السياسة النقدية وحماية الودائع بالليرة التركية
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
أعلن البنك المركزي التركي الأحد الماضي تراجعه عن سياسة حماية الودائع بالليرة التركية من تقلبات سعر الصرف، وقال البنك إنه أوقف الأهداف المطبّقة على البنوك والمتعلقة بتحويل قدر معين من الودائع بالعملات الأجنبية إلى ودائع بالليرة تتمتع بالحماية من تقلبات سعر الصرف.
وسياسة حماية الودائع بالليرة التركية اتبعتها حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان السابقة في أواخر عام 2021م، سعيا لتحقيق الاستقرار لسعر الليرة التركية والحيلولة دون تدهوره، وذلك ضمن منظومة السياسة النقدية التي تبناها الرئيس أردوغان بخفض سعر الفائدة من جانب، وحماية تلك الودائع من جانب آخر، فضلا عن تركيزه على السياسة الهيكلية من خلال دفع عجلة الإنتاج وزيادة الصادرات، بتخفيض تكلفة الائتمان، ومعالجة التضخم بزيادة الكتلة السلعية.
وقد وصلت الودائع المحمية إلى نحو 117 مليار دولار (أي ما يعادل 3.1 تريليون ليرة)، وهو ما يشكل نحو ربع إجمالي الودائع المصرفية. وقد تعاظم الإقبال على هذه الودائع بعد تراجع الليرة بنحو 68 في المئة على مدى العامين الماضيين.
استخدام الحكومة التركية لسياسة حماية الودائع بالليرة كان أمرا ابتكاريا مصرفيا خارج الصندوق في وقته، للحيلولة دون تدهور سعر الليرة والمحافظة على استقرارها، ولكن الخطأ كان في استمرار استخدام هذه السياسة كل هذه المدة الطويلة نسبيا، وكان الأولى استخدامها في حد أقصاه سنة، لما في ذلك من تبعات مع كل انخفاض في سعر صرف الليرة التركية
وفكرة الوديعة المحمية ليست جديدة، رغم أنها تعد أداة مصرفية ابتكارية في تركيا، فقد ابتكر الغرب السندات ذات القيمة الاسمية القياسية، حيث يتم تحديد قيمة قياسية أو معادلة للقيمة الاسمية للسند عند طرحه للتداول، وفي تاريخ استحقاق السند يحصل حامله على القيمة المعادلة لقيمته الاسمية مقدرة بأصل مرجعي آخر، وليكن الذهب أو أي عملة تتسم بقدر كبير من الاستقرار.
فعلى سبيل المثال، لو كان هناك سند بالجنيه وقيمته الاسمية 1000 جنيه، فقد يتم تحديد القيمة الاسمية له عند 142.9 دولار على أساس أن سعر الصرف هو 7 جنيهات، وإذا ما انخفض سعر صرف الجنيه وأصبح 7.5 جنيه لكل دولار في تاريخ استحقاق السند فإن المستثمر يحصل على 1071.75 جنيه (142.9× 7.5) وليس مبلغ 1000 جنيه التي صدر بها السند.
ومما لا شك فيه أن استخدام الحكومة التركية لسياسة حماية الودائع بالليرة كان أمرا ابتكاريا مصرفيا خارج الصندوق في وقته، للحيلولة دون تدهور سعر الليرة والمحافظة على استقرارها، ولكن الخطأ كان في استمرار استخدام هذه السياسة كل هذه المدة الطويلة نسبيا، وكان الأولى استخدامها في حد أقصاه سنة، لما في ذلك من تبعات مع كل انخفاض في سعر صرف الليرة التركية، فقد دفع البنك المركزي فقط ما يقدر بنحو 300 مليار ليرة (11 مليار دولار) في حزيران/ يونيو، وفي تموز/ يوليو الماضي عندما تراجعت الليرة مجددا؛ قُدرت تكاليف هذا الشهر بنحو 350 مليار ليرة.
