المشهد اليمني:
2025-02-07@13:38:28 GMT

حين يكون الحضور عين الغياب

تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT

حين يكون الحضور عين الغياب

يعرف ابن القيم الإخلاص يقوله :"أن يستوي لديك المدح والذم " وهي حالة من "الوجود الداخلي المحض "

يصير معها كل ما هو خارجي امتدادا لهذا الوجود الجوّاني المتعين وتجليا له على نحو يجعلنا في غنى عن تسول ذواتنا وحضورنا من العالم الخارجي بصفة عامة، أي لا يظل وجودنا مشروطا بالخارج باعتراف الآخرين وبطبيعة نظرتهم الينا ، أو بما نملك من المال او السلطة او العلم أو الأشياء وما قد يعد من شروط الاعتراف والتقدير .

ومن هنا نفهم معنى الآية الكريمة "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم " حيث نرى الاحالة الأولية على الداخل في نشدان التغيير للواقع .

وهنا نقف ازاء مفهومي الظاهر والباطن اذ يبدو كفاحنا منصبا لإيجاد ذلك القدر من الاتساق بين ما نظهر ومانبطن ، ما نخفيه وما نبديه بين ما نضمر وما نعلن، وذلك كي نصل الى حال من السوية والصدق المفصح عن نفسه بتلقائية وبدون تقصد، ذلك الصدق الحق والذي لايحتاج لأية مؤكدات ولا لأن تسأل عنه ، اذ "كل صدق يسأل عنه لا يعول عليه " بحسب إبن عربي وحين نخفق في ايجاد هذا التناغم والاتساق يحدث التشوش والاضطراب في رؤيتنا لذواتنا وللآخرين، تلك الحال التى نسقط معها ربما في التناقض والازدواجية والفصام والنفاق والانقسام وسوى ذلك من الأدواء والتشوهات .

أن نكون نحن، ولا شي أكثر ، رهان الكبار ،. أن نعرف انفسنا قبل كل شي، تلك المعرفة التى تحدد ماهيتنا وهويتنا وملامحنا الدقيقة الخاصة وحضورنا الحقيقي المميز ، تلك المعرفة التى تشعرنا بالثقة والثبات ورسوخ القدر و تجاوز بنا ماهو سطحي وعابر وشكلي وزائف، او مبهرج وبعيد عن الجوهر، علينا أن نؤمن بأن ما نراه نحن فينا حقيقة هو الأهم، اذ في وسعنا أن نلون الصورة والتصور لدى الغير دون أن يعني ذلك ان ما يصلهم هو نحن بالفعل ، من المهم الإشتغال على عقولنا وارواحنا مجاهدة ومغالبة وتهذيبا وتشذيبا وعناية وتعهدا وتربية وتزكية ونشدانا للسوية. ولنكف عن القلق من رأي هذا ورؤية ذاك، لأننا نعرف من نحن الى ذلك الحد الكافي لإنتفاء القلق ،

المهووسون بذواتهم وبصورتهم في عيون الآخرين ، كثيرا ما يلحقون بشخصياتهم أفدح الأضرار بتقصدهم الظهور من خلال إلاستعراضات الدعائية الفجة ، والتعبيرات المفتعلة المكشوفة النافخة في الذات المسرفة في الإدعاء والإختلاق ،

هؤلاء يجعلون من أنفسهم أضحوكة ،. واهدافا دائمة للحش والزراية .

لكي نحضر ، لا نحتاج لأية زوائد، أو مساحيق أو جهود مبالغ فيها ، .

الكائن الحقيقي الصادق ترى جوهره النبيل وعظمته ببساطة، بدون جعجعة وتشدق وعروض هزلية جوفاء تشير الى فراغ العقل والروح والى عقد نقص عميقة لا تسترها الأكاذيب .

لا يحتاج المرء لأن يظل مسكونا بذاته متمحورا حولها ، لا ينفك عن الإشارة الى شخصه بفجاجة مشيدا بفضائله وانجازاته ومناقبه ومآثره ومفاخره. ببلاهة تضعه في دائرة المقت والإنكار .

ينجز الصدق تعابيره الواضحة، وتفصح الروح الصادقة عن جمالها الخاص بعفوية وتلقائية .وبدون بهارج او احتشادات فاقعة .

الذات الحرة الغنية الممتلئة لا تستجدي الإنتباه أو الاطراء ولاتشحذ الحضور . ولا تأسرها الشهرة الفقيرة ، وهي تغيب لتحضر، واعية ومدركة أن من الحضور ماقد يكون عين الغياب ومن الغياب ماقد يكون عين الحضور .، ذلك المعنى الكبير الذي يحيل عليه الحديث الشريف " وإن الله يحب الإتقياء الأخفياء الذين اذا حضروا لم يعرفوا واذا غابوا لم يفتقدوا ، قلوبهم مصابيح الهدى ....." كما يرويه معاذ في لحظات دامعة على قبر رسولنا الكريم .

.هذه الحال من الحضور النوراني والذي يسقط معه الجسد وتجسدات الظهور المادي المحدود وينتفي الخفاء والغياب . حيث يتوهج القلب بنور الأبد

كي يجدنا الآخرون ربما علينا تعلم كيف نضيع فيما نكتب ونقول ونفعل . لنحاذر اهواءنا ونزوعاتنا ومطامحنا الصغيرة المخسرة على طريق التحقق، " طائر الطبع يرى الحبة وعين العقل ترى الشرك ولكن عين الهوى عمياء " قالها ابن القيم في فوائده ، مستدعيا حساسيتنا العالية ازاء الإنشدادات الغريزية التى قد تعمي عقولنا وتدفع بنا للخسران واللهاث خلف السفاسف ومراكمة الزيف والخواء والسخريات والعدم .

⇧ موضوعات متعلقة موضوعات متعلقة مقالاتالأعلى قراءةآخر موضوعات آخر الأخبار حين يكون الحضور عين الغياب قرار مرتقب يطيح باللواء فرج البحسني من مجلس... مشهد مخيف من السعودية .. صواعق رعدية تضرب... هلع ورعب في قاعة أفراح إثر اقتحام حوثي... مقالات حين يكون الحضور عين الغياب الحوثة يقولون بأن أصولهم من مكة ! الإنتقالي يتجاهل عشرين مليون يمني شمالي! رسوم حوثية جديدة على ممارسة الجنس اخترنا لك قرار مرتقب يطيح باللواء فرج البحسني من مجلس... هلع ورعب في قاعة أفراح إثر اقتحام حوثي... بعد إشاعات حوثية بنشر الفاحشة.. بيان لعلماء محافظة... ردة فعل ”غير أخلاقية” لمهاجم النصر السعودي ”رونالدو”... الأكثر قراءةً قرار مرتقب يطيح باللواء فرج البحسني من مجلس... هلع ورعب في قاعة أفراح إثر اقتحام حوثي... بعد إشاعات حوثية بنشر الفاحشة.. بيان لعلماء محافظة... ردة فعل ”غير أخلاقية” لمهاجم النصر السعودي ”رونالدو”... أول بيان من إدارة أمن عدن بشأن الغضب... الفيس بوك ajelalmashhad تويتر Tweets by mashhadyemeni elzmannews الأقسام المشهد اليمني المشهد المحلي المشهد الدولي المشهد الرياضي المشهد الثقافي المشهد الاقتصادي المشهد الديني الصحف علوم وصحة مقالات حوارات وتقارير منوعات المشهد اليمني الرئيسية من نحن رئيس التحرير هيئة التحرير الخصوصية الشروط اعلن معنا اتصل بنا جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2023
⇡ ×Header×Footer

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

‏المشهد القادم لصناعة النكسة

في عام 1917، كانت التجريدة الثالثة بقيادة الجنرال البريطاني إدموند اللنبي هي المفتاح الذي فتح أبواب فلسطين للاحتلال الإنجليزي، والمسمار الأخير في نعش أُدخلت فيه المنطقة برمتها، نصارع كي نخرج من ذلك النعش كي نعود للحياة ونعود للسيطرة على مقدراتنا فنقود ذاك العالم الهمجي الذي تآمر علينا منذ قرون ليسرقنا ويئدنا.

التجريدة الثالثة تلك الحملة العسكرية، التي بدت وكأنها تحرير من الاستعمار العثماني، الذي ما زال العملاء والخونة يتحدثون عليه، كانت في حقيقتها بداية لفصل جديد من المأساة الفلسطينية والعربية.

