تونس- ندّدت قيادات جبهة الخلاص الوطني المعارضة بقرار المحكمة الابتدائية بتونس إجراء أول محاكمة فعلية "عن بُعد وبشكل غير علني" لعشرات المعارضين المعتقلين منذ عامين في ما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، معتبرة أنه إجراء يقوّض المحاكمة العادلة.

وتنطلق أولى جلسات المحاكمة يوم 4 مارس/آذار المقبل، وتشمل نحو 40 معارضا من مختلف التيارات على غرار زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي وغيرهم.

وتصاعدت هذه القضية عقب موجة دهم واعتقالات واسعة ضد هؤلاء المعارضين هزت الرأي، وشنتها قوات الأمن في فبراير/شباط 2023، ووجه القضاء تهما خطيرة للمعتقلين تصل عقوبتها إلى الإعدام كتكوين "مجموعة إرهابية" و"التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

وترى المعارضة أن تلك الاتهامات باطلة وملفّقة ضد المعارضين للرئيس قيس سعيد، وهدفها إزاحتهم من طريقه لتكريس حكم فردي مطلق عقب الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها في 25 يوليو/تموز 2021 والتي أصبح بموجبها يتحكم في كامل مفاصل الدولة، حسب رأيهم.

نجيب الشابي: التعتيم يفضح نية السلطة في إجراء محاكمة سياسية جائرة (الجزيرة) تعتيم خطير

واعتبرت قيادات الجبهة، خلال مؤتمر صحفي عُقد مساء اليوم الأبعاء، أن محاكمة المعتقلين السياسيين عن بُعد بشكل غير علني انتهاك خطير لحقوقهم ونسف للمحاكمة العادلة وتعتيم على الرأي العام ووسائل الإعلام، "حتى لا ينكشف زيف ادعاءات السلطة"، وفق تعبيرهم.

إعلان

في السياق ذاته، يقول زعيم جبهة الخلاص نجيب الشابي للجزيرة نت إن قرار المحكمة بمحاكمة الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة "يعد مصادرة لحقوق الموقوفين في محاكمة عادلة واعتداء على حق الشعب التونسي في متابعة حيثيات هذه القضية".

ويضيف الشابي وهو ملاحَق قضائيا في هذه القضية أيضا "نرفض أن نكون طرفا في هذه المسرحية"، معتبرا أن "هذا التعتيم يفضح نية السلطة في إجراء محاكمة سياسية جائرة لإصدار أحكام قاسية بحق الناشطين المعارضين".

واستشهد الشابي بما حدث مؤخرا في ما يعرف إعلاميا بقضية "أنستالينغو"؛ إذ أصدرت محكمة تونسية مطلع الشهر الجاري أحكاما مشددة بالسجن على عدد من الشخصيات المعارضة، ومنهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي (83 عاما) الذي حكم عليه بالسجن 22 عاما.

ويرى الشابي أن ما حدث في قضية "أنستالينغو" يتكرر الآن، حيث تسعى السلطة إلى فبركة تهم واهية بهدف القضاء على المعارضة السياسية، على حد تعبيره.

وبسؤاله عن القرار الذي ستتخذه جبهة الخلاص عقب قرار محاكمة المعتقلين السياسيين عن بعد، قال الشابي إنه يجري حاليا التشاور داخل الجبهة لبلورة موقف مشترك من هذا الإجراء، لكن يبقى الموقف العام، وفق تأكيده، هو رفض المساس بالمحاكمة العلنية.

"خوف السلطة"

من جانبه، وصف القيادي في جبهة الخلاص رياض الشعيبي هذه المحاكمة بأنها "فضيحة"، معتبرا أن هذا الإجراء ينتهك شروط المحاكمة العادلة ويصادر حقوق المعتقلين السياسيين.

وأضاف "القضاء يخشى مواجهة المساجين السياسيين المعتقلين، لأنه يخشى الحقيقة، ويعلم أن سردية الاتهامات التي كتبها القاضي في قرار ختم البحث ستنهار أمام المحاكمة العلنية".