تأتي هذه الإجراءات قبل أيام من الكشف عن البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل، المقرر الكشف عنه في أوائل أيلول/ سبتمبر من قبل وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، والذي سيعتمد وفق تصريحاته على إصلاحات وسياسات هيكلية تهدف إلى استعادة الصحة المالية وتحسين التوازن الخارجي ودعم الحد من التضخم، وحماية الاستقرار المالي الكلي، وتعزيز المرونة ضد الصدمات، وتعزيز النمو القوي المستدام
لذا فإن ما اتخذته الحكومة التركية من التراجع في سياسة حماية الودائع بالليرة التركية هي خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث يستهدف البنك المركزي أن تحدد البنوك هدفا جديدا يتمثل في تحويل الودائع بالليرة المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى ودائع عادية بالعملة المحلية، بعدم تجديد الودائع المحمية القديمة.
ولكن مع ذلك فإن البنك المركزي التركي تبنى سياسة نقدية تشديدية لمعالجة التضخم من خلال رفع سعر الفائدة -والتي لا نتفق على الاستمرار فيها- جذبا لأصحاب الودائع المحمية المنتهية، كما قام بالضغط من طرف ثان لتهميش أي ربحية للودائع الدولارية، من خلال رفع نسبة الاحتياطي القانوني الذي ينبغي على البنوك الاحتفاظ به بالنسبة لحسابات العملات الأجنبية التي تصل إلى شهر واحد، من 25 في المئة إلى 29 في المئة، وهو إجراء تهدف الحكومة من ورائه إلى دفع العملاء بقدر أكبر نحو التحول إلى الودائع العادية بالليرة، والقضاء على الدولرة.
وتأتي هذه الإجراءات قبل أيام من الكشف عن البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل، المقرر الكشف عنه في أوائل أيلول/ سبتمبر من قبل وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، والذي سيعتمد وفق تصريحاته على إصلاحات وسياسات هيكلية تهدف إلى استعادة الصحة المالية وتحسين التوازن الخارجي ودعم الحد من التضخم، وحماية الاستقرار المالي الكلي، وتعزيز المرونة ضد الصدمات، وتعزيز النمو القوي المستدام، فضلا عن تصريحات أخرى له بقرب نهاية سياسة التشديد النقدي متوقعا البدء بالتراخي اعتبارا من النصف الثاني من العام القادم 2024م، والأهم من ذلك قوله: "سنضمن توافق منتجات البنك المركزي التركي مع التمويل التشاركي"، فهل سيشهد مستقبل الاقتصاد التركي على مستوى الاقتصاد الكلي -ولو على مراحل- التوجه نحو المنتجات التمويلية الإسلامية؟ نأمل ذلك، وإن غدا لناظره قريب.
twitter.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الودائع الليرة تركيا الاقتصادي اقتصاد تركيا الليرة ودائع مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللیرة الترکیة البنک المرکزی سعر الصرف الکشف عن
إقرأ أيضاً:
تدشين فعاليات اليوم الوطني لليتيم بتوزيع الكفالة النقدية لـ600 يتيم والسلة الغذائية لـ900 أسرة
الثورة نت/..
دشنت مؤسسة اليتيم التنموية اليوم بصنعاء، مشروع الكفالة النقدية لـ600 يتيم ويتيمة، وأقامت يوما ترفيهيا وإفطارا جماعيا وأمسية رمضانية للأيتام في إطار أنشطة اليوم الوطني لليتيم الذي يصادف أول جمعة من رمضان.
وفي التدشين أشار النائب الأول لرئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح إلى مكانة ومنزلة الأيتام عند الله تعالى وفضائل كافل الأيتام، وأهمية توفير الرعاية النفسية والمعنوية لهذه الشريحة.
وأكد أن عظماء البشرية هم من الأيتام وأعظم قائد عرفته البشرية النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم عاش وتربى يتيماً.. مبيناً أن اليتم حالة اجتماعية تستحق من الجميع مراعاتها والاهتمام بها.
ولفت العلامة مفتاح إلى أن التوصية باليتيم ورعايته من أوائل التوصيات الربانية لخاتم الأنبياء.. موضحاً أن النبوغ غالباً ما يكون في حظوظ الأيتام كون حالة اليتم تمثل حافزا ودافعا للجد والاجتهاد.
