شهدت السنتين الأخيرتين، هجرة وصفت بغير المسبوقة، لمئات من مزارعي البطيخ المغاربة نحو موريتانيا، من أجل زراعة فاكهة البطيخ الأحمر "الدلاح"، وذلك عقب اتّخاذ السلطات المغربية، قرارا، بحظر الزراعة بعدة مناطق، بسبب الجفاف. 

وتوجّه المزارعون المغاربة إلى مناطق مختلفة من موريتانيا، خصوصا المناطق المحاذية لضفة نهر السنغال، حيث الأراضي الخصبة ومياه النهر، من أجل زراعة فاكهة البطيخ الأحمر.

 

تحفيزات للمزارعين
وفق السلطات المغربية، تمّ اتخاذ هذا الحظر لحماية الموارد المائية وتجنب الاستغلال المفرط للمياه الجوفية. 

وفي المقابل، قدّمت السلطات الموريتانية تحفيزات للمزارعين المغاربة، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، ما دفع مئات المزارعين للهجرة نحو موريتانيا التي حققت فائضا في زراعة البطيخ. 

وأوضحت مصادر مهنية، أنّ: "جلّ الفلاحين المغاربة الذين ينتجون البطيخ الأحمر في العديد من مناطق المغرب مثل "كلميم" و "زاكورة" و"طاطا" يتجهون إلى الاستقرار بكل من موريتانيا والسنغال، بعد قرار السلطات تقنين هذه الزراعة، نظرا للإجهاد المائي غير المسبوق الذي تعرفه المملكة بسبب قلة التساقطات المطرية". 

ولفتت المصادر عينها، إلى أنّ: "نجاح التجربة الأولية لعدد من المزارعين المغاربة بموريتانيا، حفّز بقية الفلاحين على قرار الهجرة نحو الأراضي الموريتانية والسنغالية، نظرا لوجود أراض زراعية خصبة هناك، فضلا عن الموارد المائية المتاحة طيلة السنة".


تراجع في زراعة البطيخ بالمغرب
شهدت زراعة البطيخ الأحمر في المغرب، تراجعًا ملحوظًا، نتيجة للقيود المفروضة على الإنتاج والأزمة المناخية التي تعصف بالقطاع الفلاحي، وهو ما دفع العديد من المزارعين إلى البحث عن بدائل خارج الحدود، حيث أصبحت موريتانيا وجهتهم الجديدة. 

ووفقًا لما أوردته صحف مغربية، نقلا عن موقع "فريش بلازا" الإسباني، المتخصص في تتبع تجارة المنتجات الفلاحية الطازجة، فإنّ: "هذا التراجع يأتي في ظل موجة جفاف، ما أثّر بشكل مباشر على المناطق الرئيسية لإنتاج البطيخ، خصوصًا في الجنوب الشرقي للمملكة". 

ووفق المصدر نفسه، فإنه أمام هذه التحديات، انتقل عدد من الفلاحين المغاربة، من بينهم شركة "جواهر فروت" إلى الاستثمار في زراعة البطيخ الأحمر بموريتانيا، مستفيدين من الظروف المناخية الأقل حدة هناك. 

ونقل المصدر نفسه عن المدير التجاري في شركة "جوهره فروتس"، الحسين بلقاضي، قوله، إنّ: "المساحات المزروعة بالبطيخ في المغرب تشهد انخفاضًا غير مسبوق"، مشيرًا إلى أنّ: "منطقة زاكورة، التي كانت تُعدّ من أبرز مراكز إنتاج البطيخ، لم تعد تسمح إلا بهكتار واحد لكل مزارع".

وأضح أنه: "في مناطق أخرى مثل تارودانت، تقلصت المساحات المزروعة إلى الثلث، بينما شهدت الراشيدية وتنغير توقفًا كليًا في الإنتاج بسبب الحظر المفروض، أما في شيشاوة، حيث تبدأ الزراعة متأخرة"
"من المتوقع أن يكون الإنتاج محدودًا للغاية بفعل أزمة المياه، في حين تبقى العرائش المنطقة الوحيدة التي قد تحافظ على مستوى الإنتاج المعتاد، لكنها لن تدخل الموسم إلا في يوليو وأغسطس" تابع بلقاضي. 

