صحيفة صدى:
2025-02-27@16:04:05 GMT

رمضان والعمل: شهر العطاء والخير

تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT

رمضان والعمل: شهر العطاء والخير

عندما يتحول الصيام إلى مجرد حجة لدى البعض لتبرير التقصير في أداء الواجبات، فإن ذلك يدل على عدم الفهم الحقيقي لمقاصد الصيام النبيلة والعظيمة. فالصيام ليس مبررًا للتراخي أو التكاسل، بل هو مدرسة تربوية تهدف إلى تهذيب النفس، وتعويدها على الصبر، والانضباط، والجدية في أداء الأعمال. كيف يمكن أن نقبل أن يتراخى البعض عن إتقان أعمالهم بحجة الإرهاق الناتج عن الجوع أو العطش، في حين أن شهر رمضان هو شهر الجد والاجتهاد، وشهر الخير والعطاء، سواء في العبادات التي تقربنا من الله تعالى، أو في المعاملات المتعلقة بحقوق الآخرين وأداء الواجبات بإخلاص وأمانة؟ إن الربط الخاطئ بين الصيام والتكاسل يجعل بعض الموظفين والعاملين يتساهلون في أعمالهم، في حين أن تاريخ الأمة الإسلامية يشهد بأن رمضان كان شهر الانتصارات الكبرى، والعمل الدؤوب، والبذل في سبيل الله.

ولم يكن الصحابة – رضوان الله عليهم – ولا السلف الصالح يرون في الصيام عائقًا يمنعهم من أداء مهامهم، بل كانوا يجتهدون أكثر، محتسبين الأجر عند الله. فضل الصيام وعلاقته بالعمل يقول النبي ﷺ: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم). وقد فسّر العلماء معنى إيمانًا بأنه التصديق بفرضية الصيام، ومعنى احتسابًا بأنه طلب الأجر من الله تعالى، دون تذمر أو تبرم. وهذا يعني أن الصائم ينبغي أن يؤدي صيامه بنفسٍ راضية، لا أن يجعله سببًا للتقاعس والتهاون في أداء واجباته اليومية. ويؤكد التاريخ الإسلامي أن رمضان لم يكن شهر خمول، بل كان شهر العمل والإنجازات العظيمة، فقد وقعت فيه معارك حاسمة مثل غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، ومعركة عين جالوت، وهي أدلة تاريخية على أن الصيام لم يكن يومًا عائقًا أمام تحقيق الإنجازات، بل كان دافعًا لها. العمل في شهر رمضان: بين الجهد البدني والمهني يمكن تقسيم الأعمال إلى نوعين: 1.الأعمال التي تتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا، مثل العمل في مشاريع البناء، وتعبيد الطرق، وأعمال المزارع، وغيرها من المهن الشاقة. هذه الأعمال قد تشكل تحديًا للصائم، لذلك من الأفضل لصاحب العمل مراعاة ظروف العمال، من خلال إعادة جدولة أوقات العمل لتكون في الفترات المسائية إن أمكن، أو توفير بيئة مناسبة تقلل من مشقة الصيام. 2.الأعمال التي لا تحتاج إلى مجهود بدني كبير، مثل الأعمال المكتبية، والتي تتطلب التركيز والانضباط. هذه الوظائف لا ينبغي أن يتأثر أداؤها بالصيام، بل يجب أن يكون رمضان دافعًا لمزيد من الإتقان، حيث إن ساعات العمل غالبًا ما تكون أقل من الأيام العادية، ما يتيح للموظف فرصة لتنظيم وقته بشكل أفضل. إن الموظفين الذين يتقاعسون عن أداء أعمالهم في شهر رمضان، هم غالبًا ممن يتهاونون في واجباتهم طوال العام، فليس من المنطق أن يكون شهر رمضان مبررًا لهذا التكاسل، خاصة وأن ساعات العمل في معظم الدول الإسلامية خلال رمضان لا تتجاوز ست ساعات! الخلاصة: العمل عبادة ورمضان شهر الإنجاز لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أن العمل عبادة، وهو جزء من مسؤوليتنا تجاه الله وتجاه المجتمع. فإذا كان الصيام تدريبًا على الصبر والانضباط، فإن أداء العمل بإخلاص في رمضان هو تطبيق عملي لهذا الصبر. ولنا في السلف الصالح قدوة، فقد كانوا يجمعون بين العبادة والعمل، ولم يكن الصيام حجة للتقصير، بل دافعًا للبذل والعطاء. وكما أن رمضان شهد العديد من الفتوحات والانتصارات العظيمة، فيجب أن يكون اليوم شهر الإنتاجية والتفاني في العمل، وليس شهر التكاسل والتراخي. فمن يعمل بجد في رمضان، فهو يجمع بين الأجر الدنيوي والأجر الأخروي، ويحقق بركة الوقت التي وعد الله بها عباده الصائمين.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