فالجنود الذين سقطوا في تلك المعارك، من العرب والمسلمين، لم يكونوا يعلمون أن دماءهم ستكون وقودا لاحتلال أرض الاقصى وتحويلها إلى ساحة لصراع استعماري صهيوني.

واليوم، وبعد أكثر من قرن، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذه المرة بوجوه جديدة وأدوات مختلفة. فهل ستكون مصر وجنودها هذه المرة أيضا الوسيلة التي تُستخدم لإنهاء القضية الفلسطينية تحت مسمى "صفقة القرن"؟

ففي ظل التصريحات الحنجورية المتكررة لعبد الفتاح السيسي حول رفضه القاطع لتهجير أهالي غزة إلى سيناء، يظهر على الساحة دخان أسود لمؤامرة أكثر سوادا تشير إلى أن المعلن عكس ما يُخفى ويدبر، فنجد تصريحات أمريكية وعبرية عن تحركات للجيش المصري في سيناء، وهي بالمناسبة تصريحات حقيقية وليست ادعاءات كاذبة، وهو ما يخالف أي منطق لأن أمريكا لن تسمح بنشوب حرب حقيقية بين مخلبيها في المنطقة (جيش الاحتلال طفلها المدلل وجيش مصر الذي اشترت قياداته وليس الجيش بأكمله).

لذا تبرز التساؤلات حول ما يحدث خلف الكواليس. فبينما يُعلن ويصرح السيسي وإعلامه أمام العالم أن مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين، بالرغم من أنه هو أول من تحدث عن صفقة القرن معلنا لترامب في رئاسته الأولى أنه داعم لها، ورغم تكرار رفضه، يظهر ترامب مؤكدا أن السيسي وملك الأردن سيوافقان حتما على الصفقة لأنه كما قال "يقدم لهما المساعدات"، بل وقدم ترامب دعوة للبيت الأبيض مفتوحه للسيسي.

نجد أن كل تلك الوقائع تشير إلى شيء واحد مؤكد، وهو أن السيسي جزء من لعبة كبرى تُحاك بين واشنطن وتل أبيب.

خطة تبدو وكأنها مأخوذة من سيناريو قديم تم تنفيذه سابقا في نشرين الأول/ أكتوبر 1973 حرب مُفتعلة بين مصر وإسرائيل، ولكن هذه المرة لن تكون مصر هي المنتصرة، يجب وضع بعض التوابل المختلفة حتى ينطلي على الشعب المصري أنه يتناول وجبة طازجة، معتقدا أنها قد تعيد لجسده الذي أنهكه الفقر والجوع والذل قوته وقليل من كرامته المهدرة على يد السيسي.

ففي السيناريو الجديد تظهر مصر كدولة تدافع عن القضية الفلسطينية، وعن سيناء التي يسعى ترامب لإهدائها للصهاينة كمكافأة على خسارتهم الحرب أمام حماس، وتشجيعا وتكريما لهم على ما ارتكبوه من إبادة بحق العرب من أهل غزة.

وبالطبع ستنتهي تلك المسرحية الحربية بهزيمة مصرية مُدبرة، وقصف إسرائيلي مكثف وعنيف لغزة، يدفع أهاليها إلى النزوح القسري نحو سيناء.

هذه الحرب، إذا ما حدثت، ستكون بمثابة الذريعة المثالية لتحقيق أهداف "صفقة القرن"، التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم قسرا بشكل طوعي.

وفي الوقت نفسه، ستُستخدم هذه الحرب لتحويل غضب الشعب المصري من الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية والتي تنذر بانفجار شعبي إلى تأييد للسيسي، الذي سيُظهر نفسه كقائد وطني يدافع عن القضية الفلسطينية وعن سيناء والأمن القومي المصري.

ولكن الحقيقة ستكون مريرة: فالجنود المصريون، هؤلاء البيادق الذين قد يُرسلون إلى جبهة وهمية، سيكونون وقودا لخدعة كبرى تُحاك على حساب شعبين..

الشعب المصري الذي سيُجبر على تحمل المزيد من القمع والفقر، والشعب الفلسطيني الذي سيُجبر على ترك أرضه تحت قصف من آلاف القنابل الامريكية.