وتشير التوقعات إلى أن الكميات المتاحة بالمغرب في بداية الموسم، بين آذار/ مارس ونيسان/ أبريل، ستكون أقل بكثير من المعتاد، وسط تقديرات بانخفاض إجمالي المساحات المزروعة بنسبة 30%، ما يضع السوق المغربية أمام تحديات جديدة قد تؤثر على الإمدادات والأسعار خلال الأشهر المقبلة.

وفرة بموريتانيا 
في المقابل شهدت زراعة البطيخ بموريتانيا ارتفاعاً هائلاً يفوق 370٪ خلال السنتين الأخيرتين، حيث باتت المزارع الموريتانية تزوّد الأسواق في عدة دول أوروبية بهذه الثمرة. 

وأصبحت موريتانيا واحدة من أهم مزودي البطيخ للأسواق الأوروبية، حيث تحتل حصة 10٪ في السوق الإسباني، بعد ما كانت الأسواق الموريتانية تعتمد على استيراد البطيخ من المغرب. 

ووفق معطيات "اتحاد أرباب العمل الموريتانيين" فإن موريتانيا صدرت العام الماضي أكثر من 400 ألف طن، فيما انخفضت أسعار البطيخ في الأسواق المحلية الموريتانية بشكل كبير جدا.


تأثيرات وصعوبات
يقول عدد من المزارعين المغاربة، إنهم يواجهون صعوبات تتعلق بتسويق منتجاتهم من البطيخ من موريتانيا نحو السوق المغربية والأوروبية، بفعل الرسوم الكبيرة.

وقال أحد المزارعين المغاربة ممّن وصولوا موريتانيا مؤخرا لـ"عربي21": "الظروف مواتية لزراعة البطيخ بكميات كبيرة في موريتانيا، لكن هناك صعوبات في التسويق، نأمل إيجاد حلول للمشاكل بخصوص التصدير، حتى نتمكن من تحقيق أرباح". 

وأشار إلى أن من بين هذه الصعوبات، "تكاليف النقل المرتفعة والرسوم الكبيرة". فيما يرى متابعون أنّ: "هجرة المزارعين المغاربة ستؤثر بشكل كبير على السوق المغربية، حيث بدأت بالفعل أسعار البطيخ ترتفع بشكل كبير في المغرب". 

ويخشى بعض المغاربة من أن تشمل موجة الهجرة هذه مزارعي الخضروات والحبوب، نظرا لوفرة المياه بالمناطق الموريتانية المحاذية لنهر السنغال.

في المقابل، تعتبر موريتانيا المستفيد الأول، حيث حققت اكتفاء في مجال فاكهة البطيخ، وتتطلع لتحقيق الاكتفاء في مجال الخضروات والحبوب، وفق تصريحات مسؤولين موريتانيين. 


وتقع الزراعة المروية الأكثر تركيزا في موريتانيا في الجنوب على ضفاف نهر السنغال، حيث تبلغ الأراضي الصالحة للزراعة نحو 513,000 هكتار. 

وتقول الحكومة الموريتانية إنها قامت "ببناء العديد من القنوات والسدود وأنظمة الري في السنوات الأخيرة، تشمل قناة آفطوط الساحلية التي تمتد على الضفة الموريتانية من نهر السنغال على مسافة تزيد على الـ55 كم من أنظمة ري حديثة لتشجيع ممارسة الأنشطة الزراعية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية البطيخ موريتانيا المغربية المزارعين المغاربة المغرب موريتانيا البطيخ المزارعين المغاربة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البطیخ الأحمر زراعة البطیخ إلى أن

إقرأ أيضاً:

كيف نشأت الحركة الإسلامية في موريتانيا؟ وما أبرز تجاربها؟

واستضافت الحلقة الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية في موريتانيا "تواصل" محمد جميل ولد منصور، إلى جانب رئيس المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية الدكتور ديدي ولد السالك، ومداخلات للكاتب والمحلل السياسي الولي ولد سيدي هيبة.

