رمضان شهر البناء والإنجاز والتأييد الإلهي
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
الدكتور/ عبدالله محمد المنقذي: رمضان شهر التحولات الجوهرية في تاريخ الإسلام غانم أبو السعود: المقدسات أولوية إيمانية لكل أبناء الأمة عبدالملك حسن الشهابي: رمضان شهر التكافل وتعزيز أواصر الإخاء والتضامن
الثورة/ عادل محمد
يطل شهر الرحمة والغفران على الأمة العربية والإسلامية في ظل جملة من المخاطر والتحديات التي تستوجب توحيد الصف الإسلامي لإسقاط المخطط الإجرامي الذي يستهدف تشريد شعب فلسطين إلى اصقاع العالم.
البداية مع الأخ جميل نايف الشرجبي – مدير عام الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين الذي بارك لأحرار اليمن وكل أحرار الأمة الإسلامية حلول الشهر الكريم سائلا الخالق تبارك وتعالى أن يكون هذا الشهر منطلقا لتوحيد الصف الإسلامي في مواجهة الطغيان المعاصر المتمثل بجرائم العدو الإسرائيلي المدعوم أمريكيا.
وتابع: يمن الإيمان والحكمة يمضي بخطوات واثقة وبعزيمة لا تلين في مسار بناء أمة قوية عزيزة لا تهاب الأعداء وسيظل يمن الأنصار إلى جانب الحق العربي في مواجهة الاطماع الاستعمارية التي تستهدف الوطن العربي والإسلامي.
ولفت بأن الموقف اليمني البطولي والتاريخي المساند للمجاهدين في أرض الأنبياء كان له الدور المحوري في انسحاب العدو الإسرائيلي من قطاع غزة وقد أثمرت عمليات القوات المسلحة اليمنية في الإسهام الفاعل في تحقيق هذا الانتصار الخالد.
وأضاف الأخ جميل نايف الشرجبي : المرحلة المقبلة من تاريخ الأمة هي مرحلة إيقاف التطبيع الخياني والمذل ولن تفلح مخططات واشنطن في حماية الكيان الغاصب من غضب أحرار العالم.
منوها بأن اليمن أعلن النفير العام والاستعداد الجهادي الكامل في حال نقض الأعداء الاتفاق ولن يتراجع أبناء اليمن عن مناصرة قضية فلسطين حتى تحقيق التطلعات المشروعة وفي مقدمتها تحرير الأرض وتطهير المقدسات.
مخططات التهجير
الدكتور عبدالله محمد المنقذي- مدير عام ضرائب محافظة صنعاء أوضح بأن شهر رمضان المبارك هو شهر التكافل الإيماني وتعزيز أواصر الإخاء والتضامن في وسط المجتمع اليمني الموحد العقيدة والانتماء.
وأشار أن شهر رمضان يكتسب أهمية استثنائية نظرا لما تتعرض له أقطار العروبة والإسلام من مخططات التهجير.
وأكد أهمية توحيد الصف الإسلامي لإسقاط مخطط تشريد شعب فلسطين إلى أصقاع العالم.
ونوه بأن أهم الانتصارات في تاريخ العرب والمسلمين حدثت في مثل هذا الشهر الفضيل وفي مقدمة هذه التحولات الجوهرية في مسيرة الإسلام هو الانتصار في معركة بدر الكبرى الذي شكل الانتصار فيها منطلق انتشار الدعوة المحمدية في اصقاع الدنيا.
وأشاد الدكتور عبدالله المنقذي بالحضور اليماني الفاعل في معركة الحرية والاستقلال التي يخوضها أبطال الأرض المحتلة حتى تحرير الأرض وعودة المقدسات.
شهر الفتوحات
الأخ عبدالملك حسن الشهابي- ناشط اقتصادي- بارك للأمة العربية والإسلامية حلول شهر الفتوحات شهر رمضان الفضيل.