سيناء: الفصل القديم الجديد من المأساة

سيناء، التي شهدت على مر التاريخ معارك وحروبا لا تُحصى، ستكون هذه المرة أيضا مسرحا لفصل جديد من المأساة. تحت وطأة القصف الإسرائيلي وربما الرد المصري سيسحق كثيرا من الفلسطينيين فأمام نيران المتحاربين سيموت من يموت، وسيُجبر آلاف آخرون من الفلسطينيين على عبور معبر رفح إلى سيناء، حيث سيتم إيواؤهم في مخيمات مؤقتة ثم تذويبهم في محافظات مصر وذلك وفقا لمخطط نشره معهد "ميسجاف" الإسرائيلي لبحوث الأمن القومي، والذي ذكر بدقة عدد الشقق الخالية بمحافظات مختلفة في مصر ومساحتها وإمكانية دفع ثمنها وبصورة أعلى من سعرها الحقيقي، مستغلين الديون التي أسقط السيسي فيها مصر ونهمه للأموال وذلك لتسكين أهل غزة بأماكن متفرقة لإمكانية تذويبهم في المجتمع المصري. وبالطبع إن نجحوا في ذلك ستكون هذه الخطوة بمثابة الضربة القاضية للقضية الفلسطينية، مما يسهل على إسرائيل السيطرة الكاملة على المنطقة.

فهل ستكون رمال سيناء هي مقبرة أحلام الفلسطينيين بالتحرر من الاحتلال الصهيوني، أم أنها ستكون المقبرة لأحلام الغزاة والخونة الجُدد وبداية لفصل جديد من المقاومة؟

ففي الوقت الذي تتوالى فيه الأسئلة والسيناريوهات، وخطط العمالة والخيانة، يكون الشعب المصري الغارق بهمومه ووهم القائد "الدكر" الوطني؛ هو الضحية الأكبر لهذه الخدعة. فبعد سنوات من المعاناة الاقتصادية والسياسية، ستتفاقم الأوضاع بشكل كبير.

الحرب المفتعلة ستؤدي إلى زيادة الديون وتدهور الاقتصاد، مما سيزيد من معاناة المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، ستُستخدم الهزيمة العسكرية كذريعة لتشديد القبضة الأمنية وقمع أي محاولات للثورة أو الاحتجاج. وهكذا، سيظل الشعب المصري مرغما على تحمل السيسي والأوضاع الاقتصادية المتردية، تحت ستار "الحفاظ على الأمن القومي".

هل سيُستخدم الجنود المصريون، كما استُخدموا في التجريدة الثالثة، كأدوات لتحقيق أهداف القوى الكبرى السياسية، فقديما كان نفس الجنود وسيلة لاحتلال فلسطين واليوم وسيلة لاحتلال سيناء باسم صفقة القرن، أم ستكون هذه المرة مختلفة؟ هل الشعب المصري سيستيقظ على الحقيقة قبل فوات الأوان؟

في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل سنسمح للتاريخ أن يتكرر بدماء جديدة، أم أننا سنتعلم من دروس الماضي ونرفض أن نكون وقودا لخدع السياسيين والخونة؟

الجواب لن يكون في الكلمات، بل في الأفعال، فإما أن نستيقظ الآن، أو نستسلم لمصير مظلم يُحاك أمام أعيننا.

مقالات مشابهة

  • "وفد بني سويف " يرد علي تصريحات ترامب
  • هل تكفي الذكريات لملء فراغ الغياب؟!
  • ياسر جلال أول الحضور.. تشييع جثمان الفنان صالح العويل
  • برنامج تدريبي عن إنتاج الكمبوست من المخلفات الزراعية لتحسين خواص التربة
  • أحمد سعد يحتفل بنجاح ألبومه وسط النجوم.. ومفاجأة في الحفل!
  • وائل جسار يعود بعد عام من الغياب بـ”100 إحساس جديد” في عيد الحب
  • فتاة تنهار بالبكاء يوم زفافها وتتصرف مع زوجها بغضب أمام الحضور .. فيديو
  • مدير تعليم مطروح تبحث سبل المشاركة في مبادرة مدرستي تكتب وتقرأ بطلاقة واجب وطني
  • صحيفة ليكيب: روشن أفضل من الدوري الفرنسي
  • ‏المشهد القادم لصناعة النكسة