العصا والجزرة جريمة القرن في غزة
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
طاهر محمد الجنيد
في سياسة العصا والجزرة يضع الصياد خيارين لا ثالث لهما أمام الضحية :إما الموت قتلا أو القتل موتا. بعض الضحايا تدرك وتتدارك الأمر وبعضها لا يدرك لذلك يظل يلهث وراء سراب حتى يقضي عليه ؛وترتيبات ترمب فيما يخص غزة لا تخرج عن تلك السياسة –يرى غزة موقعأً عقارياً كبيراً ستمتلكه واشنطن على مهل ويلتزم بشرائها لأمريكا أو مع آخرين –ملكية طويلة الأمد هذه الملكية –ستحقق الاستقرار والتنمية والاستقرار للشرق الأوسط ولغزة- حسب زعمه.
أمنيات أمريكا وترمب سيتكفل بها وكلاؤها في المنطقة. الوكيل الأول :الدائم والمقيم استقبله بعد أن انهى جولة من الإجرام في التطهير العرقي لأهل غزة الذين يريد تهجيرهم من خلال الأسلوب الإجرامي- استخدام العصا- الذي تم به إخراجهم من بيوتهم الأولى حسب اعترافات المؤرخ الإسرائيلي (أيلان بابه)في كتابه التطهير العرقي في فلسطين صادر عن أكسفورد 2006م يقول فيه (طرد الفلسطينيين لم يكن مجرد هروب جماعي وطوعي للسكان بل كان خطة مفصلة جرى وضع اللمسات النهائية عليها في اجتماع دافيد بن جوريون 10/3/1948م مع عشرة من القادة تضمنت أوامر صريحة باستخدام شتى الأساليب منها: إثارة الرعب ؛وقصف القرى والمراكز السكنية؛ وحرق المنازل؛ وهدم البيوت ؛وزرع الألغام في الأنقاض لمنع المطرودين من العودة اليها) ، استغرق تنفيذ الخطة ستة اشهر طرد فيها ثمانمائة الف فلسطيني إلى دول الجوار وتم تدمير531 قرية وإخلاء 11 حيا سكانيا مدنيا .
الاستعمار الإنجليزي استخدم ذات الأساليب وطرد السكان ودمرّ القرى وسنّ القوانين التي تجيز له ذلك ووصل به الحال أن شرّع لنفسه التصرف في أراضي الأوقاف أسوة بخليفة المسلمين لكنه منحها لليهود ؛لم يبع الفلسطينيون أرضهم ولم يسلموها بل بذلوا دماءهم دونها.
الأساليب التي يتبعها قادة الاحتلال الصهيوني هي ذاتها لتوسيع المستوطنات ، هدم البيوت جرف الأراضي ومصادرتها والواقع خير شاهد فقد تم تدمير 85 الى 95 في % مباني غزة .
طوفان الأقصى استبق مقررات اجتماع نتن ياهو بجنرالات التهجير القسري الذي قرر تنفيد إبادة جماعية لغزة وقتل قيادات المقاومة وجعل غزة غير صالحة للعيش كما يريدها ترمب .
ورغم استمرار الاجرام لأكثر من خمسة عشر شهرا فها هم يعودون إلى ركام بيوتهم، ليس لأنهم لا يملكون خيارا كما يدعي بل لأنهم يعشقون أوطانهم ويعشقون الشهادة ويؤمنون بالله.
فسياسة تدمير أسس ومقومات الحياة، وكل ما على الأرض وجعلها غير صالحة للعيش عليها ثم تقديم الإشفاق على الضحايا، لا تتناسب إطلاقا مع مجرمين تلعنهم أمم الأرض وتشهد عليهم كل المآسي (اذا أعطيناهم منازل في مناطق آمنه )وتخلصنا من المقاومة التي تشكل كابوسا لأمنيات الاستعمار فسيقبلون الانتقال منها.
الوكلاء الآخرون الذين يعتمد عليهم ترمب الأول :يكفي التهديد معه بقطع المعونة واذا لم يقبل فالبديل جاهز اعدّ اليهود أجندته ولم يبق سوى قرار إسقاط النظام –وسيكون فاتحة قراراته إصدار قانون حق العودة إلى الأردن لا فلسطين التي هُجّروا منها ؛وأما الوكيل الجنرال فقد اعد مدينة الأشباح التي جُهزت لاستقبال الكم الذي يحدده صهاينة العرب والغرب وكما اكد الناطق باسم حكومة الاحتلال( سيقبلون خطة ترمب وهم صاغرون هم أسود على شعوبهم لكنهم أذلاء وصاغرون عند الآخرين)؛أما التمويلات فسيتكفل بها وكلاء اليهود من دول النفط بداية بالسعودية والإمارات وغيرها.