ويؤكد الشعيبي للجزيرة نت أن السلطة السياسية الحالية لجأت إلى تلفيق تهم خطيرة وواهية بحق المعارضين والناشطين "بسبب معارضتهم السلمية للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021".

إعلان

بدورها، تقول المحامية دليلة مبارك مصدق، التي تتابع هذه القضية، إن لجوء السلطة إلى التعتيم على هذه المحاكمة دليل على أنها تخشى أن يكتشف الرأي العام حجم المغالطات والاتهامات الباطلة التي ارتكبتها السلطة الحالية.

وتضيف للجزيرة نت أن "التعتيم على هذه القضية وعدم تمكين وسائل الإعلام والمراقبين من الحضور في جلسة المحاكمات اعتراف مباشر من السلطة أنها خائفة من فضحها"، مشددة على أن "السلطة افتعلت هذه القضية لإزاحة الخصوم السياسيين للرئيس سعيد".

جدل واسع

وأثار قرار المحكمة بإجراء أول جلسة محاكمة للمعتقلين السياسيين عن بعد جدلا واسعا في الأوساط السياسية والحقوقية، إذ علق رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي في تدوينة على صفحته بفيسبوك أن "قرار محاكمة المتهمين عن بعد، وعدم جلب الموقوفين إلى المحكمة، يؤكد أن السلطة تريد محاكمة سرية داخل قاعة مغلقة ومعسكرة، بعيدا عن أعين المواطنين والصحافة وعائلات المعتقلين".

ولم تمر هذه القضية مرور الكرام على المستوى الدولي، فقد طالب قبل أيام قليلة المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة السلطات التونسية بالإفراج عن المعارضين والناشطين السياسيين.

وقال في بيان رسمي "على السلطات التونسية أن تضع حدا لأنماط الاعتقال والاحتجاز التعسفي التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون والصحافيون والناشطون والسياسيون".

وحذّر البيان من أن "احتجاز هؤلاء المعارضين قبل المحاكمة واتهامهم بتهم فضفاضة يثير مخاوف تتعلق بانتهاك الحق في حرية التعبير والمحاكمة العادلة".

في المقابل، ردت وزارة الخارجية التونسية على بيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان، معتبرة أنه يحمل كثيرا من المغالطات. واعتبرت أن "المعتقلين السياسيين يواجهون محاكمات تتعلق بجرائم حق عام مرتبطة بالإرهاب والتآمر على الأمن".

إعلان

ولكن المعارضة وصفت بيان وزارة الخارجية "بالفضيحة"، مشيرة إلى أنه "يحمل مغالطات واضحة تهدف إلى تغطية التوجه الاستبدادي للرئيس قيس سعيد".

ومع اقتراب موعد أولى جلسات المحاكمة في 4 مارس/آذار المقبل، تتصاعد حدة الانتقادات للسلطة التونسية، وسط مخاوف من أن تتحول المحاكمة إلى أداة لقمع الأصوات المعارضة.

وتظل مسألة المحاكمة العلنية وإتاحة الفرصة لوسائل الإعلام والمراقبين لحضور الجلسات أحد المطالب الأساسية للمعارضة والحقوقيين الذين يعتبرون أن القضية ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل التضييق على الحريات السياسية في تونس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قمة الويب التآمر على أمن الدولة المعتقلین السیاسیین جبهة الخلاص هذه القضیة

إقرأ أيضاً:

اللجنة الفنية الزراعية المصرية التونسية المشتركة تبحث تعزيز التعاون بين البلدين

عقدت اللجنة الفنية القطاعية الزراعية المصرية- التونسية المشتركة اجتماعا عبر الفيديو كونفراس برئاسة الدكتور سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية، وبحضور الدكتور أحمد عبد المجيد، مدير معهد بحوث وقاية النباتات، والدكتورة هند عبد اللاه مدير المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات، والدكتور عز الدين جادالله مدير المعمل المركزي لبحوث النخيل، والدكتور ياسر الحيمري مدير معهد بحوث الإرشاد الزراعي وممثل عن الحجر الزراعي من الجانب المصري.

