دهشة في غير محلها- الوليد مادبو والمشاركة في “السودان الجديد”
تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT
يصعب عليَّ إخفاء دهشتي من مشاركة شخصية بحجم الدكتور الوليد مادبو في مشروع "تأسيس السودان الجديد"، خاصة في ظل التحولات العميقة التي يشهدها المشهد السياسي السوداني. فالرجل القادم من خلفية أكاديمية وفكرية، والذي كان من المنتقدين البارزين للنظامين السابق والحالي، يجد نفسه اليوم في خندق سياسي مشترك مع قوى لها تاريخ مشبوه في الصراع السوداني، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول طبيعة المشروع، وأهدافه الحقيقية، وما إذا كان يحمل رؤية وطنية صادقة أم أنه مجرد إعادة إنتاج لصراعات الهوية والسلطة في البلاد.
بين خطاب التهميش والواقع الطبقي
أحد أبرز الإشكاليات التي تثير التساؤلات حول موقف الوليد مادبو هو حديثه المتكرر عن التهميش، رغم أنه نشأ وترعرع في بيئة من الرفاه الاجتماعي والسياسي، بعيدًا عن واقع الغالبية العظمى من المهمشين الذين يتحدث باسمهم اليوم. فالرجل الذي تربّى في أحياء الخرطوم الراقية، بين الطبقة الحاكمة والمثقفة، لم يعانِ من التهميش بالمعنى الحقيقي، ما يجعل موقفه يبدو أقرب إلى توظيف سياسي لقضية عادلة، بدلًا من أن يكون نابعًا من تجربة شخصية أصيلة.
السودان الجديد.. بأي هوية؟
مشروع "السودان الجديد" الذي يشارك فيه الوليد مادبو يثير إشكالية الهوية الوطنية، إذ يبدو وكأنه يسعى إلى إلغاء السودان الذي نعرفه، واستبداله بكيان جديد غير محدد المعالم. هذا الطرح يتقاطع مع خطاب بعض المجموعات التي تسعى إلى القضاء على دولة 1956، بزعم أنها تمثل دولة المركز والنخب، دون تقديم بديل واضح سوى إعادة إنتاج الانقسامات القبلية والجهوية في ثوب سياسي جديد.
فإذا كان الهدف هو تفكيك المركزية وبناء دولة ديمقراطية عادلة، فلماذا يتم الترويج لخطاب إقصائي يستهدف مجموعات بأكملها بحجة "التمييز التاريخي"؟ ولماذا نجد أن بعض المشاركين في هذا المشروع لهم ارتباطات بقوى العنف والتطرف السياسي؟
التحالفات المشبوهة من معارضة النظام إلى التنسيق مع أمراء الحرب
من المثير للدهشة أيضًا أن بعض الشخصيات المشاركة في هذا المشروع، بمن فيهم الوليد مادبو، لم تعلن موقفًا واضحًا من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع. فكيف يمكن لمن عانى من بطش النظام السابق، ورفض عسكرة الدولة، أن يجد نفسه اليوم في تحالف مع قوى مارست ذات الانتهاكات وربما أكثر؟
إن الصمت عن هذه الجرائم، أو تبريرها تحت ذريعة "إعادة التوازن السياسي"، يعكس ازدواجية خطيرة، تجعل الحديث عن "السودان الجديد" أقرب إلى إعادة تدوير لصراعات قديمة بوجوه جديدة.
بين المثقف والسياسي أين يقف الوليد مادبو؟
يبقى السؤال الأساسي هنا هل د. الوليد مادبو مثقف ملتزم بقضايا العدالة والتغيير الحقيقي، أم أنه دخل اللعبة السياسية مدفوعًا بحسابات شخصية ورغبة في السلطة؟
التجربة أثبتت أن الكثير من النخب السودانية التي رفعت شعارات التغيير سقطت في اختبار السلطة، وأصبحت تمارس نفس الممارسات التي كانت تنتقدها. فهل يسير الوليد مادبو في هذا الاتجاه؟ أم أنه سيعيد تقييم موقفه قبل أن يجد نفسه مجرد ورقة تُستخدم في مشروع لا يخدم السودان، بل يعيد إنتاج الخراب باسم "التأسيس الجديد"؟
السودان لا يحتاج إلى مشاريع عبثية
السودان لا يحتاج إلى مشاريع شعاراتية غامضة، ولا إلى تحالفات انتهازية تجمع بين المثقف الطامح وأمراء الحرب، بل يحتاج إلى رؤية وطنية حقيقية تقوم على العدالة، الديمقراطية، والمواطنة المتساوية، بعيدًا عن منطق الهدم الكلي لصالح مصالح فئوية ضيقة.
فهل يدرك الوليد مادبو حجم المخاطر في هذا المشروع؟ أم أنه مجرد لاعب جديد في لعبة قديمة؟
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السودان الجدید الولید مادبو أم أنه فی هذا
إقرأ أيضاً:
“جانغ شيان هوا”.. رئيس مجلس السيادة يلتقي السفير الصيني
التقى السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان الثلاثاء سفير الصين لدى السودان جانغ شيان هوا.وقال السفير إدريس إسماعيل وكيل وزارة الخارجية بالإنابة، في تصريح صحفي إن اللقاء تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في مختلف المجالات، وخاصة مجال استخراج النفط في أعقاب وصول نفط جنوب السودان إلى ميناء بشائر، مضيفاً أن رئيس مجلس السيادة حمل السفير الصيني رسالة للرئيس الصيني في هذا الخصوص.وأشار وكيل الخارجية بالإنابة إلى أن السفير الصيني أشاد بالجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق السلام والاستقرار وإنهاء الحرب.من جانبه، قال السفير الصيني إن اللقاء بحث أوجه التعاون المشترك بين البلدين وسبل تفعيلها وتعميقها وتعزيزها في مختلف المجالات، بجانب سبل تنفيذ مخرجات قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني – الإفريقي التي عقدت العام الماضي بمشاركة رئيس مجلس السيادة، مشيراً إلى التنسيق المشترك بين الوزارات المختصة في السودان لتنفيذ هذه المخرجات.وقال جانغ شيان هوا ” السودان حقق المزيد من التقدم والإنجاز في مجال الأمن والاستقرار والسلام، مشيراً إلى أن بلاده تقدر هذه الجهود الحثيثة لإحداث التنمية والسلام.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب