فن للامبالاة.. دعوة لنبذ الحياة الزائفة
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
يُعد كتاب "فن اللامبالاة: لعيش حياة تخالف المألوف" أحد أكثر الكتب مبيعًا في مجال التنمية الذاتية، وقد ألفه الكاتب والمدون الأمريكي مارك مانسون يختلف هذا الكتاب عن الكتب التقليدية في تطوير الذات، حيث لا يقدم نصائح تحفيزية معتادة، بل يعتمد أسلوبًا صادمًا وصريحًا يدعو القارئ إلى مواجهة الحقائق القاسية للحياة بدلاً من محاولة تجنبها أو تحسينها بأساليب زائفة.
في هذا المقال، سأستعرض الأفكار الرئيسية التي طرحها مانسون في كتابه، وأحلل مدى تأثيرها على حياة القارئ، مع ذكر إيجابيات وسلبيات الكتاب.
بداية سأتحدث عن الفكرة الأساسية للكتاب، إذ هو يتمحور حول مفهوم اختيار القيم المهمة في الحياة، وعدم إهدار الوقت والطاقة في القلق بشأن أمور لا تستحق ذلك. يرفض مانسون فكرة الإيجابية المطلقة التي تروج لها كتب التنمية الذاتية التقليدية، ويؤكد على أن الحياة ليست عادلة، والمعاناة جزء أساسي منها، ويجب أن نتقبل ذلك لنعيش بواقعية وسعادة حقيقية.
أما أهم الأفكار التي يناقشها الكتاب فتتمثل في عدة نقاط، أولا "لا تحاول"، وهنا يبدأ مانسون كتابه بقصة الكاتب الأمريكي تشارلز بوكوفسكي، الذي كان يعتبر نفسه فاشلًا في الحياة، لكنه نجح أخيرًا عندما تقبل فشله بدلاً من محاولة تغييره، الفكرة هنا هي أن السعي المستمر ليكون الشخص إيجابيًا وسعيدًا قد يؤدي إلى نتائج عكسية، لأن التركيز على ما ينقصنا يجعلنا أكثر بؤسًا.
وثانيا "السعادة تأتي من حل المشكلات"، وهنا ينتقد مانسون الاعتقاد الشائع بأن السعادة تأتي من تجنب المشاكل، ويؤكد أن المعاناة والمشاكل أمر لا مفر منه، ولكن الفرق يكمن في كيفية التعامل معها. بدلاً من الهروب من المشاكل، يجب على الإنسان أن يبحث عن مشكلات جيدة تستحق المعاناة من أجل حلها، مثل السعي لتحقيق هدف مهم أو بناء علاقة قوية.
ثالث النقاط " تحمل المسؤولية عن حياتك"، ويرى الكاتب أن تحمل المسؤولية الشخصية حتى في الأمور التي لا نتحكم بها هو المفتاح لحياة أفضل. فبدلاً من إلقاء اللوم على الظروف أو الآخرين، يجب على الإنسان أن يقرر كيف يتفاعل مع الأحداث التي يمر بها، حتى لو لم يكن مسؤولًا عنها في البداية.
ورابعا "لا أحد مميز"، وبهذه النقطة ينتقد مانسون فكرة أن كل شخص فريد ومميز بطريقة استثنائية، ويرى أن هذا النوع من التفكير يولّد توقعات غير واقعية تدفع الناس للشعور بالفشل إذا لم يصبحوا ناجحين بطريقة استثنائية. يؤكد الكاتب على أن الاعتراف بأنك شخص عادي قد يكون مصدرًا للراحة، لأنه يحررك من الضغوط الزائفة للمقارنة مع الآخرين.
والنقطة الخامسة "أهمية قول (لا)"، حيث يشير مانسون إلى أن التركيز على القيم الصحيحة يتطلب رفض الأشياء غير المهمة. فلا يمكن للإنسان أن يكون مهتمًا بكل شيء، لذا يجب عليه اختيار القيم التي تستحق الاهتمام والطاقة، والتخلي عن الأمور التي لا تضيف قيمة حقيقية لحياته.
وسادس النقاط "تقبل الموت لتعيش حياة ذات معنى" وحول هذه النقطة يتحدث الكتاب عن فكرة الموت وأهميته في إعطاء معنى للحياة، ويرى مانسون أن تذكّر الموت يجعل الإنسان أكثر وعيًا بقيمه واختياراته، ويحفزه على استغلال وقته فيما هو مهم بدلًا من إضاعته في أمور تافهة.
وللكتاب من وجهة نظري العديد من الإيجابيات والسلبيات، أما الايجابيات فتتلخص في الأسلوب الصريح وغير التقليدي، فالكتاب يتميز بأسلوبه المباشر والصادم، مما يجعله مختلفًا عن كتب التنمية الذاتية التقليدية التي تكرر النصائح ذاتها.
كما يعتمد على أمثلة واقعية، فالكاتب يستخدم قصصًا من شخصيات تاريخية وأحداث حقيقية لدعم أفكاره، مما يجعله أكثر إقناعًا.
إضافة إلى أنه كتاب يشجع على التفكير العميق، بدلاً من تقديم حلول سريعة، يدفع مانسون القارئ إلى التفكير في قيمه الحقيقية وكيفية اتخاذ قراراته.
ويركّز على المسؤولية الشخصية، بدلاً من إلقاء اللوم على الظروف أو البحث عن السعادة المزيفة، يدعو الكاتب القارئ إلى تحمل مسؤولية حياته.
وفي المقابل لا بد من ذكر سلبيات الكتاب، والتي تتمثل في استخدام لغة حادة، فبعض القراء قد يجدون أسلوب الكاتب مبالغًا فيه أو مهينًا، خاصة مع كثرة استخدامه للألفاظ القوية.
وتكرار بعض الأفكار، رغم أن الكتاب مليء بأفكار قوية، إلا أنه في بعض الأجزاء يبدو وكأنه يعيد نفس الفكرة بأساليب مختلفة.
كما أن الكتاب قد لا يناسب الجميع، بعض الأشخاص قد لا يتقبلون فلسفة الكاتب، خاصة إذا كانوا يبحثون عن حلول مباشرة وسريعة لمشاكلهم.
وفعلا، أرى أن كتاب "فن اللامبالاة" بمثابة دعوة للتفكير في القيم الحقيقية للحياة، قد يساعد القارئ على التخلص من الضغوط الاجتماعية الزائفة، والتركيز على ما هو مهم فعلًا، ومع ذلك يحتاج القارئ إلى فهم أن الفكرة ليست في أن يصبح بلا مبالاة تمامًا، بل أن يختار بعناية ما يهتم به وما لا يهتم به، هو كتاب جريء يقدم منظورًا مختلفًا للحياة، ويحث القارئ على التخلي عن السعي المستمر وراء السعادة الزائفة، والبدء في تقبل المعاناة كجزء طبيعي من الحياة. رغم أن الكتاب قد لا يكون مناسبًا للجميع -حسب وجهة نظري- إلا أنه بلا شك يثير تساؤلات عميقة حول القيم التي نعيش من أجلها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القارئ إلى
إقرأ أيضاً:
حقوق قنا تكرم الطالبة مها أبونبوت لمشاركتها في معرض الكتاب برواية «أرض البليوم المجهولة»
في إطار حرص جامعة جنوب الوادي على دعم الطلاب المتميزين وتشجيعهم على الإبداع، وبتوجيهات الدكتور أحمد عكاوي عبد العزيز، رئيس الجامعة، كرم الدكتور عبد الباري سليمان، عميد كلية الحقوق بقنا، الطالبة مها عبد الظاهر أبو نبوت، بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق، وذلك لمشاركتها المتميزة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025 بروايتها "أرض البليوم المجهولة."
