عبد الله بن ناصر يطوقني بدفء الدواخل

أزور الدوحة هذه الأيام، تلبية لدعوة كريمة، تلقيتها من معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني ، رئيس الوزراء وزير الداخلية القطري السابق، وهو من أبرز رجال قطر وقادتها.
زيارتي هي الثانية، خلال خمس سنوات، وكنت زرتها بدعوة من هذا الرجل، في العام 2019 ، قادما من لندن ، حيث أقيم منذ العام 2015.
هبطت طائرة الخطوط الجوية القطرية في مطار حمد الدولي الرائع مع تباشير الصباح.

.
في مساء يوم وصولي، الاثنين 24 فبراير 2025 ،استقبلني الشيخ عبد الله في قصره العامر.
طوقني بمشاعر تقدير، واحترام، وتكريم.
اللقاء اتاح فرصة للتعبير عن تقديري واحترامي وشكري لهذا الإنسان، المحترم، الوقور ، والرصين.
المودة، متبادلة بيني وبينه، منذ سنوات عدة ..
خلال اللقاء، تم تبادل وجهات النظر بشأن قضايا عدة في المنطقة والعالم.
رؤاه عبًرت عن وسطية التفكير، وواقعية تحليل، تستند إلى خبرة وثقافة ومعلومات..
أرى أن الدعوة التي تلقيتها من الشيخ عبد الله لزيارة الدوحة ، تعكس الكثير من المعاني ، والدلالات المهمة، لأسباب عدة.
في صدارة هذه الأسباب، أنني تلقيتها من شخصية رفيعة المستوى ، ومن صاحب بصمات، وعطاء، معلوم ، ومشهود ، ومحترم ، في مجتمعه والمنطقة الخليجية، وفي أوساط إقليمية ودولية .
الشيخ عبد الله هو أول رئيس وزراء ووزير داخلية في أول حكومة شكلها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعدما تولى مقاليد الحكم في 25 يونيو 2013.
تولى مناصب عدة قبل رئاسة الحكومة، عرفته قبل سنوات رجلا يعمل في الميدان، يتفاعل مع الناس في مواقع العمل وغيرها ، يزور وزارات ومؤسسات، ويتلمس عن قرب كيف يسير دولاب العمل .
أذكر أنني رأيته في جولة في سوق ( واقف) قبل سنوات عدة ،كنت جالسا مع اصدقاء، في مقهى ، فقمت للسلام ، قلت له هؤلاء زملاء، فحياهم، سألني زميل وكان ضيفا يعمل في بلد خليجي، قلت له هذا وزير الداخلية.
أصابته الدهشة، إذ كان يسير وسط الناس كانسان عادي.
قد يتساءل قاري عن دراسته؟
سيرته تقول إنه تخرج في كلية درهام العسكرية في بريطانيا، وحصل على درجة البكالوريوس في العام 1984، و ليسانس حقوق في جامعة بيروت في العام 1995، و نال عددا من اوسمة التقدير.
العلاقة متميزة بين الأمير الشيخ تميم بن حمد والشيخ عبد الله بن ناصر.
بعدما تم الاعلان رسميا في الدوحة عن استقالة الشيخ عبد الله من رئاسة الحكومة في 28 يناير 2020 نوه الأمير الشيخ تميم، في اليوم نفسه ، بعطاء الشيخ عبد الله.
في تغريدة قال الأمير ( نشكر الأخ عبد الله بن ناصر على كل الجهود المخلصة التي بذلها في كل مواقعه على مدى السنوات الماضية،والتي كان لها أ ثرا إيجابيًا في مسيرة دولة قطر والمنجزات التي تحققت على كل الصعد برغم التحديات، الشيخ عبد الله كان جنديا من جنود قطر ،وسيبقى كذلك في خدمة هذا الوطن الغالي).
في دليل إضافي على التقدير لعطاء الرجل، استقبل الأمير الشيخ تميم في 13 فبراير 2020 الشيخ عبد الله ومنحه “وشاح حمد بن خليفة” ، وهو وسام قطري رفيع المستوى. .
رسميا، تم الإعلان أن هذا التكريم يأتي (تقديرا لجهوده المخلصة وخدماته القيمة للبلاد).
من جهته اعرب الشيخ عبدالله عن ( فخره واعتزازه بهذا التكريم)، وتوجه بـ ( شكره وامتنانه لسمو الأمير على دعمه له طوال فترة عمله).
الشيخ عبد الله محبوب لدى القيادة ومحترم ..
محبوب، ومحترم في مجتمعه، وفي أوساط خليجية وعربية .
