يُعدّ الاحتيال المالي أحد أخطر الجرائم الاقتصادية التي تهدد الاستقرار المالي للأفراد والمؤسسات، ومن أبرز القضايا التي كشفت حجم هذه الجرائم قضية المصرفي الأمريكي برنارد مادوف، الذي أدار واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ.

استخدم مادوف ما يُعرف بطريقة "بونزي"، التي تعتمد على دفع عوائد المستثمرين القدامى من أموال المستثمرين الجدد، مما أدى إلى خسائر بمليارات الدولارات قبل أن يتم الكشف عن المخطط والقبض عليه عام 2008.

 


أخطر الجرائم الاقتصادية

هذه القضية أثارت الجدل عالميًا حول أساليب الاحتيال المالي وسبل مكافحتها، وهو ما دفع العديد من الدول إلى سن تشريعات مشددة لحماية المستثمرين.

الدكتور عمرو أحمد فؤاد

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي، الدكتور عمرو أحمد فؤاد، إن قضية المصرفي الأمريكي برنارد مادوف  تُعد من أبرز قضايا الاحتيال المالي في التاريخ الحديث، حيث تمكن من إدارة محفظة استثمارية وهمية بلغت قيمتها 65 مليار دولار، مستغلًا أسلوب احتيالي يُعرف باسم "بونزي". 
 

وتم القبض عليه في عام 2008، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 150 عامًا، ليكون مثالًا واضحًا على خطورة هذه العمليات المالية غير المشروعة.  

وأضاف في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تسمية هذا الأسلوب الاحتيالي ترجع إلى المحتال الأمريكي تشارلز بونزي، الذي نفذ واحدة من أشهر عمليات النصب المالي، والتي تقوم على استخدام أموال المستثمرين الجدد لسداد أرباح المستثمرين السابقين، مما يخلق وهمًا بالربح المستمر. ومع توقف تدفق الأموال الجديدة، ينهار هذا النظام الاحتيالي بالكامل. وفي العامية المصرية، يُطلق على هذه الطريقة مصطلح "تبادل القبعات" أو "تلبيس الطواقي".  

ولفت إلى أنه حرصًا على حماية المستثمرين وتنظيم عمليات تلقي الأموال، صدر القانون رقم 146 لسنة 1988، الذي يضع إطارًا قانونيًا للشركات العاملة في هذا المجال، ويحدد الضوابط التي تضمن عدم استغلال الأموال بطرق غير مشروعة. وتنص المادة 21 من القانون على أن كل من يخالف أحكامه أو يمتنع عن رد أموال المودعين، يُعاقب بالسجن وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز ضعف المبلغ المتحصل عليه، مع إلزامه برد الأموال المستحقة. كما يسمح القانون بإعفاء المتهم من العقوبة إذا بادر برد الأموال أثناء التحقيق أو قبل صدور حكم نهائي.  

وأشار فؤاد إلى أنه رغم هذه الضوابط، فإن جريمة النصب تظل قائمة وفقًا للمادة 336 من قانون العقوبات المصري، حيث يُعاقب بالحبس كل من استولى على أموال الغير بالاحتيال، سواء باستخدام مشاريع وهمية، أو مستندات مزورة، أو بالتصرف في ممتلكات ليست ملكًا له. كما يُعاقب من يشرع في النصب دون إتمامه بالحبس لمدة لا تتجاوز سنة، مع إمكانية وضع الجاني تحت المراقبة في حال تكرار الجريمة.  

وتابع أنه مع التطور التكنولوجي وانتشار المعاملات الإلكترونية، شهدت الجرائم المالية تحولًا كبيرًا نحو الفضاء الرقمي، مما استدعى تطوير القوانين لمواجهتها. لذلك، أصدرت مصر القانون رقم 175 لسنة 2018 لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث وضع هذا التشريع إطارًا قانونيًا لإنشاء المواقع الإلكترونية، ومنح السلطات المختصة صلاحيات واسعة لتتبع الجناة، حتى في حال تواجدهم خارج البلاد، مما يعزز جهود مكافحة الجرائم الإلكترونية والاحتيال المالي الحديث.  

واختتم أن هذه القوانين والإجراءات تهدف إلى حماية الاقتصاد والمجتمع من الممارسات الاحتيالية، وتعزز الثقة في النظام المالي، مما يتطلب استمرار العمل على تحديث التشريعات بما يتناسب مع تطور الجريمة الاقتصادية وأساليبها الحديثة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجرائم الاقتصادية الاحتيال المالي بونزي المزيد الاحتیال المالی

إقرأ أيضاً:

هل أرقام ترامب حول الدعم المالي لأوكرانيا حقيقية؟

يقول ترامب إن صفقة المعادن التي وقعها مع كييف ستسمح للولايات المتحدة باسترداد ما يصل إلى 350 مليار دولار من الدعم المالي. يورونيوز تتحقق من صحة هذه المزاعم.