واستعرضت الحلقة الخلفية التاريخية لموريتانيا، التي عُرفت منذ قرون كمركز للعلم الشرعي والفقهي، حيث شكلت المحاضر العلمية إحدى أهم الروافد الفكرية التي أسهمت في تشكيل الوعي الإسلامي في البلاد.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الإسلاميون والثورات العربية.. قراءة نقدية للتجربة وحصادهاlist 2 of 4المعارضة الموريتانية في “عباءة” السلطة قبيل الانتخابات الرئاسيةlist 3 of 4أحمد مزيد البوني.. الرجل الذي رَقْمنَ المحظرة الشنقيطيةlist 4 of 4هل يتسبب تعديل قانون الأحزاب بموريتانيا في أزمة سياسية بها؟end of list

ورغم أن الدولة الموريتانية لم تعرف تنظيما إسلاميا بالمعنى الحركي قبل الاستقلال، فإن ظهور تيارات يسارية وقومية في السبعينيات دفع مجموعة من الشباب إلى تأسيس أول كيان إسلامي عرف باسم "أنصار الله المجاهدين"، الذي انبثق عنه لاحقا التيار الإسلامي في البلاد.

وأكد محمد جميل ولد منصور أن الحركة الإسلامية في موريتانيا نشأت نتيجة التقاء رافدين أساسيين، أولهما الثقافة الإسلامية التقليدية المتجذرة في المحاضر، والتي وفرت للحركة رصيدا علميا متميزا، وثانيهما أدبيات الحركات الإسلامية المعاصرة، التي حملها الطلاب العائدون من الخارج، خصوصا من مصر والخليج وبعض الدول الأوروبية.

وأشار إلى أن هذا المزج منح التيار الإسلامي في موريتانيا خصوصية جعلته مختلفا عن نظيراته في المنطقة.

إعلان مجتمع محافظ

وحول علاقة التيار الإسلامي بالمجتمع المحافظ في موريتانيا، أوضح ولد منصور أن نشأة الحركة لم تكن من باب الصدام مع البيئة التقليدية، بل جاءت كعملية إحياء وتجديد للطرح الإسلامي في سياق أكثر شمولية، معتبرا أن غياب التعدد الديني في البلاد لم يكن مانعا من ظهور الحركة، حيث كانت مهمتها الأساسية إعادة إحياء المرجعيات الإسلامية التقليدية في الواقع المعاصر.

من جهته، تناول الكاتب والمحلل السياسي الولي ولد سيدي هيبة أثر التيارات اليسارية في ظهور التيار الإسلامي، موضحا أن الحزب الحاكم في بدايات الاستقلال كان يضم شخصيات يسارية تأثرت بالمدارس الاشتراكية العالمية.

وأضاف أن التيار اليساري في البلاد حمل أطروحات ذات بعد أيديولوجي تتصادم مع القيم الدينية، مما أوجد بيئة دفعت الإسلاميين إلى العمل المنظم لمواجهة هذه الأفكار.

أما بخصوص علاقة التيار الإسلامي بالسلطة، فقد أشار ولد منصور إلى أن الإسلاميين تماهوا مع النظام العسكري في عهد الرئيس محمد خونة ولد هيدالة خلال الثمانينيات، مستفيدين من رفعه لشعار تطبيق الشريعة الإسلامية.

لكن سرعان ما اصطدموا بخلفه معاوية ولد الطايع، الذي زج بقياداتهم في السجون وأغلق مؤسساتهم الدعوية، ومع سقوط ولد الطايع، دخل الإسلاميون مرحلة جديدة عبر مبادرة "الإصلاحيين الوسطيين"، التي مثلت تحولا نحو العمل السياسي العلني.

