وجّه اثنان من مراسلي صحيفة نيويورك تايمز الأميركية انتقادات لاذعة للطريقة التي يتعامل بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع حلفاء بلاده التقليديين في أوروبا، ووصفاها بالفظة.

فقد كتب ستيفن إيرلانغر، كبير مراسلي الصحيفة الدبلوماسيين في أوروبا، أن ثمة جدلا يتزايد حول مدى عمق العداء الذي يضمره ترامب للحلفاء الأوروبيين، وإذا ما كان هدفه الحقيقي هو القضاء على الاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فايننشال تايمز: واشنطن غدت اليوم عدوة للغربlist 2 of 2توماس فريدمان: هل يفطن ترامب لخدعة بوتين أم يستيقظ بعد فوات الأوان؟end of list

وأعاد الكاتب إلى الذاكرة أن ترامب كان قد وصف الاتحاد الأوروبي، في ولايته الأولى، بالعدو الذي أُنشئ "لإلحاق الأذى بالولايات المتحدة في مجال التجارة".

خصوم؟

وقد كرر هذه التهمة في اجتماع لمجلس وزرائه يوم الأربعاء، ولكن بعبارات "أكثر فظاظة" -على حد وصف المقال- حين قال إن الاتحاد الأوروبي أُسّس "من أجل ابتزاز الولايات المتحدة، وهذا هو الغرض منه". وأضاف ساخرا أن الأوروبيين "لقد أبلوا بلاء حسنا في هذا الخصوص".

وبعد تقاربه مع روسيا وتحذيراته لأوروبا بأن من الأفضل لها أن تدافع عن نفسها، يرى إيلانغر في مقاله أن هجوم الرئيس ترامب الأخير عزز من اعتقاد القادة والمحللين الأوروبيين بأنه وفريقه ينظرون إلى حلفاء أميركا التقليديين في أوروبا على أنهم خصوم ليس فقط في مجال التجارة، بل في كل شيء تقريبا.

وفي ظن بعض المسؤولين والمحللين أن إدارة ترامب لا تبالي بأوروبا فحسب، بينما يرى آخرون أنها تكنُّ عداء صريحا لها. ولكن مراسل نيويورك تايمز يقول إن هناك نظرة مشتركة بين المحللين بأن تلك العلاقة التي كانت راسخة قد تغيرت الآن ولم تعد أميركا ذلك الحليف الموثوق به والذي لا يمكن التكهن بتصرفاته.

إعلان زيارات

لقد رفض ترامب -وفق المقال- حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وانحاز إلى جانب روسيا في تهديدها للحلف، حتى إن نائبه جيه دي فانس هاجم ديمقراطية أوروبا وثقافتها داعيا إلى فتح الباب أمام أحزاب أقصى اليمين.

أما الملياردير إيلون ماسك، مساعد ترامب، فقد وجه انتقادات لاذعة للقادة الأوروبيين وأيّد علانية حزب البديل الألماني، وهو حزب أقصى اليمين في ألمانيا.

وأشار المراسل إيلانغر إلى أن القادة الأوروبيين يتدافعون نحو واشنطن لتقييم الأضرار والعمل على تخفيف حدتها، حيث وصل إليها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم الخميس، بعد أن زارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي "لا يزال يأمل إقناع ترامب بعدم التخلي عن أوكرانيا وأن يظل ملتزما بعلاقته مع أوروبا".

وقد أعرب زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرتس -الذي من المرجح أن يصبح مستشار ألمانيا المقبل بعد فوز حزبه مساء الأحد بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات التشريعية- عن شكوكه القوية بشأن العلاقة عبر الأطلسي التي التزم بها هو وبلاده منذ عقود.

وقال بعد الاستماع إلى ترامب إن من الواضح أن الأميركيين -والإدارة الجديدة على الأقل- لا يكترثون كثيرا بمصير أوروبا.

