال شهور قليلة، ويمكنه بوسائله الحربية أن يدمر إيران وأن يتحمل مخاطر حرب إقليمية مفتوحة، أو حرب عالمية دفاعا ليس فقط عن إسرائيل وإنما أيضا عن جغرافية العالم السياسية التي رسمها ويتحكم بمساراتها.

طوفان الأهداف

ما من شك في أن حماس كانت تتمنى أو تتوقع ولربما عملت ما بوسعها لحمل أطراف المحور على الاشتراك في حرب طوفان الأقصى بكامل القدرات المتاحة، لكنها كانت تعتمد في المقام الأول على قدراتها الذاتية، وهذا ما لاحظناه من خلال شبكة الأنفاق السرية الضخمة لحماية بناها التحتية.

إذا ما استبعدنا خطة شاملة لخوض حرب مفتوحة ضد إسرائيل وحلفائها من خلال عملية "طوفان الأقصى" فإن تقديرنا لأهداف العملية يمكن حصره في الخطوط العريضة التالية:

1 ـ الحؤول دون تصفية القضية الفلسطينية عبر الخط الإبراهيمي أي التطبيع مجانا من دون تنازلات.

2 ـ تغيير قواعد الاشتباك مع إسرائيل على غرار القواعد التي كانت قد استقرت في لبنان قبل الطوفان. معلوم أن إسرائيل ما كانت قادرة قبل الطوفان على اقتلاع خيمتين نصبها الحزب في أرض حدودية متنازع عليها.

3 ـ فك الحصار المستمر على غزة منذ العام 2007 وإعادة إعمارها.

4 ـ تعظيم حضور حماس في المشهد السياسي الفلسطيني والإقليمي.

5 ـ استعراض قوة حماس والفصائل المقاتلة برا وبحرا وجوا وهي المرة الأولى التي يتمكن خلالها فصيل فلسطيني من تشكيل قوة بهذا القدر من التنوع في مساحة صغيرة لا تصل إلى 400 كلم مربع.
 
6 ـ تهميش السلطة الفلسطينية الرسمية التي اختارت التفاوض لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من أرض فلسطين بعد خسارتها الحرب وخروجها من لبنان عام 1982.

7 ـ ضرب أسطورة الجدران المعلوماتية والتكنولوجية الرقمية التي أحاطت بغزة وصورت على أنها غير قابلة للاختراق.

8 ـ استباق التطبيع السعودي الإسرائيلي والتهدئة اللبنانية الإسرائيلية.

9 ـ إخراج المسجد الأقصى من دائرة الاعتداء الدوري وإرساء معادلة جديدة لحمايته.

10 ـ طي صفحة الشعور الفلسطيني بالإحباط جراء الطرق المقفلة لحل القضية الفلسطينية وإظهار إسرائيل ك "بيت العنكبوت" وهو تعبير اشاعه السيد حسن نصرالله بعد انتصار العام 2000.

11 ـ إبرام صفقة لتحرير آلاف السجناء الفلسطينيين.

12 ـ اختبار فعالية حلف الساحات والممانعة.

13 ـ اختيار توقيت 7 أكتوبر لإحياء ذكرى الانتصار العربي في حرب أكتوبر ـ تشرين الأول عام 1973 التي وصفت بأنها آخر الحروب العربية.

14 ــ إعادة طرح القضية الفلسطينية على المجتمع الدولي وإخراجها من المسار الإبراهيمي أو على الأقل فتح مسار آخر أمامها يمنح الفلسطينيين حقوقا أكثر وأملا بمستقبل أفضل.

هل تحققت هذه الأهداف أو هل يمكن أن تتحقق وماذا عن نهاية الحرب؟ أسئلة سأجيب عنها في المقال التالي.  

*باحث في أكاديمية باريس للجيوبوليتيك

مقالات مشابهة

  • حماس : جريمة هدم المنازل في الضفة تكشف فاشية العدو الصهيوني وتستدعي تصعيد المقاومة
  • سلاح المقاومة.. كيف تتعامل الأطراف مع الملف الشائك عسكريا وسياسيا؟
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط
  • القناة 7 الإسرائيلية: بتر ساقي مجندتين أصيبتا في كمين حماس قرب بيت حانون
  • بالفيديو: مشاهد للكمين الذي نفّذته "القسام" ضد قوة إسرائيلية شرق بيت حانون
  • العدو الإسرائيلي يواصل استهداف مخيمات قطاع غزة والمقاومة ترد بالمزيد من الكمائن
  • حركتا حماس والمجاهدين : عملية حومش رد مشروع على جرائم العدو الصهيوني وتأكيد على استمرار المقاومة
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما
  • إسحاق بريك: خسرنا الحرب مع حماس والجيش دمّر أقل من 10% من الأنفاق
  • “التعاون الإسلامي” تدين الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني بغزة