ونوه بأن قدسية هذا الشهر تستوجب تنمية الوعي بالمخاطر التي تواجه الأمة وسبل التصدي لها.
واستنكر قرار الولايات المتحدة المتعلق بتشريد شعب فلسطين إلى اصقاع العالم مستهجنا هذه القرارات التي تعبر عن عدوانية واضحة وانحراف في التفكير.
وتابع قائلا: الإدارة الأمريكية تمارس الإرهاب والجريمة المنظمة بحق الشعوب والأوطان وتاريخها حافل بالمخططات الإجرامية ضد الأحرار على امتداد قارات العالم خدمة للصهيونية وأهدافها التوحشية.
وأشار الأخ عبدالملك حسن الشهابي إلى أن قرار الولايات المتحدة بتصنيف أحرار اليمن في دائرة الإرهاب والعنف لن يزيد أبناء الشعب إلا ثباتاً على الحق وعزماً لمواصلة نهج الجهاد ضد طغيان الولايات المتحدة وهذا القرار الأرعن لا يعنينا فهو صادر من عدو مجرم نخوض معه معركة بالأسلحة ولن تؤثر هذه القرارات على استعدادنا الجهادي.
المحور المقاوم
الدكتور عبدالكريم الثمري –نائب رئيس هيئة مستشفى ذمار العام بارك لأبناء الأمة العربية الإسلامية حلول شهر رمضان.
وقال: يحل رمضان هذا العام وشعوب الأمة الإسلامية تواجه أخطر التحديات الوجودية التي يقودها الاستكبار الصهوامريكي وتستهدف أقطار الوطن العربي الإسلامي من خلال مخطط تهجير شعب فلسطين إلى إصقاع العالم.
وتابع: قرار المتعجرف ترامب المتعلق بتشريد سكان قطاع غزة إلى مناطق مختلفة من العالم يبرهن الانزعاج الأمريكي الواضح من الانتصار التاريخي الذي حققه المجاهدون في أرض الأنبياء ولن تفلح هذه المخططات في حجب الأنظار عن هزيمة كيان العدو الإسرائيلي وإرغامه على الرضوخ لشروط المحور المقاوم والانسحاب من القطاع الصامد وتحرير الأسرى الأبطال من سجون الاحتلال.
التضامن الإسلامي
فيما اعتبر الأخ غانم أبو السعود -المؤسسة العامة للكهرباء –مدير المنطقة الرابعة في أمانة العاصمة صنعاء- شهر رمضان المبارك مناسبة لترسيخ الانتماء الإيماني والثبات على المسار الذي تسير عليه الجمهورية اليمنية في مواجهة الطغيان الصهيوأمريكي.
وأشار إلى أن شعبنا اليمني المؤمن الحكيم استطاع خلال معركة الحرية والاستقلال معركة “طوفان الأقصى” أن يجسد التضامن الإسلامي في أوضح تجلياته من خلال الإسهام اليماني الفاعل في حصار السفن وتعطيل موانئ العدو الغاصب.
ونوه بأن المسؤولية الإيمانية تستوجب على كل أبناء الأمة توحيد الصف الإسلامي وإسقاط قرار المتعجرف ترامب المتعلق بتهجير وتشريد شعب فلسطين ومساندة الأشقاء في الأرض المحتلة في ظل تواصل دعم واشنطن لجرائم الصهاينة على كل المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية.
وأكد الأخ غانم أبو السعود أن شهر رمضان مناسبة دينية جليلة يحب أن نستشعر من خلالها ما يربطنا بالأشقاء في قطاع غزة وكامل الوطن المحتل من أواصر الإخاء والعقيدة وأهمية أن تكون قضية المقدسات هي أولوية إيمانية لكل أبناء الأمة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
صلاح الدين الأيوبي قائد كردي وحد العالم الإسلامي وأوقف المد الصليبي وحرر الأقصى
قائد إسلامي، حكم نحو 20 عاما، وحّد فيها العالم الإسلامي ووقف في وجه الصليبيين، فاستعاد منهم 77 مدينة، وعمل على تعزيز المذهب السني بإحياء الخلافة العباسية فور توليه وزارة الدولة الفاطمية آخر أيامها، وحينئذ أعلن ولاءه لسلطان حلب نور الدين زنكي، الذي عينه نائبا له في مصر.
توفي زنكي فاستقلّ صلاح الدين الأيوبي، وأعلن نفسه سلطانا على مصر، ورفع راية الجهاد ضد الصليبيين، وزحف إلى الشام لتحريرها، فدخل دمشق ثم حمص وحماة وبعلبك، واستطاع بعدها ضم حلب وما حولها، ثم وجّه جيوشه لقتال الصليبيين، فهزمهم في معركة حطين وبدأ بعدها مُلك الصليبيين بالتساقط تباعا، حتى حاصر صلاح الدين بيت المقدس وحررها عام 1187 ميلادية، وصار سلطانا على مصر والشام.
أعلنت أوروبا النفير ودعت للثأر والانتقام للوقوف أمام جيش الأيوبي، الذي صمد وأوقع بالفرنجة الهزائم، فطلبت منه الصلح، وفي تلك الفترة مرض ولزم فراشه حتى وافته المنية في مارس/آذار 1193 ميلادية، ولم يترك وراءه إرثا، سوى دينارا و47 درهما، ودولة إسلامية موحدة.
ولد صلاح الدين الأيوبي باسم يوسف بن أيوب عام 532هـ (1137م) في تكريت إحدى قرى الأكراد، التي تقع على ضفاف نهر دجلة بالقرب من بغداد. ورأت أمه يوم ولادته أن رجلا يقول لها "ستلدين سيفا من سيوف الله عز وجل".
واسمه الكامل صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن الأمير نجم الدين أيوب بن شادين بن مروان بن يعقوب الدويني التكريتي، وهذا اللقب الأخير نسبة إلى قلعة تكريت التي ولد فيها وكان والده نجم الدين أيوب الوالي عليها.
والأيوبي كردي، وعائلته من أشرف الأكراد نسبا، إذ لم يجر على أحد منهم رق قط، وينتمي لعشيرة الروادية التي تنحدر من بلدة دوين في أذربيجان بالقرب من مدينة تفليس الأرمينية.
إعلانوكانت عائلته معروفة بمكانتها وحنكتها السياسية، فجده شادي تولى منصبا إداريا في قلعة تكريت، إحدى أهم الإقطاعات لبهروز خادم الأمير السلجوقي محمد ملك شاه، وعلا في المناصب حتى وليّ وظيفة قائد الشِّحنَة (قوات خاصة لحفظ الأمن الداخلي للدولة).
خَلَف شادي ابنه نجم الدين، وخدم السلطان السلجوقي محمد ملك شاه، الذي رفع من شأنه وأكرمه فولّاه قلعة تكريت، وكان عم صلاح الدين الأيوبي، أسد الدين شيركوه، من الأمراء المقدمين عند السلاجقة الذين أقطعوه إقطاعا قدرت قيمته بـ900 دينار سنويا في تكريت.
نشأتهرافق يوم ولادة صلاح الدين، حدث صعب على أسرته وأسرة عمه، فيومها أمرهم والي بغداد بهروز بمغادرة تكريت خوفا عليهم، بعد أن قَتَل عمه أسد الدين شيركوه أحد قادة القلعة لإيذائه امرأة في شرفها.
خرجت العائلتان من القلعة مكرهتين باتجاه الموصل، ونجم الدين ينظر لابنه الرضيع بشؤم مستشعرا الظروف السيئة التي رافقتهم مع ولادته، فهمّ بقتله، لولا أن أحد أتباعه أقنعه بالعدول عن الفكرة، قائلا له إنما هذا قدر ولا ذنب للطفل به، وأضاف "ما يدريك أن يكون لهذا الطفل ملك عظيم الصِّيت، جليل المقدار، ولعلَّ الله جاعل له شأنا".
