«صدمة» تهز الجامعات الأمريكية.. آلاف الطلاب يواجهون «المجهول»
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
تضطر «ميراجى»، ومئات غيرها من طلاب برامج الدراسات الدولية بالجامعات الأمريكية، إلى العمل بصفة مؤقتة لدى بعض الوكالات التابعة للحكومة الفيدرالية، لتدبير بضعة آلاف من الدولارات سنوياً، من أجل استكمال برامجهم الدراسية، ولكن سرعان ما تحطمت أحلام هؤلاء الطلاب على «صخرة» سياسة التقشف، التى أعلنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ممثلة فى وزارة الكفاءة الحكومية، التى يرأسها الملياردير إيلون ماسك، والتى تمثلت فى إصدار قرارات بتقليص النفقات الحكومية، من ضمنها تعليق أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إحدى الوكالات المشاركة فى تدريب الطلاب وتوظيف خريجى برامج الدراسات الدولية بالولايات المتحدة.
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست»، فى تقرير لها هذا الأسبوع، عن أنه تم إعفاء عدد كبير من الدارسين فى برامج الدراسات الدولية من العمل فى الوكالات الفيدرالية، مثل وكالة التنمية الدولية، أو تم سحب إمكانية التدريب الداخلى من وزارة الخزانة، الأمر الذى دفع عدداً كبيراً من الطلاب إلى التفكير فى تغيير مسارهم الدراسى، والتخلى عن أحلامهم المهنية، فى الوقت الذى تواصل فيه الجامعات المشاركة فى تقديم هذه البرامج التعليمية، محاولاتها لإيجاد فرص توظيف أو تدريب أخرى، بينما أعرب عدد من المسئولين فى جامعات العاصمة واشنطن، عن تمسكهم ببرنامج الدراسات الدولية، مؤكدين أن الخطط الدراسية ستبقى كما هى، وأن أهداف تأهيل الطلاب للعمل فى مساعدة المحتاجين، أو للمشاركة فى تشكيل السياسة الخارجية، وصياغة العلاقات الدولية، ستبقى «قائمة»، بغض النظر عن الوكالات التى سيتم تقليص نفقاتها أو تفكيكها.
وتعد واشنطن مركزاً للدراسات الدولية فى الولايات المتحدة، وتستقبل جامعاتها عشرات الآلاف من الطلاب سنوياً لدراسة الشئون الدولية أو العلاقات الدولية، كما تعتبر مركزاً لموظفى الحكومة الفيدرالية، إلا أن تكلفة هذه البرامج الدراسية عادةً ما تكون مرتفعة للغاية، وفى بعض جامعات واشنطن تصل تكلفة الدراسات العليا للحصول على درجة الدكتوراه إلى 100 ألف دولار، باعتبارها أحد المصادر التى تعتمد عليها الجامعات فى زيادة إيراداتها.
وأشارت «واشنطن بوست»، فى تقريرها، إلى أن مسئولى الشئون الدولية فى جامعات العاصمة الأمريكية تلقوا عدداً لا يحصى من الاتصالات والمكالمات من طلاب وخريجى برامج الدراسات الدولية، الذين تم تسريحهم من العمل بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أو إلغاء تدريبهم بوكالات فيدرالية أخرى، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مما اضطر الجامعات إلى عقد ورش تدريب مهنية فى اللحظات الأخيرة للطلاب الذين تم إلغاء امتحانات الخدمة الدولية لهم، كما أعلنت بعض الجامعات عن اعتزامها إدخال بعض التعديلات على المناهج الدراسية، بحيث تستهدف مزيداً من الفرص التدريبية والتوظيف فى القطاع الخاص، بالإضافة إلى تمديد فترة القبول للعاطلين عن العمل.
وقال ميشيل هوليت، المدير التنفيذى لرابطة محترفى المدارس الدولية، إن «نظام التعليم العالى فى حالة صدمة»، وأشارت الصحيفة إلى أن رابطة محترفى المدارس الدولية لديها 67 عضواً من جميع أنحاء العالم، وأضافت أنه على مدار الأسبوع الماضى، تلقى ستيفن راديليت، مدير برنامج التنمية البشرية العالمية فى جامعة «جورج تاون»، أكثر من 30 مكالمة هاتفية، وعشرات الرسائل عبر البريد الإلكترونى، للاستفسار عن جهود الجامعة لإيجاد وظائف فى القطاع الخاص، أو فى البنك الدولى، أو غيره من المنظمات والوكالات الدولية الأخرى.