ما يطمح به ترمب في سعيه للاستيلاء على غزة لا يساوي شيئا مقارنة بما لديه من قوة مع ما استولت عليه بريطانيا وفرنسا في الوطن العربي وعرف بسايكس –بيكو ونعيد التذكير ببعضها لاكلها.
-تنال انجلترا مينائي حيفا وعكا وتضمن مقدارا محدوداً من مياه دجلة والفرات للمنطقة واذا أرادت التنازل عن جزيرة قبرص فلابد من موافقة فرنسا.
-ميناء اسكندرون للتجارة الحرة البريطانية /وحيفا للتجارة الحرة الفرنسية ولهما الحق في الاستيلاء على السكة الحديدية التي كانت تربط أجزاء الأقطار العربية قبل تدميرها من قبلهم.
-فرنسا لا تجري مفاوضات للتنازل عن حقوقها ولا تعطي ما لها من حقوق في المنطقة الزرقاء لدولة أخرى سواء لدولة أو لحلف الدول العربية من دون موافقة بريطانيا وبريطانيا تتعهد بمثل ذلك لفرنسا فيما يخص المنطقة الحمراء.
10-يتفقان أن لا تمتلكا ولا تسمحا لدول ثالث أن تمتلك أقطارا في شبه الجزيرة العربية أو تسمحا بإنشاء قاعده بحريه في ساحل البحر المتوسط ؛ولا يمنع ذلك من إجراء تصحيح في عدن لمواجهة العدوان التركي.
تملك وسيطرة تامة انتهت وزالت بفضل الثورات العربية والمقاومة البسيطة بالأسلحة لا بالجيوش ، لكن سيطرة قوى الاستعمار لم تيأس فصادرت القرارات الوطنية من خلال العملاء والخونة الذي عهد اليهم تصفية المناضلين والاستيلاء على الثورات، ومن خلالهم صودرت حريات وقُمعت الجماهير وفُتحت السجون والمعتقلات.
سياسة الترهيب التي يمارسها ترمب لا تعني شيئا للأحرار والمؤمنين، فقد خرجت تلك الغطرسة المزعومة والوهمية من أفغانستان وولت مدحورة ذليلة وقبل ذلك خرجت من فيتنام بجيش قوامه اكثر من نصف مليون يجر أذيال هزيمة منكرة شهدها العالم اجمع.
أما وعوده التي يُمنى بها المخدوعين في تطوير المنطقة ونشر الأمن والاستقرار وإعادة البناء بأموال عبيده الأثرياء الذين لن يخالفوا أمره ؛ومثل ذلك توفير الوظائف، هي وعود زائفة كاذبة تشبه ذر الرماد على العيون لصرف انتباه العالم عن الإجرام غير المسبوق في التأريخ ضد الأشقاء في غزة وفلسطين فلا الإغراءات ولا الإرهاب يجدي نفعا مع المرابطين على ارض فلسطين الذين اكرمهم الله بها وفضلهم على غيرهم من الأمم بخلاف ذلك خدام مهبط الوحي مكة ومهاجر الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم.
الاستعمار والاستعباد الصليبي الصهيوني رسم مستقبل الدول العربية منفردة أو متحدة في اتفاقية -سايكس بيكو-التي لازالت مفاعيلها سارية حتى الآن ومن يظن بأنها انتهت وعفا عليها الزمن فهو واهم ، فمثلا:-
-فرنسا وبريطانيا مستعدتان لأن تعترفا وتحميا دولة عربية برئاسة عربي وليس معنى ذلك الاستقلال بل لهما الحق في السيطرة على السواحل –أما المناطق الداخلية التي ستعترفان بها فلهما : الأولوية في المشروعات والقروض المحلية ؛وتنفردان كل واحدة فيما لكل منهما بتقديم الاستشاريين والموظفين الأجانب بناء على طلب الحكومات العربية ، وذلك يعني أن كل تلك الهياكل والتجمعات العربية ماهي إلا ديكورات لتنفيذ أجندات الاستعمار الجديد –مجالس التعاون والاتحادات وجامعة الدول العربية وغيرها فمن انشأ الأنظمة واشرف عليها ومكن لها من الوجود والاستمرار هو من يتحكم بها حتى وان شاركهم لاعبون جدداً على الساحة السياسية كما هو حال أمريكا وروسيا وغيرها-فمهمتها رعاية مصالح الغرب والاستعمار وتحقيق أهدافه وتمتين كل مصادر الاختلاف والتجزئة والفرقة والشتات.
