في ظل التحديات الاقتصادية التي تعصف بالعالم والمنطقة، تبرز مصر كدولة تسعى جاهدة لتخفيف الأعباء عن كاهل مواطنيها، حيث أعلن وزير المالية أحمد كجوك عن خطوات جديدة تؤكد التزام الحكومة بدعم الفئات الأكثر احتياجًا. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده الوزير، حيث ألقى الضوء على تفاصيل حزم الحماية الاجتماعية التي تهدف إلى مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار، مع تأكيد واضح على أن هذه الإجراءات ستشمل مختلف شرائح المجتمع.

ومع تراجع ملحوظ في معدلات التضخم، يبدو أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي، مع الحفاظ على دعم المواطن كأولوية قصوى.

تراجع التضخم وخطة زمنية للحماية الاجتماعية

أكد أحمد كجوك أن التضخم، الذي كان يشكل تحديًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، بدأ يشهد تراجعًا ملحوظًا، وهو ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الدولة. وفي هذا السياق، كشف الوزير عن تقسيم حزم الحماية الاجتماعية إلى مرحلتين رئيسيتين: المرحلة الأولى تمتد حتى نهاية العام المالي الحالي، بينما تبدأ المرحلة الثانية مع بداية يوليو المقبل. هذا التقسيم يهدف إلى ضمان استمرارية الدعم وتوزيعه على نحو يلبي احتياجات المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية المتقلبة.

دعم نقدي شامل لبطاقات التموين

في إطار هذه الحزم، أوضح كجوك أن الدعم النقدي سيصل إلى نحو 10 ملايين أسرة مسجلة في نظام بطاقات التموين. وأشار إلى أن الفرد الواحد في البطاقة سيحصل على مساندة نقدية قدرها 125 جنيهًا، بينما ستحصل البطاقة التي تشمل فردين على 250 جنيهًا. هذه الخطوة تأتي لتخفيف العبء المالي عن الأسر المصرية، خاصة تلك التي تعتمد على التموين كمصدر أساسي لتلبية احتياجاتها اليومية، مما يعكس حرص الحكومة على شمولية الدعم.

تعزيز مخصصات العلاج والمعاشات

لم تقتصر الإجراءات على الدعم النقدي فقط، بل شملت أيضًا زيادة مخصصات العلاج على نفقة الدولة، وهي خطوة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. وفيما يتعلق بالمعاشات، أعلن الوزير عن زيادة بنسبة 15%، وهو ما سيسهم في تحسين مستوى المعيشة لأصحاب المعاشات الذين يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع المصري. هذه الزيادة تعكس توجّه الدولة نحو تعزيز الأمان الاجتماعي لكبار السن والمتقاعدين.
 

دعم برنامج "تكافل وكرامة" والعمالة غير المنتظمة

وفي سياق متصل، أشار كجوك إلى أن برنامج "تكافل وكرامة" سيشهد زيادة دائمة بنسبة 25% بدءًا من أبريل المقبل، إلى جانب تقديم مساندة مالية إضافية بقيمة 300 جنيه لكل أسرة خلال شهر رمضان. كما لم تغفل الحكومة عن العمالة غير المنتظمة، حيث تقرر تخصيص منحة بقيمة 1500 جنيه لهذه الفئة ضمن حزم الحماية الاجتماعية، وهو ما يؤكد شمولية الرؤية الحكومية في مواجهة التحديات.

صندوق للمشروعات الصغيرة وزيادة الأجور

لم تتوقف الإجراءات عند حدود الدعم النقدي المباشر، بل امتدت لتشمل دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء صندوق برأس مال 10 مليارات جنيه، يهدف إلى تأهيل هذه المشروعات وتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني. وفي خطوة أخرى، أعلن الوزير عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه بدءًا من يوليو المقبل، مع زيادة علاوة غلاء المعيشة إلى 1000 جنيه، وهي إجراءات تستهدف تحسين الأوضاع المعيشية للعاملين بالدولة.

تكلفة الحزم الاجتماعية والتوقعات المستقبلية

وكشف كجوك أن التكلفة الإجمالية لحزم الحماية الاجتماعية تتراوح بين 35 و40 مليار جنيه لهذا العام، على أن تصل إلى 200 مليار جنيه في العام المقبل. هذه الأرقام تبرز حجم الجهود التي تبذلها الدولة لضمان استدامة الدعم، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجًا في ظل الضغوط الاقتصادية المستمرة.

رؤية الخبراء: انحياز للطبقات الأقل دخلاً

من جانبه، أشاد الدكتور سامي الجرف، عميد كلية تجارة طنطا والخبير الاقتصادي، بالحزم الاجتماعية، مؤكدًا أنها تتضمن علاوة قطعية بقيمة 300 جنيه لجميع العاملين بالدولة. وأوضح أن هذه الخطوة تعكس توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تكون الإجراءات أكثر انحيازًا للطبقات الأقل دخلاً، خاصة العاملين في المراحل الأولى من حياتهم المهنية. كما أكد أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه يعزز من قدرة العاملين على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.

الدولة تهاجم التضخم بزيادة السلع

في السياق ذاته، أكد الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن القرارات التي اتخذها الرئيس السيسي خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير المالية أحمد كجوك تُعد خطوة حاسمة نحو تخفيف الأعباء المعيشية. وأوضح أن الدولة تعمل باستمرار على مهاجمة التضخم من خلال زيادة السلع المعروضة في الأسواق، مما يسهم في ضبط الأسعار وتوفير بيئة مستقرة للمواطنين.

توسع مظلة الحماية الاجتماعية

وأضاف الشامي أن مظلة الحماية الاجتماعية شهدت توسعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم الدعم في الموازنة العامة 636 مليار جنيه. وأشار إلى أن زيادة المرتبات والأجور تُعد أحد أشكال الدعم التي تقدمها الدولة لمواجهة التضخم العالمي والمحلي، مع توقعات بأن ينخفض التضخم إلى أقل من 16% خلال عام 2025 بفضل السياسات النقدية والمالية التي ينتهجها البنك المركزي ووزارة المالية.

دعم 23 مليون مواطن عبر “تكافل وكرامة”

وأبرز الشامي أن برامج مثل "تكافل وكرامة" تلعب دورًا محوريًا في دعم ما بين 22 و23 مليون مواطن مصري، مما يعكس التزام الدولة بتعزيز العدالة الاجتماعية. وأكد أن هذه الحزم الجديدة، التي جاءت بناءً على توجيهات الرئيس السيسي، تستهدف الفئات الأكثر تأثرًا بارتفاع الأسعار، مما يساهم في الحفاظ على مستوى المعيشة رغم الضغوط الاقتصادية.

تكاتف القطاع الخاص والحكومة

وفي تعليق اقتصادي متفائل، أشار الشامي إلى أن الثقة في جهود الدولة للحفاظ على إنجازات السنوات الماضية لا تزال قائمة، مشددًا على أن تكاتف القطاع الخاص مع القيادة السياسية سيمكن مصر من تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية. هذا التفاؤل يعكس إيمان الخبراء بقدرة مصر على تحقيق الاستقرار والنمو في المستقبل القريب.

مصر نحو مستقبل أكثر استقرارًا

في الختام، تؤكد حزم الحماية الاجتماعية التي أعلنت عنها الحكومة المصرية التزامها الراسخ بمواجهة التحديات الاقتصادية ودعم مواطنيها. من خلال دعم نقدي شامل، وزيادة في الأجور والمعاشات، وتعزيز برامج مثل "تكافل وكرامة"، تسعى مصر إلى بناء مجتمع أكثر عدالة واستقرارًا. وبينما يتراجع التضخم تدريجيًا، يبقى الأمل معلقًا على استمرار هذه الجهود لضمان حياة كريمة لكل مواطن، في ظل قيادة سياسية واعية بأهمية تخفيف الأعباء عن شعبها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر رمضان التموين وزير المالية القطاع الخاص المزيد حزم الحمایة الاجتماعیة تکافل وکرامة ملیار جنیه إلى أن

