عرض حول تطور التعاون الاقتصادي بين روسيا وأفريقيا
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تسعى روسيا إلى تعزيز موقعها كشريك إستراتيجي للدول الأفريقية، مستندة إلى إرث طويل من العلاقات التي تعود إلى حقبة الاتحاد السوفياتي.
ومع تصاعد التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية، تزداد حاجة الدول الأفريقية إلى تنويع شراكاتها، مما جعل موسكو تحظى بمكانة متقدمة على الساحة الأفريقية.
في هذا السياق، أكد رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إمبالو، خلال زيارته الرسمية إلى موسكو، أن روسيا تُعد "شريكا موثوقا" ليس فقط لبلاده، بل للقارة الأفريقية بأكملها.
تعكس هذه التصريحات الدور المتنامي لروسيا في أفريقيا، لا سيما في وقت تشهد فيه العلاقات بين القارة والدول الغربية توترات متزايدة، نتيجة السياسات الاقتصادية المقيدة وشروط القروض الصارمة التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية.
أرقام وإحصائياتولا تقتصر العلاقات الروسية الأفريقية على الخطابات الدبلوماسية، بل تؤكدها الأرقام والإحصائيات التي تعكس تصاعد التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين روسيا وأفريقيا بنسبة 10% خلال العام الماضي، مما يعكس تطور الشراكات التجارية وتوسّعها في مجالات حيوية.
وتشمل هذه التبادلات قطاعات أساسية، من أبرزها:
الطاقة: حيث توفر روسيا مصادر طاقة بأسعار تنافسية لعديد من الدول الأفريقية، سواء من خلال تصدير النفط والغاز أو المساهمة في مشاريع الطاقة النووية. الزراعة: تلعب روسيا دورا رئيسيا في تزويد أفريقيا بالحبوب والمنتجات الزراعية، وهو عنصر حيوي للأمن الغذائي في القارة. التكنولوجيا والبنية التحتية: تشارك موسكو في مشاريع كبرى تتعلق بتطوير السكك الحديدية، وشبكات الاتصالات، والصناعات المحلية، مما يعزز التنمية المستدامة في القارة. إعلان لماذا تفضل أفريقيا الشراكة مع روسيا؟على عكس بعض القوى الغربية، تنتهج روسيا نهجا يعتمد على التعاون القائم على المصالح المتبادلة، دون فرض شروط سياسية أو اقتصادية معقدة.
وبينما تعتمد المؤسسات المالية الغربية على تقديم مساعدات مالية مشروطة وقروض ذات أعباء ثقيلة، تركز موسكو على تعزيز الاستثمارات المباشرة والتبادل التجاري، مما يجعلها خيارا مفضلا لعديد من الدول الأفريقية الطامحة إلى تحقيق استقلال اقتصادي وسياسي أكبر.
ومن بين العوامل التي تجعل روسيا شريكا موثوقا في القارة:
عدم التدخل في الشؤون الداخلية: إذ تتبنى موسكو سياسة احترام سيادة الدول الأفريقية، على عكس بعض القوى الغربية التي تربط التعاون الاقتصادي بإصلاحات سياسية معينة. بديل عن النفوذ الغربي التقليدي: في ظل الإرث الاستعماري والسياسات الغربية التي أرهقت أفريقيا بالديون، تبحث دول القارة عن شركاء جدد أكثر مرونة وتعاونا. التعاون العسكري والأمني: توفر روسيا الدعم العسكري والتدريب لعديد من الدول الأفريقية، مما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المناطق التي تواجه تهديدات إرهابية ونزاعات داخلية. نحو شراكة إستراتيجية متكاملةلا يقتصر الاهتمام الروسي بالقارة الأفريقية على الجوانب الاقتصادية فقط، بل يمتد إلى مجالات أخرى مثل التعليم، والثقافة، والصحة. فقد قدمت روسيا خلال السنوات الأخيرة آلاف المنح الدراسية للطلاب الأفارقة، مما ساهم في تعزيز التقارب الثقافي والعلمي بين الجانبين.
كما أن التعاون الدبلوماسي يشهد زخما متزايدا، إذ تدعم بعض الدول الأفريقية المواقف الروسية في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة، في مقابل دعم موسكو لمطالب أفريقيا بإصلاح النظام المالي العالمي وزيادة تمثيلها في المؤسسات الدولية.
مستقبل العلاقات الروسية الأفريقيةمع استمرار التحديات العالمية، من المتوقع أن تتجه العلاقات الروسية الأفريقية نحو مزيد من النمو والتكامل، خاصة في ظل تزايد الحاجة إلى شراكات اقتصادية وعسكرية أكثر موثوقية.
ومع ذلك، فإن هذه العلاقات قد تواجه بعض التحديات، مثل الضغوط الغربية وردود الفعل الدولية، مما يجعل مستقبلها رهنا بالتطورات الجيوسياسية القادمة.
لكن المؤشرات الحالية تؤكد أن روسيا تضع أفريقيا في صلب إستراتيجيتها الدبلوماسية والاقتصادية، وهو ما قد يسهم في تعزيز دور القارة كلاعب رئيسي في النظام العالمي الجديد، بعيدا عن الهيمنة الغربية التقليدية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدول الأفریقیة
إقرأ أيضاً:
الخارجية الروسية: موسكو وأنقرة اتفقتا على مواصلة الحوار السياسي
أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو وأنقرة اتفقتا على مواصلة الحوار السياسي النشط بين البلدين، بما يشمل مناقشة تطورات الأزمة الأوكرانية وقضايا إقليمية ودولية أخرى ذات اهتمام مشترك.
وجاء في بيان الخارجية الروسية، المنشور على موقعها الإلكتروني، أن الجانبين أوليا اهتمامًا خاصًا للتسوية السياسية في سوريا، وكذلك للوضع المتصاعد في منطقة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. كما أكدت موسكو وأنقرة التزامهما بالحفاظ على قنوات الحوار الدبلوماسي المفتوح لمناقشة هذه القضايا، بالإضافة إلى الأزمة الأوكرانية والتحديات الأمنية الإقليمية والدولية.
وأوضح البيان أن اللقاءات والمحادثات التي عُقدت بين المسؤولين الروس والأتراك أكدت التزام الجانبين بتنفيذ الاتفاقات رفيعة المستوى التي تم التوصل إليها سابقًا، في إطار تعزيز التعاون الثنائي المتعدد الأوجه والقائم على المصالح المشتركة.
كما شددت موسكو وأنقرة على أهمية التطوير التدريجي للعلاقات الثنائية، سواء في المجالين السياسي والاقتصادي أو في التنسيق بشأن القضايا الإقليمية، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.
يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوترات الدولية واستمرار الصراع في أوكرانيا، حيث تلعب تركيا دورًا محوريًا كوسيط بين موسكو والغرب، وتسعى للحفاظ على توازن دبلوماسي بين علاقاتها مع روسيا وشراكاتها مع الدول الغربية.
ومن المتوقع أن يشهد التعاون الروسي-التركي مزيدًا من التنسيق في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية، خاصة مع استمرار الأزمات الإقليمية والدولية التي تتطلب جهودًا دبلوماسية مشتركة بين البلدين.