جاء هذا التكريم تقديراً لجهود الطالبة ومساهمتها الأدبية المتميزة التي تعكس وعيًا فكريًا وثقافيًا، وضمن استراتيجية الجامعة الهادفة إلى اكتشاف ورعاية المواهب الطلابية في مختلف المجالات، لتكون قدوة تحتذى بين زملائها الطلاب.
وخلال مراسم التكريم، قامت الطالبة بإهداء نسخ من روايتها، الأولى إلى عميد الكلية الدكتور عبد الباري سليمان، والثانية إلى الدكتور أحمد زكير، الأستاذ بكلية الحقوق والثالثة للدكتور عبد الله جاد الرب، المدرس بالكلية الحقوق، والرابعة للدكتور منتصر الهمامى، المدرس بالكلية، تعبيرًا منها عن شكرها وتقديرها لدور الكلية وأساتذتها في دعمها وتشجيعها.
وأكد الدكتور عبد الباري سليمان أن الكلية تفتخر بطلابها المبدعين، وتحرص على دعمهم في مختلف المجالات، موضحًا أن مثل هذه الإنجازات تمثل نموذجًا مشرفًا يجب أن يُسلط عليه الضوء، ويُحتذى به في مسيرة الطلاب الجامعية.
وعن روايتها، أوضحت الطالبة مها عبد الظاهر أن "أرض البليوم المجهولة" هي رواية فانتازيا مستلهمة من الواقع، تعكس ما شهده العالم من حروب وصراعات عبر العصور، كما تأثرت بشكل خاص بالأحداث التي يمر بها الوطن العربي، لا سيما القضية الفلسطينية، وأضافت أن عنوان الرواية يحمل دلالة رمزية، حيث تعني كلمة "البليوم" باللغة اللاتينية "الحرب"، ليكون العنوان بمثابة "أرض الحرب المجهولة."
وتدور أحداث الرواية حول صراع بين الخير والشر للسيطرة على كتاب سحري يمنح قوة خارقة لصاحبه، ويخوض أبطال الرواية، ومنهم جايل قائد الجيش، وفين العالِم، وسرينا الطبيبة، وإلدور المعلم الحكيم، وإليارا البطلة، معارك شرسة ضد قوى الظلام بقيادة "ماسِن"، وهو سيد الظلام الغامض، وتظهر الرواية مزيجًا من الشخصيات من الماضي والمستقبل، مع إدخال عناصر من السحر والكائنات الخيالية مثل "الأراكنيس" التي تمثل الشر، وكائنات أخرى صالحة تساعد الأبطال في رحلتهم.
وأكدت الطالبة مها عبد الظاهر أبو نبوت أن الكتاب السحري في الرواية هو رمز للعلم والمعرفة، مشيرة إلى أن رسالتها الأساسية التي أرادت إيصالها تتمثل في أن "القراءة هي السحر الحقيقي"، وأن الأمم لا تنهض إلا بالعلم.
كما تضمنت الرواية عددًا من الاقتباسات الأدبية التي تعكس الطابع الإنساني والرمزي للعمل، منها:
"بينما كانت النجوم تلمع فوق سماء أرض البليوم، عرفوا أن لكل نجم قصة، ولكل بطل مصير ينتظر أن يُكتب."
"كل معركة نخوضها تترك أثرًا، لكن الأثر الأكبر هو ما نصنعه من جديد بعد أن يتلاشى الغبار وتشرق الشمس من جديد."
"عندما نظرت إليها تحت ضوء القمر، لم يكن العالم بحاجة إلى سحر آخر. كان يكفي وجودها بجانبي ليجعل كل شيء مضيئاً ومليئاً بالحياة."
."في قلب الظلام، كانت هناك لمسة من النور، تذكرنا بأن الأمل لا يموت"
وقد أعربت الطالبة مها أبو نبوت عن سعادتها بهذا التكريم، معتبرة أن الجامعة بيئة خصبة للإبداع.