إقرأ أيضاً:

أعلى معدل منذ سنوات | أهمية تحقيق الموازنة أعلى فائض أولي بلغ 330 مليار جنيه

استعرض وزير المالية أهم النتائج المالية للفترة من يوليو 2024 إلى فبراير 2025، موضحًا أن هذه المدة شهدت تحقيق أعلى قيمة فائض أولي ليصل لنحو 330 مليار جنيه، كما ارتفعت الإيرادات الضريبية بنسبة 38.4% على أساس سنوي، وهو أعلى معدل نمو سنوي يتحقق منذ سنوات.

أهمية تحقيق الموازنة أعلى فائض أولي بلغ 330 مليار جنيه 

قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، أن عرض وزارة المالية أبرز مؤشرات موازنة العام المالي الجديد, المتعلقة بالأداء المالي للفترة من يوليو 2024 إلى فبراير 2025, ومن أهمها تحقيق أعلى قيمة فائض أولي ليصل إلى نحو 330 مليار جنيه، بالرغم من التحديات الراهنة التي يواجهها الاقتصاد المصري، يؤكد نجاح الحكومة في تحقيق أداء مالي جيد وذلك من خلال زيادة الإيرادات العامة للدولة, موضحا أن ذلك يمثل مؤشر إيجابي يعكس التقدم في الأداء الاقتصادي .

وأضاف غراب خلال تصريحات له أن السبب وراء تحقيق الموازنة العامة فائض أولي كبير هو تطبيق مشروعات ميكنة الضرائب والذي قلل من التهرب الضريبي وزاد من الحصيلة الضريبية, ما ساهم في ارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 38.4% على أساس سنوي، وهو أعلى معدل نمو سنوي يتحقق منذ سنوات، إضافة إلى زيادة في حجم الصادرات المصرية السلعية، وذلك بالرغم من ارتفاع حجم المصروفات وذلك بهدف تخفيف العبء المعيشي على المواطنين في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية والتي ساهم في ارتفاع معدل التضخم العالمي وتأثيره بالسلب على التضخم المحلي في ظل التحديات الراهنة والتوترات الجيوسياسية بالمنطقة والعالم، موضحا أن التضخم قد تراجع تدريجيا خلال الشهور الأربعة الماضية ومستمرا في التراجع خاصة مع ثبات سعر الصرف والاستقرار الاقتصادي .

وأوضح غراب، أن الدولة وضعت عدد من الضوابط لخفض المصروفات وترشيد الإنفاق الحكومي عن طريق ترشيد المصروفات وتعظيم الإيرادات العامة وذلك من خلال 14 قرارا والتزاما على المؤسسات والجهات الحكومية ما ساهم في تحقيق فائض أولي، مضيفا أن مصر حققت فائضا أوليا للعام السادس على التوالي وهذا ساهم في خفض نسبة الدين المحلي من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن الحكومة تواجه الكثير من التحديات والقضايا الاقتصادية وقد قطعت شوطا كبيرا في حلها حتى يعود ذلك على تحسين مستوى معيشة المواطن ومواجهة ارتفاع معدلات التضخم والحد من البطالة عن طريق توفير فرص العمل .

وأشاد غراب، بتراجع العجز الكلي للموازنة العامة للدولة من يوليو حتى نوفمبر من العام المالي الحالي 2024-2025 بنسبة 3.2%، والذي انخفض بنحو 92 مليار جنيه، ليصل إلى 560.6 مليار جنيه، ما يعادل 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 652.6 مليار جنيه، خلال الفترة ذاتها من العام السابق عليه, مؤكدا أن خفض عجز الموازنة من الناتج المحلي يعمل على طمأنة المستثمرين وزيادة ثقتهم بالاقتصاد المصري خاصة المستثمر الأجنبي، وذلك لأن المستثمر يراقب مستويات عجز الموازنة قبل اتخاذ قرار بالاستثمار، موضحا أن خفض عجز الموازنة يحسن من مستوى التصنيف الائتماني للبلاد، مشيدا بتراجع الدين الخارجي لمصر بانخفاض أكثر من 14 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، ومشيدا باستمرار الحكومة في تحسين هيكل المصروفات .

