ماذا بعد صفقة الرهائن بين الولايات المتحدة وإيران؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
هل ستصرف إيران عائدات صفقة الرهائن الأميركييين على ميليشياتها المنتشرة في العالم العربي، أم على الدواء والغذاء لشعبها، حسبما ورد في نص الاتفاق؟ وهل ترافقت الصفقة مع أيّ اتفاق سرّي بين واشنطن وطهران؟ وهل تثبت صفقة الرهائن استحالة عقد "الصفقة النووية الكبرى" بين واشنطن وطهران حاليا؟
أسئلة فرضت نفسها فور إعلان صفقة تحرير الرهائن الأميركيين في إيران، مقابل تحرير ستة مليارات دولار أميركي من أموال طهران المجمدة في كوريا الجنوبية.
برنامج "عاصمة القرار" من قناة "الحرة" طرح هذه الأسئلة وغيرها على ضيفيه: الباحث الأميركي- الإيراني سينا أزودي، وهو أستاذ مساعد في "جامعة جورج واشنطن" الأميركية، وعلى غابرييل نورونها، الباحث في "المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي"، والذي عمل في إدارة ترامب كمستشار خاص بشؤون إيران في وزارة الخارجية الأميركية. كما شارك من طهران في جزء من الحوار، السفير الإيراني السابق مجتبى فردوسي بور .
تغيير في السياسة الأميركية؟يقول وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن: "لم يتغير شيء بشأن مقاربتنا لإيران. نواصل اتباع سياسة ردع وضغط ودبلوماسية. ونظل ملتزمين بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي. نواصل تحميل إيران المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان والأنشطة المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وتمويل الإرهاب، وإمداد روسيا بالمسيرات لاستعمالها في حربها ضد أوكرانيا".
لكن هناك جانب آخر من المسألة، هو إعادة ستة مليارات دولار أميركي لإيران. الأمر الذي يصفه الجمهوريون بالفدية، ويعتبرونه إسترضاءً من بايدن لطهران: يقول مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي السابق: "يجب أن يعلم الشعب الأميركي أن الرئيس بايدن قد أذن بدفع أكبر فدية في التاريخ الأميركي للملالي في طهران".
ويرد عليه السناتور الديمقراطي كريس ميرفي بالقول: إن تسمية صفقة إعادة الرهائن بـ"فدية" هو نفاق سياسي. ويضيف: هذه أموال إيران. نحن نعيدها ، ولكن فقط من أجل الدواء والغذاء للمحتاجين. إنها إغاثة إنسانية. لقد ترك ترامب هؤلاء الرهائن ليموتوا. أنا سعيد لأن بايدن يهتم كثيرا بإعادة الأميركيين إلى الوطن.
وفي السياق عينه وجّه ستة وعشرون عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ الأميركي رسالةً إلى وزيري الخارجية والخزانة للمطالبة بإجابات من إدارة بايدن خلال شهر واحد بشأن الافراج عن حوالي ستة مليارات دولار لإيران مقابل سجناء أميركيين. يقول المشرعون: "نحن قلقون أيضًا من أن إدارة الرئيس بايدن تحاول تجاوز الكونغرس، وتتبع مسارات أخرى لتعويض إيران مالياً في محاولة لإعادة التفاوض على بديل للاتفاق النووي المشؤوم لعام 2015".
يُرحب سينا أزودي بأي "تفاهم يًساعد على تخفيف التوتر بين إيران والولايات المتحدة". ويضيف الباحث الأميركي الإيراني: "إن وصف الأمر بالفدية هو خطأ، لأن هذه أموال إيران مجمدة، تستعيدها طهران لصرفها، باشراف الولايات المتحدة، على الطعام والأدوية. إن قوّة الولايات المتحدة تكمن في قدرتها على الانخراط مع خصومها". ويعتبر غابريال نورونها أن "هذا الاتفاق هو أسوء سبيل لتحرير الرهائن الأميركيين، لأن الجمهورية الإسلامية ستعتبر أنها ستحصل على محفزات مالية لإطلاق الرهائن. وبالتالي ستحتجز غيرهم في المستقبل. لا يمكن أن نقدم حوافز مالية لدولة تستعمل المواطنين الأميركيين والأوروبيين كأوراق جيو سياسية. هذا خطِرٌ جداً، والأموال ستذهب لدعم الإرهاب الذي ترعاه إيران، والكونغرس الأميركي لا يملك أدوات اجرائية إيقاف هذه الصفقة".
يقول السفير الإيراني السابق مجتبى فردوسي بور ، إن "الأموال المحتجزة هي أموال إيرانية، ومن حق إيران صرفها على ما تريد. وينبغي التفريق بين صفقة السجناء وملف المفاوضات النووية بين إيران وأميركا".
هل ستقع المليارات المحررة في يدّ الحرس الثوري الإيراني؟يشدد جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، أنه : "لا يمكن لإيران استخدام الستة مليارات دولار إلا لأغراض إنسانية. نحن واثقون من ذلك لأن وزارة الخزانة الأميركية تشرف على جميع الأموال الموجودة في هذا الحساب، وسنكون قادرين على مراقبة أي معاملات يتم استخدامها للتأكد من أنها تستخدم للأغراض الصحيحة". وفي ضوء بعض الانتقادات التي تم توجيهها للاتفاق، يقول جون فاينر: "أن هذه حسابات، وهذه عملية تم إعدادها بالفعل في ظل الإدارة السابقة (إدارة دونالد ترامب)، والتي تم استخدامها خلال تلك الإدارة للمشتريات الإيرانية".
ويشدد جون كيربي، مسؤول التواصل الاستراتيجي في مجلس الأمن القومي الأميركي، على أن "النظام الإيراني لن يحصل على فلس واحد" من صفقة تحرير الرهائن. ويضيف: "ما نتحدث عن القيام به هو نقل صندوق الأصول الإيرانية المجمدة إلى بلد مثل قطر بحيث يكون بمقدور الإيرانيين الوصول إلى هذا الصندوق، ولكن فقط في حالات محدودة وإنسانية. سيكون للولايات المتحدة وقطر وثماني منظمات دولية عاملة في مجال المساعدات حق الفيتو على أي سحب، للتأكد من أنه سيتوجه للشعب الإيراني وليس النظام. إن الصندوق مخصص للطعام والأدوية والمعدات الطبية".
تعتقد صحيفة وول ستريت جورنال في افتتاحيتها أن: إيران ستتصرف الآن كما فعلت خلال ولاية أوباما بعد حصولها على الأموال مقابل الاتفاق بشأن برنامجها النووي، من خلال توظيف ما ستحصل عليه لنشر الفوضى في الشرق الأوسط وخارجه. وتضيف الصحيفة، أن ما تقوم به إدارة بايدن بمثابة تمويل لأنشطة إيران الخبيثة، وتشجيع لها على احتجاز مزيد من الأميركيين.
وتقول السناتورة الجمهورية جوني إرنست: إن "إسترضاء الرئيس بايدن لإيران زاد ثروتها بـ 6 مليارات دولار. وهي أموال ستذهب إلى المنظمات الإرهابية التي تحاول قتل الأميركيين في الداخل والخارج".
صفقة يتيمة أم جزء من اتفاق "ضمني"؟يقول فيدانت باتيل، نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية:" ليس لدينا الآن أي نوع من الاتفاق مع إيران على أي أجندة نووية مزعومة".
ويذهب الباحث الأميركي ريتشارد غولدبرغ إلى أبعد من صفقة الرهائن: إن "قرار الرئيس بايدن دفع ستة مليارات دولار لإيران لتحرير خمس رهائن أميركيين، هو اتفاق ضمني مع طهران يعزز موقف آية الله في الشرق الأوسط ويحرر النظام الإيراني لعبور عتبة الأسلحة النووية في الوقت الذي يختاره".
ويعتقد الكاتب الأميركي دانيال دي بيتريس إن "معظم الانتقادات الموجهة إلى صفقة تبادل الرهائن بين الولايات المتحدة وإيران يغذيها النفور من التفاوض مع طهران حول أي موضوع، في أي وقت، ما لم يؤد ذلك إلى استسلام إيران التام. تتطلب الدبلوماسية الحقيقية تنازلات، والصفقات المثالية بعيدة المنال".
