اختصر المتحدث باسم حماس أسامة حمدان في منتدى الجزيرة بالدوحة الأمر على كل التخرّصات: "نحن منتصرون ونحكم ومن رغب أن يكون وكيلا للعدو سيعامل معاملة وكيل العدو". ثم ختم: "أمر الطوفان ونتائجه تحتاج فقط شوية شجاعة".
يمكننا كتابة مقالات كثيرة في وضوح العبارة عند قيادات حماس وقدرتها على التعبير عن مواقفها وخططها ولكن ليس هذا موضوع الاهتمام، هنا نرغب أن نقول: تلك الشجاعة التي انتظرت طويلا أمر عسير على قوم تربوا على أن العدو الصهيوني قدر إلهي سلط عليهم فصار احتماله جزءا من الإيمان بالقدر، وصار وجوده شرط وجود وبقاء للأنظمة التي أعانت على غزة ولا تزال تقاول لتحل وكيلا للعدو.
بلا فلسفة بلا بطيخ
هذه ليست دروسا فلسفية للمقاتل إنما هي تذكير. بحسبة بسيطة لا تحتاج خبراء الاستراتيجيا خاصة أولئك الذين يظهرون في التلفزيونات لملء فراغات الأخبار؛ حرب الطوفان صفعت العدو صفعة أذهبت عقله فهو مذهول. هذا معطى وقع بين أيدي الأنظمة العربية وبالمجان، فلم تدفع فيه فلسا واحدا ولا جنديا صغيرا، قدمته لهم حماس من غزة وتكفلت بالثمن وحدها. ويفترض نظريا أن يستغلوا الضربة الذي أذهبت عقل العدو فيضغطون عليه ما يخدمهم في أقطارهم قبل أن يخدم حماس وجمهورها الماكث في العراء جائعا حافيا.
دعنا نتظاهر بتصديق دعواهم أن الكيان عدو لا يمكن أن يكون صديقا، وأن اتفاقيات السلام كانت ضرورة لتحييده وكف أذاه.. هذا الكيان الآن في وضع هشاشة كبير عسكريا وأخلاقيا، وهناك وعي عالمي بطبيعته العنصرية وقد فقد الكثير من الأنصار، وهذا ظرف مناسب للضغط عليه. ولا نتحدث عن حرب أو تحريك قوات، بل عن التصرف باتجاه المقاومة بما يوسع أثر انتصارها ويشد أزرها في محلها الغزاوي وفي جوارها القطري، أي أن لا تسلك الأنظمة مسلك من يحاول إنقاذ العدو.
إنه وقت مناسب لابتزاز العدو وابتزاز داعميه والتلدد في كل فعل يساعدهم على البقاء في وضع القوة والهيمنة على المنطقة وقدراتها البشرية والمادية، والنتيجة لصالح الأنظمة قبل أن تكون لصالح المقاومة التي قاومت بفقرها مستغنية عن الأنظمة. لنبسطها على طريقة عباس المخذول؛ اطلبوا ثمنا أعلى لهوانكم فقد قدمت لكم حماس وغزة وسيلة، وهنا أعني نظامي الجوار القريب قبل البعيد. لماذا هذه الذلة بلا ثمن؟ الأمر لا يحتاج فلسفة سياسية، إنه سوق مواقف ومكاسب والأرض مهيأة لطلب المزيد، اطلبوا فالعدو مكسور.
لن يطلبوا نصرا من أثر نصركم ولا حتى مكاسب محلية، لا يمكنهم تخيل العالم وليس فيه كيان غاصب يذلهم ويستهين بكرامتهم فيعاملهم معاملة العبيد الآبقين أمام المدفأة. إنهم لا يشعرون بالإهانة لأنهم يفتقدون إلى الكرامة، لا يشعرون بالذل عندما يرون شعوبهم جائعة ومفقرة ومقموعة. العكس تماما، إن ذلة شعوبهم تسعدهم، لذلك يستطيبون ما يفعله بهم عدوهم الذي لا يمس سلامة أجسادهم بل يحميهم من شعوبهم ويسمح لهم بمتع الحكم.
