المسلة:
2025-03-29@19:20:31 GMT

‎كوارث النظام التوافقي

تاريخ النشر: 27th, February 2025 GMT

‎كوارث النظام التوافقي

27 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: علي قاسم ممتاز

‎يشهد العراق عملية معقدة لتحويل الصراع السياسي إلى صراع أيديولوجي، تُرسم ملامحه بحيث يظهر الشيعة وكأنهم طائفة في مواجهة الهوية الوطنية، في محاولة للعزل  والتشويه الممنهج. هذه الاستراتيجية تهدف إلى إبعاد المكوّن الشيعي عن دوره الطبيعي في بناء الدولة، رغم أن قادة السنة والأكراد شركاء مع القادة الشيعة في كل من النجاحات والإخفاقات، والمحاصصة السياسية التي بُنيت عليها الدولة منذ 2003.

هل المشكلة مع الأحزاب أم مع الطائفة؟

‎السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: هل الاختلاف مع الأحزاب السياسية وبرامجها وأدائها، أم مع الطائفة الشيعية برمتها؟ في الواقع، فإن استهداف الطائفة ككل تحت شعار “الهوية الوطنية” ليس إلا سياسة تضليلية، إذ أن الانتقادات التي توجه للأحزاب السياسية ينبغي أن تكون وفق معايير الأداء والكفاءة، وليس وفق أسس طائفية.

‎التحقير الذي يُمارس ضد الطائفة الشيعية، تحت مسمى “إحياء الهوية الوطنية”، يتجاهل حقيقة أن أغلب المحتجين الذين خرجوا ضد الفساد وسوء الإدارة كانوا من الشيعة أنفسهم. هؤلاء المحتجون لم يكونوا معنيين بالطائفية، بل كانوا يطالبون بإصلاحات سياسية واقتصادية تمس جميع العراقيين دون استثناء.

النظام التوافقي الذي تبنّاه العراق بعد 2003، رغم أنه كان يُفترض أن يحقق التوازن ويضمن مشاركة الجميع، أصبح اليوم سببًا رئيسيًا في ترسيخ الفساد السياسي والتهميش الاجتماعي. فبدلًا من أن يكون وسيلة لتوزيع السلطة بشكل عادل، تحول إلى أداة لإدامة المحاصصة وتقاسم النفوذ، مما أدى إلى تدهور الدولة ومؤسساتها.

تأثير التوافقية على الدولة والمجتمع

لقد انعكس النظام التوافقي بشكل سلبي على بنية الدولة العراقية، حيث أدى إلى تعطيل دور المؤسسات التشريعية والتنفيذية، وأصبحت القرارات تُتخذ بناءً على المصالح الحزبية لا المصلحة الوطنية. كما أدى إلى ترسيخ النفوذ الخارجي، حيث تسعى بعض القوى الإقليمية إلى استغلال هذا النظام لتعزيز نفوذها داخل العراق عبر دعم أطراف سياسية معينة.

‎إضافة إلى ذلك، أدى النظام التوافقي إلى تعطيل مبدأ المساءلة، حيث أصبح المسؤولون محميين ضمن نظام المحاصصة، مما جعل مكافحة الفساد أمرًا شبه مستحيل. وهذا ما أدى إلى تراجع الثقة الشعبية بالحكومة والمؤسسات الرسمية، وزيادة الاحتجاجات الشعبية التي تطالب بالإصلاح الحقيقي.

نحو حل شامل وجذري إن الحل الحقيقي لا يكمن في تأجيج الصراع الأيديولوجي أو توجيه الاتهامات لطائفة معينة، بل في إصلاح النظام السياسي، واعتماد نهج المواطنة الحقيقية التي تضمن حقوق جميع العراقيين على أساس الكفاءة والنزاهة، بعيدًا عن الطائفية والمصالح الحزبية الضيقة.

‎كما أن التحول نحو نظام سياسي قائم على الحكم الرشيد وسيادة القانون، هو السبيل الوحيد لإنقاذ العراق من دوامة الأزمات المتكررة. وهذا يتطلب إرادة سياسية حقيقية ووعيًا شعبيًا يرفض استغلال الهوية الوطنية كأداة للإقصاء والتمييز، ويدفع باتجاه بناء دولة مؤسساتية تحقق العدالة والمساواة للجميع .