نزلت الأسرتان ومن معهما عند عماد الدين زنكي، واستقبلهم بترحيب كبير، محاولا رد جميل أسرة الأيوبي التي أنقذته من شفا حفرة الموت، بينما كان في معركة ضد السلجوقيين عند قلعة تكريت، وهمّ أعداؤه بقتله، فأمّن له نجم الدين وشيركوه طريقا للفرار نحو الموصل.
توطدت العلاقة بين زنكي وعائلة الأيوبي، وصار والد صلاح الدين وعمه من أبرز قادة الدولة الزنكية، وأقطع لهما الأمير أرضا يعيشان عليها. ولم تفتر العلاقة بين الأسرة الأيوبية وعائلة زنكي حتى بعد مقتل أميرها، فقد استمرت مع تولي نور الدين محمود زنكي الحكم بعد أبيه.
وبمساعدة الأيوبيين، استطاع زنكي الابن ضم دمشق لملكه، وهناك ترعرع وكبر صلاح الدين، وتلقى تعليمه الديني وفنون الفروسية.
إعلانوعام 534هـ، فتح نور الدين زنكي مدينة بعلبك وعيّن والد صلاح الدين حاكما عليها لكنه حوصر وقتا طويلا من حاكم دمشق، إلى أن تم الصلح، وانتقل بعدها نجم الدين إلى دمشق ليصبح من كبار أمرائها.
تكوينه العسكري والسياسيوبين بعلبك ودمشق نشأ وترعرع صلاح الدين، وتلَّقى العلوم الإسلامية، ومارس فنون الفروسية والقتال والصيد والرَّمي بالسهام، وبرع كأبيه في لعبة الجوكان، وهي لعبة رياضية أصلها شرقي، يمارسها الَّلاعبون وهم على ظهور الخيل.
وعايش الأيوبي اعتداءات الصليبيين ومحاولاتهم المستميتة في احتلال الأراضي الإسلامية، ووعى على جهود أبيه وعمه في صد الفرنجة وتمددهم في الشام، ما ترك في نفسه أثرا بليغا، وغرس لديه قيمة هذه الأرض، فعاش بقية حياته مدافعا عنها.
ولازم الأيوبي عمه شيركوه، الذي رافق نور الدين زنكي مع توليه حكم الزنكيين خلفا لأبيه، وأثناءها برزت قدرات صلاح الدين العسكرية والإدارية، فارتفعت مكانته عند زنكي، وتعلم منه صلاح الدين الكثير وتأثر به في الأمر بالمعروف والسير في طريق الجهاد.
انتقل صلاح الدين مع عمه إلى مصر التي صار شيركوه آمرها، وابن أخيه يعمل عنده، وتهيأ الشاب الذي تأثر ببراعة أبيه السياسية، وشجاعة عمه في الحروب، وملك قدرا من الدهاء السياسي، وروحا حربية تقدس الجهاد، لتولي منصب أعلى.
تكوينه الدينيتعلَّم الأيوبي علوم عصره وتتلمذ على أيدي كبار العلماء وأساتذة منطقة الشام والجزيرة حينئذ، وحفظ القرآن ودرس الفقه وعلوم الحديث، وكان ممن تعلم على أيديهم قطب الدين النيسابوري.
كما تأثر الأيوبي بالقصص التي كان يقص عليه والده عن مجاهدي الإسلام وأبطاله، وكان ممن ترك أثرا بالغا في نفسه، القائد نور الدين زنكي، الذي ورث عنه قيادة المشروع الإسلامي وحبه للجهاد وغيرته على دينه، ونهج أسلوبه في "التصدِّي للمد الرافضي" و"الغزو الصليبي" كما يروى عنه.