حمدان بن زايد: «وقف الأب» تجسد نهج العطاء

أشاد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بمبادرة «وقف الأب»، التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، «رعاه الله»، مع تباشير شهر رمضان المبارك.
وأكد سموه أن المبادرة تجسد النهج الذي أرساه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، في استدامة العطاء، وتسير عليه دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله».
وقال سموه إن إطلاق الحملة بالتزامن مع عام المجتمع، الذي أعلن عنه صاحب السمو رئيس الدولة، لتعزيز أوجه التراحم والتكافل والتلاحم المجتمعي، وتفعيل المبادرات الإنسانية وتعزيز الروابط الاجتماعية، وترسيخ المسؤولية المشتركة في هذا الصدد، يجسد متانة العلاقة بين القيادة والشعب، وارتباطها القوي بفئاته المختلفة، خاصة الآباء الذين هم القدوة والسند ومصدر القوة وصمام الأمان لوحدة المجتمع وتماسكه.
وأضاف سموه أن قيادتنا الرشيدة عودتنا دائماً على إطلاق المبادرات المجتمعية النبيلة، التي تهتم بتحسين جودة الحياة، وتعزيز مجالات العطاء، من أجل الإنسانية وتلبية احتياجاتها الأساسية.
وقال سموه: «في هذا الإطار جاءت مبادرة «وقف الأب» التي أعلن عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، براً بوالدينا وإحساناً لهم، وصدقة جارية عن جميع الآباء في الدولة، إضافة إلى تعظيم جانب الوقف الخيري باعتباره مورداً مهماً لتعزيز مجالات التراحم والتكافل المجتمعي».
وأكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، أن هيئة الهلال الأحمر تدعم مثل هذه المبادرات المجتمعية، باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية البشرية المنشودة، وتلبية متطلبات الساحة الإنسانية في مجالات البذل والعطاء، وتحقيق أكبر قدر من التضامن مع الفئات والشرائح الأقل حظاً، مشدداً على أن الهيئة لن تدخر وسعاً في تحقيق أهداف حملة «وقف الأب» وستكون من الداعمين الأساسيين لها. (وام)

مقالات مشابهة

  • الدكتور عبد الحميد متولي يوضح شروط قبول الأعمال الصالحة في محاضرة رمضانية بالبرازيل
  • رئيس المركز الإسلامي بالبرازيل: الأعمال الصالحة مشروطة بالإيمان والإخلاص
  • شهر رمضان 2025.. موعد أول أيام الصيام ومواقيت السحور والإفطار
  • إمام مسجد عمرو بن العاص: نية الصيام ضرورية.. ورمضان فرصة للتغيير للأفضل|فيديو
  • متطوعون: رمضان فرصة لترسيخ قيم العطاء المتأصلة في الإمارات
  • هل شرع الصيام من أجل تعذيب النفس المؤمنة؟ دار الإفتاء تجيب
  • حكم النوم طوال النهار في رمضان.. هل يؤثر على صحة الصيام؟
  • أدعية استقبال شهر رمضان 2025.. أفضل ما يقال عند رؤية الهلال وبداية الصيام
  • حمدان بن زايد: «وقف الأب» تجسد نهج العطاء