القاهرة – "سنكون دوما صوتا للصحافة الحرة القائمة على الحقيقة"، بهذه الكلمات أكدت منصة "متصدقش" (لا تصدق) لتدقيق المعلومات بمصر نهجَها عقب الإفراج عن عضو فريق تحريرها الصحفي كريم أسعد، وبعد صعود أسهمها إعلاميا.

وجاء هذا الصعود على خلفية نشر المنصة تفاصيل القضية المعروفة إعلاميا بـ"طائرة زامبيا"، بالتزامن مع صمت وسائل الإعلام الرسمي حيالها، إلى جانب قضايا جماهيرية عدة شملها تعتيم رسمي من بينها حادثتا "العريش" و"مدينتي".

وأثيرت تساؤلات عديدة بشأن الطائرة الخاصة التي احتجزتها زامبيا قبل أيام عند وصولها من مصر وعلى متنها أموال وأسلحة، وذلك بعدما كُشفت أسماء معظم ركابها وتبينت هوياتهم، وبينهم عدد من المصريين.

بيان صحفي

تتعرض صفحات منصة "متصدقش" على مواقع التواصل الاجتماعي لاختراق أمني، وجرى مسح موضوعين من على صفحة فيسبوك بعد تغطيتنا لحادث الطائرة الزامبية القادمة من مصر، والتي كشف تحققنا تورط عدد من المسؤولين المصريين بها.
كما يتعرض فريقنا من الصحفيين لهجوم أمني مواز للاختراق… pic.twitter.com/PfzceX3w0W

— متصدقش (@matsda2sh) August 19, 2023

دور متنامٍ

و"متصدقش" منصة إعلامية مستقلة أسسها الصحفي المصري الراحل محمد أبو الغيط في عام 2018، ويديرها حاليا مجموعة من الشباب الصحفيين المصريين المستقلين، وفق بيان رسمي للمنصة، في وقت تتهمهم فيه وسائل إعلام مقربة من الحكومة بالعمل لصالح المعارضة.

وتحدث مراقبون للجزيرة نت عن تفوق العديد من منصات الصحافة البديلة على الإعلام الرسمي في مصر، بسبب ما وصفوه بسيطرة السلطات المناهضة في أحيان كثيرة لحرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات، وهو ما تنفيه الحكومة المصرية عادة.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق، إن الدور الهام المتنامي للإعلام، والحرية الواسعة التي يتمتع بها، تقابلهما مسؤولية كبيرة في التحلي بأعلى درجات المهنية والموضوعية والوطنية باعتبار الإعلام شريكا أساسيا في مسيرة التنمية.

احترام الحقيقة

وكسرت منصة "صحيح مصر" لتدقيق الأخبار، في يوليو/تموز الماضي، التعتيم الرسمي عن أحداث واقعة مقتل الصيدلانية المصرية بسمة علي على يد ضابط في الجيش يدعى زياد حسام في مدينة "مدينتي" بالقاهرة الجديدة، ونشرت التفاصيل كاملة، قبل أن يعلن المتحدث العسكري توجيه النيابة العسكرية تهمة القتل العمد للضابط القاتل.

كما جذب الكاتب والسيناريست بلال فضل جمهورا كبيرا إلى قناته على يوتيوب، وفق مراقبين، من خلال تركيزه على الحديث عن القضايا الممنوع تداولها في مصر، ومنها "مذبحة رابعة"، واحتجاز الرئيس الراحل محمد مرسي، وتطورات "حادث العريش"، وواقعة "طائرة زامبيا"، الأمر نفسه برزت فيه كذلك صفحة "الموقف المصري" على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

تعليقا على هذه التطورات، يقول وكيل نقابة الصحفيين المصريين الأسبق محمد عبد القدوس، في حديث خاص للجزيرة نت، إن تفوق الصحافة البديلة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر على الإعلام الرسمي مرجعه "احترام هذه المؤسسات الجديدة للحقيقة وأهميتها وضرورة وصولها للجمهور، على عكس العقلية القديمة للمؤسسات الحكومية التي تقوم على الانغلاق وتلبي رغبات السلطة المتعسفة فقط، وتحجم عن نشر أي حقائق".

ويضيف عبد القدوس أن الصحافة تشهد عصرا جديدا وآفاقا مفتوحة، ولن يوقفها أية قيود في مصر، وبالتالي يجب أن تحترم مؤسسات الدولة الصحافة المصرية، وتقر بحقوق الصحفيين الأساسية، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير والحق في تداول المعلومات وإعلان الحقيقة.

حسام الوكيل يرى أن المنصات الرقمية للتحقق بمصر باتت بديلا في ظل التعتيم الرسمي على الحقائق (الجزيرة) بديل حقيقي

وفي حديث للجزيرة نت، يستنكر الكاتب الصحفي حسام الوكيل، رئيس تحرير منصة "تفنيد" -إحدى مبادرات تدقيق المعلومات وصحافة البيانات- ما حدث لزملائه في منصة "متصدقش" من ملاحقة وانتهاك للحريات الصحفية التي كفلها الدستور المصري.

ويرى الوكيل أن ظهور منصات التحقق في مصر كان ضروريا لإيجاد بديل حقيقي لحالة الاختناق التي تعيشها الصحافة المصرية، حيث "تقدم للجمهور المصري صحافة حرة يفتقدها في المؤسسات الإعلامية الرسمية، وتسلط الضوء على الأخطاء التي تقع فيها المؤسسات المختلفة، فضلا عن تتبع الشائعات والأخبار المضللة والقضايا المهمة في حياة الناس بمعلومات مدققة تحقق الحد الأدنى من المعرفة المطلوبة في ظل تصاعد سياسات الحجب بمصر".