دوليا، أشير في هذا السياق أن الشيخ عبد الله حصل على أوسمة دولية ، ومنها الوسام الدولي للحماية المدنية في 4 يونيو 2007، ووسام جوقة الشرف الفرنسي في 19 نوفمبر 2009، ووسام الدرك الوطني الفرنسي.
قطريا، هورجل إجتماعي بامتياز،يتصدر ساحات المشهد الاجتماعي، بحضوره ومشاركته في أعراس القطريين وأتراحهم.
شخصيات داخل قطر، و خارجها، تحرص على زيارته، فهو يتمتع بخارطة علاقات واسعة، تشكلت على مدى سنوات عمله في ميادين عدة ، مع قيادات في المنطقة والعالم.
تجربتي معه تقول إنه صاحب نبض انساني، متميز، بتواضعه، ووفائه لمن عملوا معه، وهو يحترم ويُقدر من يعرف أنه أعطى لقطر عصارة الجهد والمحبة ، خصوصا في المحكات الصعبة، من دون من أو أذى.
هذه السمات من أبرز خصاله الجميلة.
الدعوة التي تلقيتها منه لزيارة الدوحة أراها تعكس أخلاقا، هي أخلاق القطريين الذين عرفتهم عن قرب ، وعشت بينهم أحلى سنوات العمر .
عملت صحافيا في قطر لأكثرمن ثلاثين سنة..
في ( العرب، الشرق، وكالة الإعلام الخارجي، وكالة الأنباء القطرية) ..
كنت أيضا مراسلا ومسؤول صحيفة ” الحياة” اللندنية في قطر، ومراسلا لإذاعة مونت كارلو الدولية بباريس، ومراسلا لقناة ” ال بي سي” اللبنانية في فترة شراكتها مع صحيفة” الحياة” الدولية.
شهدت خلال سنوات عملي، الطويلة ،والحيوية بحيوية الحراك السياسي والاجتماعي القطري ، تطورات، وتحولات ايجابية كبرى ونوعية، تحققت بارادة قيادية، فولاذية، لا تنكسر أو تلين.
التحولات النوعية نقلت قطر إلى مرحلة متطورة في كل مجالات الحياة، بفضل رؤى وحكمة وقوة إرادة الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والدور الحيوي التاريخي للشيخة موزا بنت ناصر.
وهاهو الأمير الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حقق، ويُحقق لوطنه انجازات باهرة، محليا واقليميا ودوليا، بنبض شبابي، عصري.
في إطار ما لا خفيه بشأن محبتي لقطر، واحترامي لقياداتها وشعبها ، أقول إن الدعوة التي تلقيتها من الشيخ عبد الله لزيارة الدوحة هي وسام على صدري، وشهادة تكريم أحتضنها بمحبة ، وهي أيضا تعبير عن نبض تقدير أحترمه، وأعتز به .
زيارتي شكلت فرصة لأعانق الدوحة الجميلة، النظيفة، النضرة، الأنيقة، المتميزة بشوارعها وجسورها، وألوان بيوتها المريحة للنظر والنفس التي أرهقها وانهكها السفر، والترحال الطويل، في زمن المواجع السودانية والعربية، واختلال موازيين العدل في العالم.
فور خروجي من المطار الدولي الرائع أطلت الدوحة بوجه صبوح ، وهي تلبس ثوبا قشيبا ، جديدا،جميلا، آسرا، يجذب الانتباه، و يحمل قسمات النضار والجمال .
بدت الدوحة أنيقة، بكل ما تحمل الكلمة من دلالات..
بعد انجازات البنية التحتية ، ومشاريع مونديال الدوحة، انتزعت مكانتها عن جدارة بين المدن العصرية، فباتت تشد الأنظار ، وتتيح في الوقت نفسه أوسع فرص التأمل، لقراءة ملامح هذا الوجه الوسيم ، جميل المحيا، ولاستعادة ذكرياتي، خلال أكثر من ثلاثين سنة.
زيارتي للدوحة انعشت دواخلي، وعمقت محبة ومودة متبادلة ، وعززت قناعاتي بصواب ما كتبته خلال سنوات وجودي في الدوحة، وفي لندن، عن دولة قطر الحبيبة، الصغيرة بمساحتها، لكنها – وهذا هو الأهم – كبيرة وشامخة بانجازات قادتها داخليا، ومتميزة بأدوارهم الانسانية، اللافتة ، في المنطقة والعالم .
شكرا الشيخ عبد الله بن ناصر..
شكرا أيها الرجل الوقور، الرصين، والمحترم.
mohamedelmaki.com  

المصدر: سودانايل