الجيوش العربية لا يجب المراهنة عليها أبدا، لأنها أيضا تم التحكم بها وتوجيه عقيدتها وتسليحها وسجل ذلك في البند (12)ستنظر الحكومتان في الوسائل اللازمة لمراقبة جلب السلاح إلى الدول العربية.
وبسبب ذلك ما دخلت الجيوش العربية في مواجهة مع الاستعمار إلا هُزمت حتى أنها تلقت هزيمة لأربعة منها دفعه واحدة في ستة أيام أمام اليهود؛ تم التحكم في صفقات الأسلحة ونوعيتها. وتم ضمان تفوق اليهود في كل الأسلحة والتقنيات. وتم التحكم في قياداتها ممن يدينون بالولاء لتلك الأنظمة في معظم الجيوش العربية .
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وصل إلى تحديد العقيدة العسكرية التي تجعل استعدادها لحماية الحدود المصطنعة التي وضعتها الاتفاقية وإبادة الأشقاء بعضهم لبعض وحماية العروش والأنظمة وقتل وسحل المواطنين. لكن إن تعلق الأمر بمواجهة المجرمين وتحرير الأوطان من اليهود والنصارى فالنتيجة معروفة سلفا .
اليهود والنصارى يستخدمون القدرات العسكرية والتقنية في تحطيم القدرات العربية. والدول العربية تستخدم أسلوب تكديس الأسلحة لخدمة شركات تصنيع الأسلحة .
الإجرام الصهيوني يدير إجرامه من خلال عمليات الإجرام في الغرف المغلقة والعرب يشترون أسلحته التي لا يريدها بأغلى الأثمان لذلك فإن رهانات ترمب تعتمد على وكلاء الاستعمار في تدمير الشعوب .
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
أعجوبة القرن الحديث
قبل إصلاحات عام 1978، كان ما يقرب من أربعة من كل خمسة صينيين يعملون في الزراعة. وبحلول عام 1994، لم يعد يعمل سوى واحد من كل اثنين. وسّعت الإصلاحات نطاق حقوق الملكية في الريف، وأطلقت شرارة سباق لتشكيل شركات صغيرة غير زراعية في المناطق الريفية.
كما أدى إلغاء نظام المزارع الجماعية وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية إلى زيادة إنتاجية المزارع (العائلية) وزيادة كفاءة استخدام العمالة.
دفعت هذه العوامل مجتمعةً العديد من العمال إلى ترك الزراعة. وقد أدى النمو السريع الناتج عن ذلك في المشاريع القروية إلى استقطاب عشرات الملايين من الناس من الزراعة التقليدية إلى الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة الأعلى.
منذ سلسلة الإصلاحات التي جرت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبعد سنوات من سيطرة الدولة على جميع الأصول الإنتاجية، شرعت الحكومة الصينية في برنامج إصلاح اقتصادي شامل. وفي محاولة لإيقاظ عملاق اقتصادي خامد، شجعت على تأسيس الشركات الريفية والشركات الخاصة، وحررت التجارة والاستثمار الأجنبيين، وخففت من سيطرة الدولة على بعض الأسعار، واستثمرت في الإنتاج الصناعي وتدريب القوى العاملة.
على سبيل المثال، إعطاء استقلالية أكبر لمديري المشاريع. أصبحوا أكثر حرية في تحديد أهدافهم الإنتاجية، وبيع بعض المنتجات في السوق الخاصة بأسعار تنافسية، ومنح مكافآت للموظفين الجيدين وفصل غير الجيدين، والاحتفاظ بجزء من أرباح الشركة للاستثمار المستقبلي.
كما أتاحت الإصلاحات مساحةً أكبر للملكية الخاصة للإنتاج، ووفرت هذه الشركات الخاصة فرص عمل، وطوّرت منتجات استهلاكية مطلوبة بشدة، وكسبت عملات صعبة مهمة من خلال التجارة الخارجية، ودفعت ضرائب الدولة، ومنحت الاقتصاد الوطني مرونةً وقدرةً على الصمود لم تكن متوفرة من قبل.