ونقلت «واشنطن بوست» عن «راديليت» قوله: «إنهم يقومون بمهاجمة الخريجين بشكل شخصى، هؤلاء الأشخاص عملوا كموظفين حكوميين طوال حياتهم»، فى إشارة إلى فريق مستشارى ومعاونى الرئيس الأمريكى، وأضاف أن برنامج الدراسات الدولية ظل قائماً لمدة 10 سنوات، تخرج فيه مئات الطلاب، حوالى 25% منهم فقدوا عملهم، أو فى طريقهم نحو فقدان وظائفهم، مشيراً إلى أن غالبية هؤلاء الخريجين عليهم ديون متراكمة منذ فترة الدراسة، كما أن عدداً كبيراً منهم لديهم عائلات ومطالبون بالتزامات أخرى، داعياً الخريجين، الذين اضطروا إلى تغيير مسارهم المهنى، للتحدث مع الطلاب، وتقديم نصائح لهم حول كيفية الحصول على فرصة لدى الشركات الخاصة، أو الانتقال للعمل لدى الحكومات المحلية بالولايات المختلفة.
وأوضح التقرير أن تعليق عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سوف يؤدى إلى تقليص عدد الطلاب الراغبين فى الانضمام إلى برنامج التنمية البشرية العالمية، الأمر الذى دفع إدارة البرنامج إلى البدء فى تغيير المناهج الدراسية، بحيث يتم تأهيل الطلاب للعمل فى المنظمات الدولية، أو فى وكالات تابعة للحكومات المحلية، أو المؤسسات الخاصة، بعد استبعاد احتمالات الحصول على فرص توظيفية بالوكالات التابعة للحكومة الفيدرالية.
من جانبها، قررت الجامعة الأمريكية فى واشنطن تمديد فترة التقديم للطلاب فى كلية الخدمة الدولية، مع إعفاء الدارسين الذين تم تسريحهم من العمل من رسوم التقديم، وقالت شانون هادر، عميد الكلية، إن سياسات إدارة ترامب، وقرارات وزارة الكفاءة الحكومية، سوف تؤدى إلى ارتفاع طلبات التوظيف من العاطلين عن العمل، ونصحت الطلاب الذين فقدوا وظائفهم بألا يفقدوا الأمل، مشيرةً إلى أن نحو ثلث خريجى الكلية التحقوا بالعمل فى وكالات فيدرالية، بينما تمكن باقى الخريجين من الحصول على فرص بالقطاع الخاص، أو فى منظمات غير ربحية.
ونظمت الكلية منتدى طلابياً خلال الأسبوع الماضى، دعت فيه خريجيها، البالغ عددهم نحو 25 ألف خريج من مختلف أنحاء العالم، إلى التواصل مع الطلاب الذين ما زالوا يدرسون بالكلية، عبر موقع «لينكد إن»، وإبلاغهم بفرص العمل الجديدة، كما نشرت دليلاً للطلاب على موقع «إنستجرام»، يتيح للطلاب تقديم طلبات إلى مجلس الكلية تفيد بوضعهم الوظيفى، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على مبالغ مالية للطوارئ، وتقديم معلومات واستشارات يومية عن فرص التوظيف المتاحة.
العديد من الطلاب عبّروا عن قلقهم من «المصير المجهول» الذى يواجهونه فى مستقبلهم المهنى، وبينما رفض بعض الخريجين ممن تقدموا بطلبات توظيف فى إدارات حكومية، مثل وزارة الخارجية، الحديث للصحيفة، خوفاً من فقدان عملهم، قال أحد طلاب الماجستير فى الجامعة الأمريكية، تم تسريحه من وكالة التنمية الدولية، إنه رغم الاضطرابات الحالية، فإنه ما زال يؤمن بالرسالة والقيمة التى تقدمها برامج الدراسات الدولية، فيما قال طالب آخر، رفض ذكر اسمه خوفاً من التعرض لعقوبات مهنية، إنه لا يعمل لدى الحكومة الفيدرالية، ومع ذلك فقد كرّس وقته للعمل لدى إحدى المنظمات غير الربحية، العاملة فى مجال إقرار السلام.
