نحو شراكة إقليمية جديدة: الأردن وسوريا وتركيا في أفق تعاون مشترك
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
#سواليف
نحو #شراكة_إقليمية جديدة: #الأردن و #سوريا و #تركيا في أفق تعاون مشترك
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
اختتم الرئيس السوري أحمد الشرع أمس زيارته الرسمية إلى الأردن، حيث التقى جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبد الله في لقاء يعكس تحولًا استراتيجيًا في العلاقات بين البلدين. لم تكن هذه الزيارة مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل لحظة فاصلة في تاريخ المنطقة، حيث تُرسم ملامح مرحلة جديدة من التعاون تقوم على إعادة بناء جسور الثقة، وفتح آفاق التكامل الاقتصادي والسياسي، والتأسيس لتحالفات قائمة على المصالح المشتركة.
لقد عانت العلاقات الأردنية السورية في العقود الماضية من اضطرابات عدة، خاصة في ظل النظام السابق في دمشق، الذي أدخل سوريا في حالة من العزلة السياسية والاقتصادية، وأدى إلى تراجع مستوى العلاقات مع دول الجوار. لكن مع تغير القيادة في سوريا، تأتي هذه الزيارة لتعكس رغبة واضحة في طي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة من التعاون القائم على الشراكة والتنمية والاستقرار الإقليمي. الأردن وسوريا دولتان تجمعهما روابط الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك، ومهما عصفت بهما رياح الخلافات السياسية، تبقى المصالح المتبادلة أقوى من أي ظرف طارئ.
التحديات التي تواجه المنطقة لم تعد تقتصر على الخلافات السياسية، بل أصبحت التحديات الاقتصادية والأمنية تلقي بظلالها على الجميع. لهذا، لم يكن لقاء القادة في عمان مجرد اجتماع لتبادل المجاملات، بل محطة لإعادة صياغة العلاقات على أسس جديدة، يكون فيها الاقتصاد والتعاون الأمني حجر الأساس لمستقبل أفضل. لا يمكن لأي دولة أن تبني مستقبلها بمعزل عن محيطها، ولا يمكن لأي شعب أن يحقق الاستقرار والازدهار دون تعاون حقيقي مع جيرانه.
وفي لحظة تتجه فيها الأنظار إلى إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية، يترقب الجميع زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى عمان، وهي زيارة قد تشكل نقطة تحول إضافية في المشهد الإقليمي، عبر فتح آفاق لتعاون ثلاثي بين الأردن وسوريا وتركيا. ثلاث دول تملك من المقومات ما يجعلها قادرة على إطلاق تكتل اقتصادي وسياسي جديد، يكون بمثابة قوة فاعلة في المنطقة، تكتل يهدف إلى تحرير التجارة، وتعزيز الاستثمارات، وتنسيق الجهود الأمنية، وإطلاق مشاريع تنموية كبرى قادرة على دفع عجلة الاقتصاد الإقليمي نحو النمو والاستقرار.
إن التعاون بين الأردن وسوريا وتركيا ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية، خاصة في ظل التغيرات العالمية المتسارعة. فالاقتصاد العالمي يتحول بسرعة نحو التكتلات الكبرى، ولم يعد هناك مكان للدول التي تعمل بمعزل عن محيطها. الدول التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة تحتاج إلى شراكات إقليمية قوية، وأسواق متكاملة، ومشاريع اقتصادية مشتركة تعزز من قدرتها على مواجهة الأزمات الاقتصادية المتكررة.
إضافةً إلى الأبعاد الاقتصادية، فإن التحالف بين هذه الدول يمكن أن يكون ركيزة للاستقرار الأمني في المنطقة، خاصة مع ما تواجهه دول الشرق الأوسط من تحديات الإرهاب، والاضطرابات الداخلية، والتدخلات الخارجية. التعاون الأمني والاستخباراتي بين هذه الدول يمكن أن يكون حجر الأساس لبناء بيئة آمنة، تدعم التنمية الاقتصادية، وتوفر بيئة مستقرة للاستثمار والتبادل التجاري.
اليوم، لم تعد التحديات الإقليمية تسمح بالمزيد من العزلة أو الانغلاق، بل بات التكامل الإقليمي هو الحل الوحيد لمستقبل مزدهر. زيارة الرئيس السوري إلى الأردن كانت الخطوة الأولى نحو بناء جسور جديدة من التعاون العربي-الإقليمي، وزيارة الرئيس التركي المرتقبة قد تكون الخطوة التالية في هذا المسار، الذي قد يضع الأردن وسوريا وتركيا على طريق تكامل اقتصادي وسياسي غير مسبوق في المنطقة.
التاريخ لا ينتظر المترددين، والمستقبل لا يصنعه إلا أولئك الذين يملكون رؤية واضحة وإرادة قوية لاتخاذ القرارات المصيرية. فتح الأردن أبوابه لسوريا الجديدة، واليوم نحن أمام فرصة حقيقية لتعزيز هذا المسار عبر التعاون مع تركيا، بما يخدم مصلحة الجميع. الأردن، سوريا، وتركيا.. ثلاث دول لديها الإمكانات لتكون نواة لقوة إقليمية قادرة على إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وتحقيق الاستقرار، والتنمية، والتكامل الاقتصادي والسياسي. فهل سنشهد خطوات عملية نحو تحقيق هذا الحلم؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف شراكة إقليمية الأردن سوريا تركيا سوریا وترکیا
إقرأ أيضاً: