المسلة:
2025-05-01@07:52:09 GMT

‎كوارث النظام التوافقي

تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT

‎كوارث النظام التوافقي

27 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: علي قاسم ممتاز

‎يشهد العراق عملية معقدة لتحويل الصراع السياسي إلى صراع أيديولوجي، تُرسم ملامحه بحيث يظهر الشيعة وكأنهم طائفة في مواجهة الهوية الوطنية، في محاولة للعزل  والتشويه الممنهج. هذه الاستراتيجية تهدف إلى إبعاد المكوّن الشيعي عن دوره الطبيعي في بناء الدولة، رغم أن قادة السنة والأكراد شركاء مع القادة الشيعة في كل من النجاحات والإخفاقات، والمحاصصة السياسية التي بُنيت عليها الدولة منذ 2003.

هل المشكلة مع الأحزاب أم مع الطائفة؟

‎السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: هل الاختلاف مع الأحزاب السياسية وبرامجها وأدائها، أم مع الطائفة الشيعية برمتها؟ في الواقع، فإن استهداف الطائفة ككل تحت شعار “الهوية الوطنية” ليس إلا سياسة تضليلية، إذ أن الانتقادات التي توجه للأحزاب السياسية ينبغي أن تكون وفق معايير الأداء والكفاءة، وليس وفق أسس طائفية.

‎التحقير الذي يُمارس ضد الطائفة الشيعية، تحت مسمى “إحياء الهوية الوطنية”، يتجاهل حقيقة أن أغلب المحتجين الذين خرجوا ضد الفساد وسوء الإدارة كانوا من الشيعة أنفسهم. هؤلاء المحتجون لم يكونوا معنيين بالطائفية، بل كانوا يطالبون بإصلاحات سياسية واقتصادية تمس جميع العراقيين دون استثناء.

النظام التوافقي الذي تبنّاه العراق بعد 2003، رغم أنه كان يُفترض أن يحقق التوازن ويضمن مشاركة الجميع، أصبح اليوم سببًا رئيسيًا في ترسيخ الفساد السياسي والتهميش الاجتماعي. فبدلًا من أن يكون وسيلة لتوزيع السلطة بشكل عادل، تحول إلى أداة لإدامة المحاصصة وتقاسم النفوذ، مما أدى إلى تدهور الدولة ومؤسساتها.

تأثير التوافقية على الدولة والمجتمع

لقد انعكس النظام التوافقي بشكل سلبي على بنية الدولة العراقية، حيث أدى إلى تعطيل دور المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وأصبحت القرارات تُتخذ بناءً على المصالح الحزبية لا المصلحة الوطنية. كما أدى إلى ترسيخ النفوذ الخارجي، حيث تسعى بعض القوى الإقليمية إلى استغلال هذا النظام لتعزيز نفوذها داخل العراق عبر دعم أطراف سياسية معينة.

‎إضافة إلى ذلك، أدى النظام التوافقي إلى تعطيل مبدأ المساءلة، حيث أصبح المسؤولون محميين ضمن نظام المحاصصة، مما جعل مكافحة الفساد أمرًا شبه مستحيل. وهذا ما أدى إلى تراجع الثقة الشعبية بالحكومة والمؤسسات الرسمية، وزيادة الاحتجاجات الشعبية التي تطالب بالإصلاح الحقيقي.

نحو حل شامل وجذري إن الحل الحقيقي لا يكمن في تأجيج الصراع الأيديولوجي أو توجيه الاتهامات لطائفة معينة، بل في إصلاح النظام السياسي، واعتماد نهج المواطنة الحقيقية التي تضمن حقوق جميع العراقيين على أساس الكفاءة والنزاهة، بعيدًا عن الطائفية والمصالح الحزبية الضيقة.

‎كما أن التحول نحو نظام سياسي قائم على الحكم الرشيد وسيادة القانون، هو السبيل الوحيد لإنقاذ العراق من دوامة الأزمات المتكررة. وهذا يتطلب إرادة سياسية حقيقية ووعيًا شعبيًا يرفض استغلال الهوية الوطنية كأداة للإقصاء والتمييز، ويدفع باتجاه بناء دولة مؤسساتية تحقق العدالة والمساواة للجميع .

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الهویة الوطنیة أدى إلى

إقرأ أيضاً:

بين أم قصر و ميناء مبارك: قناة بحرية تروي حكاية التوازن

30 أبريل، 2025

بغداد/المسلة أثارت اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت جدلاً متصاعداً جديدا، حيث تظل القضية نقطة توتر إقليمية تتشابك فيها المصالح الجيوسياسية والاقتصادية.

ووقّع البلدان العام 2013 اتفاقية لتنظيم الملاحة في خور عبد الله، استناداً إلى قرار مجلس الأمن 833 لعام 1993، الذي قسم الممر المائي مناصفة بعد غزو العراق للكويت. واعتبرت بغداد الاتفاقية تهديداً لسيادتها البحرية، خاصة مع قرب ميناء مبارك الكبير الكويتي من ميناء أم قصر، المنفذ الوحيد للعراق إلى الخليج.

وأبطلت المحكمة الاتحادية العليا العراقية الاتفاقية العام 2023، مشيرة إلى عدم دستورية تصويت البرلمان لعدم حصوله على أغلبية الثلثين.

وأثار الحكم غضباً كويتياً، حيث رفض مجلس الوزراء الكويتي “ادعاءات تاريخية باطلة”، مؤكداً التزامه بالاتفاقية المودعة لدى الأمم المتحدة.

ودعا مجلس التعاون الخليجي العراق إلى احترام سيادة الكويت، بينما أصدرت الولايات المتحدة بياناً مشتركاً مع دول الخليج عام 2024 يطالب بغداد بالالتزام بالحدود البحرية بعد النقطة 162.

وتقدمت الكويت في إنشاء ميناء مبارك الكبير، حيث بلغت نسبة الإنجاز 52% حتى أبريل 2025، بتكلفة إجمالية 3.3 مليارات دولار، وخصصت 604 ملايين دولار إضافية لاستكماله.

ووقّعت الكويت مذكرة تفاهم مع الصين لتطوير المشروع، مما يعزز طموحها لتكون مركزاً لوجستياً إقليمياً.

وعلى الجانب العراقي، وضعت بغداد حجر الأساس لميناء الفاو الكبير عام 2010، بكلفة 6 مليارات دولار، لتعزيز صادراتها النفطية والتجارية.

وتعرض رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لانتقادات حادة، حيث اتهمه سياسيون بمحاولة إعادة تفعيل الاتفاقية سراً، وفق تسريبات نشرتها مجلة “نوتيتسييه جيوبوليتيكه” في 22 أبريل 2025.

واعتبر نواب الخطوة “استسلاماً استراتيجياً” يهدد سيادة العراق. وأشار المحلل الإيطالي إيمانويلى روسّي إلى أن التوترات تعكس توازنات إقليمية معقدة، مع ضغوط محتملة من الولايات المتحدة ودول الخليج لإعادة التفاوض.

وتظل القناة البحرية رمزاً للصراع والتعاون، حيث يسعى العراق للحفاظ على منفذه البحري الوحيد، بينما تتمسك الكويت بمشروعها الطموح.

ويبرز الخلاف حول حقل الدرة النفطي كعامل إضافي يعقد المشهد، وسط تقارب براغماتي بين إيران والسعودية يعزز الحوار الإقليمي فيما يبقى الحل مرهوناً بالتفاوض المشترك لضمان الاستقرار والرخاء بعيداً عن الصراعات الأيديولوجية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بين أم قصر و ميناء مبارك: قناة بحرية تروي حكاية التوازن
  • رصاصة الثأر .. من ينقذ العراق من أعراف الدم؟
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • جولة جديدة من الحوار بين بغداد وواشنطن
  • فرنسا تتسلم رئاسة بعثة حلف الناتو في العراق
  • الحكيم: الانتخابات القادمة ستوصل العراق إلى بر الأمان
  • ​العراق يغلق أبواب الاستقدام: خمس دول خارج سوق العمل
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • الحكيم: الانتخابات تنقل العراق إلى الاستقرار المستدام
  • العراق بين عقلية الحكم وحكم العقل