ودعا الكتاب والمؤلفين إلى تسخير كتاباتهم نحو عطاءات الأيتام، وكيف تركت إسهاماتهم بصمة في تغيير واقع المجتمعات، والاستشهاد بأعظم شخصية عرفها التاريخ من الأيتام وهو النبي الكريم.
وأشاد النائب الأول لرئيس الوزراء، بأنشطة ومشاريع مؤسسة اليتيم وإقامة اليوم الوطني للأيتام والإفطار الجماعي وتوزيع الكفالات النقدية لهم.
وأكد أن حكومة التغيير والبناء ستولي مؤسسة اليتيم اهتماماً كبيراً للارتقاء بدورها والوصول بها إلى أفضل مستوى في تقديم خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية للأيتام.
وفي الفعالية التي حضرها وزير التربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي، ورئيس الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء طه جران، استعرض نائب المدير التنفيذي لمؤسسة اليتيم عبد الكريم الصلول، الإنجازات التي حققتها المؤسسة في رعاية الأيتام بالمجالات الصحية والاجتماعية والتعليمية والكفالات النقدية.
وأشار إلى أن المؤسسة تعمل على تقديم الرعاية والاهتمام بالأيتام وتمكينهم اقتصادياً من خلال اكسابهم المهارات التي تمكنهم من الانتقال من حالة الاحتياج إلى الإنتاج.. لافتا إلى أن رعاية الأيتام مسؤولية رسمية ومجتمعية خاصة في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية الصعبة جراء العدوان والحصار.
وذكر الصلول أن المؤسسة ساهمت في تدريب أكثر من 40 أسرة في برنامج التمكين الاقتصادي من خلال إكسابها مهارات صناعة المعجنات والحلويات والخياطة وصناعة الجلديات، وكذا توزيع وجبات الإفطار والسحور بشكل يومي لأسر الأيتام في أربع حارات بحي النهضة بدعم ذاتي ومجتمعي.
بدوره أشار مدير دائرة الرعاية وتمكين اليتيم بالمؤسسة عمار الرقيحي أن المؤسسة دشنت توزيع الكفالة النقدية لـ600 يتيم ويتيمة، وتوزيع 900 سلة غذائية لأسر الأيتام، وكذا توزيع كسوة العيد للأيتام في ثلاث محافظات، وتنفيذ إفطار جماعي وأمسيات رمضانية وإقامة يوم ترفيهي لأكثر من ألف يتيم ويتيمة.. مبينا أن هذا النشاط سيتكرر كل يوم جمعة طوال شهر رمضان.
ولفت أن المؤسسة تستهدف من خلال المطبخ والفرن الخيري توزيع وجبتي الإفطار والسحور لـ600 أسرة من أسر الأيتام في أربع حارات بحي النهضة وما جاورها وتنفيذ أنشطة متعلقة بالتمكين والرعاية الصحية والتعليمية لأسر الأيتام.
فيما أشار الطفل محمد السلفي في كلمة الأيتام، إلى أن الحديث عن اليُتم ليس ضعفا، وإنما مصدر قوة وتحدٍ وإصرار، لأن الأيتام ليسوا مجرد أرقام أو حالات إنسانية تحتاج إلى شفقة بقدر ماهي أحلام تمشي على الأرض تكبر وتتعلم وتتطلع إلى مستقبل مشرق.
وأكد أن الأيتام قادرون على صنع مستقبل مشرق، ولن يكون اليتم حاجزاً بل سيكون دافعاً لإثبات أن اليتيم يستطيع إحداث تحولات نوعية وصنع المستقبل المنشود بتعاون الدولة والمجتمع.
تخلل التدشين قصيدة وعرض مسرحي معبر عن الأيتام واحتياجاتهم للرعاية التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية.
إلى ذلك قام النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم والبحث العلمي، بتدشين توزيع الكفالة النقدية وكذا توزيع مشروع السلة الغذائية لأسر الأيتام.