إعلانوتعلم الأيوبي عقيدة أهل السنة والجماعة، وكان يحفظها لأولاده الصغار عثمان وعمر وأبو بكر، وعرف عنه أنه ما ترك صلاة الجماعة لسنين، كما يذكر قاضيه ابن شداد، وأن الزكاة لم تجب عليه، إذ لم يجمع مالا قط.
تجربته السياسية والعسكريةتولى صلاح الدين منصب رئاسة الشرطة في المدة التي مكثها في دمشق، واستطاع إعادة استقرارها وأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم.
وبرزت حنكته الحربية عندما ساعد عمه شيركوه في حملاته العسكرية الثلاث على مصر سنة 559 هجرية، فصار عمه وزيرا على مصر باسم السلطان زنكي وعينه الخليفة الفاطمي العاضد وزيرا له، وعقب أشهر قليلة، توفى شيركوه وخلفه صلاح الدين، وعمره حينئذ 32، وأصبح وزيرا للخليفة الفاطمي ونائبا عن زنكي.
في تلك الفترة هاجم الصليبيون دمياط، مستغلين اضطراب الأوضاع الداخلية في مصر، فأرسلوا أسطولا ضخما محملا بالجنود والمعدات في محاولة للاستيلاء على المدينة، لكن الأيوبي استطاع صدهم وإلحاق الخسائر بهم مما عزز من مكانته قائدا عسكريا.
بعد وفاة الخليفة الفاطمي العاضد عام 567 هجرية، أعلن الأيوبي انتهاء حكم الفاطميين في مصر وبايع الخليفة العباسي "المستضيء" ودعا له على منابر مصر، وبذلك أسدل الستار على الدولة الفاطمية نهائيا.
توفي نور الدين زنكي سنة 569 هجرية، مما أدى إلى اضطراب الأوضاع في الشام والجزيرة، وانتشرت الفوضى بين أمراء الزنكيين، فدعي الأيوبي لتولي زمام الأمور، فدخل دمشق حيث استُقبل بحفاوة عام 570 هجرية، ثم واصل مسيرته نحو الشمال، فاستولى على بعلبك وحمص وحماة، وترك حلب للملك إسماعيل نور الدين حفاظا على وحدة المسلمين.
حكم الدولة وإحياء الدولة العباسيةحمل صلاح الدين الأيوبي راية التحرير بعد موت نور الدين زنكي، وجعل نصب عينيه توحيد مصر والشام والموصل، وقطع الاتصال بين الصليبيين والغرب، وجهّز خطة لطرد المستعمر الصليبي من بلاد المسلمين، بدأها بعقد هدنة معهم 4 سنوات حتى يتمكن من توحيد صفوفه وحشد قواته.
إعلاننقض أرناط حاكم الكرك الهدنة بالاستيلاء على قافلة تجارية كانت متجهة من مصر إلى دمشق وأسر رجالها، ولما استغاثوا ليتركهم، قال لهم "ليجركم محمد" مستهزئا بنبي الإسلام، فأرسل إليه صلاح الدين لكي يرد القافلة ويطلق سراح الأسرى لكنه رفض، فنذر الأيوبي إن تمكن منه ليقتلنه.
بعد وفاة الملك بلدوين الخامس عام 582 هجرية، أحد ملوك مملكة بيت المقدس، شبّ صراع حاد بين الملوك الصليبيين حول الحكم ونشبت الصراعات الداخلية، فاستغل صلاح الدين تلك الظروف وعقد تحالفات شق بها صفوف الصليبيين، وبدأ يجهز جيوشه في مصر والموصل والشام.
ويروي ابن شداد قاضي الأيوبي أن صلاح الدين مرض مرضا شديدا، فنصحه القاضي عبد الرحيم البيساني إن شافاه الله أن يوجه كل همه لتحرير القدس، فقال ابن شداد "أحلف بالله غير حانث أن صلاح الدين الأيوبي بعد أن شفاه الله من مرضه نذر كل وقته للجهاد في سبيل الله عز وجل، وما أنفق درهما بعد شفائه إلا في الجهاد".