قيمة أوروبا

وبحسب إيلانغر، فإن تصريحات المسؤول الألماني هذه تعدّ مقياسا لمدى الاستياء الذي يشعر به القادة الأوروبيون من الانقلاب في السياسة الأميركية بشأن أوكرانيا، وربما أكثر من ذلك؛ لدعمها الصريح لأحزاب أقصى اليمين التي تحتقر الحكومات الأوروبية وتدعم روسيا.

ونقل الكاتب عن مديرة معهد الشؤون الدولية في إيطاليا ناتالي توتشي القول إنها لا تشك في أن النية مبيتة لتدمير أوروبا  بدءا من أوكرانيا، مضيفة أن "تمكين اليمين المتطرف هو أمر أساسي لتحقيق هدف القضاء على الاتحاد الأوروبي".

وفي المقال الثاني بالصحيفة نفسها، يتفق لوك برودووتر مراسلها في البيت الأبيض مع زميله إيلانغر في رأيه بأن ترامب لا يهتم كثيرا بتحالفات بلاده التقليدية، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي يميل إلى تقييم العلاقات وفقا لحجم مساهمات الدول الأخرى في الاقتصاد الأميركي.

إعلان

وقال إن ترامب، في سعيه لإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا، قلب السياسة الخارجية الأميركية التقليدية رأسا على عقب بمطالبته المعتدي وليس المعتدى عليه بدفع الثمن.

ثروة أوكرانيا

ومن المقرر أن يوقع الرئيس الأميركي، الجمعة، اتفاقا مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يمكّن الولايات المتحدة من اقتسام ثروة كييف من المعادن، وهي صفقة يعدها ترامب بمنزلة ردّ الجميل للمساعدات التي قدمها دافعو الضرائب الأميركيون إلى الدولة التي مزقتها الحرب.

ومن وجهة نظر برودووتر، فإن انقلاب علاقة الولايات المتحدة مع روسيا وأوكرانيا هو ما أثار القلق الأكبر في الأسابيع الأخيرة. فبعد سنوات من إستراتيجية واشنطن لعزل موسكو، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع الرئيس فلاديمير بوتين وبدأ محادثات مع روسيا حول إنهاء الحرب، من دون مشاركة أوكرانيا في البداية.

والآن، يوشك ترامب على توقيع اتفاق لتقاسم الأرباح من الموارد الطبيعية في أوكرانيا. ولم تتضمن مسودة الاتفاق، التي حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز، سوى إشارات غامضة إلى حماية أوكرانيا.

وتنص المسودة على دعم الولايات المتحدة جهود أوكرانيا "للحصول على ضمانات أمنية ضرورية لإرساء سلام دائم".

ووصف جيم هيمس، عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي من ولاية كونيتيكت في لجنة الاستخبارات، الصفقة بأنها "نهج عصابات المافيا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة نیویورک تایمز

إقرأ أيضاً:

رأت فرصًا للتعاون بقطاع احتياطيات المعادن النادرة.. روسيا تحفز أمريكا اقتصادياً للتسوية في أوكرانيا