اعلان

تقترب أوكرانيا والولايات المتحدة من إبرام اتفاق كبير بشأن استغلال المعادن والأتربة النادرة على الأراضي الأوكرانية، فيما أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن هذا الاتفاق سيمكن واشنطن من استرداد ما يصل إلى 350 مليار دولار من الأموال التي منحتها لأوكرانيا.

وقال ترامب، يوم الثلاثاء: "لقد أنفقنا 350 مليار دولار... أعطيناهم هذه الأموال، سواء كانت 300 أو 350 مليار، لا أحد يعرف حقًا. لا يمكنهم حتى إخباري بالإجابة على ذلك، وربما تكون أكثر من ذلك."

وأضاف أن دافعي الضرائب الأمريكيين "سيستعيدون أموالهم" من خلال اتفاقية المعادن، مشيرًا إلى أن قيمة هذا الاتفاق قد تصل إلى تريليون دولار.

لكن الأرقام التي ذكرها ترامب تتجاوز بكثير المبالغ التي أبلغت عنها الحكومة الفيدرالية. وهو ما يثير تساؤلات حول الحجم الحقيقي للدعم المالي الأمريكي لأوكرانيا.

فما هو الحجم الفعلي للدعم المالي الذي قدمته الولايات المتحدة لأوكرانيا؟

يقدّم الحلفاء الغربيون لأوكرانيا مجموعة متنوعة من مجالات من الدعم المالي، تشمل المساعدات الإنسانية والتنموية والدعم العسكري بالإضافة إلى مخصصات مالية أخرى.

وتهدف هذه المساعدات إلى المساعدة في دعم اقتصاد أوكرانيا ومنحها القوة العسكرية التي تحتاجها للصمود في وجه الغزو الروسي.

ووفقًا لمصادر الحكومة الفيدرالية الأمريكية، مرر الكونغرس خمسة قوانين تسمى "قوانين الاعتمادات التكميلية" منذ غزو عام 2022، حيث خصص 174.2 مليار دولار أمريكي من الأموال لأوكرانيا.

Relatedحصري: واشنطن تسعى إلى إبعاد أوروبا عن صفقة التمويل مع أوكرانيابولندا تستنفر طائراتها العسكرية بعد حملة جوية روسية عنيفة على أوكرانيا وسلطات كييف تعلن عن خسائر"عواقب وخيمة".. كيف يؤثر وقف المساعدات الأمريكية على مرضى الإيدز في أوكرانيا؟

ويضع متتبع آخر لبيانات الحكومة الأمريكية - وهو يجمع البيانات من أكثر من 20 جهة رقابية من مختلف الجهات الحكومية - المبلغ الرئيس أعلى قليلاً عند 182.8 مليار دولار. ويرجع ذلك إلى أن أداة التتبع تشمل أيضًا تبرعات أصغر قدمتها وكالات حكومية أخرى، مثل الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي (USAGM) أو وزارة العدل (DOJ).

ومن ضمن 182.8 مليار دولار مقدمة، لم يتم صرف سوى 83.4 مليار دولار فقط، أما المبلغ المتبقي البالغ 99.4 مليار دولار، فإما أنه لم يتم الالتزام به بعد أو لم تتم الموافقة على دفعه بعد.

وتشير التقديرات الأخرى التي قدمها معهد "كيل" للاقتصاد العالمي ومقره برلين إلى أن الرقم الرئيس لإجمالي المساعدات الأمريكية يبلغ 114.15 مليار دولار (119.76 مليار دولار).

ويرجع ذلك إلى منهجية معهد "كيل" التي لا تأخذ في الاعتبار سوى الدعم المقدم مباشرةً إلى أوكرانيا. فهي تستثني أشياء مثل الأموال المستخدمة لتجديد مخزون الأسلحة الأمريكية بعد التبرعات المقدمة إلى كييف، أو الأموال التي تنفق لمساعدة الدول المجاورة على استقبال اللاجئين الأوكرانيين.

لماذا يتم تداول ادعاءات كاذبة بأن أوكرانيا "فقدت" الأموال الأمريكية؟

طُلب من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة مع وكالة الأنباء الأمريكية في 2 فبراير/شباط، الرد على تجميد إدارة ترامب للمساعدات التي تقدمها واشنطن. وقد أثر القرار على مجموعة كبيرة من المشاريع الأوكرانية، بما في ذلك تلك التي تقدم المساعدات الإنسانية ودعم قدامى المحاربين.

أجاب زيلينسكي: "عندما أسمع (...) أن أمريكا أعطت أوكرانيا مئات المليارات - 177 (مليار دولار) على وجه الدقة - (...) أقول لك، كرئيس بلد في حالة حرب، إننا تلقينا أكثر من 75 مليارًا".