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الهویة الوطنیة أدى إلى

إقرأ أيضاً:

الفساد العقاري يطيح بممتلكات الدولة وسط غياب القوانين

29 مارس، 2025

بغداد/المسلة: تصاعدت المخاوف من استمرار التجاوز على أملاك الدولة وسط غياب قانون واضح يحميها، مما أدى إلى فقدان آلاف العقارات لصالح جهات متنفذة أو عبر صفقات مشبوهة.

التحركات النيابية الأخيرة كشفت عن أرقام صادمة لحجم الاعتداءات على الأملاك العامة، في وقت تتسارع فيه الجهود التشريعية لوقف النزيف المستمر منذ أكثر من عقدين.

وكشف عضو مجلس النواب أمير المعموري، السبت، عن تحركات لإصدار قانون جديد يعالج هذه الأزمة، مؤكداً أن لجنة نيابية متخصصة تفاجأت بعدم وجود تشريع واضح لحماية أملاك الدولة من الضياع والبيع العشوائي.

وأوضح أن البرلمان بصدد مراجعة القوانين ذات الصلة، أبرزها قانون 21 لسنة 2013 وقانون الاستثمار، بالإضافة إلى قوانين أخرى تخص عقارات وزارتي العدل والمالية، سعياً لوقف التجاوزات ومنع استغلال النفوذ في عمليات البيع والتمليك.

أظهرت التحقيقات أن أكثر من 9000 عقار تابع لوزارة المالية تم الاستيلاء عليه، في حين يتراوح عدد العقارات المتجاوز عليها في باقي الوزارات بين 35,000 و40,000 عقار، وفق بيانات نقلها المعموري.

وأشار إلى أن بعض القرارات التنفيذية السابقة ساهمت في فقدان الدولة لملكياتها، إما من خلال بيعها بأسعار زهيدة أو إسقاط سندات الملكية بطرق غير قانونية، مؤكداً ضرورة إلغائها وإجراء إصلاحات جوهرية بالتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

تحولت أزمة العقارات الحكومية إلى ملف ساخن في أروقة البرلمان بعد ظهور مؤشرات على تزايد نفوذ بعض الجهات في السيطرة على الممتلكات العامة.

والفساد العقاري أخطر من الفساد المالي.. اذ ان عقارات الدولة تُباع بأقل من ربع قيمتها الحقيقية بصفقات يبررها مسؤولون! .

والسؤال: كيف يُمكن لدولة أن تفقد هذا الكم الهائل من الممتلكات دون أن يحاسب أحد؟ .

تتجه الأنظار نحو البرلمان الذي تعهد بإحالة ملفات الفساد المرتبطة بهذا الملف إلى هيئة النزاهة والقضاء، لضمان استرداد العقارات المنهوبة. وأكد المعموري أن النواب سيحصلون على جميع الوثائق والبيانات المتعلقة بالتجاوزات لمتابعتها بشكل دقيق، مشدداً على ضرورة إنهاء هذه الظاهرة التي تفاقمت على مدى 20 عاماً دون حلول جذرية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مسؤول إيراني يعلن نقل 43 محكوما من العراق إلى بلاده
  • الفساد العقاري يطيح بممتلكات الدولة وسط غياب القوانين
  • الزبير محافظة أم تمرد على البصرة؟ الصراع يشتعل
  • السوداني: لا يوجد أي طلب أمريكي بحل الحشد
  • أنا البديل
  • طوفان غزة ووهم الدولة الوطنية
  • الصدر: لن أشارك في الانتخابات مع التبعيين والفاسدين والحمد لله الذي نجانا من الفاسدين
  • جبن السياسيين يطعن العراق.. قواويد؟ والحكومة تصمت!
  • خزعل الماجدي.. ابن المدينة الذي عبثَ بالثوابت وجادل المُقدس
  • محاكمة نتنياهو ولجنة القضاة.. تعرّف على الأزمات التي تهدد بانهيار النظام القضائي الإسرائيلي