البلاد- جدة، وكالات
تشهد العلاقات الروسية الأمريكية، تطورات إيجابية منذ وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، ويحاول الطرفان البناء على محادثات الرياض، التي فتحت المجال لتفاهمات حول قضايا كبرى، بمقدمتها الحرب في أوكرانيا، وأشاد الكرملين بما وصفه بـ “الموقف المتوازن” لواشنطن، بعدما صوتت أميركا في الأمم المتحدة ضدّ قرار أعدته كييف والأوروبيون يدين الهجوم الروسي في أوكرانيا.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء، إن “الولايات المتحدة تتخذ موقفا أكثر توازناً يهدف إلى محاولة حل الصراع الأوكراني. ونحن نرحب بذلك”.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاثنين، مشروعي قرارين حول أوكرانيا، الأول أوكراني أوروبي حصل على 93 صوتا، مقابل 18 صوتا ضدّه، بما في ذلك الولايات المتحدة، وامتناع 65 دولة عن التصويت، ويشير إلى “الاحتلال الكامل لأوكرانيا من قبل روسيا”، ويكرر المطالب بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الروسية، والثاني أميركي صوتت لصالحه 93 دولة مقابل رفض 8 دول له، وامتناع 73 دولة عن التصويت، يدعو إلى “إنهاء النزاع في أقرب وقت ممكن وتحقيق سلام دائم بين الطرفين”.
وطلبت واشنطن من أوكرانيا، سحب مشروع قرارها المدعوم أوروبيا، وقبول مشروعها الذي لا يتناول هجمات روسيا، لكن أوكرانيا رفضت.
وبالنظر إلى اهتمام ترامب بالاقتصاد والصفقات، حاولت موسكو العزف على هذا الوتر، إذ قال الكرملين الثلاثاء إنه يرى فرصًا للتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق باحتياطيات روسيا الكبيرة من المعادن النادرة ذات الأهمية الإستراتيجية، وأضاف بيسكوف “هناك آفاق واسعة جدا تفتح في هذا المجال”، مشيرا إلى أن “الأميركيين يحتاجون إلى معادن نادرة. لدينا كمية كبيرة منها”.
وقبل ذلك بساعات، قال بوتين في مقابلة تلفزيونية “نحن مستعدّون لجذب شركاء أجانب إلى أراضينا الجديدة التي أعيدت إلى روسيا. هناك بعض التحفّظات. نحن مستعدّون للعمل مع شركائنا، بمن فيهم الأميركيون، في المناطق الجديدة”.
وسيطرت روسيا خلال الحرب التي اندلعت في 24 فبراير 2022 على أراض في شرق أوكرانيا وجنوبها يحتوي باطنها على كميات كبيرة من المعادن.
يأتي هذا في وقت يسعى ترامب للحصول من كييف على ما قيمته 500 مليار دولار من المعادن النادرة التي تُستخدم بشكل خاص في صناعة الإلكترونيات، حيث أعلن مؤخرًا عن استقباله للرئيس الأوكراني زيلينسكي في البيت الأبيض، الأسبوع الجاري أو المقبل، لعقد الصفقة.
وقال بيسكوف إن روسيا مستعدة لاتفاق مماثل “مع توافر الإدارة السياسية لذلك”، مستدركًا بالحاجة إلى وقت لإعادة بناء العلاقات مع أميركا التي فرضت عقوبات شديدة على بلاده بسبب الصراع في أوكرانيا.
ورغم الترحيب بمقترحات ترامب وتقديم مزيد من المحفزات له، إلا أن الكرملين أعلن أن نشر قوات أوروبية في أوكرانيا غير مقبول، تعليقاً على تصريح الرئيس الأميركي حول عدم ممانعته نشر قوات أوروبية لحفظ السلام هناك.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي ينتقد موقف ترامب من أوكرانيا
  • روسيا: نرفض تصعيد الحروب التجارية
  • نيويورك تايمز: نظرة ترامب للحلفاء الأوروبيين تثير القلق
  • "فايننشال تايمز": العقوبات الأوروبية على روسيا.. أداة ضغط أم عائق للسلام في أوكرانيا؟.. فشل قمة باريس يكشف عجز أوروبا عن تقديم الدعم لكييف
  • ترامب: سنستعيد الأموال التي منحناها إلى أوكرانيا
  • روسيا: أوروبا فقدت حقها بالمشاركة في التفاوض بشأن أوكرانيا.. اختارت طريق العسكرة
  • نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تتسامح مع تخريب روسيا لأوروبا
  • موسكو: أوروبا التي اختارت نهج العسكرة فقدت حق المشاركة في المفاوضات حول أوكرانيا
  • رأت فرصًا للتعاون بقطاع احتياطيات المعادن النادرة.. روسيا تحفز أمريكا اقتصادياً للتسوية في أوكرانيا