أما «ميراجى»، ذات البشرة الداكنة، فقالت إنها ما زالت تأمل فى الحصول على درجات علمية متقدمة لمساعدتها فى الحصول على وظيفة لائقة، إلا أنها أعربت عن شعورها بالقلق على مستقبلها المهنى، خاصةً أن والديها كانا يعتمدان على استقرار مسارها الوظيفى، الذى أصبح الآن يواجه «المجهول»، وقالت: «نحن خائفون لأننا بدأنا نفقد حلمنا بأن يكون لدينا مستقبل مستقر وآمن، وبأن الولايات المتحدة تقوم بدور إيجابى فى العالم، نحن فقط نريد أن نحقق ذلك».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الجامعات الأمريكية الحصول على إلى أن
إقرأ أيضاً:
واشنطن تعتمد سياسة أكثر تشددا تجاه الطلاب الأجانب
تتجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تنفيذ سياسة أكثر تشددا ضد الطلاب الأجانب بعد أن اعتقلت العديد منهم أو رحلتهم بسبب مشاركتهم في فعاليات مؤيدة لفلسطين ومناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة.
وقالت وكالة أسوشيتد برس إن السياسة الجديدة تتعلق بإلغاء الوضع القانوني للطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن التفاصيل الجديدة ظهرت في دعاوى قضائية رفعها بعض الطلاب الذين تم إلغاء وضعهم القانوني فجأة في الأسابيع الأخيرة، دون توضيح.
وأضافت الوكالة أنه بعد تزايد الطعون القضائية أعلن مسؤولون اتحاديون أن الحكومة ستعيد الوضع القانوني للطلاب الأجانب مؤقتا فيما تعمل على وضع إطار جديد يوجه عمليات الإلغاء المستقبلية.
وفي وثيقة قدّمت إلى المحكمة أول أمس الاثنين كشفت الحكومة الأميركية عن السياسة الجديدة، وهي وثيقة نشرت نهاية الأسبوع تتضمن إرشادات بشأن مجموعة من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى إلغاء وضع الطلاب الأجانب، من بينها إلغاء تأشيرات الدخول التي استخدموها لدخول الولايات المتحدة.
وقال براد بانيس -وهو محام متخصص في الهجرة وينوب عن أحد الطلاب المتضررين- إن التوجيهات الجديدة توسع بشكل كبير سلطة إدارة الهجرة مقارنة بالسياسات السابقة التي لم تكن تعتبر إلغاء التأشيرة سببا كافيا لفقدان الوضع القانوني.
إعلانوأضاف بانيس "لقد منحهم هذا تفويضا مطلقا لجعل وزارة الخارجية تلغي التأشيرات ثم ترحيل الطلاب حتى وإن لم يرتكبوا أي مخالفة".
طلاب مذعورون
وفي مارس/آذار الماضي شعر العديد من الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة بالذعر بعد أن اكتشفوا أن سجلاتهم حُذفت من قاعدة بيانات الطلاب التي تديرها إدارة الهجرة والجمارك الأميركية، ولجأ بعضهم إلى الاختباء خوفا من اعتقالهم، في حين اضطر آخرون إلى ترك دراستهم والعودة لبلدانهم.
وأشار العديد من الطلاب الذين ألغيت تأشيراتهم أو فقدوا وضعهم القانوني إلى أن سجلاتهم لم تتضمن سوى مخالفات بسيطة مثل مخالفات مرورية، في حين لم يعرف بعضهم السبب في استهدافهم.
وكانت سلطات الهجرة تعتقل في بادئ الأمر طلبة شاركوا في احتجاجات مناصرة للفلسطينيين، ثم توسع الأمر ليشمل استهداف آلاف الطلاب الأجانب بالاعتقال والترحيل بسبب مخالفات بسيطة.
ومارست إدارة ترامب ضغوطا كبيرة على الجامعات لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الطلاب الناشطين في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطينيين بحجة أن أنشطتهم تدخل ضمن "معاداة السامية"، وشملت الضغوط قطع التمويل الفدرالي عن الجامعات التي ترفض الامتثال.
وبدأت الحملة الأمنية باعتقال الطالب والنشاط في جامعة كولومبيا محمود خليل، وتوسعت لتستهدف آخرين من جامعات مختلفة، بينهم طالبة تركية.