مراجعات فكرية

وأكد الدكتور ديدي ولد السالك أن المبادرة جاءت في سياق مراجعة الحركة الإسلامية لخياراتها، حيث أقرت بقبول الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى السلطة، وأعادت تعريف نفسها كتيار سياسي وطني، بعيدا عن الشعارات التقليدية للحركات الإسلامية.

واعتبر أن هذه الخطوة مكنت الإسلاميين من الحصول على ترخيص حزب "تواصل"، الذي بات لاعبا رئيسيا في الساحة السياسية.

لكن دخول الإسلاميين في الحكومة خلال فترة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أثار جدلا واسعا، لا سيما أن الحكومة حينها لم تكن قد قطعت علاقاتها بإسرائيل.

إعلان

وعلّق ولد منصور على هذه النقطة، موضحا أن مشاركتهم جاءت في سياق اتفاق سياسي، وأن الهدف منها كان الدفع باتجاه إنهاء التطبيع، وهو ما تحقق لاحقا.

الربيع العربي

وفيما يتعلق بموقف الإسلاميين من الربيع العربي، أكد ولد منصور أن التيار الإسلامي في موريتانيا تأثر بالأحداث في المنطقة، ورفع شعار "الإصلاح قبل فوات الأوان"، لكنه أقر بأن الظروف الداخلية لم تكن مهيأة لثورة شعبية على غرار ما حدث في تونس ومصر.

وأضاف أن الحراك الذي قادته المعارضة لم يكن مدعوما بزخم اجتماعي كاف لإسقاط النظام، وهو ما دفع الحركة إلى مراجعة مواقفها والعودة إلى أساليب المعارضة التقليدية.

وفي سياق متصل، ناقشت الحلقة مسألة التداول القيادي داخل حزب "تواصل"، حيث شهد الحزب تغيرات على مستوى القيادة، لكن بعض تلك التغييرات أفرزت خلافات داخلية، دفعت عددا من قياداته، من بينهم ولد منصور، إلى الاستقالة.

وأوضح الأخير أن استقالته لم تكن بسبب خلاف شخصي، بل جاءت نتيجة تباينات حول مدى انفتاح الحزب على مختلف المكونات الوطنية، مؤكدا أن نجاح أي حزب سياسي إسلامي يعتمد على قدرته على تجاوز الإطار الحركي الضيق والانفتاح على المجتمع الأوسع.

وفي ختام الحلقة، تطرق الدكتور ولد السالك إلى تراجع تمثيل "تواصل" في الانتخابات الأخيرة، مشيرا إلى أن العوامل التي ساهمت في ذلك تشمل استقالات بعض قياداته، وضعف التنسيق بين قوى المعارضة، إلى جانب نجاح السلطة في احتواء المناخ السياسي عبر خطاب التهدئة، مع تأكيده أن الحزب لا يزال يحظى بقاعدة جماهيرية تجعله لاعبا مؤثرا في المشهد السياسي.

26/2/2025

مقالات مشابهة

  • رخروخ في موريتانيا
  • كيف نشأت الحركة الإسلامية في موريتانيا؟ وما أبرز تجاربها؟
  • الملك عبدااله يؤكد دعم المملكة للسوريين في إعادة بناء بلدهم
  • «زراعة الغربية»: الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القمح أولوية قصوى للعمل البحثي
  • «زراعة المنوفية» تُصدر 7 توصيات لمواجهة صدأ القمح وزيادة الإنتاجية
  • حكومة الجنوب.. مثالٌ للارتزاق والعمالة والابتزاز
  • الزراعة تتطلع على تجربة نجاح زراعة القمح والفاصوليا بتعز
  • النيابة الموريتانية تطلب السجن 20 عاما للرئيس السابق ولد عبد العزيز
  • موريتانيا .. النيابة العامة تطالب بسجن الرئيس الأسبق ولد عبد العزيز 20 عامًا