لا يمكن لخيالهم أن يذهب خارج هذا الموقع المريح لهم فيرون شعوبا حرة وقوية ومستقلة عن كل اضطهاد، ويرون أنفسهم حكاما محبوبين ومرحب بهم في الساحات دون حراسة، يحكمون بما يرضي شعوبهم فيسعَدون ويُسعِدون (هذه اسمها الديمقراطية، وقد طرقت أبوابهم فنفوها عنهم كما ينفى البعير الأجرب).
خيالهم رفض الديمقراطية ذات ربيع عربي وخيالهم يرفض نصر الطوفان؛ لأن جميع هذه الوقائع تنتهي بالحريات وامتلاك القوة السياسية في مواجهة العالم، خيالهم يذهب فقط في إعادة أسباب ذلتهم بنصرة العدو على المقاتل المنتصر المزعج.
إن خيالهم القاصر يملي عليهم: "كيف لهذا المقاتل أن يغير الخريطة؟ لا حق له في ذلك". لقد استقر الوضع لهم وهذا المقاتل جاء يعيد تفكيك الصورة ليعيد تركيبها على قواعد المنتصرين، إنهم يرفضون ذلك لأنهم عاجزون عن تخيل ما وراءه. هذا الخيال غائب، وهو غائب أيضا عند الشعوب التي نصرتكم من وراء الحواسيب.
لا تثقوا في حواسيبنا الجديدة
نحن الشعوب ضمائرنا مرتاحة بفضل أدعيتنا الكثيرة، بعضنا تقدم خطوة بالمساعدة المادية وهو جهد المقل المشكور، لكن خيالنا لم يذهب إلى أبعد من ذلك أفرادا جماعات سياسية. لقد تجلت لنا صورة سابقة كفيلة بنصرتكم لكننا تخلينا عنها، وهي صورة الشعوب المحكومة بالديمقراطية.
توجد خامة شعبية تنصفكم من عدوكم، وأنتم تتحسسونها في كل مكان وفي كل حدث لكنها خامة قاصرة عن الربط بين الحرية والديمقراطية والتحرير. لقد قامت دوما في الشارع مع القضية قضيتكم (قضيتهم)، ولكنها قامت أيضا وبغباء عجيب ضد حرياتها فناصرت كل فعل مضاد للحرية، ويمكن أن تقدم أمثلة عجيبة في تناقضها عن "مواطن" عربي يمجد الدكتاتورية في بلاده وهو يرى دكتاتور بلاده يراود العدو ليحكم، وفي ذات الوقت يخرج هذا الموطن في مظاهرة لنصرة غزة، ولو قلت له إن تحرير فلسطين يمر أولا بتحرير بلدك من القهر والظلم لا تهمك في عقلك.
هذا المواطن الذي لم يصر مواطنا لهشاشة وعيه بحريته لا يمكن الاعتماد عليه، لأنه مواطن بعقل قاصر، لأنه مواطن بلا خيال ولا يتعلم من كل هزائمه ومن كل انتصارات الفلسطيني.
هذه الحالة العامة من قصور الخيال السياسي هي حالة عربية عامة لم يعالجها قرن من الكتابة والتربية المدرسية على قول شوقي "وللحرية الحمراء باب"، لقد حفظناها جميعا كأنشودة مدرسية ولكنها لم تنتج عندنا روحا مقاومة. وحدها غزة صنعت خيال النصر فانتصرت.. إنه خيال يعوز العرب شعوبا وحكاما، والمعركة لا تزال طويلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الطوفان غزة العربية المقاومة فلسطين فلسطين مقاومة غزة عرب طوفان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري.. إخفاقات في فهم الرسائل الخفية في مسلسل “قبضة الأحرار” الذي أنتجته حماس
#سواليف – رصد
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن #تفاصيل جديدة حول #تحقيقات #جيش_الاحتلال بشأن ” #طوفان_الأقصى “
ووفق الصحيفة، فشلت وحدة “أمان”، المسؤولة عن تقديم التحذيرات الاستراتيجية، في رصد 10 إشارات واضحة على مدى عامين قبل 7 أكتوبر،.
أحد أبرز #الإخفاقات كان عدم فهم #الرسائل_الخفية في مسلسل تلفزيوني من إنتاج #حماس بعنوان ” #قبضة_الأحرار “.
مقالات ذات صلة التمييز تلزم وزير الداخلية ومحافظ المفرق بتعويض عاملة منزلية بـ20880 دينارًا 2025/02/28الصحيفة زعمت ، أن المسلسل تضمن تلميحات إلى عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر.