وتابع الرئيس الأوكراني: "أي هناك 100 مليار (...) لم نحصل عليها أبدًا"، موضحًا أن معظم المساعدات التي تم تقديمها تم استلامها على شكل أسلحة.

اعلان

وكان زيلينسكي يشير إلى ما يقرب من 100 مليار دولار خصصتها الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا، ولكنها لم تصرفها بعد. ويتفق هذا الرقم مع أرقام الحكومة الأمريكية.

ومضى الرئيس الأوكراني يقول إن الولايات المتحدة ساهمت أيضًا في تدريب العسكريين الأوكرانيين بالإضافة إلى البرامج الإنسانية. "ولكن عندما يقولون إن أوكرانيا تلقت خلال الحرب 200 مليار دولار كدعم، فهذا غير صحيح. ولا أعرف أين توجد كل هذه الأموال".

هذا كان كلام زيلينسكي، لكن في الأسابيع التي تلت نشر المقابلة من قبل وكالة أسوشييتد برس، تم التلاعب بتعليقات زيلينسكي للإيحاء بأن أوكرانيا احتفظت بمبلغ 100 مليار دولار التي تقول إنها لم تتلقها. وقد ادعى بعض مستخدمي الإنترنت زوراً أن التمويل قد أسيء استخدامه أو تم غسله.

وقد وجدنا هذه الادعاءات متداولة على X وFacebook وTikTok.

اعلانRelatedترامب: لن أفرض خطة غزة بالقوة ومشاركة زيلينسكي في المحادثات حول أوكرانيا لا تهمّبوتين: زيلينسكي أصبح شخصية سامة ويصدر أوامر غير مبررة للجيشزيلينسكي: أوكرانيا تعرضت لأكبر هجوم بالمسيرات منذ بدء الغزو الروسيكيف يقول ترامب إنه سيسترد الأموال التي تم إنفاقها على أوكرانيا؟

يقول الرئيس ترامب إن اتفاق المعادن الذي أفادت التقارير بتوقيعه بين واشنطن وكييف الأربعاء، سيسمح له باسترداد المساعدات المالية التي أنفقتها الولايات المتحدة حتى الآن.

ووفقًا لتقارير إعلامية، طالبت إدارة ترامب في البداية بمبلغ 500 مليار دولار (524.2 مليار دولار) من عائدات الصندوق المشترك الذي سيتم إنشاؤه بموجب الاتفاق. وقد تم إسقاط هذا الطلب الآن من مسودة الاتفاقية، التي نشرتها صحيفة فاينانشيال تايمز بالكامل، ولم يذكر النص قيمة الصفقة.

يوم الأحد الماضي، قالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني يوليا سفريدينكو: "لدينا معلومات تفيد بأن هناك للأسف ما قيمته حوالي 350 مليار دولار من هذه المواد الحيوية المفيدة (المعادن موضوع الاتفاقية مع ترامب) موجودة في الأراضي المحتلة مؤقتًا".

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بوتين يتعهد في "يوم المدافعين عن الوطن" بتعزيز القدرات العسكرية الروسية ثلاثة مزاعم أطلقها ترامب حول زيلينسكي والحرب الروسية الأوكرانية.. ما الذي تكشفه الأرقام؟ هل تنتهك خطة دونالد ترامب بشأن غزة القانون الدولي؟ فولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبالحرب في أوكرانيا اعلاناخترنا لكيعرض الآنNext الأمم المتحدة تحذر: السودان يواجه كارثة إنسانية والمجاعة تمتد إلى مناطق جديدة يعرض الآنNext حكومة نواف سلام تنال الثقة في البرلمان اللبناني يعرض الآنNext مقابل 5 ملايين دولار.. ترامب يعتزم تقديم إقامات "ذهبية" للأثرياء بمن فيهم الروس يعرض الآنNext ماكرون يستضيف مستشار ألمانيا المقبل فريدريك ميرتز في باريس يعرض الآنNext

مقالات مشابهة

  • الاحتيال الإلكتروني ومنصة FBC.. جرائم رقمية تهدد الأمن الاقتصادي
  • هل أرقام ترامب حول الدعم المالي لأوكرانيا حقيقية؟
  • مختص يوضح أشكال الاحتيال المالي وتطور أساليبه.. فيديو
  • ورشة تدريبية للكوادر الشرطية العربية حول الإعلام الأمني في العصر الرقمي.. «التحديات والفرص»
  • جرائم الاحتيال الرقمي تزدهر.. ما الموقف القانوني من هذه الحالات؟| قانوني يجيب
  • جامعة الإمارات تناقش أدب التراث العربي في العصر الرقمي
  • النصب الإلكتروني| أساليب احتيال مبتكرة وعقوبات تصل إلى 5 ملايين جنيه
  • خبير أمني عن منصات الاحتيال الإلكتروني: «الحداية ما بتحدّفش كتاكيت»
  • قصة احتيال منصة FBC .. كيف تم خداع المستثمرين وخسروا الملايين