فلما شفاه الله من مرضه أعلن النفير العام في بلاد المسلمين لتحرير المقدس، ورغم أن شداد أخبره بالاكتفاء بإرسال جنوده لأنه "سور الإسلام ومنعته" ولخطورة عبوره البحار، رد الأيوبي عليه قائلا "أي الموتتين أشرف: القتل في سبيل الله عز وجل أم غيره؟" أجاب ابن شداد "الموت في سبيل الله عز وجل" فرد الأيوبي "يكفيني أشرف الموتتين".
مؤامرة عمارة اليمني لاغتيالهبعد أن أعلن الأيوبي نهاية الخلافة الفاطمية في مصر وأعادها تحت مظلة الخلافة العباسية، لم يرق ذلك لأنصار الدولة الفاطمية المنهارة، الذين وجدوا في إزاحته فرصة لإعادة دولتهم، وتصدر المشهد الشاعر عمارة اليمني، إلى جانب شخصيات بارزة أخرى مثل عبد الصمد الكاتب والقاضي العوريسي وابن عبد القوي، إضافة إلى بقايا الجند السودانيين وخدم القصر الفاطمي.
وبينما كان صلاح الدين يعزز سلطته، تآمرت المجموعة للإطاحة به في مارس/آذار 1174م، وخططت للاستعانة بدعم خارجي، فتواصلت مع الحشاشين الإسماعيليين في الشام وطلبت إرسال قتلة لاغتيال صلاح الدين، عبر رسالة أرسلتها إلى شيخ الجبل، زعيم الإسماعيليين بالشام، وأكدت فيها وحدة الهدف بينهما.
إعلانومن جهة أخرى، اتفقت المجموعة مع الصليبيين على شن هجوم متزامن على مصر من الشرق والبحر، وتواصلت مع ملك بيت المقدس عموري الأول وملك صقلية وليام الثاني النورماندي، لتنفيذ الهجوم، وقررت في الوقت نفسه إشعال ثورة في القاهرة والفسطاط لتشتييت الأيوبي بين جبهات القتال.
وتنفيذا للاتفاق جهز وليام الثاني أسطولا ضخما من 600 سفينة تحمل 30 ألف مقاتل لمهاجمة الإسكندرية، بينما تجهزت القوات الصليبية للهجوم من جهة الشرق.
كُشفت تفاصيل المؤامرة عندما أبلغ الفقيه الواعظ زين الدين عليّ بن نجا صلاح الدين بالخطة، خاصة وأن مبعوث عموري الأول أثار شكوكه بعد مراقبته عن طريق بعض أقباط مصر، رغم محاولته خداع الأيوبي بالهدايا ورسائل الود.
وعندما تأكدت الشكوك، اعتقل صلاح الدين جميع المتآمرين، وفي أبريل/نيسان 1174، أمر بإعدام المجموعة المخططة صلبا، بينما اختفى آخر الأمراء الفاطميين، ابن الخليفة العاضد، هربا من العقاب.
بعد إحباط المؤامرة، اندلعت ثورة أخرى في أسوان بقيادة القائد الفاطمي كنز الدولة، مدّعيا استعادة الدولة الفاطمية وجمع حوله بقايا الجند السودانيين وخدم القصر الفاطمي وغيرهم. لكن صلاح الدين أرسل حملة بقيادة أخيه العادل سيف الدين، أنهت التمرد تماما في سبتمبر/أيلول 1174م.
وفي غضون ذلك توفي عموري الأول في صيف 1174م، وعندما وصل الأسطول النورماندي إلى الإسكندرية في يوليو/تموز 1174، نجح في إنزال قواته على الشاطئ، ودمر السفن التجارية الراسية في الميناء، قبل أن يدركه الأيوبي ويهاجم أسطوله ويلحق به الخسائر.
ومع استقرار الأوضاع في مصر، بدأ صلاح الدين التوجه نحو الشام لمواصلة مشروعه في توحيد العالم الإسلامي.