وعلق غراب على صرف صندوق النقد الدولي الشريحة الرابعة من القرض لمصر بقيمة 1.2 مليار دولار بعد الموافقة عليها في العاشر من مارس الجاري, مؤكدا أنه يعكس قوة الاقتصاد المصري واستمرار التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي لدعم الاقتصاد المصري, إضافة إلى أنه يؤكد التزام مصر بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية وفقا للاتفاق بين مصر وإدارة الصندوق, موضحا أن صرف الشريحة الرابعة من القرض يوفر سيولة دولارية لازمة ومهمة لدعم الاقتصاد المصري, موضحا أن مصر أجرت إصلاحات اقتصادية قاسية منها رفع سعر الوقود وكذلك زيادة أسعار الكهرباء خلال العام الماضي وقد أشاد صندوق النقد الدولي بالإجراءات التي اتخذتها مصر للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي, مضيفا أن صرف الصندوق الشريحة الرابعة لمصر يؤكد تحسين الشفافية والحوكمة والتي تعد ضرورة لزيادة ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري .

وأشار غراب, إلى أن صرف الشريحة الرابعة من قرض الصندوق تسهم في تعزيز استقرار العملة المحلية ودعم احتياطي البنك المركزي بالنقد الأجنبي, كما أنها تدفع بورصة مصر إلى آفاق جديدة, ويعزز من قوة السوق, مضيفا أن احتياطي النقد الأجنبي لمصر مستمرا في الزيادة شهريا فقد بلغ نحو 47.393.6 مليار دولار في نهاية فبراير 2025، بالمقارنة بنحو 47.265.3 مليار دولار في نهاية يناير 2025, إضافة إلى أن صرف الشريحة الرابعة يؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تتخذها الحكومة من أجل علاج التشوهات الاقتصادية لأن قيمة القرض ليست مالية فقط ولكن يمثل شهادة ثقة في الاقتصاد المصري ما يسهم في دخول مزيد من الاستثمارات المباشرة نتيجة زيادة الثقة بالاقتصاد الوطني .

مقالات مشابهة

  • وزير المالية: 732 مليار جنيه بالموازنة الجديدة للحماية الاجتماعية
  • كجوك: 732.6 مليار جنيه بالموازنة الجديدة لحماية اجتماعية أكثر استهدافا للمستحقين للدعم
  • المالية: 732.6 مليار جنيه بالموازنة الجديدة لحماية اجتماعية أكثر استهدافًا للمستحقين للدعم
  • قبل عرضها على النواب.. 160 مليار جنيه لدعم السلع التموينية والخبز بالموازنة الجديدة
  • خالد بن محمد بن زايد يعتمد صرف حزمة منافع سكنية للمواطنين في أبوظبي بـ 6,75 مليار درهم
  • تفاصيل جديدة بشأن تشكيل عصابي حاول جلب مخدرات بـ 1.2 مليار جنيه
  • إجراءات حاسمة بالمنيا لمواجهة البناء المخالف فى عطلة عيد الفطر المبارك
  • رئيس الوزراء يتابع مع وزير المالية توفير الاعتمادات اللازمة لتنفيذ حزمة الحماية الاجتماعية
  • أعلى معدل منذ سنوات | أهمية تحقيق الموازنة أعلى فائض أولي بلغ 330 مليار جنيه
  • بـ قيمة 24.3 مليار جنيه.. «جهينة» تحقق نموا في إيراداتها خلال عام 2024