على ذلك يُضيف الكاتب الأميركي آرون ديفيد ميلر أنه "ليس هناك صفقات جيدة مع إيران؛ إن واقع الحال هو أنه مع طهران ليس هناك سوى خيارين: صفقات سيئة وأخرى أسوأ. إن العلاقة بين واشنطن وطهران محكومة بسياسات داخلية تقلص هامش التحرك، وتجعل أي اتفاقات بينهما ذات طابع تبادلي، ومحدودة وغير شاملة".
من ريغان إلى بايدن، يمتد تاريخ الرهائن الأميركيين في إيران. ولا تزال إيران ترفع كلّ مرّة من مبلغ الفدية التي تطلبها للإفراج عن رهائن أميركيين لديها. فهل يعتمد الرئيس بايدن "سياسة واقعية" لإدارة النزاع مع إيران بدل حلّه في ظروف سياسية تجعل الحل مستحيلاً؟. علماً أن الملف الإيراني سيكون في صلب نقاشات حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
شاهد الحلقة كاملة:
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الرئیس بایدن
إقرأ أيضاً:
لمواجهة حسابات إسرائيل.. إيران لا تزال تجهز للرد
أكد علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي، الأحد، أن طهران تجهز "للرد" على إسرائيل.
جاء ذلك خلال مقابلة مع وكالة أنباء تسنيم الإيرانية.
ولم تتضمن تصريحات لاريجاني تفاصيل أخرى بشأن طبيعة الرد، لكنه قال إن القادة العسكريين وكبار المسؤولين في البلاد يستعدون للرد على إسرائيل، وإن "مبدأ معالجة حسابات إسرائيل لا يزال قائما".
وكانت طهران توعدت بالرد على هجمات جوية شنتها إسرائيل على أهداف عسكرية إيرانية في 26 أكتوبر، التي جاءت بعد أسابيع قليلة من إطلاق إيران نحو 200 صاروخ باليستي صوب إسرائيل.
وفي تعليقه الأول على الضربات، قال خامنئي، إنه "لا ينبغي المبالغة فيه ولا التقليل من شأن" الهجوم الإسرائيلي، غير أنه امتنع عن الدعوة إلى الرد.
وكشف مسؤولون إيرانيون وعرب، في بداية نوفمبر الجاري، أن طهران "أبلغت في رسالة دبلوماسية إلى دول بالشرق الأوسط، أنها ستوجه ضربة قوية ومعقدة" لإسرائيل.
وأوضح التقرير أن الرسالة الإيرانية التي تحدث عنها مسؤولون إيرانيون وعرب، أشارت إلى أن طهران "تخطط لاستخدام رؤوس حربية وأسلحة أقوى في الضربة المتوقعة".
كما لفت إلى أن إيران "أبلغت مسؤولين عرب أن جيشها التقليدي سيشارك في الضربة، بعدما قتل 4 من جنودها بجانب مدني" في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، مما يعني أن المهمة "لن تكون متروكة للحرس الثوري فقط" للتصرف بمفرده.
ونقلت تقارير في الأيام الماضية أن الفصائل العراقية الشيعية المدعومة من طهران، قد تهاجم إسرائيل، وذلك بصورة مختلفة عن عمليات الإطلاق المستمرة منذ اندلاع الحرب في غزة، حيث تواصل إطلاق مسيّرات وصواريخ كروز ضد مناطق إسرائيلية.
من جانبه، أكد الدبلوماسي الأميركي السابق ديفيد شيكنر، أن إسرائيل ستستهدف الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق، وأن ذلك مسألة وقت فقط.
وقال خلال مقابلة مع قناة "الحرة": "بالنسبة لإيران، من دون شك فإنها سترد على آخر ضربة أو رد إسرائيلي، وأعتقد أن المسألة تطلبت من المرشد الإيراني علي خامنئي، عدة أسابيع ليفهم ما هو الضرر الذي لحق بالبنية التحتية العسكرية الإيرانية وأنظمة الدفاع الجوي".