واجه صلاح الدين الأيوبي عددا من محاولات الاغتيال من الإسماعيلية الذين ساءهم سقوط الدولة الفاطمية في مصر وتوسع نفوذه في الشام.
إعلانكانت أولى هذه المحاولات أثناء حصاره لحصن أعزاز شمال حلب سنة 571 هـ، وهاجمه عدد منهم بغتة، ما أدى إلى إصابة بعض أمرائه، إلا أنه نجا وتمكن من التصدي لهم، كما يروي المؤرخ تقي الدين المقريزي.
وبعد ذلك بوقت قصير، تعرض لمحاولة أخرى أثناء حصاره لمدينة حلب، لكن حذره وإجراءاته الأمنية أفشلت المخطط قبل تنفيذه.
وفي سنة 584 هـ، أي بعد تحريره المسجد الأقصى، حاول 12 رجلا من الطائفة إثارة تمرد داخل القدس، منادين بشعارات لإعادة الدولة الفاطمية، على أمل أن ينضم إليهم السكان، لكن محاولتهم باءت بالفشل، فتفرقوا قبل أن يتم القبض عليهم.
موقعة حطين وفتح بيت المقدسوفي يوم 25 ربيع الآخر 583 هجرية، الموافق للرابع من يوليو/تموز 1187 ميلادية، في تلال حطين قرب قرية المجاودة الواقعة بين مدينتي طبريا والناصرة في فلسطين، حشد الصليبيون 63 ألف مقاتل، لاقاهم الأيوبي بنحو 25 ألفا.
تخوّف الفرنجة من مواجهة الأيوبي لشدة الحر، خاصة وأنهم لم يتزودوا بالمؤن اللازمة لتقيهم من حر الصيف، لكن الأيوبي استطاع استدراجهم لملاقاته، وفرض سيطرته على مصادر المياه وحال بينهم وبين بحيرة طبرية، فاضطروا إلى الانسحاب إلى جبل حطين.
تمكّن العطش والجوع من الصليبيين، واستغل الأيوبي الوضع فأمر جنوده بإشعال النار في سهامهم وتصويبها نحو الحشائش المحيطة بأعدائهم، فاستطاع حصارهم وإجبارهم على قتاله، حتى انتصر، وقتل منهم 30 ألفا وأسر 30 ألفا آخرين، منهم كل الملوك الذين جاؤوا لمحاربته.
استطاع صلاح الدين الأيوبي فتح عكا التي أذّن فيها بعد أن غاب عنها الأذان 73 سنة، وفتح نابلس وعسقلان وصيدا وبيروت وجبيل والرملة وعكا وطبرية ويافا والناصرة، ثم تفرغ لبيت المقدس، وفرض عليه حصارا من الناحية الغربية يوم 15 رجب 583هـ (1187م)، بـ60 ألفا من العرب والكرد والتركمان، وقطع الإمداد عن الفرنجة.
إعلانبعد حصار استمر 12 يوما بادر دانيال قائد الحامية الصليبية في القدس إلى طلب الصلح فوافق صلاح الدين وفتحت المدينة يوم الجمعة 27 رجب 583هـ الموافق 2 أكتوبر/تشرين الأول 1187م، وصلى صلاة الجمعة الأولى بعد الفتح في مصلى قبة الصخرة بعد 90 عاما من الاحتلال.
وإضافة إلى مصر والشام خضعت له سواحل طرابلس وتونس وبلاد النوبة والسودان والحجاز واليمن.
الوفاةتوفي الأيوبي بقلعة دمشق يوم الأربعاء 27 صفر سنة 589، وخلف 17 ولدا وبنتا واحدة. ويقول ابن شداد إنه مات ولم يورث مالا ولا قرية ولا مزرعة، وكل ما تركه كان دينارا و47 درهما، لم يعلم عنها حتى ورثته إلا حين وفاته، وحتى ثمن الطوب الذي سوي به قبره اضطروا لاقتراضه.