???? في هذا الفيديو يرتب صحيح مصر تسلسل أحداث واقعة مقتل الصيدلانية #بسمة_علي، بعدما صدمها ضابط جيش يدعى زياد حسام، في مدينة "مدينتي" بالقاهرة الجديدة، وذلك اعتمادًا على مشاهد كاميرات المراقبة ورواية زوجها حمدان زكي، وصديق العائلة باسم الفقي، ومحامي الضحايا.

???? وأعلن المتحدث… pic.twitter.com/1xzQcGfDa5

— صحيح مصر (@SaheehMasr) July 4, 2023

تعويض الغياب

ووفق إحصائيات المرصد العربي لحرية الإعلام، هناك أكثر من 600 موقع إلكتروني بمصر قيد الحجب، ولا يزال 42 صحفيا وإعلاميا بالسجون المصرية بسبب كتاباتهم وآرائهم، بينهم اثنان من شبكة الجزيرة هما ربيع الشيخ وبهاء الدين نعمة الله.

من جانبه، يرى مدير المرصد الكاتب الصحفي قطب العربي، في حديثه للجزيرة نت، أن منصات التحقق والتدقيق الصحفي مثل "متصدقش" وأمثالها عوّضت غياب الصحافة الحرة إلى حد كبير، ونجحت خلال الفترة الماضية في كشف العديد من القضايا والأحداث التي فرضت السلطات عليها تعتيما متعمدا بهدف تسويق الرواية الرسمية أو إخفاء معلوماتها تماما، ومن هذه القضايا "حادث العريش" وبعض الحوادث الأخرى و"طائرة زامبيا" مؤخرا.

ويضيف العربي أن انزعاج السلطات المصرية من هذه المنصات، رغم محدودية انتشارها بحكم وصولها للناشطين على صفحات التواصل لا إلى أغلبية الشعب المصري، يكمن في كشفها الحقيقة، الذي أظهر في تغطية حادث الطائرة الأخيرة تورّط مسؤولين رسميين فيها. ومن هنا تم القبض على صحفي "متصدقش" ولم يفرج عنه إلا بعد ضغوط قادتها نقابة الصحفيين.

ويرجّح العربي، الذي تولى منصب الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة بمصر سابقا، أن تبدأ السلطة بالاهتمام بهذه المنصات، ومعرفة من يعملون فيها سواء من داخل مصر أو خارجها لملاحقتهم، وفق رأيه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت فی مصر

إقرأ أيضاً:

البريد المصري "يحذر" من الرسائل النصية والروابط غير معلومة المصدر.. التي تستهدف اختراق حسابات المواطنين

 

تلاحظ من خلال المتابعة والرصد للأمن السيبراني ورود رسائل نصية إلى بعض عملاء البريد المصري من أرقام هواتف محلية ودولية، يطلبون من خلالها تحديث بعض البيانات، وذلك لتسليم طرود وبعائث بريدية عن طريق الضغط على روابط غير معلومة المصدر  بهدف اختراق حسابات المواطنين.

لذا، يوضح البريد المصري أن جميع هذه الرسائل ليست صادرة من البريد المصري، مؤكدًا أنه لم ولن يُطلب من السادة العملاء الضغط على أي روابط لاستكمال بياناتهم، أو دفع مصاريف شحن، أو أي رسومٍ أخرى عبر الهاتف المحمول أو الرسائل النصية.

ويشدد البريد المصري على ضرورة عدم إعطاء أية معلوماتٍ خاصةٍ بالحسابات، مثل الأرقام المسجلة خلف البطاقة، أو تاريخ انتهاء البطاقة، أو الرقم السري، أو رقم البطاقة الشخصية إلى أي شخص، أو تسجيل أي منها على صفحات أو روابط غير معلومة المصدر، حفاظًا على البيانات الشخصية والحسابات المالية.

ويحذر البريد المصري جميع المواطنين من هذه الرسائل النصية المزيفة، ويهيب بعدم التفاعل مع هذه الرسائل، أو الضغط على أي روابط ترد من أرقام مجهولة،كما يوضح أنه يتمُّ اتخاذُ التدابير القانونية اللازمة تجاهها، وفي حال ورود أي استفسارات أو شكاوى يرجى الاتصال بالخط الساخن 16789.

مقالات مشابهة

  • الإعلام التنموي وبناء الشخصية المصرية.. ندوة بمعرض الكتاب - صور
  • «السيسي» مطمئنا الشعب: لا يمكن أبدا المساس بالأمن القومي المصري.. «نص كلمة الرئيس» في المؤتمر الصحفي
  • معرض الكتاب 2025.. الصالون الثقافي يستضيف ندوة «الإعلام التنموي ودوره في بناء الشخصية المصرية»
  • البريد المصري "يحذر" من الرسائل النصية والروابط غير معلومة المصدر.. التي تستهدف اختراق حسابات المواطنين
  • وزارة “الموارد البشرية” تُشدد على ضرورة إفصاح المنشآت التي تضم 50 عاملًا فأكثر عن بياناتها التدريبية عبر منصة “قوى”
  • مصدر رفيع المستوى: لا صحة لما تناولته بعض وسائل الإعلام بإجراء اتصال هاتفي بين الرئيسين المصري والأمريكي
  • تعليم الجيزة تبيع نتائج سنوات النقل لأولياء الأمور على موقعها بـ25 جنيها |صور
  • محكمة حوثية تمدد حبس الصحفي المياحي وترفض إحالته لنيابة الصحافة
  • اليمن تدين التدابير القمعية التي اتخذتها مليشيا الحوثي بحق الإعلامية سحر الخولاني
  • بيان الخارجية المصرية حول القضية الفلسطينية يتصدر اهتمام الإعلام الروسي