وتراست الاجتماع من الجانب التونسي أمينة الهيشري المدير العام للتعاون الدولي بوزارة الفلاحة التونسية، حيث تم مناقشة عدد من الموضوعات الفنية ذات الاهتمام المشترك ومنها الاستفادة بالخبرة المصرية في تطبيق كارت الفلاح، وتعزيز انسياب السلع الزراعية بين البلدين، وتبادل الخبرات في مجالات تحليل متبقيات المبيدات وإنتاج التقاوي، والتعاون في مجال سلاسل القيمة في التمور ومكافحة سوسة النخيل، فضلا عن التعاون في مجال الزراعة العضوية، والثروة السمكية بالإضافة إلى التغيرات المناخية.

وقال «موسى» إن الاجتماع شهد تبادل وجهات النظر إزاء تفعيل التعاون في المجالات الزراعية بين البلدين، وبعد المناقشات، انتهى الاجتماع إلى الاتفاق على وضع خطة عمل لتبادل الخبرات حول تطبيق كارت الفلاح، والانتهاء من دراسة الملفات الفنية الخاصة بتصدير الموالح والمانجو المصرية تمهيداً للسماح بتصدير تلك المنتجات إلى تونس.

كما تم الاتفاق أيضا على وضع خطة عمل للاستفادة بخبرات البلدين في مجال تحليل متبقيات المبيدات، وتقديم الدعم الفني للمخبر التونسي لإرساء نظام الجودة، وأيضا وضع آلية عمل لتبادل الخبرات في مجال التغيرات المناخية وزراعة وإنتاج النخيل وإنتاج التقاوي، والاستفادة من التجربة المصرية في تبني الممارسات الزراعية الجيدة والتأقلم مع التغيرات المناخية ومن مبادرة حياة كريمة، بالإضافة إلى التعاون في بناء القدرات في مجال الزراعة العضوية وتبادل الأبحاث التطبيقية، والعمل على فتح السوق التونسي أمام تصدير الخيول العربية الأصيلة من مصر إلى تونس.

ويأتي ذلك في إطار تعزيز التعاون مع دولة تونس الشقيقة وتنفيذاً لتكليفات علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وفي إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين عام 2022، على هامش اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بالعاصمة التونسية.

اقرأ أيضاًالزراعة ترفع درجة الاستعداد القصوى استعدادا لاستقبال عيد الفطر المبارك

وزير الزراعة يبحث مع رئيس شركة ميفاك زيادة الإنتاجية من اللقاحات البيطرية

«الزراعة» تُعلن موعد افتتاح حديقة الحيوان أمام الجمهور

مقالات مشابهة

  • تيم حسن يظهر براعته في تقليد المعلق عصام الشوالي باللهجة التونسية ..فيديو
  • رسميًا.. الاستئناف ترفض احتجاج النصر في قضية حارس العروبة
  • جبن السياسيين يطعن العراق.. قواويد؟ والحكومة تصمت!
  • السباعي: خطف أقارب المعارضين وتغيبهم لا تقره الشريعة ولا القوانين أو الأخلاق
  • اللجنة الفنية الزراعية المصرية التونسية المشتركة تبحث تعزيز التعاون بين البلدين
  • حالة حرجة.. الفنانة التونسية إيناس النجار تدخل في غيبوبة
  • بعد قليل.. محاكمة كروان مشاكل في قضية سب ريهام سعيد
  • حكومة الاحتلال تصدق علي قانون يهدف إلى ضمان خضوع القضاة لإرادة السياسيين
  • محاكمة نتنياهو ولجنة القضاة.. تعرّف على الأزمات المهددة بانهيار النظام القضائي الإسرائيلي
  • محاكمة نتنياهو ولجنة القضاة.. تعرّف على الأزمات التي تهدد بانهيار النظام القضائي الإسرائيلي