سجلت الصين نمواً ملحوظاً لعقود. من عام 1978 إلى عام 2010، تراوح متوسط النمو حول 10%، مما وضع الصين ضمن نسبة 1% المئوية للدول التي تنتقل من 1,000 إلى 10,000 دولار أمريكي للفرد. هذا إلى جانب انتشال أكثر من 800 مليون شخص من براثن الفقر، يبرر بوضوح تعبير “المعجزة الاقتصادية الصينية”. وحتى اليوم، لا تزال الصين بمثابة المحرك الأهم للنمو العالمي، حيث ساهمت بنحو ثلث إجمالي النمو العالمي على مدى العقود الثلاثة الماضية.
مع “الإصلاح والانفتاح” كشعار رئيسي منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي لتحويل الصين من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد سوق، تشابكت البلاد بشكل متزايد مع بقية الاقتصاد العالمي من خلال التجارة والاستثمار والمشاركة المتزايدة في سلسلة القيمة العالمية.
يُعزى ذلك إلى اقتصادات الحجم الواضحة في الصين، والأجور المنخفضة نسبياً، والبنية التحتية اللوجستية الداعمة للتصنيع. كما يُعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، ودعم الشركات الغربية التي تستثمر فيها، إلى جانب نقل التكنولوجيا على نطاق واسع، عوامل خارجية مهمة وراء نجاح الصين.
فأنا أعتقد أن مفهوم الأعجوبة تتحقق بغياب المصادر الرئيسة لتحقيق الأهداف، والانفراد بالنمو القياسي. لم يستيقظ التنين الصيني فجأة في عام 2003، بل استغرق 33 عاماً من التحضير. لذا، بفضل تلك الأعوام من العمل الشاق والصبر، انطلقت الصين بسرعة الصاروخ من عام 2003 إلى عام 2023 لأنها كانت تتمتع بأساس متين بفضل أبناء ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ومراحل التخطيط السليم.
كان بالسابق نشاهد المنتجات الغربية خاصة الأمريكية والاوربية تغزو السوق الخليجي على مدار عقود من الزمن، اما الآن احتل التنين العملاق الأسواق المحلية والعالمية بشكل كاسح. وذهبت المنتجات الغربية في الصفوف الخلفية وبعضها اختفت عن الوجود.
فهو مؤشر قوي على صلابة السوق الصيني، وينقلنا لدراسة وفهم أعمق لثقافة الصينية والاستفادة منها.
قبل أيام قليلة، حفزت المملكة العربية السعودية دراسة اللغة الصينية في مراحل دراسية معينة، وابتعاث عدد كبير من طلابها، وهذه خطوة استراتيجية في بالغ الأهمية لفهم أكثر المجتمع والثقافة الصينية والتعرف عن قرب التأثيرات والفرص الذهبية للوطن. أعتقد أنها خطوة رائعة جداً.
استراتيجيات الصين الناجحة تم ترجمتها إلى مشاريع ضخمة بوتيرة غير مسبوقة، وستُكمل خلال عقود مرحلة البنية التحتية التي ستُنافس ما بنته الولايات المتحدة في تاريخها. على سبيل المثال:
* 143,000 كيلومتر مجموع أبعاد الخطوط السريعة للمركبات، المصنف الأضخم على الأطلاق بالعالم
* 30,000 كيلومتر، واحدة من أسرع القطارات التشغيلية بالعالم، وهي تملك 02:03 من مجموع ابعاد العالم
* 100 مليار كيلووات بالساعة، أكبر محطات الطاقة الكهرومائية من حيث إنتاج الكهرباء بالعالم. Three Georges Dam with 100 Billion Kilowatt-Hours
* 25,526 مليار متر مكعب، مشروع تحويل المياه من الجنوب إلى الشمال. أكبر مشروع نقل مياه بالعالم، والذي يخدم على الأقل 100,000,000 فرد
* 8,704 كيلومتر، مشروع غرب الى شرق انابيب الغاز، أطول مشروع خط انابيب بالعالم
* 55 كيلومتر، Hong Kong – Zhuhai – Macao Bridge أطول جسر مائي للمركبات، وأطول نفق تحت البحر يمتد الى 6.7 كيلومتر
نعم، التنين العملاق الذي كرس قوته وعمل على مدار الساعات والعقود لبناء ترسانة مهيبة بعيدة عن التوترات والصراعات العالمية، قاعدة تعليمية، وعقول متعلمة قوية، ومواطنون يتمتعون بأفضل أخلاقيات العالم، واستعداد دائم للتعلم والتكيف، وعدم الاختباء أمام التحديات، واتباع أوامر من هو أحقّ وأكثر جدارة. هذه هي الصين العظيمة “أعجوبة القرن الحديث”.