العمل الذي أنتج وعرض في رمضان 2023 ، قبل عملية طوفان الأقصى بأشهر، يكاد يحاكي عملية “طوفان الأقصى”، بدءًا من كشف #جواسيس_الاحتلال، إلى أسر عدد كبير من جنوده. وعرض المسلسل على قناة الأقصى وأكثر من 32 قناة عربية أخرى.
الغريب أن هذا العمل مر مرور الكرام على أجهزة #الاستخبارات_الصهيونية التي “تفلي النملة” وتنبش وتبث من خلال وحدة 8200 الاستخباراتية الصهيونية كل كبيرة وصغيرة، وهي فيلق وحدة الاستخبارات الإسرائيلية وهي مسؤولة عن التجسس الإلكتروني وفك الشفرة. وكذلك مسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي.
المسلسل الذي فكرت حركة حماس في انتاجه وهي في عز أيام استعداداتها لمعركة “طوفان الأقصى” يفتح على عشرات الأسئلة المشروعة والمحرمة، أهمها ما هي الرسالة التي كانت حركة حماس ترغب في توصيلها من خلال عمل درامي يتطابق كثيرا مع عملية “طوفان الأقصى”.
المسلسل كان وطنيا ووحدويًا بامتياز (على عكس الواقع)، حيث كانت غرف قيادة المقاومة تضم صور قادة الفصائل الفلسطينية جميعهم، من فتح وحماس وحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وحزب الله، كما تم تصوير المسلسل في أنفاق حقيقية لا مواقع تمثيل تم تجهيزها، وظهرت مشاهد تمثيلية كيفية التشويش على الرادارات الجوية التابعة لجيش الاحتلال قبل البدء بالعمليات، ومشاهد لعملية تصنيع الأسلحة.
لو تابعت أجهزة الاستخبارات الصهيونية العمل الدرامي “قبضة الأحرار” لكان موقفها من ملحمة “طوفان الأقصى” على عكس ما ظهرت به، فكانت أفشل أستخبارات في العالم، وهي التي جننت العالم بأنها أقوى استخبارات في العالم، ويدها تصل إلى المسموح والممنوع في كل مكان.
العمل الدرامي “قبضة الأحرار” إنتاج ضخم لفريق عمل متواضع من ممثلين وممثلات غير محترفين، ومع هذا ظهر بمصداقية عالية، وبتميز لبعض الفنانين والفنانات.
المسلسل للكاتب فارس عبد الحميد بمعاونة الكاتبة تسنيم المحروق، ومن إخراج محمد خليفة بمشاركة حسام أبو دان، وإنتاج دائرة الإنتاج الفني بغزة، وهو من بطولة الفنان رشاد أبو سخيلة، وأحمد فياض، وغسان سالم، وحامد حسونة، ورائد قنديل، وجواد حرودة، وزهير البلبيسي، وحسن الخطيب، وصفاء حسني، ونيفين زيارة، ورائدة أبو دية، وميرفت محمود، وضياء بارود، وأحمد النجار.
يستند المسلسل إلى قصص حقيقية، تبرز ما يطلق عليه “صراع الأدمغة” بين المقاومة وأجهزة استخبارات الاحتلال الإسرائيلي. ويحاكي المسلسل قصة واقعية حدثت شرق محافظة خان يونس جنوب القطاع قبل ثلاثة أعوام. ويتناول المسلسل محاولات الصهيونية الحديثة اختراق قطاع غزة عن طريق تسلل بعض المستعربين وعملاء وجواسيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشاباك” إلى القطاع لتنفيذ مهام متنوعة من اغتيالات وتعقب وتجسس. ويستعرض «قبضة الأحرار» جهود المقاومة المستمرة في مواجهة هذه المحاولات التي تستند إلى إدارة علمية وهيكل قيادي متدرج يؤكد حرص المقاومة على حماية الشعب الفلسطيني.
حتى المصطلحات العسكرية التي انتشرت على السنة الناس مثل “المسافة صفر” التي ظهرت في فيديوهات كتائب القسام عن الحرب الدائرة حاليا، قد ظهرت أولا في مسلسل “قبضة الأحرار”، وكأن المسلسل كان “بروفة” أخيرة للعملية التي زلزلت إسرائيل.