أزمات كبرى.. هل يمكن تجديد الاتحاد الأوروبي بأعضاء جدد؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "بروفيل" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن التكامل الأوروبي باعتباره من أكثر المواضيع الأسطورية في السياسة العالمية الحديثة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الغاية من التعاون بين مجموعة كبيرة من الدول الأوروبية فيما يتعلق بتنظيم الاقتصاد واضحة وتسمح بتوزيع عادل للثروات المتأتية من انفتاح السوق العالمية.
وتضيف الصحيفة أنه من الناحية السياسية أدى هذا التعاون إلى خلق بنية فوقية واسعة النطاق، مشيرة إلى طبيعة الأشكال التي سيتخذها تفاعل الدول الأوروبية في المستقبل، والتي تهدف إلى المحافظة على ولاء الشعوب لقادتها؛ فإن أبسط التوقعات المتعلقة بمستقبل التكامل الأوروبي ترتبط بالأشكال المثلى للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي حتى وإن تطلب الأمر التخلي عن الأنشطة الاقتصادية التقليدية.
وعلى مدى العقد ونصف الماضيين، شهد الاتحاد الأوروبي العديد من الأزمات الكبرى، ولم تتسبب أي منها في تشويهه، على الرغم من أنها أحدثت تغيرات جذرية عليه على المستوى الداخلي، اختلفت ردود فعل دول الاتحاد الأوروبي عليها وخالفت التوقعات المبنية على عقائد التكامل الأوروبي.
وفي الفترة الممتدة بين عامي 2008 و2013؛ وقعت اقتصادات الاتحاد الأوروبي تحت وطأة الأزمة المالية العالمية وكانت اليونان من بين دول الجنوب الأوروبي الأكثر تضررًا من الأزمة، التي أرغمتها على خسارة سيادتها المتعلقة بتحديد سياسة الاقتصاد الكلي، والأمر سيان بالنسبة لأسبانيا والبرتغال وأيرلندا. وبسبب التدابير المتخذة سنة 2011 لتعزيز الاستقرار المالي في منطقة اليورو، تم تدمير الإنجاز الرئيسي للتكامل والمتمثل في التوزيع العادل نسبيا لعائدات السوق المشتركة بعد تباين مستوى الدول في منطقة اليورو.
وأفادت الصحيفة أن بعض المبادئ والتشريعات سمحت للعديد من القوى الكبرى، بكسب ولاء العديد من البلدان وإملاء قواعدها عليها. ونتيجة لذلك لم تعد السياسات الداخلية في الاتحاد الأوروبي تمارس من طرف كافة أعضائه، بل أصبحت حكرًا على ألمانيا وحلفائها من فرنسا وشمال أوروبا. في المقابل؛ وجدت بقية الدول نفسها في موضع تناضل فيه فقط من أجل توزيع العائدات، التي تحدد مقدارها وقواعد الحصول عليها من قبل مجموعة صغيرة من الدول. وفي الفترة الفاصلة بين عامي 2014 و2015، شاهد الاتحاد الأوروبي أزمة ثانية سببها تدفق اللاجئين من دول الشرق الأوسط وأفريقيا. من جانبها، حاولت تركيا الاستفادة من الوضع باستخدام اللاجئين كأداة للضغط على بروكسل وبرلين.
ورأت الصحيفة أن الواقع السياسي تعارض مع الشعارات، وفي حال بدا الاتحاد الأوروبي نظريًّا عبارة عن تجمع للأشخاص ذوي التفكير المماثل، غير أنه على أرض الواقع تهتم كل دولة فقط بمواطنيها. وفي الحقيقة، لم تكن "أزمة اللاجئين" الضربة القاضية التي دمرت الاتحاد الأوروبي لأن التضامن في حد ذاته كان مجرد أسطورة.
وأوردت الصحيفة أن الأزمة الثالثة التي عرفتها أوروبا في عام 2020 ارتبطت بجائحة فيروس كورونا. وبناء على ذلك؛ ضعف التضامن وتدنت مؤهلات البيروقراطية في بروكسل، وتفاقمت ظاهرة عدم المساواة الاقتصادية وتنازعت البلدان الغنية فيما بينها حول الميزانية المشتركة التي هم على استعداد لتخصيصها للأعضاء الفقيرة في الاتحاد مثل إيطاليا. وبالتوازي مع ذلك، حدثت الأزمة التي أثارها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الراهن، تمر أوروبا بالأزمة الكبرى الرابعة، والتي يتلخص جوهرها في الصراع العسكري السياسي مع روسيا بشأن أوكرانيا. ومن المحتمل أن تصبح المواجهة مع موسكو عاملاً مهددًا لوحدة الاتحاد الأوروبي. وفي حين يمثل حلف شمال الأطلسي المحرك الرئيسي لهذه المواجهة، تحول التكامل الأوروبي إلى ملحق اقتصادي أجنبي للكتلة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة.
ونتيجة لقطع العلاقات بشكل غير مسبوق مع روسيا، فإن ذلك أثر على الدول التي اعتادت على الاضطلاع بدور قيادي في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا. في المقابل، يعد جنوب أوروبا وفرنسا أقل الخاسرين بسبب الأزمة الأوكرانية. ومع ذلك ودون الحصول على مباركة واشنطن، من الصعب عليها إحداث فرق على الساحة الدولية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الدوائر الحاكمة الأوروبية تبحث باستمرار عن سبل البقاء ويشكل تطور التكامل الأوروبي إحدى الأدوات تحقيق هذه المهمة. فقد أدركت المؤسسات الجماعية للاتحاد الأوروبي - على غرار المفوضية الأوروبية، والبرلمان الأوروبي، والمحكمة - أنها إزاء واقع جديد. في الأثناء، تضمن السوق المشتركة الحريات الأساسية التي اعتاد عليها الأوروبيون العاديون على رأسها انخفاض أسعار المنتجات والحماية من المنافسين الأجانب، والقدرة على التحرك بسهولة بحثاً عن وضع أفضل من دولة إلى أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة إن جميع هذه التغييرات أدت إلى تفتيت المجتمع الذي لم تعد تُغلب فيه المصلحة العامة، بل المصلحة الخاصة. وأضحى تدفق اللاجئين الأوكرانيين لا يمثل مشكلة خطيرة بسبب استعداد سوق العمل في الاتحاد الأوروبي لاستيعاب جزء كبير من القوى العاملة بأجور زهيدة.
وتستبعد الصحيفة إمكانية حدوث بعض الاضطرابات الخطيرة في المستقبل القريب في الإتحاد الأوروبي. مع العلم أن العامل الوحيد الذي يفتح مجالا للشك هو الشعبية المتزايدة التي تتمتع بها المعارضة غير النظامية في ألمانيا. ومن المرجح ترويض المتطرفين من حزب البديل من أجل ألمانيا لا من قِبَل بروكسل، بل من قِبَل واشنطن لأن الاتحاد الأوروبي كمنظمة في طريقه إلى التحول إلى ملحق اقتصادي لمنظمة حلف شمال الأطلسي.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة إلى أن الفوائد التي توفرها السوق المشتركة للأوروبيين كافية لتحمل عدم كفاءة الاتحاد الأوروبي في المسائل الأخرى. وفيما يتعلق بإمكانية توسيع الاتحاد الأوروبي من المستبعد انضمام أنقرة إليه، بينما يبقى انضمام كل من مولدوفا وأوكرانيا وجورجيا موضع تساؤل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاتحاد الأوروبي أوروبا اللاجئين تركيا تركيا أوروبا الاتحاد الأوروبي لاجئين صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً: